الجمعة، 26 سبتمبر 2014

صفاء.. نقاء


زُرقة السماء.. صَفاء الماء.. بَياض الموج.. نَقاء الرمل.. هُدوء المكان.. نسيم البحر.

السلام.. هدف إستراتيجي في عُمان


السَّلام الاجتماعي الذي نعيشه في ظل النهضة المُباركة، يستند إلى تاريخ عريق صاغَه الآباء والأجداد، وحضارة إنسانية مُوغِلة في التاريخ، قامت على مبادئ وقيم إنسانية سطَّرها العُمانيون بأحرف من نور.
فالسلام في عُمان، مُنذ فجر التاريخ، هو هدف إستراتيجي، وأحد المبادئ المُهمة الموجهة للسياسة العُمانية داخليًّا وخارجيًّا.
والقارئ والمُتمعِّن لمسيرة التنمية في السلطنة، يجد أنها قد جعلت من السلام محورًا أساسيًّا في توجهاتها ومُرتكزاتها.
وقَد أكَّد جلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه- على أهمية السلام بقوله: "السلام هدف الدولة؛ ذلك مبدأ من المبادئ التي توجِّه سياستنا الداخلية والخارجية، وهو هدفٌ إستراتيجيٌّ نعمل على تحقيقه واستمراره؛ ضمانا للأمن والاستقرار، والنمو والازدهار".
نَسْأله سبحانه وتعالى أن يُديم نعمةَ السلام الاجتماعي علينا، بفضل القيادة المُباركة الكريمة والحكيمة لجلالة السلطان المُعظم -متَّعه الله بالصحة والعافية، ووعي ورُقي فكر أهل عُمان الكرام.

الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

المخلفات الإلكترُونية

أَصْبَحَت الأجهزة الإلكترُونية، اليوم، من مُتطلبات الحياة العصرية، وهي ضرُورة ملحة لمواكبة تطورات التكنُولُوجيا والتنمية المعرفية، وهُناك تدفقات كبيرة من الأجهزة الإلكترُونية على الأسواق من مُختلف الشركات العالمية، ولها استخدامات عديدة في مُختلف مجالات حياة الإنسان.
والأجهزة الإلكترُونية تَشْهد أيضًا تجديدا مُستمرا وتطورا متلاحقا؛ الأمر الذي يجعل من الناس يقومون بتغييرها بين الحين والآخر، وفي نفس الوقت تُشكل الأجهزة القديمة عبئا على البيئة.
لقد حَان الوقت أنْ تتبنَّى البلديات والعاملون في مجال البيئة مشرُوعا جديدا لإدارة المخلفات الإلكترُونية، ووضع الأطر القانُونية والإجراءات الفنية لكيفية التخلص من هذه الأجهزة، وهي ليست بالقليلة، وهي لها مخاطر كبيرة على البيئة وصحة الإنسان، إذا ما أُهملت تلك المخلفات ولم يتم معالجتها بطريقة صحيحة.
وقبل كلِّ شيء ضرُورة توعية وتثقيف المُجتمع حول ذلك.. والله الموفِّق.

المكرم الشيخ خلفان بن مُحمَّد العيسري

المُكرم الشيخ خلفان بن مُحمَّد العيسري.. شخصية عُمانية فذة، وداعية إسلامي رزين، اتَّخذ الاعتدال والوسطية منهجًا له، له أُطرُوحات واسعة في شتى مجالات العلم والمعرفة، احترفَ التدريب في مجال تنمية الموارد البشرية والإدارة وفُنُونها، له حضورٌ إعلامي واسع داخل السلطنة وخارجها، ومُشاركات وطنية مشهودة، وأعمال تطوعية عديدة.
سخَّر جل حياته من أجل خدمة المُجتمع والوطن والإنسانية، وقد كرمه قائد البلاد المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه- بتعيينه عضوا في مجلس الدولة، وأعطى بفكره من أجل الوفاء بما كلف به بأمانة واقتدار.
اليوم، استمعتُ إليه في برنامج "منتدى الوصال" على إذاعة الوصال العُمانية، بضيافة الإعلامي القدير والمذيع اللَّامع مُوسى الفرعي، وقد سعدتُ كثيرا بكلامه ورؤيته تجاه الشباب وصناعة المُستقبل، لديه رؤية تقول بأن قياس تقدم الأمة من تأخرها يتجسد في: ثقافة الشباب وإنجازاتهم وكيفية استغلال أوقات فراغهم.
وعلى الرغم من الحديث المُمتع والشيِّق في ذلك البرنامج، إلا أنني قد تألمتُ كثيرا عندما أفصَح الشيخ العيسري عن مرضه ومعاناته؛ فهو يُؤدي دوره المُجتمعي والدعوي من خلال أدوية ومُسكِّنات قوية تهدئ من ألمه الشديد حتى يتمكن من أن يُؤدي رسالته، وهو في الوقت ذاته يتحرك على كرسي متحرك.
تعجَّبتُ من قدراته بأنه لم يستسلم للمرض وأوجاعه، فهو مواصل مشواره بنفسٍ توَّاقة ومُحبَّة لنشر المعرفة والتزود من علومها؛ فجدول حياته مزدحمٌ باللقاءات والمحاضرات والدروس وورش التدريب، التحق مُؤخرا بإحدى الجامعات بالمراسلة؛ من أجل أن يُواصل تعليمه لمرحلة الماجستير، رغم عدم حاجته للشهادة؛ فهو يمتلك من المهارات والقدرات والمعارف ما يفوق من يحمل شهادة الدكتُوراه والأستاذية، ولكنَّ حبه للعلم والمعرفة جعله يحارب الألم بالتحدي؛ من أجل أن يقضي على وقت فراغه بالقراءة والبحث والتعلم.
خَتَم الأستاذ العيسري حديثَه، اليوم، بأن طلب من مُستمعيه أن يدعوا له بالعفو والعافية. نسأل الله العلي القدير له الصحة والعفو والعافية، وأن يُؤجره على ما يُقدمه في خدمة العلم والإسلام والمعرفة، وأن يُوفقه في خدمة وطنه وأمته.

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

خضراء


خاطرة

تغرُب هنا.. وتُشرِق هُناك.. في مَسار مُتقن.. وفي وقت مُحدد.
إنَّه النظام، والدقة، والتناسق، والانسجام.
هَكَذا هِي حركة الكون؛ فكلٌّ في مداره ومهمته بلا تزاحم.
وهكذا أيضًا جَوْهر إدارة الحياة، ونجاحها، وتحقيق سعادتها.
"لا الشمسُ ينبغي لها أن تدرك القمر ولا اليلُ سابقُ النهار وكُل في فلك يسبحُون" صدق الله العظيم.    

ذاكرة


سِراج بوسحة.. قنديل بوفتيلة.. ذاكرة الزمان القديم
مشبة.. مهفة.. ذاكرة التبريد بالهواء
الوتد.. علاق في جدار الطين
أدوات عُمانية تحمل عبق الماضي التليد
تلك الأدوات مهما قدمت.. يوم جونو كانت منقذنا الوحيد
اليوم تغيرت الأحوال.. والكل ينعم بنعمة الكهرباء
تلك هي ذَاكرة أيام زمان.. فهل من يعتبر؟!

عادات القهوة قديمًا في عُمان


زَمان، كانت تُقلى القهوة في المحماس، على نار طبيعية في الموقد، وتقلَّب بعود خشب أو بحديدة (مقلاب)، وتَسْمَع ذلك الصوت الجميل لحركة ذلك العود في المحماس، وتشمُّ ذلك العبق الجميل لرائحة القهوة.
تُطْحَن القهوة في موقعة، أو هاون، مصنُوعة من الحديد، وهي أيضًا لها نغمات وإيقاعات فريدة مع كلِّ ضربة بالسفن، بعدها ظهرتْ آلة حديدية تُسمى مطحنة (تظهر في الصورة بين السراجين) في الروزنة، كانت تُدَار باليد، ولها أيضًا صَوت جميل مع كل تدويرة من مقبضها، يتم تلقيمُها القهوة من فتحة في الأعلى، لتلفظها من أحد جانبيها كبودرة ناعمة.
ومِن ثَمَّ تُطبخ القهوة على نار هادئة، وتضاف القهوة -وإضافة بودرة القهوة إلى الماء المغلي تُسمى "تعشي القهوة"- ومن ثمَّ تُسكب في الدلة، وما يتبقَّى من بقايا القهوة تُسمى "خمرة"، كانت قديمًا تضاف إلى الماء الذي يُغلى فيه القهوة في اليوم التالي.
وللقهوة أنواع؛ منها: عدينية وسيلانية، ولتقديمها طقوسٌ وعادات عند أهل عُمان، وعادة ما يتولى صغار السن تقديم القهوة، ويسمى ذلك "تغنيم القهوة"، ومن عادات القهوة أن تُقدَّم بعد السؤال عن العلوم والأخبار، وفي بعض الولايات يكُون السؤال عن العلوم والأخبار بعد القهوة.
ومِن العادات أيضًا: لا يُمكن أن يخرج أحد من المجلس إلا بطياح القهوة؛ أي بعد الانتهاء من تقديم القهوة لجميع الحاضرين، وإذا اضَّطر أحد للخروج، فعليه الاستئذان من القائم بتغنيم القهوة وصاحب المجلس.
ويُسكَب للضيف احتياجه من فناجيْ القهوة، دُون تحديد، وعادة تكُون ثلاثة فناجين، ويُطلق بعض الناس مُسمَّيات لكل فنجان من القهوة، وله دلالات معينة، وإذا ما اكتفَى الضيف من القهوة عليه هز الفنجان علامة اكتفائه من القهوة عند تسليم الفنجان فارغًا للمغنم، وعلى المغنم تقديم القهوة واقفا للضيف، ويستثنى ذلك في قهوة النساء، كما على المُضِيف مُجاملة الضيف في شرب نفس عدد الفناجين التي يطلبها الضيف، وعادةً لا ينتهي المضيف إلا بعد هز فنجان الضيف.
وعَادَةً ما يُصَاحِب تقديم القهوة تقديم الفوالة، وهي عبارة عن تمر أو رطب، واليوم من شتى أنواع الفواكه والحلويات، خاصة قهوة الحريم (قهوة العصرانية والصباحية)؛ حيث عادةً ما يتجمَّعن نساء الحارة خلال فترتيْ العصر أو الصباح، بعد الانتهاء من أعمال المنزل، ويكُون ذلك التجمُّع في منزل إحداهن، أو منزل كبيرة الحارة لتناول الفوالة والقهوة، وفي الوقت ذاته يُمارِسن بعض المهن كالخياطة أو صناعة بعض المشغولات الخوصية، وتلك التجمعات النسائية هي فُرصة لتعليم الفتيات الصغيرات بعض المهارات الحرفية. وإذا كان ذلك اللقاء أو التجمع من غير هدف أو إنتاج، يُسمَّى "جلسة معصرات"؛ لما يُصاحبه من قيل وقال وكثرة لغو.
وتُوْضَع فناجين القهوة قبل وبعد الانتهاء من تقديم القهوة في إناء يُصنع من الألمنيوم، أو الفخار، يُملأ بالماء يسمى "سحلة غسال"، وتستخدم تلك السحلة أيضًا لغسل أطراف أصابع الضيوف قبل وبعد تناول القهوة.
طُقُوس تقديم القهوة عند الرجال تختلفُ عن الحريم؛ حيث يُمكن للحريم تناول الفواكه أو التمر مع تناول القهوة في نفس الوقت، يُسمَّى ذلك (تداوس)، فيما يعد ذلك عند الرجال غير لائق إلا في حالات خاصة؛ مثل: تناول القهوة في محيط العائلة أو الأسرة.
اليوم، اختفتْ تلك الآلات بظُهُور مطحنة الكهرباء، ومُسمَّيات عديدة للقهوة، واختفت الكثير من عاداتها، وبقيتْ ذكرياتها، واختفت معها عمليات تحميس القهوة بوُجُود القهوة المعلَّبة في الأسواق، وارتحن الحريم من ذلك الوجع، ولو أنَّه له طعم خاص ومكانة في النفس لا تُنسى، خاصة لدى كبار السن.. هذه ذكريات القهوة قديمًا.


الأحد، 21 سبتمبر 2014

ذكريات القاضي أبو سرور -رحمه الله- في قريات

القَاضي أبو سرور.. الشيخ حميد بن عبدالله الجامعي، يُعد من أهم الشعراء في عُمان والعالم العربي، وللأسف الشديد لم يُعطَ هذا الرجل حقه من قِبل الإعلام؛ لإبراز مكانته الأدبية، والعلمية، والفقهية.
كَان في فترة وجوده لدينا في قُريات كقاضٍ في المحكمة الشرعية، يُعد أحد المراجع العلمية والفقهية والأدبية للكثير من الأدباء والمُثقفين بالوُلاية، ولا يخلُو مجلسه إلا وللشعر مكانة في مجلسه.
وقد اتَّصَف بالصرامة في أحكامه حسب ما يقتضيه الشرع الشريف، وأذكُر عندما كُنت مُوظَّفا في مكتب الوالي، كانت المحكمة في نفس المبنى، وقد جَرَى العُرف قديما بأنَّ الدعاوى ينظرها أولا الوالي؛ بهدف السعي لإصلاح ذات البين، وفق الأعراف والتقاليد العُمانية، وكثيرٌ من الدعاوى يتمُّ حلها بهذه الطريقة قبل وُصُولها إلى المحاكم، وكما يقال: "الصلح سيد الأحكام".
وإِذَا ما تعسَّرت الأمور، ولم يرتضِ الطرفان بالصلح، حينها يتم إحالة الدعوى للقاضي للحكم، وكثيرا ما يقُوم القاضي أبو سرور بنفسه بالمعاينة الميدانية إذا تطلَّب الأمر ذلك، مهما كانت صُعوبة المكان ووعُورته، حتى في أعالي الجبال وبطون الأودية وفي القرى النائية، وكان دقيقًا في الاستماع لطرفيْ النزاع، دُون أي تفرقة، مهما كان ذلك الطرف.
وكثيرًا ما يَصْطَحب معه أحد الكتبة؛ حيث يتطلب منه قراءة بعض القصائد له، وكثيرا ما يشرح تلك القصائد ومدلُولاتها، بل يتطرَّق إلى تفصيلها نحويًّا وإعرابًّا، وكثيرا ما تجدُه يكتب الشعر في كل مكان: في المكتب، في السيارة، في مجلس العلم، في مجلس القضاء أثناء نظر الدعوى الميدانية، أو تحت شجرة استمتع بثمرها أو ظلها، أو في البيت، وفي وقت مرضه وحزنه، أو في وقت راحته وسعادته، دائما ما تجد القلم والكتاب قرينه في كل مكان.
كَان عِند الانتهاء من مجلس البرزة مُعلِّما جالسيه من الموظفين، يتبادل معهم الحُوار والنقاش في شتى مجالات العلم. كان مدرسة واسعة وشاملة في الفقه والأدب، نهل منها الكثير. واتَّصف أبو سرور دائما بالتواضع واحترام وتقدير الناس مهما كانوا، ويقدِّر دائما المرأة، ويشيد بدورها في خدمة المُجتمع، ويحرص على إثبات حُقُوقها، وعندما يحضر مجلس الحكم، تجد أبو سرور جادًّا في عمله، صارما في حكمه، وفي إحقاق الحق وتثبيت العدل.
قبل سنوات ليست بالقصيرة، قابلتُه في المستشفى السلطاني بعد فِرَاق طويل، وكعادتِه استقبلنِي بابتسامتِه وتقديرِه واحترامِه الواسع، وقد أثرت فيَّ حالته المرضية.. تذكر قُريات ولاطفني بالكلام الطيب من أب لابنه عن ذكريات تلك الأيام رغم مرضه.
اليوم، يُودِّعنا هذا الأديب القدير، والمُثقف البارع، والشاعر الكبير، والقاضي العادل.. يُغادرنا، وقد ترك لنا مكتبة واسعة في شتى علوم اللغة والأدب والمعرفة، وبصمات راسخة لا تُنسى في مجال علوم الفقه والقضاء والعدل، نسأل الله له الرَّحمة الواسعة، وجزاه الله خيرَ الجزاء عمَّا قدمه لوطنه وأمته، وجدير بأن يتم الاحتفاء بمُنجزاته العلمية والوطنية، وتكريم شخصه الكريم.
ومِن ذكرياته التي لا تُنسى في قُريات، وبعد أن تقرَّر نقله إلى محكمة بدبد، أقام نادي قُريات أمسية أدبية لتوديعه في شهر سبتمبر عام 1987م، بعد أنْ قضى في قُريات مدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر، وارتجل قصيدة جميلة ومؤثرة في وداع قُريات من بين أبياتها:
على من مضى نمضي ولم نملك الردا...
تعالى له التدبير إياك والنقدا
فلا حول للإنسان لو ملك الدنى...
ولا قوة إلا لمن صدق الوعدا
فما اسطاع شخص جلب خير لنفسه...
ولا دفع ضر وانتقاما ولوجدا
وان شاءت الأقدار شيئا بلغته...
غدا مرضيا أو مسخطا لم تجد بدا
فإن جاء ما يملي السرور أحمد السما...
وإلا فان الصبر في الابتلا أجدى
ومن سره ما ساء يوما خليله...
أصيب بأنكى ما رآه وما أردى.
وقال أيضًا:
وما الناس إلا نازل ثم راحل...
وذا يشتكي فقرا وذا أفعم النقدا
وذا ساد بين الناس دُون سيادة...
وذا وارث تاجا حوى البعد والطردا
وذا يدرك الآمال عفوا هنيئة...
وذا يذرع الدنيا مجدا وقد صدا
وليس على الدنيا أشد رزية...
كمثل اجتماع يغرس العلم والجدا
لكنها قد فاتها أن في النوى...
فوائد لا تحصى تعاكسها الوردا
وليس الأخا إلا المحبة والوفا...
فكم من شقيق كسر الساق والزندا
وكم بلد ربتك أولتك كربة...
وكم جئت أخرى توجتك العلا مجدا
وإني لم أكفر محامد موطني...
وإضفاءه إياي بين الورى حمدا
غذاني ورباني وألبسني العلا...
وسابق بي في المجد إذ شوطه اشتدا
وشنف بي أسماع ذا الكون فاخرا...
وأصحبني سيفا أبى يألف الغمدا.
وقال في قُريات:
ولكنني لم أنس دار أماجد...
وجدت بها العلياء والمجد والرفدا
وجدت بها أبناء صدق وإخوة...
كراما أبوا إلا السماك لهم مهدا
وجدت بها علما يزين ذوي التقى...
وجندا إذا شن الزمان الوغى جندا
قُريات لا أنساك ما عرف الوفا...
تراضى زماني أو تبنى له الحقدا
قُريات لو نائيت لم تنأ مهجتي...
وما الحب إلا الروح لا هيكل مدا
مقامك لا يخفي على كل ماجد...
تحلت به العلياء بين الملا عقدا
ثقي أنني رهن الإشارة إن دعا...
إلى شرف داعيك أستأصل اللدا
وإن رمت ميدان البيان أعنه...
وجدت على صهواتها أرفع البندا
وإني وإن عاليت بعدك بدبدا...
فإنكما عينان لا نلتما ضدا
وما بدبد إلا الشقيقة في الإبا...
أشادت صُرُوح المجد عالية خلدا
ولم أعتنق هذي المنصة قائلا...
وداعا ولكني أسوق الوفا عقدا
أرصعه تاج الزمان مفاخرا...
مناسك من لم يقضها نكث العهدا
فإن اجتماعي بالأحبة صحتي...
وروحي وإلا ما بلغت السها جدا
فما حالة الأجسام إن قيل ودعت...
ويعرف مني حاسدي الجمر والوقدا
محال يرى معنى النوى بصحيفتي...
مفاصلها الأرواح خاوية همدى
وإن جاء ذلك اليوم ألفيت نائبي...
لصحبي أو آوي لآخرة لحدا
بس يعرفني في ذلك الوقت صاحبي...
بياني وما أسمى فتى قدس الودا
ستفخر بي العليا على الرغم أنفه...
ويسجد لي قسرا وإن بات لي ضدا
جزى الله عني الخير در قصائدي...
وسيفي والأخلاق والجد والجدا
سأبقي شكورا للإله بعونه...
إلى يوم ألقاه فيوسعني رفدا
بقيت قُريات مدى الدهر قلعة...
ومينا أساطيل تهد العدا هدا
أنا لك ذو الآلاء مجدا وسؤددا...
فشيدي لذي الآلاء شكرا له عدا
فمن يتجند بالتقى يحمد السرى...
وإلا وقاك الله كان الجزا بعدا.

السبت، 20 سبتمبر 2014

خاطرة

تحني فُرُوعها إلى الأرض
مادَّة أغصانها على الحصى البلوري
زهورها وردية فواحة
تعطر المارين في فضاء الكون الواسع.

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

خَضْراء من قلب الصخر..

سمرة


وَحِيْدَة هي في هذا السيح.. وحيدة هي في هذا الوادي.. وحيدة هي في هذا المسيل الرملي كالبلور الأبيض.. تلوح بأغصانها الخضراء إلى العابرين بسلام.
اقتربتْ إليها استجابةً لدعوتها للمارين، احتضنت جذعها المصفر من وهج الشمس. التصقتْ دِشداشتي وقماشها المصنُوع من قطن الخضرنج، وهدوب الساسوني، والتوترين، والمريكاني، والمخيوطة بالبريسم.
رأيتُ سائلًا ينزف من جذعها المجروح بعُمق. لونه أحمر قاني مختلط بلون يميل إلى السواد، ولون الصخور الجبلية المجاورة لها في الجبل الأسود وجبل السعتري. له رائحة زكية كرائحة الصمغ والحوجري الظفاري، ينعش النفس مع هبات الكوس المحملة، برائحة زهور البرم، وورق السعتر، وزهور الجعدة.
حدَّثتنِي عن أيام زمان. تَبادلنا الذكريات؛ حيث طريق مجلاص القديم المار بقربها. ذكَّرتني بطرق الجمال والحمير العابرة إلى مطرح. تلك القوافل المحمَّلة بالملح القُرياتي، وسح برني وادي العربيين، ونغال المزارع، وخلاص السواقم، وقدمي وخمري ومديريكي وبوسلا قُريات، وخنيزي المسفاة، وبسر مبسلي، وفرض حيل الغاف، وجواني الفاغور.
ذكَّرتني بالحمير المحملة بحطب السمر. قالت لي: تتذكر مقولة العُماني أنَّ نار السَّمر تخلف جمرًا. اشتكتْ لي بحُرقة تأخُّر المطر ومسيل الماء كسليل رقراق بين حبات الرمل. عِنْدَما شعرت بما يدور في ذهني من قلق تجاهها، قالت لي: لا تقلق، فقد مَنَحنِي الله خاصِّية تحمُّل شدة الحرارة والجفاف والعطش.
حدَّثتني عن قِصَّة الراعي الذي قَطَع جزءًا من غُصنها من أجل أن يشعل وقودًا ليصنع شاي بالحليب (الكرك)، أو يصنع محجانا، أو كانونا كدفاية أيام الصردة.
فَقَد خَدَعها، حيث صَنع من ذلك العود قادومًا أو خصينا. وفي اليوم التالي قَطَع بذلك الخصين شجرةً كانتْ مجاورة لها، ليُقدِّمها قربانا لتركبة حلوى، أو لإشعال تنور للشواء والمشاكيك، أو ليصنع فحمًا ليحرق به بخُور اللبان والمخلوط. نظرتُ إلى ذلك الجذع المقطوع بقُربها، فوجدتُه مُخضرا لتوِّه. تُحيط به شجيرات صغيرة خضراء من الحرمل والشخر والشوع.. تتألم هي أيضًا من قَسْوة تواير السيارات التي لا ترحم.
قصَّت لي قصة الصَّنصور الذي بنى عشه بين أغصانها. فقد فقَسَت تلك البِيضات الصَّغيرة المدوَّرة، لترفرف منها عصافير بألوان جميلة. أهدتنِي قُرمُوصا لونه بني، مُكتسيا بحبات صلبة كالخرز. حدثتني عن العوائل والأطفال المارِّين بقُربها للنزهة، وهم يمرحون في تلك الطبيعة البكر بفرح وسرور.
نَظرتُ إلى جذعها الملامس لحبَّات الرمل البيضاء، فوجدتُ ملايين الكائنات ترقُص طربا. وجدتُ بقربها: الجدي، والشاة، والصخلة، والجاعدة، والحملة، والكبش، والتيس، والبعير تتهادى بفرح وبهجة؛ حيث تحن عليها تلك الشجرة بأغصانها المتفرِّعة، وبظلها الممتد، وبإنتاجها الوفير.
سَمِعتُ طنين نحلة الطويقي بين وريقاتها تعزف سيمفونية العسل. تمتص من رحيق أزهارها لتصنع عسل البرم. رفرفت بجنبها طيور الحمام والصفرد مُغرِّدة بصوتها الشجي الجذاب.
حمَّلتنِي تلك السمرة سلامًا لكل المحبين للطبيعة. وقالت لي: قل لهم ترى الأمور لم تكُن كَمَا مضىَ. ودَّعتُها، ولا يزال ذلك السائل ينزف من جذعها المجروح بعُمق. وأشارتْ بغُصْنِها الأخضر إلى المارِّين تُنَاشِدهم وتُطالبهم بأن تُوَاصل معيشتها في ذلك المكان بسلام.

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

يجب الانتباه

هُناك من يُروِّج لبعض الخلافات القائمة بين بعض عُلماء المذاهب الإسلامية والمدارس الفكرية، ويستغلُّون هذا الفضاء المفتوح لنشر أهدافهم البغيضة، من منطلق حُرية الحُوار والرأي؛ بهدف زرع الفتن بين شباب الأمة.. تلك هي شرارة يجب إخمادُها، وعلى العقلاء التنبه لذلك جيدا.

السبت، 13 سبتمبر 2014

الرَّوزنة

الروزنة.. من مُكونات الصفة والدهريز، أو الليوان في المنزل القديم في عُمان، المبنيَّة من الطين أو الصاروج والحصى. والروزنة: تجويفٌ هندسي على شكل رف في بطن الجدار.

وتُستخدم الروزنة لحفظ أدوات المنزل ومُتعلقات المرأة، كما تُصفُّ فيها الصحون والمواعين والمراش بطريقة فنية وجمالية، فيما تُحْفَظ الأشياء المُهمة في المندوس والسحارة.

الخميس، 11 سبتمبر 2014

أدوات طحن الحبوب قديما


الموقعة أو الهاون: وتُصنع من جذوع النخيل، وأخشاب بعض الأشجار، والرَّحى تصنع من الصخر.
أدوات تقليدية بسيطة، لكنها تعدُّ ابتكارات عُمانية رائعة، مُقارنة بالإمكانات المتوفرة، وتتَّسم أيضًا بإبداع فني راقٍ في مجال التصميم والتكوين والحفر والنحت، وهي في الوقت ذاته تُلبِّي مُتطلبات ذلك العصر وحاجات الإنسان.