الثلاثاء، 11 نوفمبر 2014

الابتكار في عُمان

العُمانيون مُنذ القدم كان الابتكار ديدنُهم؛ لأن الابتكار لديهم هو من أجل القضاء على ألم الحاجة لشيء يُلبي مُتطلبات الحياة.
فلمَّا استعصى عليهم وُجُود الأنهار في بلادهم، حفروا الآبار، ومدوا سواقي الأفلاج في بطون الأودية وقِمم الجبال، كمنظُومة اجتماعية واقتصادية وزراعية وإدارية تُبهر الألباب.
اخترعوا نظام الزاجرة لرفع مياه الآبار، وهي تقنية مُتقدمة مقارنة بظرُوف زمانهم وإمكانياتهم.
وعِنْدَما واجهوا صلادة الجبال الشاهقة، وعدم توافر الأرض المنبسطة، اخترعوا المدرجات لزراعة ما لذَّ وطاب من أشجار ومزروعات ونباتات؛ فكانت مروج خضراء.
انظُروا إلى مدرجات الجبل الأخضر في داخلية عُمان، وغيرها من المدن والقرى العُمانية؛ فهي تُنبئ بالعلم اليقين.
وعندما استعصتْ عليهم سُبل المواصلات للاتصال والتواصل مع العالم للتبادل المعرفي، لصعوبة التنقل عبر هذه الجبال مترامية الأطراف، ووُجُود السدود الرملية المحيطة بالربع الخالي، اتجهوا نحو البحر فصنعوا السفن، ومخروا عُباب البحر والمحيطات، واكتشفوا العالم الآخر من المحيط، وصنعوا المعدات والآلات التي تُعينهم لتحديد وجهاتهم في هذا البحر الواسع، وللتغلُّب على مشاقه وصعوبات الإبحار عبر شواطئه الممتدة، فنقلوا العلوم وأسَّسوا حضارة، وبنوا علاقات إنسانية يتحدث عنها القاصي والداني في مشرق الأرض ومغربها، وكان لهم مجدٌ يشار إليه بالبنان حتى اليوم.
هَكَذا أيضًا في مجالات: الأدب، واللغة، والفقه، والسياسة، والإدارة، والتجارة والصناعة، وكافة العلوم الاجتماعية والإنسانية والمعرفية؛ فلهم فيها ريادة عظيمة تحتاج إلى تأمل.
كَم نحنُ بحاجة الآن إلى تأصيل ذلك التاريخ في فكر ووجدان جيل هذا اليوم والأجيال القادمة، لا بد من توجه مشترك لكافة أطراف وشركاء التنمية الإنسانية -حُكُومة، قطاعا خاصا، مُنظمات المُجتمع المدني، القطاع الأهلي، مُؤسسات تعليمية وأكاديمية، مفكرين وأدباء وإعلاميين- في بلادنا الغالية من أجل الاهتمام بموضُوع الابتكار لصناعة المُستقبل. ولا يقتصر ذلك على الصناعة فحسب، وإنما يجب أن يشمل مُختلف مجالات علوم المعرفة، بما فيها العلوم الإنسانية.
العالم اليوم في تنافس شديد، وشديد جدا من أجل الوُصُول إلى تحقيق التنمية والاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار كركيزة أساسية للانطلاق نحو المُستقبل بثبات وكفاءة وفاعلية وتميُّز.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.