الثلاثاء، 28 يونيو 2016

طريق وادي مجلاص التراثي


في ستينيات القرن الماضي، شقَّت دائرة التحسينات (وهي بمثابة وزارة الأشغال بالمفهُوم المُعاصر، وكُلِّفت حينها بالإشراف على تصميم وإنشاء بعض المشاريع: كتمهيد الطرق، وبناء بعض العيادات الصحية)، شقت ومهدت تلك الدائرة هذا الطريق، الذي يمر عبر وادي مجلاص مرورا بالمخاضة؛ فالسواقم والسليل وقرى واحة حطاط، وُصُولا إلى مدينتيْ مطرح ومسقط.
كَانَ ذلك الطريق بمثابة سفر من مكان إلى آخر؛ نظرا لوعورته ولمحدُودية سيارات النقل في ذلك الزمان. تجد تلك السيارات مكتنزة بالركاب جلوسا ووقوفا، وكم من ساعات تطلب وقوفها لانبزاج تايرها وتيوبها أو تعطل ماكينتها؛ مما يتطلب تشغيلها بهندل حديدي يتم تدويره باليد.
كَانَ السائق هو المكانيك والدريول في الوقت نفسه، وفي رحلة العودة من مطرح، وعند الوُصُول إلى قب علي في السليل، يتنفس الركاب الصعداء فرحا لقرب الوُصُول إلى قُريات.
نقطة الاستراحة هي السواقم والمخاضة الثرية بالمياه، كان الركاب ينغمسون في فلجها لإزالة الغبار والاسترخاء من رضوض ونفض السيارة للأجساد.
هَذَا الطريق أصبحَ من ذكريات الماضي، لتغير الأحوال -والحمد لله، بفضل نهضة عُمان الحديثة- بوُجُود أحدث وأوسع الطرق المسفلتة، التي تربط قُريات بكل ولايات عُمان.
قصدتُه قريبا بعد انقطاع طال عشرات السنوات؛ فوجدته مليئا بالذكريات، وتلك التضاريس التي تحفه زادت المكان جمالا فوق جمالها؛ لهذا فهي تُشكل تحفة مُهمة للسياحة الجيولوجية، وعندما تصل المخاضة تجد فيها المياه تنساب في هدوء بين حواف الصفا والصخور والرمال الناعمة؛ تدعوك لتمتع ببرودتها وعذوبتها.
البلدية مشكورة لا تزال مهتمة بهذا الطريق التراثي، الذي لا يزال يستخدمه بعض سُكان جبل السعتري ورعاة الماشية والأغنام، المرور فيه متعة للتأمل في جمال الطبيعة والجُغرافيا.