الاثنين، 22 أبريل 2013

الإدارة المحلية في عُمان من أعرق الأنظمة في العالم

تُؤكد الكثير من الدلائل التاريخية والأثرية للحضارة العُمانية أنَّ السلطنة، ومُنذ التاريخ، أخذت بمبدأ الإدارة المحلية، وتطبيق اللامركزية الإدارية في تنفيذ الأنشطة وتقديم الخدمات والإشراف على المرافق والمشاريع المحلية بكفاءة وفاعلية، وربط تلك الإدارات المحلية بالإستراتيجية العامة للتنمية، والتي تعتمد من قبل السُلطة المركزية، ويتجلى ذلك في نظام الولايات.
هذا الأسلوب الإداري يعد من أعرق الأساليب الإدارية في العالم، ويعود تاريخه إلى القرن الأول الهجري، وقد يكُون أقدم من ذلك بكثير، وقد عمل هذا النظام على تحقيق رغبات واحتياجات وتطلعات المُواطنين، وكان أكثر فاعلية في تحقيق توزيع الوظيفة الإدارية ما بين السُلُطات المركزية ووحداتها الإدارية في الولايات، وله فاعلية في الإشراف والمتابعة المُباشرة وُجودة الأداء.
وعلى مر التاريخ العُماني، شهد هذا النظام العديد من التطوير والتجديد، بما يتناسب مع الظرُوف الجُغرافية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للسلطنة، وواقعها التاريخي والحضاري، وبما ينسجم مع عادات وتقاليد المُجتمع العُماني، والظرُوف الموقفية لتطور الإدارة على المُستوى المحلي والعالمي، وكان لهذا النظام إشراقة عصرية مع بداية النهضة الحديثة في عُمان، بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ وأبقاه.
ويعدُّ التقسيم الإداري للسلطنة إلى مُحافظات وولايات، والذي تم عام 2011م، وكذلك إنشاء المجالس البلدية بالمُحافظات، والتي تضمُّ أعضاءً منتخبين من قبل المُواطنين، هو اتجاه عصري لتحقيق مبدأ المُشاركة المُجتمعية في التخطيط والإدارة الذاتية، وتوسيع نطاق الصلاحيات الإشرافية للمحافظين بالمُحافظات؛ كونهم يمثلون السُلطة التنفيذية، وهو في الوقت ذاته يساعد على تقديم أفضل الخدمات للمُواطنين، والتي تتوافق مع تطلعاتهم واحتياجاتهم، وتتماشى مع واقع التوسع العُمراني والسكاني، وتوجه الحُكُومة بالبعد الإقليمي للتنمية في جميع مُحافظات وولايات السلطنة.
وفي ظل هذا التطوُّر الملحُوظ الذي شهدته السلطنة على المُستوى الإستراتيجي، فإنَّ الوقت قد حان للوزارات الخدمية لأن تتماشى مع هذا التوجه الإستراتيجي للحُكُومة الرشيدة؛ وذلك بنقل الصلاحيات المُرتبطة بخدمات المُواطنين إلى المُحافظات والولايات، فإنَّ هذا التوجه سيُسهم في تحقيق الكفاءة الإدارية في تقديم الخدمات، وتبسيط الإجراءات وسرعة اتخاذ القرارات، وهو في نفس الوقت يُساعد على تخفيف العبء الإداري والمالي، وتوفير الوقت للإدارة المركزية، وعلى رأسهم الوزراء، في وضع السياسات العامة والإستراتيجيات والخُطط بدلًا من انشغالهم بإجراءات روتينية يومية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.