السبت، 22 أغسطس 2015

استراحة ولقاء بعد عناء..


عريش/ خيمة

مَهْمَا كانتْ بسيطة، لكنها تحملُ بَصَمات فنية جميلة. (عريش/ خيمة.. من سعف/ من خوص) فقط لا غير.

الصُّفة

الصُّفة.. من مُسمَّيات البيت القديم، وهي عبارة غرفة تستخدم للنوم، ولها أهمية أكثر في الشتاء؛ حيث تكُون أكثر دفئا من غيرها، وعادةً تُطل على الليوان أو فناء المنزل (الحوش)، ولا تكتملُ الصُّفة إلا بوُجُود الروازن -ومفردها روزنة- والتي تُستخدم لحفظ الأشياء المتعلقة بالأسرة ومستلزمات المعيشة، وتزيَّن الصفة بالمرايا الملونة والسجاد والدكي والوسائد والسمبوسة القماشية، إضافة لوُجُود المندوس أو السحارة، كذلك هُناك المنام، وللمقتدرين يُوْضَع بها الكاتلي أو الكرفاية.

صُرُوح العلم في كلِّ مكان

صَبَاح يوم غدٍ ليس كصباحِ باقي الأيام.. حركة دؤوبة على الأرض، هُناك.. حيث المُستقبل يَفْتَح أبوابه على مصراعيه، هُناك.. حيث الابتسامة ترتسمُ على محياهم بكل صدق ووفاء، هُناك.. حيث القلوب متعلقة بشوق ومحبَّة، والنفس مُتعطِّشة لصناعة المجد، وتحقيق الأمنيات، كتلهُّف الظمآن إلى الماء.
نعم.. صباح يوم غدٍ ليس كباقي الأيام، كل بُيوتنا تستفيق إلى أمر جديد، كل شوارعنا ستكُون مزدانة بوجوه باسمة ضاحكة، هُناك.. حيث ينبُوع الشوق والبهجة والحنان الذي سيرسمُه المعلِّمون يوم غدٍ لاستقبال فلذات الأكباد وأمل الأمة.
صَبَاح يوم غدٍ سيكُون مُعطَّرا برائحة الحبر والقرطاس والورق والدفاتر والكتب الزكية.. يوم غدٍ ستفتحُ أكثر من 1077 مدرسة أبوابها مشرعة أمام أكثر من نصف مليون طالب وطالبة في مُختلف مراحلهم الدراسية، لتُعلن بداية عام دراسي جديد في عُمان.
بِداية العام الدراسي من كلِّ عام، تحمل في طياتها ذكريات مُفعمة بالجمال والمحبة والصفاء، ومشاعر فياضة بالعزيمة والاجتهاد والمُثابرة، وفي نفس الوقت هي أمل جديد من أجل مُستقبل مشرق لجيل جديد يعوَّل عليه الكثير من الآمال في رقي وبناء الأوطان.
يَوْم غدٍ ليس كباقي الأيام؛ ففيه يتجدَّد النشاط، وتُوقد الهمم، وترفع الهامات إلى نور المجد، بفضل العلم واكتساب المعارف في شتى المجالات.. هُناك جُهُود كبيرة قام بها أخوة أعزاء للتحضير والتجهيز لهذا اليوم السعيد لجميع الأسر العُمانية.
فالتَّحْضِير للعام الدراسي ليس بالسهل اليسير كما يتوقعه البعض، وإنما هو خطط وبرامج وأنشطة عمل، قام على تنفيذها مخلصون طوال أشهر الصيف، لم يتذوَّقوا فيها طعم الراحة والإجازة كما يتمتع بها الكثير من الموظفين.. فلهُم كل الشكر والتقدير والامتنان.
هَمْسَة لطيفة في أُذن صنَّاع المعرفة وقادة المُستقبل، الذين قال عنهم خير خلق الله عليه الصلاة والسلام: "إنَّ الله وملائكته وأهل السموات والأرض، حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلمي الناس الخير".. همستي هي: اليوم الأول للدراسة يُشكل أهمية كبيرة في النهوض بدافعية الفرد نحو محبَّة المدرسة، ومُكوناتها، وبيئتها، وتوجهاتها السامية في نشر العلم والمعرفة؛ فاستغلوه في تحفيز النفوس والعقول لرقي الفكر وسمو الوجدان، وإيقاد شعلة النشاط والتجديد في همة الشباب من أجل عام دراسي ناجح، اعملوا على غرس حب العلم وقيم الأخلاق الرفيعة ومبادئ المُواطنة السامية والإخلاص والولاء للوطن وقيادته الحكيمة في نفوس طلابكم؛ من أجل تحقيق هدف يرسمونه لمُستقبل زاهر بإذن الله.
تذكَّروا.. فأنتم صُنَّاع جيل المعرفة، ومن خلالكم تعطون للحياة قيمة وللمُستقبل معنى، ومن معين فكركم تغرسون في عقول ووجدان شباب الأمة حبَّ العلم والتوسُّع في معارفه المُتجددة.
وبجَهْدِكم وسعيكم، تتحقق الأماني والتطلعات لتكوين وصناعة أجيال المُستقبل الحريصة على تحقيق التميز والإبداع والإخلاص لخدمة الوطن.
أنتُم أيُّها المعلمون الكِرَام أصحاب رسالة سامية، وعلى أيديكم الكريمة تصنعون المعجزات، وتفجرون الإبداع والتميز والابتكارات، لعمارة الدنيا والآخرة. تذكَّروا.. أنَّ تشكيل مُستقبل الأجيال في أيديكم، وهي أكبر أمانة على وجه الأرض، وكلنا ثِقة في دوركم الوطني والإنساني.
نَعَم.. هُناك تحديات كبيرة، وتطلعات كثيرة، وأحلام تطال السماء، إلا أنه بالعزم والإرادة، وبالتخطيط ستتحقَّق الأمنيات والطمُوحات؛ فقطاع التعليم هو بطبيعته في تغيُّر مُستمر ومتجدد، كيف لا وهو مُرتبط بعقول البشر، وحركة الإنسان، وتطور العلوم، واقتصاد الأوطان، وكذلك بعمارة الدنيا والآخرة!
هُناك هَمْسَة لطيفة أخرى في أذن الطلاب والطالبات: ابدأوا يا شباب عُمان بتحيَّة علم بلادِكم، ارفعُوه عاليًا خفَّاقا على الدوام، اهتفُوا باسم بلادكم وبحياة قائدكم، اجعلُوا هتافكم يملأ الكون والفضاء، هزُّوا الأرض تحت أقدامكم بنشاط وحيوية في أول صباح وفي كل صباح، ارسموا لوحة متكاملة في حب عُمان، اعطوا العالم دروسا في معنى اللحمة الواحدة من أجل عُمان.
تذكَّروا أنَّ الذي تعيشونه من أجواء مدرسية منظمة ومرتبة، يعدُّ فُرصة كبيرة ونعمة عظيمة، يحسدُنا أو يغبطُنا عليها الكثير؛ فهي محطة مُهمة من محطات الحياة الجميلة، فاشكُروا الله على هذه النعمة الغالية.
.. صُرُوح العلم بالمجان في كل مكان من أرض عُمان، في المدينة والقرية ومرتفعات الجبال، وارتقت تلك الصُرُوح الشامخة أيضًا تخوم الصحراء والرمال وبطون الأودية.. المهم في عُمان، كما أكد القائد المُعظم حفظه اللهُ ورعاه- أن يتعلم الجميع ليسعد بهم الوطن.
تذكَّروا أن هُناك الكثيرَ من الجُهُود التي بُذلت من أجل راحتكم، والسبل التي تم توفيرها لتنعموا بالعلم والتحصيل المعرفي.. تذكَّروا أنَّ الدولة قد وفَّرت الكثير والكثير من أجل الرُّقي بكم كمُواطنين صالحين وفاعلين في خدمة وطنكم ومُجتمعكم.
ابذلُوا قُصَارى جَهْدكم في الاستفادة من كلِّ دقيقة تقضُونها في رحاب مدارسكم، من أجل تحقيق أهدافكم المُستقبلية.. اجعلوا المدارس شعاعًا معرفيًّا مليئًا بالنشاط والحيوية، تذكَّروا أنَّ الوطن ينتظر منكم الكثير، فأنتم المُستقبل المشرق لعُمان.
حَفِظكُم الله، وسدَّد على طريق الخير خُطَاكم، وكلُّ الثناء والتقدير لجميع العاملين في وزارة التربية والتعليم الموقرة، الذين عَمِلوا بجد ومُثابرة من أجل راحة أبناء الوطن.

الجمعة، 21 أغسطس 2015

فهم الآخر

قرأتُ دراسةً بأنَّ الكثيرَ من دُول الغرب تعكُف مراكزها البحثية والإستراتيجية على ترجمة الكثير من مصادر المعرفة، وما تنشره وسائل الإعلام العربية... وغيرها من دُول العالم، وتُتَابع بدقَّة تلك الوسائل، لرصد مُؤشرات وتوجهات تلك الدول، ليس بهدف المراقبة فحسب -وهو موُجُود أيضا- وإنَّما من أجل فهم الآخر فهمًا صحيحًا ليُخطِّطوا إستراتيجيًّا بطريقة صحيحة لبناء علاقات المصالح المشتركة اقتصاديّا وسياسيًّا مع العالم.
هَكَذا تسيرُ الصِّين والهند والبرازيل.. وغيرها من الدول الصناعية، ضِمن هذه الإستراتيجيَّة أيضًا؛ لهذا فمُنتجاتهم تغزو العالم اليوم.
فَهْم الآخر هو البداية لنَجَاح عملية التواصل الإنساني؛ فإذا ما أردت أن تخاطب وتؤثر وتتعامل مع الآخر، فعليك أن تفهمه أولا، وهذا لا يتأتى إلا بوُجُود مراكز دراسات إستراتيجية ومراكز متخصصة لدعم القرار؛ فهي التي تُنِير الطريق أمام كل الدول لرسم توجهاتها، لا سيما فيما يتعلق بالاقتصاد ونشر المعرفة، وحُوار الثقافات وتلاقيها ضمن حضارة إنسانية واحدة فقط.

مُجرد مُلاحظة

يُشكِّل هذا المكان مُتنفسًا للبحر في فترةِ مدِّه وجزره، يُسمَّى لدينا بالخور، وهو أيضًا مجرى لمياه الأودية؛ حيث تلتقي فيه المياه العذبة بالمياه المالحة في مواسم الأمطار والسيول، التي ينتظرها الجميع بشوق ومحبة، ويستقطب هذا المكان أيضًا حياة فطرية نادرة كالطيور الجميلة، ويختزن الكثير من الكائنات البحُرية الدقيقة، لا يعرف قيمتها إلا المختصون في البيئة.
المَكان ليس كعادته الطبيعية؛ حيث تطفو عليه طحالب وأعشاب وعوالق بحُرية خضراء، تُسمى شبا، لها رائحة غير طبيعية في المساء، وهُناك من يفسِّر هذا الأمر بسبب فصل المجري إلى قسمين، وردم جزء منه للطريق الترابي المؤدي للضفة الأخرى للخور؛ مما أعاق حركة المياه عند الجزر والمد.
سُبحان الله.. دائمًا البيئة لها طبيعة خاصة تكوَّنت مُنذ آلاف السنين، وإذا ما تدخلت يد الإنسان في تغيير مسارها أو مُكوناتها، فإنَّ العاقبة تكُون وخيمة على الجميع؛ لهذا فإن الأمر يحتاج إلى دراسة وإعادة نظر.

الخميس، 20 أغسطس 2015

أريج المساء

حِيْن تهفو النفوس إلى السكينة، وتتعلق القلوب بالمكان، ويسمو الفكر والخيال نحو السماء، وتهتز المشاعر بأريج المساء ونفحاته.

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

نظرة

نَظْرة إلى الأفق البعيد.. حين تتجلَّى زُرقة البحر وبهجة السماء.

دلالات كلمة الخبيل ومعانيها

أَحَد الأصدقاء يَسْأل عن كلمة "الخبيل"، التي تطرَّقت إليها في تغريدة أو تدوينة سابقة بعد زيارة شخصية لموقع سياحي في ولاية قُريات يسمى الخبيل؛ وذلك بهدف الخروج من مُنغِّصات الحياة ومَتَاعبها على الرغم من هذا الصيف القائظ.
ولَيْسَت تلك هي الزيارة الأولى للمكان، وإنما سبقتها زيارات عديدة، بسبب قرب المكان وسهولة الوُصُول إليه؛ فهو لا يبعد عن مسقط العاصمة إلا بمائة كيلو متر تقريبًا، وعن قلب المدينة قُريات عشرات الكيلومترات؛ فقد كانت زيارتي السابقة لهذا المكان لأسباب إعلامية وتوثيقية للمكان؛ فكلُّ شبر منه له حكاية مع الطبيعة والإنسان.
لَقَد كتبتُ كثيرا عن المكان؛ فمنها منشور عبر الصحافة المحلية إبان اشتغالي بالصحافة والإعلام، عندما كنت مراسلا للعديد من وسائل الإعلام المحلية في قُريات، أو عبر كتابي "قُريات.. ماض عريق وحاضر مشرق"، في طبعاته الثلاث، و"قُريات.. عراقة التاريخ وروعة الطبيعة"، وفيهما المزيد من التفاصيل عن الخبيل وغيره من المواقع التاريخية والسياحية في قُريات.
المهم.. كلمة الخبيل عندنا مُرتبطة بمهنة الزراعة، أكثر من غيرها؛ فالمزارعون والبيادير -حسب لهجتنا المحلية- أكثر تداولا لهذه الكلمة، وهُنا أودُّ تقديم بعض المُصطلحات المُرتبطة بهذه الكلمة؛ وذلك من باب اللهجة المتداولة لدينا في عُمان على العموم، وفي ولاية قُريات على وجه الخصوص، وقد يكُون ذلك مُتوافقا مع اللغة العربية القحة في كثير منها، وهنا قُدرَاتِي تقف لأنَّني لستُ مُختصًّا في علومها، وأتركُ المجال لأهل الاختصاص للتعليق عليها، وعلى رأسهم أستاذي القدير الدكتُور هادي حسن حمودي، وغيره من الأصدقاء الكرام من داخل عُمان وخارجها، عبر هذا الفضاء المفتوح؛ بهدف تبادل المعرفة والعلوم النافعة للإنسان.
المُزَارِعون لدينا يُطلقون أسماءً مُختلفة على تقسيمات الأرض الممهدة للزراعة؛ فهُناك: الضاحية، والجلبة، والخب، والوعب، والصوار، والعامد، وكذلك الخبيل. فالخبيل هو تقسيم في الضاحية على شكل مُستطيل، منخفض قليلا، تُحيط من جوانبه دكوك من التراب تُسمى الوعب، وهو عكس الجلبة التي تكُون مربَّعة الشكل، وللخبيل فتحة في أحد أضلاعه تُسمى الصوار؛ بهدف تغذية ما يُزرع فيه بالماء، والذي يتدفَّق عبر مجرى مائي من التراب يُسمى العامد، وعادةً يكُون العامد يستقي الماء من حوض أو غميلة أو جابية تقع بالقرب من الطوي (البئر)، كانت تُنزفُ منها المياه قديمًا عبر الزاجرة، أو بالدلو، أو باليد، أو عبر أداة محلية تُسمى المنزفة، وحديثا عبر الميكنة، وهذا طبعًا يقتصرُ على القرى المعتمِدَة على الآبار الجوفية. أما في حالة الاعتماد على وُجُود الأفلاج، فإن الأمر يكُون مُختلفا.
وعَادَةً يُزرَع في الخبيل نباتات ومزروعات مخصوصة؛ مثل: البطيخ العُماني، والجح، والخيار، والبوبر، والفندال، وهي عادةً فُرُوعها تحشي على سطح الأرض، وهذا المنخفض (الخبيل) يُسَاعِد الشجرة المزروعة على التنفس والنمو في مساحات أوسع.
إذن؛ كلمة الخبيل هي من لهجتنا المحلية، وهي أيضًا -حسب علمي المُتواضع- كلمة عربية فصيحة؛ فأما الخبيل الذي أشرتُ إليه في التدوينة السابقة، فهو مكان رائع يتوسط بين المزارع وحيل الغاف بولاية قُريات، وهو عبارةٌ عن منخفض بين جبلين شاهقين، لهذا سمي باسم الخبيل، وهو مجرى طبيعي لوادي ضيقة الشهير في عُمان.
ويُشكل الخبيل منتجعًا سياحيًّا طبيعيًّا، وهو في الوقت ذاته موقع أثري وبيئي زاخر بالحياة الفطرية كموئل طبيعي، وبالتنوع الإحيائي في البيئة البرية والجبلية، ويُمكن الوُصُول إليه عبر طريق المزارع، وقديمًا كان أكثر خصوبةً بالمياه، وفيه آثار قديمة تحتاج إلى دراسة واهتمام قبل تأثير الطبيعة ويد الإنسان على مُقوماته، ومكانته: التاريخية، والأثرية، والمعرفية.
وَهَذَا المكان يُشكل "آمة" المصدر الرئيس والمغذي الطبيعي لفلج حيل الغاف الحالي، كما يُمكن للزائر للخبيل أن يُشاهد على حواف الجبل آثارَ فلج حيل الغاف القديم ذي القصة الأسطورية المثيرة، وتكثُر في المكان أيضًا الأحواض المائية الطبيعية طوال الممر، وُصُولا إلى سد وادي ضيقة العِمْلَاق: أحد مُنجزات النهضة المُباركة.
ويُشكِّل خرير المياه المتدفقة بين الحصى وفي الجبي العميقة سيمفونية رائعة تُطرِب القلب والوجدان، وهو بحق مكانٌ للاستمتاع بالهدوء والسكينة، وبجمال الطبيعة والجُغرافيا، والانتعاش بالمياه الباردة في هذا الصيف الرائع، وسط نسمات مُمتعة تُريح الجسم والفكر بعد عناء ونصب. أتمنَّى أن أكون قد وُفِّقت بكتابة ما يفيدكم، ومِنْكُم المعذرة على النسيان والتقصير.. والله يُوفِّق الجميع لما فيه الخير والفائدة.

الثلاثاء، 18 أغسطس 2015

تجربة في مسارها الصحيح

هذا المساء، كُنتُ في المطبعة لأجل دفع مُستحقَّات المطبعة نظير طباعة كتابي الأخير "التسويق الانتخابي: بوابة النجاح في الانتخابات.. إضاءات على تجربة الانتخابات في سلطنة عُمان"، وبالمصادفة التقيت شابًّا عُمانيًّا تظهر من ملامحه الحركة والنشاط، تجده ينتقل من جهاز إلى آخر دُون كلل من أجل متابعة عمله، وهو عبارة عن طباعة كتب تعليمية وتربوية متنوعة.
بدأ مشرُوعه صغيرًا حتى أصبحَ ذا شأن في السوق، يُخبرني أحد موظفي المطبعة أنَّ أعمال الطباعة المتعاقد فيها تصل إلى أكثر من ثلاثمائة ألف ريال عُماني في المرة الواحدة.
المُهم.. دار حديث بيني وهذا الشاب، بعد أن أهديتُه نسخة من كتابي، وسمعتُ منه حديثًا أشعرني بالسعادة. فقد ذكر لي أنَّ أحد أقاربه -وآخرين من جماعته- مُرشَّحون للانتخابات، لكنه قرر عدم التصويت لأي أحد منهم. سألته: لماذا؟ قال لي: لأنهم ليسوا بتلك الكفاءة مقارنة بآخرين لهم خبرتهم العلمية والعملية والحياتية أيضًا.
قال: سأصوت لـ.....، وهو لا تربُطني به أي صلة قرابة ولا صداقة، إلا علاقة المُواطنة وحب الوطن، سألته: لماذا اخترت هذا؟ قال: لأنَّني أرى فيه الكفاءة والقُدرة على تقديم ما يفيد لخدمة الوطن، ومن خلال تجربته السابقة أيضًا كان على تواصل مع الناخبين، لم يقطع الاتصال بهم بعد فوزه، وكان يلتقي بهم بين الحين والآخر، ويُشركهم في المشورة والرأي فيما يهم الكثير من القضايا، ويضعهم في الصورة عن جميع مُنجزاته طوال وجوده في عضوية المجلس؛ حيث لم ينتظر فترة الانتخابات ليسوق لنفسه. قال أيضا: نحن بحاجة إلى أعضاء لديهم القُدرة على الحُوار والمناقشة بواقعية وروح وطنية. مُقترحا أن تتولى لجنة يُشكلها الأهالي في كل ولاية، من أهل الخبرة والثقة والعلم، تتولى تقييم أو تقويم الراغبين في الترشح للانتخابات؛ بحيث يتنافس في الانتخابات الأكفاء. قلت له: هي عملية تراكمية، تنضُج مع نُضُوج الفكر، وتعدُّد المُمارسة مع الزمن. قال: هذا ما نتطلَّع إليه نحن الشباب. تركتُه والابتسامة على مُحيَّاه، ليُكْمِل مشوار عمله، مُحدِّثا نفسي بعد المناقشة: بأن مشوار التجربة يسير في المسار الصحيح.

الاثنين، 17 أغسطس 2015

مشهد من الخبيل





المَشْهَد من الخبيل في هذا الصيف القائظ.. ثمَّة لُجة خضراء ينساب فيها الماء بهدوء، نسمات الهواء تُلَامِس سطح الماء مُحدِثة دوامات مُتواصلة.. خرير الماء بين حصيات الوادي النقية له صوت موسيقي، ثمة سمكات من الصد تتراقص في العُمق بنشاط وحيوية. في الجانب الآخر، هُناك منجز إنساني قد غفلت عنه عيون البشر، مجرى لفلج قديم شيَّده الإنسان في زمن بعيد، له قِصَّة أسطورية تتداولها الألسن بطريقة مبهرة؛ حيث يقال إنَّ مُشيِّد هذا الفلج قد اغترَّ بمنجزه. فوضع سفرجلة في ساقية الفلج من بداية آمته (منبعِه). فركب حُصَانه مسابِقًا الريح ليصل إلى شريعة الفلج. وجد السفرجلة الصفراء قد سبقته مُؤذِنة بنجاح مشرُوعه. تباهى ذلك الإنسان بعمله واختال بقُدرته؛ فحدثتْ جائحة دمَّرت ذلك الفلج من أوله إلى آخره. الفلج آثاره لا تزال باقية على حواف تلك الصخور الجبلية المتباينة في الأشكال والألوان. صخرة فوق أخرى تم صفها بعناية فائقة، تشكيلات عُمرانية زاهية ومُنسجمة تماما مع ألوان الطبيعة. جلستُ وحيدا مُستظلًّا تلك الأعمدة المصنُوعة من الصاروج، هدوء الطبيعة يلفُّ المكان، مددتُ ذراعي مُحتضنا تلك الساقية المختلطة بالعرق والطين. وجدتُ فيها رائحة التاريخ وذكريات الأيام، تذكَّرتُ حينها مُنجزات حَفَرَهَا الإنسانُ في روزنامة التاريخ، ولا تزال راسخة وشاهدة مهما طوى عليها الزمان.

لها الحق في الحياة

تَأَقْلَمتْ مع ظرُوف المكان وصعوبته، ومدَّت عُروقها في الأرض بثبات، ونشرتْ خُضْرَتها في فضاء الكون، وبثَّت عطرها الفواح لتعطر المارين، مُؤكِّدة أنَّ لها الحقَّ في الحياة في مكانها الطبيعي.

الأربعاء، 12 أغسطس 2015

تحيَّة شُكر لوزارة الإعلام

اختِتَام المسابقة العلمية والثقافية "معرفة"، مساء اليوم، كان رائعًا. توِّج فريق مُحافظة الوسطى (ذكور) بالمركز الأول، فيما توِّج فريق مُحافظة شمال الشرقية (إناث) بالمركز الأول أيضا، كما نبارك لفريق مُحافظة مسقط (إناث) حُصُولهم على المركز الثاني.
سَعِدتُ جدًّا عندما ترجَّل معالي الدكتُور وزير الإعلام راعي الحفل من منصة التكريم، ونزوله لتكريم أحد المشاركين الشباب من فئة المعوَّقين.. كانتْ لمسة إنسانية راقية.
شُكرًا وزارة الإعلام على مِثل هذه البرامج الثقافية المُفيدة للشباب.

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

سوق نزوى التراثي

الإنسان شكَّله من طِين ليبدو بهذا الجمال..،

ذاكرة سينمائيَّة لا تُنسى


ذَاكرة سينمائية تعُود لسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؛ حيث كان للفن عشَّاقه ومريدوه؛ استُقْبِلت حينها بحميمية وترحيب لأنها ثقافة ووسيلة لنشر المعرفة.
كَان المكانُ فضاءً مفتوحًا على السماء في الهواء الطلق؛ فيما تلك الأشعة المكثَّفة البيضاء تندفعُ في مشهد غريب من فتحة في جدار يطل على بلكونة خُصِّصت لأصحاب الدرجة الأولى.
هُم أيضًا مُقابل ذلك يدفَعُون تذاكر أغلى، مُقارنة بمن يجلس بالقرب من تلك الشاشة، كانت وسيلة مُهمة لتعلم أنَّ لكل شيء قيمة، حتى المشاهدة والاستمتاع بقِصَّة يجب أن تَشتري لها تذكرة.. نظامٌ في الدُخُول والخروج والاستراحة وعند شراء التذاكر، وكذلك عند المشاهدة؛ فالكل مُندمج فيما يشاهده.
تِلْكَ الآلة تلفُّ الشريط الأسود الملفوف على دائرتين متقابلتين لها شكل جذَّاب وفريد، تسمعُ لدورانها صوتًا خفيفًا كحفيف الرياح بين أغصان الشجر، وما إنْ تُلامس تلك الأشعة البيضاء سطح الشاشة الجدارية إلا بالقصة قد بدأت، والحركة قد دبَّت على الشاشة، لتشد انتباه من حضر في هدوء.
على تلك الشاشة العملاقة، سُمِع نشيد "طلع البدر علينا"، ومن خلالها حُكيت قصة هجرة خير الخلق، ومن خِلال تلك الشاشة أيضًا تغنَّى عنترة بمعلقاته وبطولاته، وصَدَحَت عبلة بحبها العُذري، وابتسمت الجماهير في مدرجات المكان لقفشات شيبوب.
هُنَا أيضًا، سرح الحضور في خيال الأفلام الهندية وموسيقاها العريقة، ومن خلال هذا المكان تعرف الحضور على صيحة أو زعقة طرزان، واستمتع بقصص عالمية أسهمت في التثقيف والاستمتاع بروائع الأعمال الفنية والأدبية... انتهى المشهد في منتصف عقد التسعينيات، وأصبح للمكان ذكرى.
(المشهد كان من سينما قُريات؛ حيث كانت من بَيْن أول الدور السينمائية التي أنشئت في مطلع السبعينيات في عُمان).

الجمعة، 7 أغسطس 2015

طيور

تَقْطَع المسافات من أجل التمتع بهذا السكون والأمان، حتى البحر يستقبلها بهدوء ومحبة، تحتضنها الماء بسكينة، تسترخي على سطح البحر بعد يوم عمل شاق، الشمس تُرسل أشعتها الذهبية لتضيء لها زرقة المكان، تمتزجُ ألوانُ الطبيعة في مشهد غريب، لا يُكدِّرها قلق ولا يهمها تفكير، كل الظرُوف هُيِّأت لها للاستمتاع بالحياة.. هنا بالفعل تجد لكل كائن حي تقديرًا.

باب

تقفُ شاهدة على ذكرى خطوات البشر.. سجل لخطوات خارجة وداخلة إلى عُمق التاريخ، مُتجددة في جمالها وعنفوانها، وقفت صامدة على الرغم من قسوة الأحداث، لها حكاية جميلة مع مهارة يد إنسان صنعها من أجل نشر الجمال والمحبة والسلام.. تبقى ذكرياتها عالقة على مدى الأزمان.

الأحد، 2 أغسطس 2015

التنجيليه

التنجيليه/ الزفة.. فنٌّ عُمانيٌّ تقليديٌّ قديمٌ، تشتهر به ولاية قُريات دُون غيرها، يُقام في مناسبات عدة، يشترك فيه الرجال والنساء كل في جانبه. لهذا الفن طقوس قديمة وصارمة، كما من شروطه أن لا تدخل الميدان منتعلا نعالا في رجلك، حيث يصل الأمر إلى فرض غرامة على المتسبب نظير مخالفة تلك القواعد.
يتميَّز هذا الفن بالإيقاعات والحركات البطيئة، والنغمات الجميلة المصاحبة لصوت الجم، وفي الوقت نفسه كلماته المغناة قريبة من شعر الميدان، وله مراحل؛ من بينها: الحادي بمثابة التحضير للشلة، ثم الميدان، وتنتهي بالتنجيليه، ولضارب طبل الواقف صيحات فنية تتضمن عبارات الشلة يجاوبه بعدها الرديدة، ولا تكتمل التنجيليه إلا بوُجُود الراية، التي تتراقص بيد أحدهم زاهية بحلتها وألوانها الجميلة.
كادتْ التنجيليه بشلاتها وطريقتها القديمة أن تتلاشى مع غياب روادها؛ أمثال: عبدالله بن صربوخ، وعلي بن مسعود، وبركات بن منون، وسعدالله -رحمهم الله- وغيرهم.
(الصورة لفن التنجيليه لفرقة حيل الغاف في مناسبة وطنية أمام حصن قُريات؛ وذلك في أواخر الثمانينيات أو بداية التسعينيات، والمبنى الظاهر في الصورة هو مستشفى قُريات القديم، يرجع تاريخه إلى فترة ما قبل السبعينيات، وتمت إزالته بعد بناء المستشفى الجديد في الشهباري).