الجمعة، 27 فبراير 2015

سُكون المساء

راية المَجد

رفرفي في العلا دوما خفاقة..
في سماء الحب والعطاء بلا حدود
وحَفِظ الإلهُ بلادًا قد رعتك بالفخر والعزم الأكيد.

نسمات

سَمَاء مُلبدة بالغيم الداكن، الشمس تسطع بأشعتها الذهبية، ينعكس إشعاعها على سطح الماء، يُشكل موجات هادئة تتحرك مع نسمات باردة، مشبعة بزخات المطر، تنثرها على أجساد مُتعَبة تهفو إلى الراحة والهدوء.

مُجرَّد كلام

تَتَدَاول بعضُ المواقع الإلكترُونية فيديو لإعلامي مصري يُدْعَى إبراهيم حجازي، يتطرَّق فيها إلى عُمان. المعلُومات التي تطرَّق إليها المذكور مع احترامِي له، الكثير منها يُجانِبه الصواب وعدم الفهم لمدركات الأمور، ويدل أيضًا على جهله بالجُغرافيا ومواقع الدول ومكانتها، مُجرَّد كلام لا يُسْمِن ولا يغني، ومشاعر تدلُّ على عدم تقدير الواقع.. حَفِظ الله عُمان وسُلطانها وأهلها الكرام من كيد الكائدين وحَسَد الحاسدين.

معرض الكتاب

مَعْرض مسقط الدولي للكتاب.. بوَّابة مُهمة لرُقي الفكر والثقافة في عُمان، ويعدُّ أيضًا أحد المُلتقيات المُهمة لصُنَّاع الثقافة والمُبدعين في الثقافة العربية والدولية، أَضِف إلى ذلك تلك المناشط المتنوعة في مجال الثقافة والفكر والأدب التي تُصَاحب فترة المعرض.. كل الشكر للجهات المنظمة.

الخميس، 26 فبراير 2015

الهُوية الثقافية

الهُوية الثقافية للمُجتمعات إذا ما غُرِست في وجدان الإنسان وفكره لا يُمكن أن تُزَعْزعها مُتغيِّرات العصر والعولمة، وتوجهات الأفكار الجديدة.
نَعَم.. للهُوية الثقافية ثوابت لا يمكن الحياد عنها، ولكن من المُهم أيضًا أن تُسْتَوْعَب وتتأقلم مع مُقتضيات تطور الحياة وتطور معارف الإنسان وعلومه، خاصة في المُجتمعات ذات التوجهات الفكرية والثقافية المُتعددة.
لهذا؛ مِنَ المُهم جدًّا أن تستوعب مُرتكزات التنمية الثقافية لهذه المتغيرات، والعمل على بلورتها في إستراتيجية وطنية، تأخذ في الاعتبار هذا التنوع الإيجابي، ويشارك في صياغتها مُختلف القوى الفاعلة في عملية التنمية.
إنَّ إيجاد أطر قانُونية تُعزِّز مكانة هذه الهُوية وتحميها، وفق قواعد واضحة لكافة أطياف المُجتمع وأفراده، أصبحَ أيضًا مطلبًا ضرُوريًّا.

صَمْت الغُروب

تَغْرُب هُنا للسكون. تُشرق هُناك للحركة. إنَّه نظامُ الكون القائم على الدقة.

السبت، 21 فبراير 2015

خاطرة

المَوْجَة العَاتية ما إن تُلَامس اليابسة، حتى يَخْفُت هيجانها وغضبها.. إنَّها حنية الأرض للماء.

بهجة المكان وتجلياته..


حلقة عمل.. مشاهير أمام الكاميرا

يَوْم الأربعاء الماضي كانتْ لي زيارة إلى النادي الثقافي؛ بهدف حضور الأمسية الثقافية التي نظَّمتها جامعة السلطان قابُوس -مُمثلة في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية- بالتعاوُن مع النادي الثقافي، بعُنوان "تجربة مُحمَّد الحارثي الأدبية"، وهي سُنَّة حميدة خطتها الجامعة بالاحتفاء بالمُبدعين في السلطنة؛ وذلك من خلال جلسات نقدية لإنتاجهم الأدبي والمعرفي؛ حيث عُقدت قبل سنوات ندوة لدراسة "عالم علي المعمري السردي"، وقبل أشهر كانت هُناك جلسة نقدية لتجربة الشاعر مُبارك العامري، بتنظيم من الجامعة والنادي الثقافي أيضا.
مُحمَّد الحارثي له بَصَمَات معروفة في الحراك الأدبي والثقافي في عُمان، مُتنوِّع الكتابة في مُختلف الأجناس الأدبية شعرًا ونثرًا؛ فهو يستحقُّ هذا التكريم.
وَصَلتُ النادي قبل بدء الأمسية بوَقت، استقبلي سعيد البحري عضو الجمعية العُمانية للصحفيين، ببشاشته المعروفة ونشاطه الدائم، عرَّفني على شخصية تجلسُ بجانبه، وهو الأستاذ مُحمَّد المُبارك، وهو شخصية عربية معروفه، له باعٌ طويلٌ في مجال الإعلام، ويعملُ خبيرًا واستشاريًّا في مجال الإعلام الدولي (التطبيقي والقيادي والإبداعي)، وعَمِل في مجال الإعلام والصحافة الدولية لسنوات طويلة.
جَاء الأستاذُ مُحمَّد المُبارك ليلقي دروسا ومحاضرات في حلقة عمل بعُنوان "مشاهير أمام الكاميرا بخبرات دولية"، كانتْ تستهدفُ المُثقفين العُمانيين والمُقيمين في السلطنة لكيفية التعاطي مع وسائل الإعلام. رأيتُ من بين الحاضرين الأستاذ عبدالحسين من العراق الشقيق، وهو سفير سابق مُقيم في عُمان، وعلى الرغم من كِبَر سنه واعتماده على العصا في مشيه، إلا أنه يحرص دائمًا على حضور فعاليات النادي الثقافي، وسمعتُ منه كلاما طيبا عن حبِّه للعُمانيين وتقديره لعُمان، كان من بين الحضور أيضًا الأستاذ خميس العدوي رئيس الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، والأستاذة عزة القصابية الكاتبة المعروفة، وعدد من المُثقفين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.
شَاهدتُ على الأخ سعيد البحري، والأستاذ المُبارك، بعض القلق لعدم تجاوُب المُثقفين لحضور حلقة العمل، والتي كَان مُقرَّرا لها مدة خمسة أيام، وتم تخفيض مدتها إلى يَومَين، على الرغم من أهميتها لما تحمله من مواضيع مهمَّة تتعلق بعلاقة المُثقف بالإعلام، وهي في حد ذاتها مختصة بالإعلام وكيفية التعامل مع الكاميرا والميكرفون، وبراعة التحدث أمام الكاميرا، وجوانب عديدة ومُفيدة للمثقف والإعلامي على حدٍّ سواء.
آثرتُ أن أحضر جزءًا من حلقة العمل هذه، على الرغم من عدم اشتراكي فيها مُنذ بدايتها لعدم علمي بها؛ وذلك لسببين: الأول منهما حُبِّي الشديد للإعلام ودوره ومُمارستي له لفترة زمنية من حياتي. والسبب الثاني: تقديرًا لضيفنا الأستاذ مُحمَّد المُبارك، الذي تجشَّم السفر من الكويت من أجل نقل معارفه لنا، أضف إلى ذلك تلك الجُهُود التي بُذلت، والمصاريف التي أُنفقت من أجل تنظيم حلقة العمل هذه.. السفير العراقي السابق المُقيم في عُمان يَسْأَلني بصوت خافت: أين هم أعضاء جمعية الصحُفيين، لا نرى منهم أحدًا؟! أين هم المستهدفون من المُثقفين الذين من أجلهم عُقدت هذه الحلقة؟!
المُهم.. دخلنا القاعة، وإذا هي عبارة عن أستديو تصوير، كاميرات عدة وتجهيزات فنية رائعة، قُلت في نفسي: "أكيد هي تغطية إعلامية"، استرسل المُحَاضِر في حديثه، تكلمَّ عن مواضيع تتعلق بالمُقابلات الإعلامية وكيفية التجهيز والاستعداد لها وطريقة التحدث، ومُعالجة الأخطاء اللغوية، وضرب أمثلة عدة، بعدها أمر بالبدء في التطبيق العملي لما قاله أمس واليوم، وطلب من المشاركين القيام بهذه المُهمة، بَحْلَقت العيون الكل ينظر إلى الآخر، من يبدأ الأول؛ فالأمر إجراء حُوار بين طرفين أمام الكاميرا والميكرفون، أحدهم يكُون مذيعا والآخر ضيفا تتم محاورته ومناقشته عن موضُوع ما؛ فهو ليس بالأمر السهل.
عِنْدَما رأيتُ التردُّد، قُلت فـي نفسي من المُهـم أن نأخـذ بقاعدة تُسمى "اكسر الثلـج" (Break the ice)، وهي معنى مجازي للتمهيد للأمور، قُلت أنا أكون في البداية، اخترت شابا كان جالسا بجانبي اسمه مُحمَّد الراشدي، سحبتُه إلى المنصة، دارتْ الكاميرا، سألتُ الأستاذ: أنا لم أحضر جلسة البارحة عن ماذا تريدنا نتحدث؟ قال عن أي موضُوع تريدان التحدُّث فيه، المهم عِندي هو تعريفكما على طريقة إدارة الحُوار والاستعداد الذهني والفكري والبدني لهكذا مواقف.
تَقمَّصتُ دور المذيع، وأدرتُ حُوارا حول التعليم وأهميته؛ لكون ضيفي في الحُوار من روَّادِه ومنتسبيه، كان حُوارا ممتعا، ونال إعجاب الحضور وأشاد به الأستاذ، وأوَّل مرة أعرف بعد مشاهدة الأستاذ للحُوار على الشاشة أن اللون الأبيض للملابس غير مُحبَّذ للظهور التليفزيُوني، فالألوان أكثر إشراقة للشخصية على الشاشة، بعدها أدرتُ حُوارا آخر مع الأستاذة عزة القصابية حول المرأة في عُمان، كما قام الأستاذ خميس العدوي بتقمُّص دور المذيع وحاور أحد الحضور، وأدارت معه أيضًا الأديبة عزة القصابية حُوارا طويلا عن الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، وعن هُموم الثقافة والكتاب في عُمان، وشارك آخرون أيضًا في هذه التجربة الجميلة.
واختُتِمت حلقة العمل بحفل رعاه الأخ العزيز سالم الجهوري نائب رئيس الجمعية العُمانية للصحفيين، وهكذا كانت تلك الأمسية الجميلة، التي أعادتْ بي الذاكرة لأيام جميلة مع الإعلام، كلُّ الشكر للأستاذ مُحمَّد المُبارك، وللجمعية العُمانية للصحفيين، وللنادي الثقافي، على هذا الحراك الدائم لخدمة الثقافة والمعرفة.

الجمعة، 20 فبراير 2015

فضيلة الشيخ سالم بن خلفان الراشدي

فضيلة الشيخ سالم بن خلفان الراشدي.. شخصية عُمانية بسيطة ومُتواضعة، يتحدَّث دُون تكلُّف أو تعقيد، يُعَامِل الناس بلطف ومحبة، أسلوبه تقليدي متطور، وخطابه يلامس واقع الحياة، يبسط مشاكل الحياة كما يراها بطريقة ذكية، وفي نفس الوقت يقدم النصيحة والإرشاد بطريقة ذكية.
كَانَت له مُحاضرة، مساء اليوم، في جامع السلطان قابُوس بقُريات، وما إن فرغ من صلاة المغرب، وإذا هو يلتفت إلى المصلين ليسألهم عن السورة التي قرأها الإمام، والموضُوع الذي تناولته، جُل الحاضرين من طُلاب العلم وعامَّة الناس، لم يستطع جوابه إلا قِلَّة قليلة جدًّا؛ الأمر الذي جعله ينبِّه الناس إلى خطورة الانشغال في الصلاة بغيرها، كما تحدث في سياق تلك الآيات، ونبه الناس للكثير من الأمور الحياتية التي أصبحت تشغل تفكير الناس.
قدَّم دروسًا عديدة، وتحدَّث عن مواضيع مُختلفة تهم علاقة الإنسان بربة وبنفسه وبالناس، ركز على خطورة الظلم، واستطاع بطريقته أن يربط مُعَالجاته بواقع الحياة اليومية، مع ضَرْب العديد من الأمثلة والمشاهدات المعاشة، جَعَل جميع المصلين تملأ الابتسامة مُحياهم طوال وقت المُحاضرة، فلهُ أسلوبٌ متطور ومدروس في فن الإلقاء لكي يجذب الناس إليه، من المُهم الاستفادة من طريقته.
وَمَا سرَّني أنه في نهاية محاضرته القيمة، قدم مجمُوعة من الأسئلة على شكل مسابقة، تناولت تلك الأسئلة المواضيع التي طرحت في المُحاضرة، وهي عبارة عن مُلخص للمُحاضرة، تأكد من خلالها أنه فعلا قد قام بتوصيل رسالته.
كل الشكر لفضيلة الشيخ سالم الراشدي على جُهُوده، مُتمنين له كل التوفيق والسداد في رسالته: العلمية، والمعرفية، والدعوية.

الخميس، 19 فبراير 2015

زهرة



رغم هذا الجو المليء بالرياح المثيرة للغبار وارتفاع درجات الحرارة، إلا أنَّها كعادتها تقدِّم زهرة جميلة مليئة بالبهجة لكي تسعد المارين، غير مبالية للجفاف.

السبت، 14 فبراير 2015

مَلِكة الفواكه

مَلكة الفواكه الشرقية في قُريات تكتسي هذه الأيام حلة ذهبية استعدادًا لموسم قيظ وفير، إنَّها شجرة الأمبا أو اللمبا أو المانجو بتجلياتها التاريخية ودلالاتها المعنوية في ارتباط الإنسان بالأرض.
كَمْ أنتِ كريمة أيَّتها اللمباة...!

الاثنين، 9 فبراير 2015

تمازُج الألوان

تَمازُج الألوان دليلُ التنوع في الحياة.

شروق

ذَات صَبَاح جميل مُفْعَم بالنشاط، شدَّني شُعاع الشمس النافذ من بين شجيرات الزينة الملتفَّة حول مُتنزه البحيرة؛ ذلك المكان الذي تهفو إليه الأجساد من أجل الرياضة والاسترخاء؛ ذلك المكان الذي كان يومًا مجرًى لخور تملؤه مياه مد البحر وطينة الحمد الآسنة، وقد حولته جُهُود البلدية مشكورة إلى حديقة غناء.
رَأيتُ نفسِي مُتعلقا ببهاء وجمال ذلك المنظر، وبطريقة لا إرادية غيرت وجهتي وطريقي، أوقفتُ السيارة في مواقف المتنزه، وإذا بي أجري نحو المكان وبيدي الكاميرا لالتقاط صُورة لذلك لمنظر البهي، ومن غير شُعور أيضًا تركتُ السيارة مفتوحة الأبواب، ودون أن أوقف محرك السيارة، كُنتُ حريصًا على وقت التقاط الصورة؛ فالصورة جولة في المكان وحضور في الزمان.
بَعدما أنهيتُ المُهمة واستراح البال، وإذا السيارة محاطة برجال مخلصين أوفياء لهذا الوطن العزيز، رأيتُ على وجوههم علامات التعجب من هذا التصُّرف، لمست منهم كلمات كلها مَحبَّة، مُنبِّهين إلى أنه من الخطأ ترك السيارة بهذه الطريقة مهما كانت الأسباب.. شكرتُهم بحرارة ومحبَّة وتقدير.
ومِنْ ثمَّ كتبتُ على ظهر تلك الصورة: ها هي الشمس تُشرق من جديد، ويعمُّ نُورها الذهبي كل الكون، لتفضي على الأرض سر الحياة.
هَكَذا كانتْ قِصَّة التقاط تلك الصورة لمنظر الشروق في مدينتي الجميلة قُريات.. ودُمتم سالمين.

الأحد، 8 فبراير 2015

جمال الغروب

يَحِل المساء.. وها هي الشمس تعلن الغروب، وتهفو الكائنات إلى سُكون.

تأملات في جمال السماء وأسراره

صناعة الثقافة

تُشكل الثقافة الوطنية للمُجتمعات اليوم صناعة راقية، وتُسهم بمردُود إيجابي كأحد روافد الاقتصاد الوطني؛ لهذا يجب أن تقوم على أسس ومُرتكزات إستراتيجية وتنموية ثابتة، وأخرى متغيرة تتناسب مع متغيرات العصر وظرُوف البيئة والزمان، وتأخذ في الاعتبار الفوارق الزمنية والفكرية بين الأجيال.

عندما يأتي المساء

عِندما يأتي المساء، وترتقي القلوب إلى السماء، وتلهج الجوارح بالدعاء.. يحفظُكِ ربِّي يا عُمان.

السبت، 7 فبراير 2015

التنمية الثقافية

التفكير في صياغة إستراتيجية وطنية للتنمية الثقافية أصبح مطلبًا مُلحًّا؛ فالثقافة لها ارتباطٌ وثيقٌ في صِناعة التنمية الإنسانية، وهي أيضًا لها إسهامٌ فاعل في نشر القيم وترسيخ الولاء الوطني والارتقاء بصناعة المعرفة.

كلمات مضيئة

كلمات مضيئة لجلالة السلطان المعظم حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، قالها ضمن خطابه في عام 1994م:
 
إن الأمن والاستقرار نعمة جلّى من نعم الله ــ تبارك وتعالى ــ على الدول والشعوب؛ ففي ظلهما يمكن للأمة أن تتفرغ للبناء والتطوير في مختلف مجالات الحياة، وأن توجه كل طاقاتها المعنوية والمادية نحو توفير أسباب الرفاه والرخاء والتقدم للمجتمع.
 
كما أن مواهب الفرد وقدراته الإبداعية الفكرية والعلمية والأدبية والفنية لا تنطلق ولا تنمو ولا تزدهر إلا في ظل شعوره بالأمن وباستقرار حياته وحياة أسرته وذويه ومواطنيه؛ لذلك كان من أهم واجبات الدولة قديما وحديثا كفالة الأمن وضمان الاستقرار حتى يتفرغ المجتمع بكل فئاته، وفي طمأنينة وهدوء بال، للعمل والإنتاج، والإنشاء والتعمير.
 
أما إذا اضطرب حبل الأمن، واهتزت أركان الاستقرار، فإن نتيجة ذلك سوف تكون الفوضى والخراب والدمار للأمة وللفرد على حد سواء، وهذا أمر مشاهد وواقع ملموس لا يتطلب كثيرا من الشرح والتوضيح.

الاثنين، 2 فبراير 2015

مرشد بن مُحمَّد بن راشد الخصيبي

يُعتبر الأستاذ القدير مرشد بن مُحمَّد بن راشد الخصيبي -رحمه الله- أحد أدباء عُمان ومثقفيها النجباء، الذين يُشار إليهم بالبنان. كان رجلا شهما، ومُتواضعا، وزاهدا، والابتسامة لا تفارقه أبدا حتى في أصعب الظرُوف، هو من مواليد ولاية سمائل فيحاء عُمان.
وسَمائل ولاية عريقة ورائعة الجمال والمنظر، وهي زاخرة بالكثير من العُلماء والفقهاء والشعراء والأدباء عبر التاريخ وعلى مر العصور، وموقعها ذو شهرة واسعة؛ فهي بمثابة الحلقوم لداخلية عُمان، كما وصفها الشيخ البهلاني الرواحي، وواديها الشهير بمثابة الفاصل بين سلسلة جبال الحجر الغربي وجبال الحجر الشرقي في عُمان، وهي أيضًا تحتضن أول مسجد بُني في عُمان على يد الصحابي الجليل مازن بن غضوبة الطائي السعدي، وهو أول عُماني أسلم على يد الرسول -عليه الصلاة والسلام.
والأستاذ مُرشد الخصيبي هذا جده الشيخ راشد بن عزيز الخصيبي قاضي مسقط وأحد أعضاء أول مجلس وزراء السلطان تيمور بن فيصل عام 1920م. تَرَعْرَع في كنف والده العلامة والأديب والقاضي والمؤلف الشيخ مُحمَّد بن راشد بن عزيز الخصيبي قاضي مسقط في عهد السلطان سعيد بن تيمور، ودرس في المدرسة السعيدية، وفي معهد الخير الذي كان يقع بمسجد الخور بمدينة مسقط العامرة، وكان حينها يتولى التدريس في ذلك المعهد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة حاليا، والشيخ الربيع بن المر المزروعي - رحمه الله.
الأديب مرشد الخصيبي -رحمه الله- كتب الشعر مُنذ نعومة أظفاره، ولا غَرْو في ذلك، فهو من سُلالة أدب وعلم وفقه، له مشاركات واسعة وإصدارات عديدة تزيد على أربعة عشر إصدارا، منها دواوين شعرية في مُختلف أغرض الشعر، وكذلك أراجيز جميلة، وكتب نثرية متنوعة؛ أبرزها: عُمان أيام زمان، وهو عبارة عن مذكرات شخصية وذكريات عاشها ولامسها الكاتب من واقع ومشاهد الحياة قبل العام 1970م في مسقط وسائر المدن العُمانية.
كَان أيضًا كاتبًا صحفيًّا بارعًا؛ فقد كان يكتب في مجلة النهضة العُمانية، في باب استمر لسنوات طويلة يحمل عنوان "أبو مرهون"؛ يتناول فيه مُختلف القضايا الاجتماعية والمحلية والدولية بأسلوب ساخر وفي ثوب هزلي يتميَّز بالخفة والفكاهة، وفي الوقت ذاته مبطن بالجدية والنصيحة، ومُحمل بالكثير من القيم الإنسانية، ويعتبر مرشد الخصيبي، ومجلة النهضة، أول من تطرق واستخدم هذا الأسلوب الأدبي والإعلامي في الكتابة الصحُفية في عُمان، وهو أيضًا أول من رسخ هذه المفهُوم في الأدب العُماني، ولم يسبقه أحد من العُمانيين في هذا الفن الأدبي حسب اطلاعي.
تعرَّفتُ على هذه الشخصية الفذة لأول مرة كمعرفة شخصية في بداية الثمانينيات من القرن الماضي؛ فقد كُنت أتردَّد دائما لزيارة خالي العميد المتقاعد سعيد بن جمعة الهادي في منزله بالخوير -وهو أحد أقدم المحاربين العرب أيضا- وذلك إبان دراستي في الكلية الفنية الصناعية في الخوير (كلية التقنية العليا حاليا)، وكان حينها الخصيبي جارًا له -قبل تفرُّقهما؛ حيث سكن الهادي الخوض، وسكن الخصيبي الغبرة، وله فيها قصيدة رائعة وجميلة- وقد اعتادا وجيرانهما قضاء بعض الوقت في المساء في منزل أحدهم بالتناوب ضمن برنامج أسبوعي، وكان مجلسهم حافلا بالأدب والثقافة والذكر، وكنت كثيرا ما أشاهد الخصيبي مُنصِتا حكيما، ومُتحدِّثا بارعا.
وإبَان عُضويَّتي في إدارة نادي قُريات في بداية التسعينيات، كان النادي حينها من بين الأندية المنافسة في مجال المُسابقات الثقافية والدينية، وله في ذلك مكانة معروفة؛ سواءً على مُستوى مُحافظة مسقط أو على مُستوى السلطنة، كان الخصيبي في ذلك الوقت أحد أركان تلك المُسابقات؛ فهو من بين اللجنة الرئيسية المكلفة من قبل المديرية العامة للأنشطة الثقافية والاجتماعية بالهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافة (وزارة الشؤون الرياضية حاليًا) بإدارة المسابقة الدينية بين أندية السلطنة في شهر رمضان المُبارك، ويُشاركه مشايخ أجلاء؛ من بينهم: قرينه وصديقه الشيخ ناصر الزيدي، وكذلك الأستاذ سالم البهلولي والأستاذ جمعة المفرجي... وغيرهم.
كُنَّا نطُوف المُحافظات بسياراتنا الخاصة من أجل المُشاركة في هذه المُسابقات، وعندما كان يشتكي الشباب من صعوبة بعض الأسئلة المطروحة في المسابقة عند إخفاقهم، كنت أقول لهم: الأهم أن تستفيدوا من المواضيع المطروحة في حياتكم؛ فقد كان يتمُّ صياغة الأسئلة بطريقة فيها عمق تربوي، وتحمل رسالة وأهدافا ومبادئ وقيما أخلاقية وإنسانية، ولم نجد من الخصيبي إلا إنسانا مُحبًّا ومُشجِّعا ومُتعاوُنا ومُبتسما دائما، على الرغم من قسوة بعض الاعتراضات الشبابية، التي تحدث دائما في فورة المنافسة، وعند الطموح بالفوز في مثل هذه المُسابقات بين الأندية.
عَمل الأستاذ مُرشد الخصيبي في حقل التربية والتعليم لسنوات طويلة، وتدرج في أعمالها من خلال وظائف ومهام عديدة، وله مشاركات عديدة على المُستوى الثقافي والأدبي، ومتى ما طُلِبت منه المُشاركة في مناسبة ما إلا وتجده مُلبِّيا من أجل خدمة وطنه وأمته، كرمه جلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه- بوسام السلطان قابُوس للثقافة والعلوم والفُنُون عام 2001م، كان -رحمه الله- وفيًّا لبلده وأهله وإخوانه، وكان كثيرا ما يُعبر عمَّا بداخله بالشعر والكتابة، له خطٌّ رائع وجميل، وكانت الكثير من هداياه ورسائله لمن تربطه به علاقة أخوة وصداقة ومحبة أبيات من الشعر، توفَّاه الله قبل سنوات، وهو بحق قامة أدبية رصينة، ويستحق الاهتمام بنتاجه الفكري والأدبي.. رحمةُ الله عليك يا أبا معاذ.