عَبْر هذا الجهاز بُثَّ وانتشر خبر تولي جلالة
السلطان المُعظم -حفظه اللهُ ورعاه، ومتعه بالصحة والعافية- مقاليد الحكم في
السلطنة يوم الثالث والعشرين من يوليو المجيد عام 1970م، زُفَّ هذا الخبر عبر
مكاتب الولاة، ومن ثمَّ انتشر الخبر في جميع القرى والبلدان عبر الرسائل المكتوبة
والشفهية.
عمَّت حينها الفرحة جميع أرجاء عُمان من أقصاها
إلى أقصاها، استبشارا بعهد جديد، وانطلق الجميع في عفوية للاحتفال بهذا اليوم
السعيد؛ فأُقيمت الأفراح وأُطلقت المدافع، وهزَّت السماء طلقات البنادق فرحًا وغِبطة
من قبل جميع المُواطنين، واستمرَّت الأفراح أيامًا عديدة أمام الحصن في كل ولاية.
تلهَّف الجميع للقاء القائد والاستماع إليه للتعرُّف
على مُستقبل البلاد؛ فخاطبهم بكلمات بدأها: "إني أعدكم".. كَمْ لهذه
الكلمة من تأثير على النفس، وما تحمله من دلالات عظيمة على حكمة القيادة. لم يقل:
عليكم، أو أفرض عليكم، بل قال: "إني أعدكم أول ما أفرضه على نفسي أن أبدأ
بأسرع ما يمكن أن أجعل الحُكُومة عصرية". ويضيف جلالته في نفس الخطاب: "سأعمل
بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمُستقبل أفضل".
فِي خطاب جلالته الثاني بعد توليه زمام الأمور في
السلطنة، عند وُصُوله إلى مسقط العامرة قادِما من صلالة المجد، افتَتَح خطابه
أيضًا بقوله: "إننا نُعَاهدكم بأنَّنا سنقوم بواجبنا تجاه شعب وطننا العزيز".
داعيا جلالته بضرُورة التعاوُن بين الحُكُومة والشعب، مُشبِّها جلالته ذلك
التعاوُن كالجسد الواحد إذا لم يقم عضو منه بواجبه اختلَّت بقية الأجزاء في ذلك
الجسد.. هكذا هُم القادة العظماء، يحملون دوما رسالة ورؤية تجاه تحمل المسؤُولية
تجاه شعوبهم.
المُتمعِّن والقارئ لخطب جلالة السلطان المُعظم، يجد
أنَّ جلالته دائما يُخاطب شعبه بكلمات راقية: "شعبنا العزيز"، "شعبنا
الكريم"، "أيها المُواطنون"، "أيها الإخوة المُواطنون"، "أيها
الإخوة الكرام"، "أيها المُواطنون الأعزاء"، "أيها الشعب
الأبي"، "أيها المُواطنون الكرام".. تلك الافتتاحيات لها دلالة على
تقدير وحب جلالته للمُواطنين.
تواصلتْ خُطب جلالة السلطان المُعظم في مناسبات
عدة، يرسم من خلالها رؤيته الحكيمة لمسار التنمية في السلطنة، ومن ثمَّ تعمل
الحُكُومة بتعاوُن وجُهُود مشتركة مع كافة شركاء التنمية على تحويلها إلى
إستراتيجيات وبرامج وخطط ومشاريع تنموية شملتْ كافة المجالات: السياسية، والاقتصادية،
والاجتماعية، والإنسانية.
وعِنْدَما نتأمَّل في إنجازات النهضة المُباركة
مُنذ العام 1970م، التي عمادُها ومحورُها الإنسان العُماني صناعة وصياغة، نجد أنها
مرت بمراحل مُختلفة من التطوير والتجديد، وفي إطار من التدرج المنطقي والعقلاني،
الذي يراعي ظرُوف الزمان وواقع المُجتمع وثوابته الراسخة، ومُعطيات الحاضر والرؤية
المُستقبلية للتنمية، مع الحفاظ على مُرتكزات وإنجازات الماضي والتراث العُماني
العريق.
عَمل جلالة السلطان المُعظم بإخلاصٍ وتفانٍ وصبرٍ
من أجل خدمة عُمان وأهلها الكرام، والمُتمعِّن في المشاهد والصور لجولات جلالة
السلطان المُعظم في الولايات العُمانية، مُنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي، ليبُهره
ذلك الجهد والمُثابرة والتفاني والتضحية، التي قام بها جلالته من أجل نشر خيرات
التنمية في جميع ربوع عُمان، فتجد جلالته ينتقل من مكان إلى آخر من أجل سعادة
الإنسان العُماني، رغم صُعوبة التضاريس في ذلك الزمان، لعدم توافر الطرق كما هي
عليه اليوم، وقد وعد جلالته شعبه فوفَّى.
هكذا.. وتتواصل مسيرة التنمية الإنسانية في عُمان
بثبات؛ فهي ترتكز دوما على تحقيق السلام في توجيه سياستها الداخلية والخارجية؛ لتدخل
مرحلة جديدة من البناء والتطوير والتجديد لدولة حديثة وعصرية.
وهي تقفُ اليوم بشموخٍ وكبرياءٍ لمواجهة كافة
التحديات؛ وذلك من خلال جُهُود مُتواصلة، ورؤية واضحة، ورسالة سامية، وغايات
وأهداف نبيلة لخدمة هذه الأمة؛ من أجل مُستقبل مشرق لأبناء عُمان، وبناء تنمية
شاملة تواكب العصر الذي يعيشون فيه.
ومِنَ الواجب الوطني في هذه المرحلة الحالية
والمُستقبلية: بذل المزيد من الجهد والعطاء، والعمل الجاد، والمُثابرة والإخلاص
والصبر؛ من أجل خدمة ونهضة عُمان؛ وذلك من خلال تلاحم قوي بين كافة أطراف صناعة
التنمية الإنسانية، وبإرادة راسخة، وعزم أكيد، وهِمَّة عالية من قبل جميع أبناء
هذا الوطن العزيز؛ بهدف تحقيق المزيد من التقدم والرخاء والنماء والإنجازات
المشرقة للتنمية المُستدامة في ظل قيادتنا الحكيمة.
فَرَعَى الله مسيرة النهضة المُباركة، وكل عام
وعُمان وقائدها المفدى بألف خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.