تعب، وحريمة، ووسال.. قرى جميلة تطل على قرية فنس
التابعة لولاية قُريات، تلك القرى تتميز بتضاريس متباينة وطقس فريد، وتكثر الظباء
والغزلان في فلاة تلك القرى وجبالها، وهي ذات شهرة بزراعة الرمان وأشجار النخيل
كالبرني والبونارنجة، وتتوفر فيها مياه طبيعية تنبع من قمم الجبال الصماء ومجاري
الأودية.
هذه القرى أيضًا يقع بقربها ثالث أكبر الكهوف
الجوفية في العالم، وهو كهف مجلس الجن (خشلة مقندلي)؛ حيث يعتبر من الكهوف العظيمة
والنادرة، وله شهرة عالمية واسعة.
الوُصُول إلى تلك القرى يحتاج إلى جهد وعناء، في
ظل عدم وُجُود طرق مسفلتة تخدمها، قديما كان الوُصُول إليها بالمشي أو الطائرة،
ومن ثمَّ شُق لها طريق ترابي وسط الجبال، وأذكر في شهر أبريل عام 1995م قام بزيارة
قرية تعب نائب رئيس بلدية مسقط السابق الأستاذ حسين سعيد، بهدف معاينة مسار الطريق
الذي يطالب الأهالي بتمهيده، وكان بمعيته سعادة الوالي الشيخ خالد بن أحمد الأغبري،
وعدد من المسؤُولين بالبلدية، وكان لي شرف مُرافقتهم، تلك الزيارة بيَّنت للجميع
مُستوى مُعاناة الأهالي؛ فالمجرِّب والمعايِش ليس كالسامع.
فقد تطلَّب منا قطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام،
وصعود مرتفعات جبلية عالية، ولفترة زمنية طويلة، وما إن وصل الفريق بالقرب من
مساكن القرية إلا وعدد منهم يتساقط، فمنهم من أغمي عليه وفقد الوعي بسبب انخفاض
الضغط بسبب صعود الجبال، ومنهم من كان التعب من نصيبه، ولكن حرصهم على أداء الواجب
لم يُثنِهم عن إكمال المُهمة.
في اليوم التالي، عزَّز هذا الموقف زيارة سعادة
المُهندس رئيس بلدية مسقط السابق للولاية (المهندس عبدالله بن عباس)، والذي أمر بضرُورة مواصلة شق الطريق
الجبلي، وبالفعل استُكْمِل شق الطريق، ولكن لم يُستكمل حتى مركز قرية تعب؛ بسبب أن
هذه القرية عبارة عن بقعة أرض بين جبال شاهقة.
قصة هذه الرحلة كَتبتُ عنها في الصحافة في ذلك
الوقت، وهي مُوثَّقة في كتابي "قُريات.. ماض عريق وحاضر مشرق"، وهدفتُ
من ذلك إلى بيان مدى مُعاناة أهالي تلك القرى الجبلية، وتمسُّكهم بالمكان مهما
كانت تلك الظرُوف، إضافة إلى حرص الحُكُومة الرشيدة على توصيل خدماتها على الرغم
من عوائق الطبيعة وصعوبة التضاريس؛ فالمهم هو الإنسان؛ وذلك هدف أساسي لمسار التنمية
الإنسانية في عُمان.
إعطاء اهتمام أكبر لمثل هذه القرى يعد مطلبا
ضرُوريا، خاصة وأنَّ استثمار الكهف العظيم القريب منها، وتهيئته للسياحة، يُشكل
استثمارًا مهمًّا في السياحة على مُستوى السلطنة والعالم العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.