الجمعة، 21 نوفمبر 2014

ألم

أتيتما إلى الدنيا لبُرهة من أجل توديعي وترك ما فيها
الحزن يغلبني.. والذكرى تؤلمني.. ونور وجهيكما لا يفارقني

الخميس، 20 نوفمبر 2014

مشاعر طيبة


العُمانيون يُسطِّرون ملحمة وطنية رائعة بمناسبة يوم النهضة المُباركة والعيد الوطني المجيد.. حفظ الله عُمان وقائدها المفدى.

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

الابتكار في عُمان

العُمانيون مُنذ القدم كان الابتكار ديدنُهم؛ لأن الابتكار لديهم هو من أجل القضاء على ألم الحاجة لشيء يُلبي مُتطلبات الحياة.
فلمَّا استعصى عليهم وُجُود الأنهار في بلادهم، حفروا الآبار، ومدوا سواقي الأفلاج في بطون الأودية وقِمم الجبال، كمنظُومة اجتماعية واقتصادية وزراعية وإدارية تُبهر الألباب.
اخترعوا نظام الزاجرة لرفع مياه الآبار، وهي تقنية مُتقدمة مقارنة بظرُوف زمانهم وإمكانياتهم.
وعِنْدَما واجهوا صلادة الجبال الشاهقة، وعدم توافر الأرض المنبسطة، اخترعوا المدرجات لزراعة ما لذَّ وطاب من أشجار ومزروعات ونباتات؛ فكانت مروج خضراء.
انظُروا إلى مدرجات الجبل الأخضر في داخلية عُمان، وغيرها من المدن والقرى العُمانية؛ فهي تُنبئ بالعلم اليقين.
وعندما استعصتْ عليهم سُبل المواصلات للاتصال والتواصل مع العالم للتبادل المعرفي، لصعوبة التنقل عبر هذه الجبال مترامية الأطراف، ووُجُود السدود الرملية المحيطة بالربع الخالي، اتجهوا نحو البحر فصنعوا السفن، ومخروا عُباب البحر والمحيطات، واكتشفوا العالم الآخر من المحيط، وصنعوا المعدات والآلات التي تُعينهم لتحديد وجهاتهم في هذا البحر الواسع، وللتغلُّب على مشاقه وصعوبات الإبحار عبر شواطئه الممتدة، فنقلوا العلوم وأسَّسوا حضارة، وبنوا علاقات إنسانية يتحدث عنها القاصي والداني في مشرق الأرض ومغربها، وكان لهم مجدٌ يشار إليه بالبنان حتى اليوم.
هَكَذا أيضًا في مجالات: الأدب، واللغة، والفقه، والسياسة، والإدارة، والتجارة والصناعة، وكافة العلوم الاجتماعية والإنسانية والمعرفية؛ فلهم فيها ريادة عظيمة تحتاج إلى تأمل.
كَم نحنُ بحاجة الآن إلى تأصيل ذلك التاريخ في فكر ووجدان جيل هذا اليوم والأجيال القادمة، لا بد من توجه مشترك لكافة أطراف وشركاء التنمية الإنسانية -حُكُومة، قطاعا خاصا، مُنظمات المُجتمع المدني، القطاع الأهلي، مُؤسسات تعليمية وأكاديمية، مفكرين وأدباء وإعلاميين- في بلادنا الغالية من أجل الاهتمام بموضُوع الابتكار لصناعة المُستقبل. ولا يقتصر ذلك على الصناعة فحسب، وإنما يجب أن يشمل مُختلف مجالات علوم المعرفة، بما فيها العلوم الإنسانية.
العالم اليوم في تنافس شديد، وشديد جدا من أجل الوُصُول إلى تحقيق التنمية والاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار كركيزة أساسية للانطلاق نحو المُستقبل بثبات وكفاءة وفاعلية وتميُّز.

رسمة.. مشاعر طفل



زَمان، كانتْ الاختبارات النهائية في المدارس تشمل كلَّ المواد؛ ومنها: مادة الرسم (التربية الفنية).
وأتذكَّر كان المعلِّم يأخذنا إلى الحدائق والمزارع، أي إلى الطبيعة،  لمُمارسة هذا الفن؛ حيث يترك الخيال للطالب للرسم في الطبيعة.
هَذِه الرسومات ضِمن اختبارات المرحلة الابتدائية أو الإعدادية، وجدتها في ملفي المدرسي.
تذكَّروا هي رسُومات طالب وليس رسامًا محترفًا.. إنَّها ذاكرة طفل.

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

أول صُورة


عِندَما أشرقتْ شمسُ النهضة المُباركة في عُمان عام 1970م، انتشرت دُور العلم في كل مكان بسرعة البرق، مدرسة هنا ومدرسة هُناك، المهم هو التعليم، حتى تحت ظل الشجر، أو تحت خيمة من قماش.
فالتعليم كان أهم اهتمامات جلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ- مُنذ بداية عهده المُبارك؛ فهو يقول: لا بد أن يتعلم الجميع ليسعد بهم الوطن.
تهافتتْ الناس كتهافُت الظمآن على الماء، كل واحد منهم متأبِّط ذراع ابنه أو ابنته إلى دُور العلم. لا يتطلَّب التسجيل أيَّ ورقة أو شهادة ميلاد، المهم أن ينجح الطفل في إقناع المعلم أو مدير المدرسة بأنه مؤهل لدُخُول المدرسة.
ولعلَّ الطريقة الوحيدة لتقدير ذلك هي ملامسة يدك اليُمنى لأذنك المعاكسة لها بعد رفعها من أعلى الرأس، وإذا لم تنجح ترى تلك الأم أو الأب يترجَّى ذلك المعلم بأنْ يفعل شيئا من أجل أن يدخُل ذلك الطفل المدرسة. كان هُناك شوقٌ للتعليم بعد ما حُرِم منه الكثير من أبناء عُمان.
قِيل لأبِي: يتطلَّب أخذ صُورة لهذا الطفل ذي الملامح البريئة لملفه الدراسي. أُخِذتْ إلى أوَّل لقاء لي بالكاميرا، جهاز ضخم على شكل صُندُوق مُغطَّى بقماش أسود، وضع في الساحة المفتوحة بالقرب من الحصن، وبالضبط أمام العيادة الصحية القديمة، التي بُنيت في عهد ما قبل النهضة المُباركة (تمَّ إزالتها في أواخر الثمانينيات بعدما بُني مستشفى جديد في مكان جديد).
وُضِعت على كرسيٍّ خشبي أمام تلك الآلة المجهُولة، المسماة العكَّاسة. الخوف يتملَّك قلبي مُتسائلا: ما الذي يحدث؟ كان خيالي متعلقا بالمدرسة. أدخل ذلك الشخص الغريب رأسه في ذلك الثوب الأسود، يُناديني: هيا شوف سيدة قدام، انظر إلى العدسة ولا تفتح فمك، ولا تتحرك. بحماس.. ضَغطتُ على فمي بقوة، وبحلقتْ بنظرة طفولية مُتسمِّرا على ذلك الكرسي، وما إن سمعت نقرة تشغيل الكاميرا.. قيل لي: انتهينا.
بعد دقائق، تسلمنا أول صُورة ضوئية في حياتي. ما هذا؟! إني أبدو جميلا يا أبي، ولكن لِمَ فمي ظهر هكذا؟! تَرَاك ضغطتْ على مزابلك بقوة أيها الطفل المدلل.. ليس هذا مُهمًّا، المهم هيا إلى المدرسة.
درسنا على يدٍ كريمة من المعلمين العُمانيين وغير العُمانيين -جزاهم الله خيرا- في مدرسة من الخيام، كان موقعُها في الساحل مكان ملعب النادي حاليا، ثم انتقلنا بعد فترة بسيطة إلى مدرسة بُنيت بالأسمنت في طوي الجهامي بالمعلاة، وقد ظلَّت تلك المدرسة تُشكل ذاكرة جميلة لكثير من جيلي، حتى تمت إزالتها قبل سنوات، لتصبح أرضًا فضاء بلا ذاكرة.
ومُنذ ذلك اليوم، الذي أُخذِت فيه أول صُورة لي، أصبحتْ تلك اللحظات الجميلة لا تفارقني؛ الأمر الذي أدَّى إلى تعلقي بصديقة اسمها كاميرا التصوير.
هَكَذا إذن تبدُو صُورتي الأولى في ملفِّي الدراسي، عند دُخُولي أول مدرسة في بلدي، مع بداية العهد الجديد في عُمان، التي اسمها مدرسة راشد بن الوليد في ولاية قُريات.

السبت، 8 نوفمبر 2014

قائد حكيم




"إنَّ أرض عُمان وأهلها في القلب والخاطر".
اللَّهم لك الحمد والشكر بأنْ أنعمتَ علينا بقائد حكيم، جعل من عُمان دولة عصرية، تتفيأ ظلال المجد والعزة والفخار.
مسيرة النهضة المُباركة تحت قيادته الحكيمة تخطو خطوات مُتواصلة بثبات نحو مُستقبل مشرق بإذن الله.

شكرًا

بالأمس، كُنت في جامع السلطان قابُوس الأكبر، وكان من بين الحاضرين سعادة السفير الإيراني، كان ودودًا يتحدَّث العربية بطلاقة.
سألتُه: لمَ أنت هُنا؟ أجابني: جئتُ لكي أسجد سجدة شكر وأدعو لجلالة السلطان مع إخواني العُمانيين.
وعبَّر عن محبَّته لعُمان وجلالة السلطان، وكان مُمتنًّا لدور جلالة السلطان في تحقيق السلام في العالم. كل الشكر لسعادة السفير على هذه المشاعر الطيبة.

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

إنها فعلا فرحة وطن

مساء يوم الثلاثاء الماضي، الرابع من نوفمبر المجيد، كُنت مُستغرقا في قراءة مُتواصلة لساعات متأخرة من الليل، لكتاب خطب حضرة صاحب الجلالة السلطان قابُوس بن سعيد المُعظم، الصادر عن وزارة الإعلام؛ وذلك بهدف مُراجعة اقتباسات وومضات من خطب جلالته، ضمَّنتها في كتاب صدر لي عام 2013م بعُنوان "ملامح من تطوُّر النظام الإداري في سلطنة عُمان"؛ حيث أفردتُ فصلًا في هذا الكتاب أسميته "ومضات إدارية من النطق السامي لجلالة السلطان قابُوس بن سعيد المُعظم"، حاولتُ فيه تقصِّي بعض المفاهيم الإدارية ضمن كلمات جلالة السلطان المُعظم، وكذلك ما يتعلَّق بتطوُّر النظام الإداري في السلطنة، الذي يعد أحد المُرتكزات الأساسية للتنمية في سلطنة عُمان، وأعمل حاليا على إصدار هذا الكتاب من جديد مع بداية العام المقبل، إذا أسعفتنا ظرُوف الحياة وكان للعمر بقية.
تأمَّلتُ كثيرا في خُطب جلالة السلطان المُعظم؛ فالقارئ لها يُمكنه أن يتابع نهضة عُمان الحديثة في مجالاتها المُتعددة مُنذ تأسيسها في العام 1970م وحتى اليوم، وهي أيضًا تنبضُ بإحساس القائد الملهم والمخلِّص لوطنه وشعبه وأمته، وتؤكِّد على وضوح الرؤية لجلالة السلطان المُعظم، وعمق رسالته، وصدق أهدافه للبناء والتنمية والرقي بالإنسان وتعظيم قدرات دولته.
والمُتمعِّن في عبارات تلك الخطب، يستنتج أنَّ جلالة السلطان المُعظم كان ولا يزال يمتلك نظرة مُستقبلية لعُمان مُنذ بداية عهده، وتلك النظرة لها أبعادٌ إستراتيجية لا يُمكن صياغتها إلا من قبل قائد حاذق، صاحب فكر سياسي واجتماعي واقتصادي، وقد استوعبَ مُجمل القضايا والأوضاع المحيطة بالدولة داخليا وخارجيا؛ سواءً كانت سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية.
بعدما انتهيت من قراءة ذلك الكتاب، كتبتُ مقالا مُتواضعا عبَّرت فيه عن أهم السمات الإنسانية في خطب جلالة السلطان المُعظم عندما يُخاطب شعبه بأرقى العبارات والكلمات، وتطرَّقت أيضًا إلى مشاعر الفرح التي عمَّت عُمان من أقصاها إلى أقصاها بعد تناقُل خبر توليه مقاليد الحكم في الثالث والعشرين من يوليو المجيد عام 1970م.
وأشرتُ إلى الجُهُود الكبيرة، والمشاق والظرُوف الصعبة التي تحملها جلالة السلطان في بداية عهده؛ من أجل نشر خيرات التنمية وسعادة الإنسان العُماني، مُتسلِّحا بعزيمة وإصرار لكي يحقق النجاح رغم كل العراقيل والعقبات، وبتلاحُم صادق من قبل شعبه الوفي. كما انتابتني بعض مشاعر الاشتياق والقلق مصحُوبة بأمل مشرق، فسردتُها في جُمل نثرية، وتجدون ذلك المقال وتلك الجمل النثرية منشورة في هذه الصفحة في نفس يوم كتابتها.
باشرتُ عملي في صباح اليوم التالي كواحدٍ من أبناء هذا الوطن، كُنت مُستغرقا في ذلك الصباح البهيِّ في إنجاز المهام بكلِّ مشاعر الحب والولاء، وفجأة وإذا بالاتصالات تنهالُ من كلِّ مكان يُبشِّرون بخبر سعيد. لا أستطيع وصف تلك المشاعر الإنسانية التي شاهدتها من قبل العُمانيين وغير العُمانيين، حين بثَّت وسائل الإعلام خطابَ جلالة السلطان المُعظم، الجميع كان مُتسمِّرا لسماع كلمة بعد كلمة، وقلوب الجميع تنبض مسرعة كأنه ضخ فيها الدم من جديد.
خرجتُ من العمل، وإذا الشوارع مليئة بمسيرات الفرح، لا تجد شخصًا في الشارع إلا والابتسامة تملأ محيَّاه، مشاعر لقاء أب بأولاده بعد غياب. يُبهرك ذلك الطفل ذو السبع السنوات، الذي يستوقفك ليهديك علما أو صُورة لصاحب الجلالة، وعندما تسأله: لماذا هذا؟ يرد عليك: بابا قابُوس بخير، وطلعت صُورته في التليفزيُون. تفخَر كثيرا بجيل هذا اليوم وهم يخرجون من صفوفهم بعد سماعهم الخبر من أجل أداء سجدة شكر، والقيام بتأدية تحية العلم وترديد السلام السلطاني.
ما تسمعُه من كلمات مُعبِّرة من قبل الناس في حق جلالة السلطان يجعلك تبكي، خاصة من كبار السن الذين عايشوا سنوات ما قبل النهضة المُباركة وما بعدها، وأدركًوا قيمة النعمة التي يعيشها الجميع اليوم، مُقارنة بأيام صعبة وحالكة، يقول أحدهم: يا ولدي، لم نعرف طعم الراحة إلا في عهد جلالة السلطان، مدارس في كل مكان، مستشفيات عديدة، شوارع فسيحة تربط عُمان من أولها إلى آخرها، وسائل اتصالات للجميع، الكهرباء والمياه في كل منزل، مساعدات للفقراء والمحتاجين... وغيرها الكثير من الخدمات، وقبل كل شيء تحقيق العدل والأمن والأمان والاستقرار المُجتمعي، وهذا كل شيء في الحياة.
جميعُ المصلِّين في مساجد عُمان وجوامعها يُؤدون سجدة شكر لصحة جلالة السلطان، وترتجُّ تلك الجوامع بكلمة "آمين" بعد قراءة الدعاء لجلالة السلطان من قبل أئمة المساجد، وآلاف الذبائح نُحِرت من أجل رؤية جلالة السلطان بصحة وعافية.
على ماذا يدلُّ هذا؟ إنَّه الحب والتقدير والاحترام الذي يُكنه أهل عُمان الكرام الأوفياء لقائدهم وباني مجدهم؛ فقد أحبهم وأحبوه، وقدَّرهم وقدروه، ويُدرك العُمانيون تماما أن جلالة السلطان هو صِمام أمان لوحدة الصف، وترسيخ مبادئ وقيم الوحدة الوطنية والاجتماعية في عُمان.
هذه المشاعر السعيدة لم تقتصر على من يعيش على هذه الأرض الطيبة، بل تعدت حدود الوطن؛ فالعالم قد تفاعل مع الحدث إيجابيا، خاصة من قبل الأشقاء في دُول مجلس التعاوُن الخليجي والدول العربية المُختلفة، وهذا يعدُّ كرمًا منهم لما يكِنُّونه من تقدير لعُمان وقائدها المفدى.
فعُمان مُنذ بداية عهدها الجديد دولة ترتكز دوما على قيم العدل والسلام والمحبة في سياستها الخارجية، القائمة على الوضوح والحكمة والتعقل والهدوء والاتزان، وتتمني الخير للجميع، كما تبني مواقفها دائما بواقعية وحياد. لهذا؛ فعندما تنظر إلى خارطة العالم اليوم لا تجد دولة إلا وهي تربطها بعُمان علاقة محبة وصداقة واحترام متبادل.
الطلاب العُمانيون في الخارج لهم وقفة رائعة أيضا؛ فجميع وسائل التواصل الاجتماعي بثَّت مشاعرهم الصادقة بالفرح والسرور وتجديد الولاء لوطنهم وقائدهم، هكذا هم أبناء عُمان المخلصين دوما كِراما أوفياء.
خِطَاب جلالة السلطان المُعظم، يوم الأربعاء الماضي، مُدته أربع دقائق، لكنه حرَّك مشاعر ما يُقارب من أربعة ملايين من البشر على أرضها الطيبة، استطاعَ جلالة السلطان أنْ يمتلك قلوب شعبه بحكمة واقتدار، وبما حقَّقه من مُنجزات عظيمة شملتْ مُختلف جوانب التنمية الإنسانية في جميع ربوع عُمان، فقد استنهضَ الهِمم وحشد الطاقات، لأجل بناء دولة عصرية، ومن أجل راحة وكرامة الإنسان.. إنَّها فعلا فرحة وطن.

الثلاثاء، 4 نوفمبر 2014

يوم مجيد

قبل انتشارِ وسائل الاتصال الحديثة التي نَنْعم بها هذا الزمان، كانت الوسيلة الوحيدة للاتصال هي البرقية، والبرقية: عبارة عن جهاز لاسلكي يربط مكاتب الولاة في مُختلف ولايات السلطنة بالرئاسة وبمركز الإدارة في العاصمة مسقط، ويطلق على الذي يعمل على هذا الجهاز السحري "مخابر البرقية"؛ فهو يتولى إرسال واستقبال الرسائل عبر هذا الجهاز، وعادة ما تكُون عباراتها مختصرة، وفيها أيضًا بعض الرسائل المشفَّرة، وأوراق البرقية لها طابع خاص وتقسيمات محددة، ولها لون خاص أيضًا يميزها.
عَبْر هذا الجهاز بُثَّ وانتشر خبر تولي جلالة السلطان المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه، ومتعه بالصحة والعافية- مقاليد الحكم في السلطنة يوم الثالث والعشرين من يوليو المجيد عام 1970م، زُفَّ هذا الخبر عبر مكاتب الولاة، ومن ثمَّ انتشر الخبر في جميع القرى والبلدان عبر الرسائل المكتوبة والشفهية.
عمَّت حينها الفرحة جميع أرجاء عُمان من أقصاها إلى أقصاها، استبشارا بعهد جديد، وانطلق الجميع في عفوية للاحتفال بهذا اليوم السعيد؛ فأُقيمت الأفراح وأُطلقت المدافع، وهزَّت السماء طلقات البنادق فرحًا وغِبطة من قبل جميع المُواطنين، واستمرَّت الأفراح أيامًا عديدة أمام الحصن في كل ولاية.
تلهَّف الجميع للقاء القائد والاستماع إليه للتعرُّف على مُستقبل البلاد؛ فخاطبهم بكلمات بدأها: "إني أعدكم".. كَمْ لهذه الكلمة من تأثير على النفس، وما تحمله من دلالات عظيمة على حكمة القيادة. لم يقل: عليكم، أو أفرض عليكم، بل قال: "إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ بأسرع ما يمكن أن أجعل الحُكُومة عصرية". ويضيف جلالته في نفس الخطاب: "سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمُستقبل أفضل".
فِي خطاب جلالته الثاني بعد توليه زمام الأمور في السلطنة، عند وُصُوله إلى مسقط العامرة قادِما من صلالة المجد، افتَتَح خطابه أيضًا بقوله: "إننا نُعَاهدكم بأنَّنا سنقوم بواجبنا تجاه شعب وطننا العزيز". داعيا جلالته بضرُورة التعاوُن بين الحُكُومة والشعب، مُشبِّها جلالته ذلك التعاوُن كالجسد الواحد إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلَّت بقية الأجزاء في ذلك الجسد.. هكذا هُم القادة العظماء، يحملون دوما رسالة ورؤية تجاه تحمل المسؤُولية تجاه شعوبهم.
المُتمعِّن والقارئ لخطب جلالة السلطان المُعظم، يجد أنَّ جلالته دائما يُخاطب شعبه بكلمات راقية: "شعبنا العزيز"، "شعبنا الكريم"، "أيها المُواطنون"، "أيها الإخوة المُواطنون"، "أيها الإخوة الكرام"، "أيها المُواطنون الأعزاء"، "أيها الشعب الأبي"، "أيها المُواطنون الكرام".. تلك الافتتاحيات لها دلالة على تقدير وحب جلالته للمُواطنين.
تواصلتْ خُطب جلالة السلطان المُعظم في مناسبات عدة، يرسم من خلالها رؤيته الحكيمة لمسار التنمية في السلطنة، ومن ثمَّ تعمل الحُكُومة بتعاوُن وجُهُود مشتركة مع كافة شركاء التنمية على تحويلها إلى إستراتيجيات وبرامج وخطط ومشاريع تنموية شملتْ كافة المجالات: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية.
وعِنْدَما نتأمَّل في إنجازات النهضة المُباركة مُنذ العام 1970م، التي عمادُها ومحورُها الإنسان العُماني صناعة وصياغة، نجد أنها مرت بمراحل مُختلفة من التطوير والتجديد، وفي إطار من التدرج المنطقي والعقلاني، الذي يراعي ظرُوف الزمان وواقع المُجتمع وثوابته الراسخة، ومُعطيات الحاضر والرؤية المُستقبلية للتنمية، مع الحفاظ على مُرتكزات وإنجازات الماضي والتراث العُماني العريق.
عَمل جلالة السلطان المُعظم بإخلاصٍ وتفانٍ وصبرٍ من أجل خدمة عُمان وأهلها الكرام، والمُتمعِّن في المشاهد والصور لجولات جلالة السلطان المُعظم في الولايات العُمانية، مُنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، ليبُهره ذلك الجهد والمُثابرة والتفاني والتضحية، التي قام بها جلالته من أجل نشر خيرات التنمية في جميع ربوع عُمان، فتجد جلالته ينتقل من مكان إلى آخر من أجل سعادة الإنسان العُماني، رغم صُعوبة التضاريس في ذلك الزمان، لعدم توافر الطرق كما هي عليه اليوم، وقد وعد جلالته شعبه فوفَّى.
هكذا.. وتتواصل مسيرة التنمية الإنسانية في عُمان بثبات؛ فهي ترتكز دوما على تحقيق السلام في توجيه سياستها الداخلية والخارجية؛ لتدخل مرحلة جديدة من البناء والتطوير والتجديد لدولة حديثة وعصرية.
وهي تقفُ اليوم بشموخٍ وكبرياءٍ لمواجهة كافة التحديات؛ وذلك من خلال جُهُود مُتواصلة، ورؤية واضحة، ورسالة سامية، وغايات وأهداف نبيلة لخدمة هذه الأمة؛ من أجل مُستقبل مشرق لأبناء عُمان، وبناء تنمية شاملة تواكب العصر الذي يعيشون فيه.
ومِنَ الواجب الوطني في هذه المرحلة الحالية والمُستقبلية: بذل المزيد من الجهد والعطاء، والعمل الجاد، والمُثابرة والإخلاص والصبر؛ من أجل خدمة ونهضة عُمان؛ وذلك من خلال تلاحم قوي بين كافة أطراف صناعة التنمية الإنسانية، وبإرادة راسخة، وعزم أكيد، وهِمَّة عالية من قبل جميع أبناء هذا الوطن العزيز؛ بهدف تحقيق المزيد من التقدم والرخاء والنماء والإنجازات المشرقة للتنمية المُستدامة في ظل قيادتنا الحكيمة.
فَرَعَى الله مسيرة النهضة المُباركة، وكل عام وعُمان وقائدها المفدى بألف خير.

مشاعر من القلب

سيسطع نور شمسك الكون بهاء...
وستمتد خيراتك كل شبر من الأرض عطاء...
وستتفيأ الأنفس السماكين فرحا...
وستلهج القلوب المشتاقة حمدا...
وستتكحلُ العيون بنور وجهك بهجة...
وسترفع الأكف إلى السماء شكرا...
وسيبقى العهد والوفاء متواصلا...
وستستمر إنجازات عهدك وعدا...
وستهفو الطيور إلى أعشاشها شوقا...
وسيستمع الكون إلى كلماتكم عزا...
وستفتح السماء بخيراتها استجابة...
وسيكتب عهدكم بمداد الأرض تبرا...
وسترفرف راية مجدك في العلياء خفاقة...
وسيحل العالم في بلادي كرما...
وسيبقى السلام في مُجتمعنا راسخا...
وستتواصل المسيرة إلى الأمام مؤكدا...
وسينهل المخلصون من معين فكركم حبا...
وسيسود التوازن في الحياة دوما...
وستلهث القلوب بحبك الأبدي زمانا...
وسينشد الأطفال بحبك الأبوي نشيدا...
وسترفع هامات الرجال إلى العلياء فخرا...
وسيصنع شباب عهدكم المُستقبل مؤكدا...
وسيبتهل الجميع إلى المولى تضرعا...
بأن يحفظ الرب من في القلوب قد سكن.