شَهِد العَالَم أزمةً اقتصاديَّةً فِي ثلاثينيَّات القَرْن
المُنصَرم، بِمَا يُعرفُ بالكسادِ العَظِيم، وقد أَعْقَبت هذه الفَتْرة حربٌ طَاحِنة
أكلتْ الأخضرَ واليَابِس، وهِي الحَرْب العالميَّة الثانية، وعَانَتْ دولُ الخَلِيج
مَا عَانَت، فلَم ينفعْ النِّفط ولا الغَاز.. هُنَا في عُمان تأثَّرنا أيضًا بهَذِه
الأزمَة، وارتفعتْ أسعارُ جَمِيع المواد الاستهلاكيَّة بشكلٍ كَبِير لنُدرَتها،
ولأوَّل مرَّة فِي التاريخِ، طبَّق العُمانيون نظامَ الحِصَص فِي توزيعِ وشِرَاء بَعْض
المَوَاد الغذائيَّة، وعُرِف ذَلِك حِينَها عِند العُمانيين بـ"القنطرول"؛
فكَانَت الزِّراعة والبَحْر هُمَا المُنقِذان لأهل عُمان والخَلِيج، بَعدَما
انقطعتْ وَارِدات الهِند والدُّول المُطلَّة عَلى المُحِيط، وكَانَت اليَمن والعِرَاق
وبِلَاد فَارِس، العُمقَ الإستراتيجيَّ لدوَل الخَلِيجِ العربيِّ فِي التَّبَادل
التِّجَاري.. هَذَا وقَد نَجَح العُمانيُّون فِي تَجَاوز هَذِه الأزمَة بفَضلِ
حنكةِ وحكمةِ ورؤيَّة السُّلطان سَعِيد بن تَيمُور، وبمُسَاندة مِنَ الإمامِ مُحمَّد
بن عَبدالله الخَلِيلي، الذِي قَال كَلِمة حِينَها تُوزَن بالذَّهَب.. تَجِدُون تَفَاصِيل
دُور الزِّرَاعة فِي الحدِّ مِن هذهِ الأزمةِ الاقتصاديَّة في عُمان، وما يُعرَف بـ"القنطرول"،
في كِتَاب "قُريَّات.. مَلَامِح مِن التُّراث الزراعِيِّ والبحريِّ".
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.