الثلاثاء، 30 أبريل 2013

تحية للعمال في يومهم العالمي

تذكَّروا أن حب وإتقان العمل، والإخلاص فيه بمزيد من الإبداع والابتكار والتطوير والتحسين، هو في المقام الأول عبادة؛ فإنَّ من الذنوب ذنوبًا لا يُكفرها إلا السعي في طلب المعيشة.
تذكَّروا أنَّ الإسلام قد سبق جميع المواثيق الدولية، والمعايير المهنية الحديثة التي تحثُّ على حُقُوق الإنسان، وتطبيق الثقافة التنظيمية، والقواعد الأخلاقية للعمل، أو بما يُسمى الإدارة بالأخلاق والقيم في المُنظمات الحديثة.
تذكَّروا أنَّ الإسلام ومُنذ أكثر من أربعة عشر قرنا أكد أهمية العمل وقيمته طوال العمر، وحثَّ على تطبيق أخلاقيات العمل كمنهج حياة، واهتمَّ بتحقيق العدالة الاجتماعية والإحسان في كل شيء، ودعا إلى التعاضد والتعاوُن، والتكافل والتراحم، والتناصح والتسامح، والأمانة والعدل، وجودة الإنتاج، والمُثابرة في خدمة الوطن والمُجتمع.
تذكَّروا أنَّ توفير الحياة الكريمة للعمال داخل العمل أو خارجه، وعدم تكليفهم بأكثر من طاقتهم بأعمال شاقة وصعبة، ومراعاة حاجاتهم وقوتهم، وضعفهم وظرُوفهم المتغيرة، وضمان حُقُوقهم، هي أهم التعاليم التي أكد عليها ديننا الحنيف وكافة القيم والأخلاق الإنسانية.
تحيَّة تقدير من القلب لكل عمال الوطن والعالم بمناسبة اليوم العالمي للعمال.

الخميس، 25 أبريل 2013

فهم ودراسة حاجات الأفراد

يعتبر عُلماء الفكر الإداري الحديث أنَّ دوافع الفرد أو الجماعة تجاه العمل والإنجاز هو نتاج سلوكي، ورغبة في إشباع حاجاتهم؛ وذلك ما فرضته نظرية "ماسلو"، وفق تسلسله الهرمي للحاجات؛ حيث قسَّمها لحاجات فسيولوجية (أساسية)؛ مثل: الحاجة إلى الطعام، والماء، والنوم، والمسكن، والملبس، والراحة، والاسترخاء... وغيرها من الحاجات الأساسية للعيش الكريم.
وحاجات الأمن والأمان؛ مثل: حاجة الفرد إلى السلامة الجسدية، والأمن الوظيفي، والأمن الأسري، والشعور بالاطمئنان، وعدم التعرض للخوف والخطر أو التهديد. وكذلك الحاجات الاجتماعية؛ مثل: حاجة الفرد للشعور بالحب، والصداقة، والعلاقات الأسرية، والانتماء لمجمُوعة العمل. وحاجات التقدير والاحترام؛ وتتُمثل في: حاجة الفرد إلى الشعور بالاحترام وتقدير الآخرين على الإنجازات. وأخيرا، هُناك الحاجة إلى تحقيق الذات؛ وهي تدعو إلى إنجاز المهام بطريقة مبتكرة وإبداعية، وتتطلب تمكين الفرد وتفويضه، وتشجيعه على التجديد والابتكار والتفكير الإبداعي.
الإسلام سبق "ماسلو" ورفاقه في تحديد الحاجات والدوافع الإنسانية وفق فهم دقيق لأسرار النفس البشرية، وأوجد علاقة بين أهمية الحاجة وحُرية الإرادة والمُستوى النفسي للفرد، وطالبه باحترام ذاته وفطرته ومُقوماته وضبط طبيعته المزدوجة والمتناقضة؛ لكونه كائنًا مسؤولًا عن مصيره وتصرفاته، وتحمُّل تبعات الأمانة الملقاة على عاتقه؛ لأنه خليفة الله في الأرض.
فتجد الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تناولت الحاجات المادية والروحية والفكرية والنفسية للإنسان، وهي تتضمَّن كافة أنواع الحاجات، وتدرجها في هذه الحياة، ووازن بين مُتطلباته الجسدية والروحية لضمان سلامة الدنيا وسعادة الآخرة، وجعل له القنوات، وحدَّد له الأطر الشرعية لإشباع تلك الحاجات، وجميعها مُحرِّكة للدوافع والسلوك، ويُؤكد عليها عُلماء هذا العصر، ويكفي أنَّ علاقة الإنسان بربه هي الطريق الأسمى لإشباع الحاجات الروحية للنفس المطمئنة، ومن خلالها يمكنه أن يستعين لتحقيق الحاجات الأخرى.
ولتفعيل هذا التوجه، يجب التأكيد على ضرُورة دراسة وفهم حاجات الأفراد عند التخاطب أو التعامل معهم؛ بهدف تحفيزهم ورفع دافعيتهم، ومراعاة مبدأ الفروق الفردية فيما بينهم، فهم بشر وبطبيعتهم هم مُختلفون؛ فمشاعرهم مُختلفة، وفكرهم مُختلف، وتوجهاتهم مُختلفة، وكذلك هي حاجاتهم وطمُوحاتهم.
فالحوافز التي تُرَاعي حاجات الفرد لها تأثير مباشر على نمط السلوك الذي يتبعه الفرد في أدائه لعمله، وهي قوة خارجية لها تأثير سحري إذا ما أُجِيد استخدامها على الارتقاء بمُستوى الإبداع والابتكار وتحسين الأداء وتحقيق الغايات والأهداف.

الأربعاء، 24 أبريل 2013

كتاب نورس يستبق الريح

يُعدُّ كتاب "نورس يستبق الريح"، للكاتب الصديق الأخ أحمد بن محمد العامري، الصَّادر عن مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر، هذا العام، نقلةً جديدة للكاتب تجاه مخاطبة الرأي العام المحلي والعربي والعالمي، بفكره ووجهات نظره في مُختلف القضايا: الإستراتيجية، والإنسانية، والتنموية.
الكتاب تضمَّن مجمُوعة من المقالات التي سبق للكاتب نشرها في جريدة "الرؤية" العُمانية، وهي -كما وصفها- رؤية وحلم لكل الشعُوب العربية بالأمل لتجسيد التغيير الحقيقي الذي تطمح إليه الشعُوب، مُركِّزا على السمو بالإنسان صانع التنمية، ومستبقا في ذلك الريح الطيبة.
المقالات جميعها من وجهة نظري اتَّسمت بالواقعية والموضُوعية، وامتزجت بالكثير من الجوانب المعرفية، وحَرِص الكاتب من خلالها على نقل هموم الناس وطمُوحاتهم ورغباتهم للتطوير والتجديد والتغيير، ومشاركتهم تطلعاتهم نحو الحُرية وتحقيق العدل والسلام، مؤكدا فيها العديد من المبادئ الإنسانية والكونية المشتركة.
فكتب في حلم الأمة العربية بتحقيق الوحدة، وتطرق إلى أقنعة الاستعمار نحو تشتيت هذه الأمة، وتحدث عن هموم الإنسان العربي ورياح التغيير التي اجتاحت العديد من بلاد العرب بنسب متفاوتة. وركز الكاتب أيضًا في مقالاته على نهضة الأمم، وأهمية نقل المعرفة.
الكاتب لم ينسَ الشأن المحلي؛ فقد أبحر في المُواطنة، وإستراتيجيات التنمية، والاستثمار في الإنسان؛ فتحدث عن ما بعد النفط، واستثمار الفُرص المتاحة، والانتقال إلى الإدارة الإلكترُونية، والتركيز على العمل الجاد، والاهتمام بنقل المعرفة، وإعادة صياغة فلسفة التعمين... وغيرها من المواضيع التي ترسم خارطة طريق نحو الرقي ورفع مُستوى رفاهية الإنسان.
الكتاب كُتِب بطريقة سهلة وأسلوب أدبي رصين، تجعل القارئ يُبحر في مواضيعه المتنوعة دون ملل، فما من مقال إلا ويعبر عن مشاعر وأحاسيس الكثير من الناس. الكتاب جديرٌ بالاقتناء والقراءة؛ لأنه يحمل فكرا جديدا وراقيا في الطرح والأسلوب.

كتاب الصفات النفسية لسماحة الشيخ أحمد الخليلي

اطَّلعتُ، مُؤخرا، على كتاب بعُنوان "الصفات النفسية لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي من خلال نتاجه الفكري"، وهو من تأليف الأخ الأستاذ سالم بن راشد بن سعيد البوصافي.
سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي هو المفتي العام للسلطنة، وهو شخصية علمية واجتماعية لها بصمات واسعة في خدمة العلم والمعرفة وخدمة العقيدة الإسلامية، والدعوة لوحدة الأمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بمنهجيةٍ تتسم بالوسطية والواقعية والموضُوعية، وبالتسامح والتفاهم بين مُختلف المدارس والمذاهب الفقهية.
هذا الكتاب تضمَّن أربعة فصول، واتسم بمنهجية علمية تتركز في استخدام المنهج التحليلي لبيان أهم الصفات النفسية والفكرية والسلوكية والاجتماعية التي يتميَّز بها سماحته؛ وذلك من واقع نتاجه الفكري، وعلمه الواسع، ومكانته الإنسانية، والسمات والخصال الحميدة، والفضائل الخلقية التي يتحلى بها.
الكتاب كُتِب بلغةٍ واضحةٍ وسهلةٍ ورصينة، بعُدت كل البعد عن المبالغة، وله إضافة علمية في مجال علم النفس وعلم الاجتماع، وعلم النفس الاجتماعي، وهو جديرُ بالاطلاع والدراسة والتأمل في فكر وسلوك إحدى الشخصيات الوطنية والعلمية المحبة لنشر الخير والصلاح والسلام على المُستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

شمال ساحل قريات


هذا المنظر لشمال ساحل قُريات (لجري)، مياه البحر قد امتدت على مساحة واسعة من الأرض، والتي مُنذ سنوات هي شاطئ جميل، هُناك تحولات مُستمرة لطبيعة السواحل في عدد من القرى الساحلية، وقد نبهت لهذا الأمر مُنذ فترة طويلة، بضرُورة إجراء دراسات علمية لهذا الأمر.
شمال الساحل.. أحد المواقع التاريخية المُهمة في الوُلاية، وهو يُمثل إحدى المستوطنات البشرية، كما أكدتها الدراسات، يعود تاريخها إلى حقبة الألف الرابع إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وكثير من هذه المعالم غمرتها وجرفتها مياه البحر والأودية.
هُناك أيضًا رأس بوداود، الذي يُمثل ذكرى لمكانة قُريات البحُرية، وهو إحدى روائع الطبيعة في عُمان، لمُكوناته الصخرية وموقعه الفريد، كانت السفن تلجأ إليه عند هبوب العواصف، ويمثل أيضًا منارة بحُرية مُهمة، تهتدي بها السفن العابرة للمحيط.
هذا الشريط البحري لو أعطِي بعض الاهتمام، وخُطط بطريقة عصرية، وأُزيلت بعض النتوءات الجبلية وتهيئته كمخطط سكني، سيكُون له شأن سياحي واقتصادي في السلطنة، خاصة وأنَّه يقع على مسافة قريبة من محافظة مسقط.

الاثنين، 22 أبريل 2013

الإدارة المحلية في عُمان من أعرق الأنظمة في العالم

تُؤكد الكثير من الدلائل التاريخية والأثرية للحضارة العُمانية أنَّ السلطنة، ومُنذ التاريخ، أخذت بمبدأ الإدارة المحلية، وتطبيق اللامركزية الإدارية في تنفيذ الأنشطة وتقديم الخدمات والإشراف على المرافق والمشاريع المحلية بكفاءة وفاعلية، وربط تلك الإدارات المحلية بالإستراتيجية العامة للتنمية، والتي تعتمد من قبل السُلطة المركزية، ويتجلى ذلك في نظام الولايات.
هذا الأسلوب الإداري يعد من أعرق الأساليب الإدارية في العالم، ويعود تاريخه إلى القرن الأول الهجري، وقد يكُون أقدم من ذلك بكثير، وقد عمل هذا النظام على تحقيق رغبات واحتياجات وتطلعات المُواطنين، وكان أكثر فاعلية في تحقيق توزيع الوظيفة الإدارية ما بين السُلُطات المركزية ووحداتها الإدارية في الولايات، وله فاعلية في الإشراف والمتابعة المُباشرة وُجودة الأداء.
وعلى مر التاريخ العُماني، شهد هذا النظام العديد من التطوير والتجديد، بما يتناسب مع الظرُوف الجُغرافية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للسلطنة، وواقعها التاريخي والحضاري، وبما ينسجم مع عادات وتقاليد المُجتمع العُماني، والظرُوف الموقفية لتطور الإدارة على المُستوى المحلي والعالمي، وكان لهذا النظام إشراقة عصرية مع بداية النهضة الحديثة في عُمان، بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ وأبقاه.
ويعدُّ التقسيم الإداري للسلطنة إلى مُحافظات وولايات، والذي تم عام 2011م، وكذلك إنشاء المجالس البلدية بالمُحافظات، والتي تضمُّ أعضاءً منتخبين من قبل المُواطنين، هو اتجاه عصري لتحقيق مبدأ المُشاركة المُجتمعية في التخطيط والإدارة الذاتية، وتوسيع نطاق الصلاحيات الإشرافية للمحافظين بالمُحافظات؛ كونهم يمثلون السُلطة التنفيذية، وهو في الوقت ذاته يساعد على تقديم أفضل الخدمات للمُواطنين، والتي تتوافق مع تطلعاتهم واحتياجاتهم، وتتماشى مع واقع التوسع العُمراني والسكاني، وتوجه الحُكُومة بالبعد الإقليمي للتنمية في جميع مُحافظات وولايات السلطنة.
وفي ظل هذا التطوُّر الملحُوظ الذي شهدته السلطنة على المُستوى الإستراتيجي، فإنَّ الوقت قد حان للوزارات الخدمية لأن تتماشى مع هذا التوجه الإستراتيجي للحُكُومة الرشيدة؛ وذلك بنقل الصلاحيات المُرتبطة بخدمات المُواطنين إلى المُحافظات والولايات، فإنَّ هذا التوجه سيُسهم في تحقيق الكفاءة الإدارية في تقديم الخدمات، وتبسيط الإجراءات وسرعة اتخاذ القرارات، وهو في نفس الوقت يُساعد على تخفيف العبء الإداري والمالي، وتوفير الوقت للإدارة المركزية، وعلى رأسهم الوزراء، في وضع السياسات العامة والإستراتيجيات والخُطط بدلًا من انشغالهم بإجراءات روتينية يومية.

الأحد، 21 أبريل 2013

وادي العربيين بولاية قريات

هذا المنظر لوادي العربيين بولاية قريات، هذه القرية الوادعة بين أحضان الجبال العالية، تتميز بطبيعة خلابة، ويُشكل واديها بحيرة عميقة تغذي جميع الأفلاج التي تروي مزارعها وبساتينها الخضراء، وهي أول قرى الوُلاية تبشر بثمار النخيل لطبيعة جوها الرائع.
وادي العربيين لو توفرت فيه الخدمات المناسبة كسفلتة الطريق المؤدي إليه، وتعزيز مُقوماته السياحية بالخدمات اللازمة، لكان له وضع رائد في تعزيز اقتصاد الوُلاية. كما أنَّ الوادي يُماثل وادي ضيقة، وهو دائم الجريان، ويتميز بالتجدد بصُورة مُستمرة. فاستغلال هذه المياه بطريقة اقتصادية، وإقامة سد لحجزها مطلب مهم في ظل الحاجة إلى المياه، خاصة وأن القرى الشرقية القريبة منها تعتمد على المياه التي يتم تحليتها من البحر.

قرى تعب وحريمة ووسال وكهف مجلس الجن

تعب، وحريمة، ووسال.. قرى جميلة تطل على قرية فنس التابعة لولاية قُريات، تلك القرى تتميز بتضاريس متباينة وطقس فريد، وتكثر الظباء والغزلان في فلاة تلك القرى وجبالها، وهي ذات شهرة بزراعة الرمان وأشجار النخيل كالبرني والبونارنجة، وتتوفر فيها مياه طبيعية تنبع من قمم الجبال الصماء ومجاري الأودية.
هذه القرى أيضًا يقع بقربها ثالث أكبر الكهوف الجوفية في العالم، وهو كهف مجلس الجن (خشلة مقندلي)؛ حيث يعتبر من الكهوف العظيمة والنادرة، وله شهرة عالمية واسعة.
الوُصُول إلى تلك القرى يحتاج إلى جهد وعناء، في ظل عدم وُجُود طرق مسفلتة تخدمها، قديما كان الوُصُول إليها بالمشي أو الطائرة، ومن ثمَّ شُق لها طريق ترابي وسط الجبال، وأذكر في شهر أبريل عام 1995م قام بزيارة قرية تعب نائب رئيس بلدية مسقط السابق الأستاذ حسين سعيد، بهدف معاينة مسار الطريق الذي يطالب الأهالي بتمهيده، وكان بمعيته سعادة الوالي الشيخ خالد بن أحمد الأغبري، وعدد من المسؤُولين بالبلدية، وكان لي شرف مُرافقتهم، تلك الزيارة بيَّنت للجميع مُستوى مُعاناة الأهالي؛ فالمجرِّب والمعايِش ليس كالسامع.
فقد تطلَّب منا قطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام، وصعود مرتفعات جبلية عالية، ولفترة زمنية طويلة، وما إن وصل الفريق بالقرب من مساكن القرية إلا وعدد منهم يتساقط، فمنهم من أغمي عليه وفقد الوعي بسبب انخفاض الضغط بسبب صعود الجبال، ومنهم من كان التعب من نصيبه، ولكن حرصهم على أداء الواجب لم يُثنِهم عن إكمال المُهمة.
في اليوم التالي، عزَّز هذا الموقف زيارة سعادة المُهندس رئيس بلدية مسقط السابق للولاية (المهندس عبدالله بن عباس)، والذي أمر بضرُورة مواصلة شق الطريق الجبلي، وبالفعل استُكْمِل شق الطريق، ولكن لم يُستكمل حتى مركز قرية تعب؛ بسبب أن هذه القرية عبارة عن بقعة أرض بين جبال شاهقة.
قصة هذه الرحلة كَتبتُ عنها في الصحافة في ذلك الوقت، وهي مُوثَّقة في كتابي "قُريات.. ماض عريق وحاضر مشرق"، وهدفتُ من ذلك إلى بيان مدى مُعاناة أهالي تلك القرى الجبلية، وتمسُّكهم بالمكان مهما كانت تلك الظرُوف، إضافة إلى حرص الحُكُومة الرشيدة على توصيل خدماتها على الرغم من عوائق الطبيعة وصعوبة التضاريس؛ فالمهم هو الإنسان؛ وذلك هدف أساسي لمسار التنمية الإنسانية في عُمان.
إعطاء اهتمام أكبر لمثل هذه القرى يعد مطلبا ضرُوريا، خاصة وأنَّ استثمار الكهف العظيم القريب منها، وتهيئته للسياحة، يُشكل استثمارًا مهمًّا في السياحة على مُستوى السلطنة والعالم العربي.

الخميس، 18 أبريل 2013

الريادة العُمانية في مجال الإدارة

عندما نتأمَّل ونتمعَّن في عهود وكتب الإمام الصلت بن مالك الخروصي (851م-886م) والإمام ناصر بن مرشد اليعربي، والإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي... وغيرهم إلى وُلَاتهم وقادتهم في مُختلف ميادين العمل -والكثير منها منشورة ضمن الموسوعة التاريخية "تحفة الأعيان بسيرة أهل عُمان"، للعلامة المحقق الشيخ نور الدين عبدالله بن حميد السالمي- نجد أنها قد اشتملت على الكثير من المبادئ المهمة في الإدارة، وصفات القيادة، وتفويض السُلطة، وتحديد المسؤُولية، وحتمية المساءلة، وتركِّز على كيفية التعامل مع الناس، وضمان حُقُوقهم وكرامتهم وحريتهم، وضرُورة الاستماع إليهم، والمساواة بين أفراد المُجتمع دُون تمييز، والأخذ بمبدأ التسامح وإثبات العدل، وأعطت قواعد مُهمة للحرب والسلام والتعامل مع الأعداء. وقدمت دروسًا راقية في تطبيق مبدأ المُشاركة والأخذ بمبدأ اللامركزية الإدارية في تقديم الخدمات.
وهي بحق مبادئ تاريخية تُؤكد على رقي الفكر والريادة العُمانية في مجال الإدارة، والأخذ بمبادئ حُقُوق الإنسان مُنذ قديم الزمان، والتي يُؤكد عليها اليوم عُلماء الإدارة المُعاصرة والقانُون، وهي مبادئ سامية سبقت ما يُعرف اليوم بالإعلان العالمي لحُقُوق الإنسان، الذي تم إقراره في العاشر من ديسمبر 1948م.. وقد تناولتُ هذا الجانب بشئ من التفصيل في كتابي "ملامح من تطور النظام الإداري في سلطنة عُمان".

الاثنين، 15 أبريل 2013

سوق مطرح

سوق مطرح.. إحدى الأسواق التاريخية في عُمان، ويتمتع بإقبال كبير لزيارته من قبل الزائرين للسلطنة. وقد لمستُ السعادة على وجوه تلك الأفواج التي ترتاد السوق؛ نظرا للمعرُوضات من: المنسوجات، والتحف، والمصنُوعات الحرفية، والمصوغات العُمانية من الفضيات التي يُمكن الحُصُول عليها من هذا السوق، أضف إلى ذلك التقسيمات الهندسية واللمسات الفنية التي يتميز بها السوق.

هُناك جُهُود حثيثة تبذل لتطوير السوق من قبل بلدية مسقط في المُستقبل القريب، ولكن عملية التعمين في هذا السوق مطلب ضرُوري، وكذلك بالنسبة للمرشدين السياحيين الذين يرافقون السياح من مُختلف دُول العالم؛ فالعُماني هو الجدير بتقديم المعلُومات الوافية والصحيحة عن هذا السوق، وعن المعرُوضات والسلع العُمانية من التراث المحلي المعرُوضة فيه، أكثر من غيره من الوافدين، تجربة التعمين في سوق نزوى للتراثيات تجربة ناجحة يمكن الاستفادة منها.

الدافعية والحوافز.. أدوات فاعلة في التوجيه

يُعدُّ التوجيه إحدى وظائف الإدارة المُعاصرة، وهو مُرتبط بالتعامل مع العنصر البشري، رأس المال الفكري لأي مُؤسسة، والشريك المعرفي لها، رأس المال هذا هو بمثابة قدرات فكرية كامنة، ويُشكل معارف ومهارات وخبرات وقدرات وتوجهات، ولها تأثير مباشر في تحقيق الأهداف والغايات للمُؤسسة.
عملية المُحافظة على رأس المال هذا مطلب مهم؛ لهذا فإنَّ التوجيه يجب أن يساعد على خلق الظرُوف المناسبة لتنمية الفرد، وذلك من خلال مهارات فكرية وإنسانية وفنية للتعامل مع الأفراد وفقا لقدراتهم ومشاعرهم، وبما يتناسب مع قيمهم الشخصية واتجاهاتهم ومُستوى إدراكهم.
ومن أنجح أدوات التوجيه: الدافعية والحوافز؛ وهي بمثابة الناتج السلوكي للحاجات؛ لهذا على القائد الناجح معرفة حاجات مرُؤُوسيه وتفضيلاتهم لنوعية الحوافز، مع التأكيد على أنَّ الحوافز المالية رغم أهميتها، فإنها لا تُشكل الدافع الوحيد للعمل واإانجاز.
ومن بين الوسائل الطيبة لتفعيل الدافعية والحوافز: تحقيق العدالة في التعامل، والحرص على المُشاركة في التخطيط ووضع الأهداف، والتقدير للمُبدعين وأصحاب الإنجاز، وتهيئة الظرُوف المناسبة للعمل؛ بحيث يشعر الفرد بالمتعة أثناء تأديته لواجبات عمله، كوسيلة تدفعه لتحقيق الإبداع والإنجاز وتحقيق الطمُوحات، والشفافية في توفير المعلُومات، وغرس مبدأ ديمقراطية الإدارة ونشر روح الفريق، وتمكين العاملين وإشراكهم في اتخاذ القرارات، والتشجيع المُستمر على التدريب والتأهيل وتنمية القدرات، والعمل على تحقيق الرضا الداخلي في نفوس العاملين؛ من خلال تقديرهم على نتائج جُهُودهم، والعمل على تحقيق أهدافهم وطمُوحاتهم الوظيفية والحياتية.

الأحد، 14 أبريل 2013

قرية سوقة وقرية عمق بولاية قريات


قرية سوقة وقرية عمق من القرى الجبلية الجميلة في ولاية قُريات، تحيط بهما الجبال الشاهقة من جميع الجهات، وطبيعة الأرض فيهما صخرية، ولكن إرادة الإنسان العُماني قد حطمت الصخر، فتجد النخيل بعليائها باسقة والأشجار بخضرتها وارفة والمحاصيل الزراعية بثمارها متنوعة، ترويها مياه الأفلاح التي بنيت على حواف الجبال وبين الصخور الصماء بهندستها الرائعة؛ فتلك هي قوة الفكر الهندسي للإنسان العُماني، الذي وقف أمامه العلم الحديث حائرا في طريقة إنجازه لتلك المشاريع المائية.
قرية سوقة كان يتم الوُصُول إليها إمَّا بالطائرة، أو تسلق الجبال؛ فهُناك طريق يُسمَّى طريق حباسة، وهو ممر جبلي يربط بلدة وادي العربيين بسوقة، ويتمُّ اجتياز هذا الممر سيرا على الأقدام بتسلق الجبل عن طريق حبال وُضِعت لهذا الغرض، عددُها سبعة حبال، وهُناك خدمات تُقدَّم للأهالي عبر الطائرة كنقل المؤن ومستلزمات السكان، وعلاج المرضى عبر الطبيب الطائر، وجميعها تقدم بالمجان.
في السنوات القريبة الماضية، شُق لسوقة طريقٌ ترابي عبر سلسلة من الجبال، من بلدة إسماعية التابعة لولاية دماء والطائيين، وهو شاق ووعر جدا، حتى إنني أذكر رشيد تلك القرية الشيخ حمود بن راشد الربخي، والذي يعد شخصية مجيدة في خدمة قريته، من خلال مُطالبته المُستمرة والمُتواصلة للمُؤسسات الحُكُومية بتوفير الخدمات لسكان تلك القرى، والذي تدهورت به السيارة التي كان يستقلها، وتوفاه الله هو وابنه على هذا الطريق، الذي كان حُلما لهم لوُصُول السيارة إلى عمق قرية سوقة.
قرية عُمق أيضًا يخدمها طريق ترابي يمر عبر الجبال الشاهقة والهضاب الترابية، هُناك مُعاناة يعيشها سُكان تلك القرى فيما يتعلق بتعليم أولادهم، وكذلك فيما يتعلق بالخدمات الصحية؛ فهم يقطعون المسافات من أجل الحُصُول على مُختلف احتياجاتهم من الخدمات.
تلك القرى على الرغم من وعورتها، إلا أنها تتميَّز بمُقومات طبيعية، وتضاريسها تُشكل جذبًا سياحيًّا إذا ما توفرت لها المُقومات المناسبة لذلك؛ فهي من القرى الجاذبة لسياحة المغامرات وتسلق الجبال، إضافة لجودة ثمار نخيلها، خاصة نخلة البونارنجه والبرني. الكتاب الذي أصدرته بعُنوان "قُريات.. ماض عريق وحاضر مشرق" قد تناول تلك القرى بشيء من التفصيل.
إعطاء اهتمام أكثر بتلك القرى الجميلة يُساعد على استقرار سُكانها، واستمرارية العمارة فيها؛ فهُناك الكثير من الأسر اضطرتها الظرُوف إلى هجرة تلك القرى إلى المدن القريبة منها؛ مما قد يتسبب في خسارة الكثير من المزارع القائمة.

الجمعة، 12 أبريل 2013

الأمن المائي

الكلُّ يعلم ما تُشكله المياه من أهمية في حياة الإنسان، والحُكُومة الرشيدة قد أنفقت الأموال الطائلة من أجل توفير هذه الخدمة؛ بهدف توفير الراحة التامة للمواطن في أي مكان من أرض عُمان.
وكُلنا يعلم أنَّ السلطنة من الدول التي أعطتْ جانبَ الإحصاء السكاني الاهتمام الأكبر، الذي يساعد على التخطيط السليم للخدمات في مُختلف المُحافظات والولايات والقرى، ولكن استخدام تلك البيانات والمعلُومات الإحصائية في رسم الخُطط أصبح غائبًا عند بعض الجهات.
الانقطاعات المتكرِّرة للمياه بسبب تعطُّل بعض الشبكات، أو من أجل إجراء الصيانة لبعض المحطات، أو بسبب زيادة الاستهلاك، والتي تداولتها وسائل الإعلام في بعض الولايات، والمُعاناة التي سمعناها للمُواطنين من أجل توفير المياه، واستغلال بعض أصحاب شاحنات المياه في رفع الأسعار، يجعل من الأهمية بمكان إجراء دراسة شاملة لإستراتيجية الأمن المائي في السلطنة.
وُجُود بدائل لتوفير المياه عند حدوث أي أمر طارئ لا سمح الله أصبح مطلبا ملحا في هذا الوقت وللمُستقبل، والهيئة العامة للكهرباء والمياه مطالبة في إعادة النظر في إستراتيجيتها وخططها المُستقبلية، وكذلك لمجلس الشورى الدور المساند في هذا المجال؛ من خلال اللجنة التي شكلها مُؤخرا والمعنية بالأمن المائي والغذائي في السلطنة؛ فالأمر ليس بالبسيط كما يعتقده البعض، فإنه له علاقة مُباشرة بأمن المُواطن والوطن، وكذلك بالاقتصاد؛ فهُناك من المصانع التي تعتمد في إنتاجها على المياه؛ فالمياه عصب الحياة وشريانها.

الخميس، 11 أبريل 2013

إبداع فني

قدَّم تليفزيُون سلطنة عُمان، مساء اليوم، أُنمُوذجا عُمانيا في الإرادة والإبداع وتحقيق الأهداف.. صفية البهلانية فتاة عُمانية تحدَّت الإعاقة في أطراف يدها، فصاغت بتلك اليد أروع اللوحات الفنية، التي تميزت بألوانها البديعة وتصميماتها الرائعة المستوحاة من تاريخ وتراث بلدها.
أقامت صفية معرضها الفني في أحد أرقى فنادق العاصمة مسقط، وحضر معرضها لفيف من الزائرين والمتابعين للحركة الفنية في السلطنة.
كل التحية والتقدير لتليفزيُون سلطنة عُمان على هذه الجُهُود، التي من خلالها تُبث روح التفاؤل والحماس والتحفيز والتشجيع لمثل هؤلاء المُبدعين.
الجمعية العُمانية للفُنُون التشكيلية مُطَالبة أيضًا بجهد أكبر لرعاية هذه الفتاة الموهوبة، التي نتمنى لها كل التوفيق والنجاح في حياتها الإبداعية والفنية.

الخميس، 4 أبريل 2013

توجهات في المسار الصحيح للتخطيط في السلطنة

دَوْر رائد تقوم به الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط بتنظيم زيارات ميدانية للمُحافظات، وعقد لقاءات موسعة مع مُختلف قطاعات المُجتمع. والاستماع لآراء ومُقترحات المُواطنين ومُنظمات المُجتمع المدني وأعضاء مجلس الشورى والمجلس البلدي، ومُختلف المُؤسسات ذات العلاقة، حول الموضُوعات ذات التأثير المباشر على حياة المُواطنين كموضُوع التشغيل، والحماية الاجتماعية، وتطور نظم: التعليم، والصحة، والإسكان، والشباب، ومُحاربة الفقر؛ بهدف إعداد تقرير حول السياسات الاجتماعية في السلطنة، وضمان أن تأتي نتائجه وتوصياته معبرة عن توافق مُجتمعي مما يضمن قابليتها للتنفيذ.
جُهُود مُثمرة في الاتجاه الصحيح للتخطيط في السلطنة؛ فمثل هذه التوجهات تساعد على تلمس احتياجات المُواطنين، وإتاحة الفُرصة لهم للمُشاركة في وضع الخُطط ومعرفة الإمكانات المتاحة؛ مما يجعلهم شركاء في رسم معالم مُستقبلهم مع الحُكُومة؛ الأمر الذي يُؤدي إلى سهولة تنفيذ تلك الخُطط وتعاوُن المُواطنين على نجاحها، كونهم قد شاركوا في إعدادها وتنفيذها.
كل الشكر والثناء للأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط على هذا التوجُّه الحضاري، سائلين المولى العزيز القدير لهم التوفيق.