الخميس، 28 مارس 2019

ذَاكِرَة سِدرَة


هَذِه سِدرَة طِوي الصّبَاري، ذَاكِرَة طَبيعِيَّة، وشَاهِدة عَلى العَصْر، يَصِل عُمرُها إلى أَكثَر مِن مِائتَي سَنة.. عَامِرة بالذِّكرَيَات الجَمِيلة، كَانَت مُلتقًى اجتمَاعيًّا فِي الأَفْرَاح والأَتْرَاح.. أَغصَانُها مُعسكَلة (مَلِيئَة بالثِّمار) بالنَّبق، تَجِده مَنثُورا عَلى حَوَافّ ظِلَالِها الوَارِفة، مُنتَظِرة الكِبَار والأَطفَال بقَفرِهم وزَبلانِهم ليَحصُدُوا خَيْرَاتِها، لَكن قَد تَغيَّرت الظُّرُوف والأَحوَال عَلَى مَدَى تَعاقُب الأيَّام.. عَلَى الرَّغم مِن هَذَا العُمر الطَّويل لهَذِه الشَّجرَة؛ لا تَزَال خَضرَاء، وعَلَى الرَّغم مِن تَوقُّف مَتْح المِيَاه مِن طِوي الصّباري؛ فهِي صَابِرة دُونَ مَاء.. هَكَذا هِي السِّدرة فِي عُمان شَجَرة كَرِيمة، حتَّى وإنْ قَسَى عَليهَا الزَّمَان.

الأربعاء، 27 مارس 2019

صَفَاء الكَوْن

الغَيبَة المُعكِّرة لصَفو الحَيَاة صِفَة ذَمِيمَة.. «هِي صَحِيفَتُك فامْلَأهَا بِمَا شِئْت».

تَجلِّيَات الغُرُوب

 

سِدرَة مَسْجِد السَّعِيدِي

هَذِه سِدرَة مَسْجِد السَّعِيدي، ذَاكِرَة السُّوق القَدِيم.. كَانَت مَناخَ قَوَافِل الجِمَال، المُحمَّلَة بالبُسُور والتُّمُور، بَعْد رِحْلَة شَاقَّة وطَويلَة مِن دَاخِليَّة وشَرقِيَّة عُمان عَبْر طَرِيق وَادِي ضِيقَة العَظِيم وجَبَل الأسوَد الأَشَم.. كَان السُّوق القَدِيم تُحِيط بِه أشجارُ السِّدر والغَاف وتَتوسَّطه شَجَرة صَبَّارة عَظِيمة، هِي مَحطَّة للمُسَافِرين والسَّفَافِير، وكَذَلِك لجِمَالِهم وحَمِيرِهم، تَحتَضنهُم بحِنيَّة مِن صَقِيع البَرد ولَهِيب الشَّمس.. كَانَت هُنَاك سِدرَة عَظِيمَة فِي الجَانِب الشَّرقِي مِن السُّوق، عُلِّق فِي رُكنَة مِنهَا مَيزَانٌ كَبِير يُسمُّونه القفان، كَانت تُوزَن فِيهِ التُّمُور والبُسُور قَبل تَصْدِيرهَا إلى الهِند وأمرِيكَا وسَائِر البلدَان.. لَم يَبقَ مِن تِلكَ الأشجَار وَارِفة الظِّلَال إلَّا هَذِه السِّدرة اليَتيمَة، المُنَزوِيَة عَلَى جَانِب مِن السُّوق القَدِيم.

مِن تُرَاثِنا الطَّبيعِي

يَتكرَّر اسمُ «السَّلِيل» و«سِيْح السَّلَم» فِي العَدِيد مِن وُلَايَات السَّلطَنة، فمَا دَلَالَات تِلكَ الأَسمَاء؟
كَانَ العُمانيُّون يُطلِقون عَلى الأَمْكِنة التي تَكثُر فِيهَا أَشجَار السَّمُر، وكَذَلك عَلى الأَمْكِنَة التِي يَسيِل فِيهَا مَاء المَطَر بالسَّليل، وَهِي كَلِمة عَرَبيَّة فَصِيحَة.. وسِيح السَّلَم، هُو أيضًا المَكَان الوَاسِع الذي تَكثُر فِيهِ أَشجَار السَّلَم المَعرُوفة.
وأَزهَار شَجَر السَّمَر والسَّلَم تُسمَّى عِندَنَا فِي عُمان بالبَرَم، ومِنهَا اشتُقَّ اسم عَسل البَرَم المَشهُور فِي عُمان بجَوْدَتِه وفَاعِليَّته الطِّبيَّة؛ لأنَّ عَسَل الطويقِي يَستَقِي رَحِيقَه مِن أَزهَار وأَنوَار شَجَرة السَّمُر والسَّلَم.

الثلاثاء، 26 مارس 2019

الصّيغَة.. مِن تُرَاثِنا القَدِيم


كَانَتْ الحُلي الفِضيَّة لَهَا مَكَانَة فِي زِينَة المَرْأة العُمانيَّة.

الفرْم

يَنتَقِيهَا الصَّيَاد بعِنَايَة فَائقَة، يَختَار تِلكَ الحجَارَة المُدوَّرة المُسمَّاة بالفرْم، المُزدَانَة بخُطُوط الزَّمن وتَشكِيلَات الطَّبيعَة.. يُحزمهَا فِي خَيْط رَفِيع يُسمَّى بالزَّانة، تَتدَّلى مِنهَا إِبرَة مَعكُوفة تُعرَف بالمجدَار.. يُنزِلهَا فِي مَاء البَحر وفِي بَالِه صَيْد سَمَكة، فتَنصل الحَصَاة، وتَنصل إلى العُمق، يَهُز الخَيْط بهَزَّة خَفِيفة، فتُودَع الحَصاة ذَلِك الخَيْط، لتستقرَّ فِي عُمقِ البَحر، فَتحتضِنها كَائنَات البَحر، فتَنَام هُناك إلى الأَبَد.

عِندَمَا يَمُوت الشَّجَر وَاقفًا

إِذَا مَا جَفَّت أَغْصَان الشَّجَر، اهتَّزتْ الأَرْض، وبَكَت الكَائِنَات حُزنَا.

الاثنين، 25 مارس 2019

"أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ"

كَلِمَة شُكر

تَحيَّة لوَزَارة الشُّؤون الرِّياضيَّة عَلى تَشجِيعِها واهتِمَامِها بالقِطَاع الثقافيِّ والمَسرَحيِّ عَلى مُستَوى أَندِيَة السَّلطَنة.. وتَحيَّة شُكر واعتِزَاز لطَاقَم مَسرَحيَّة «الخبَّاز» عَلى العَرْض الجَمِيل الذي قدَّمُوه، وقَد سَعِدتُ جِدًّا بتَفاعُل الجُمهُور مَع هَكَذا نَشَاط.

السبت، 23 مارس 2019

رَامُوه

كَتبتْ جَرِيدَة هِنديَّة عَن قِصَة رَامُوه، الذِي قَدِم إلى عُمان مَعَ بِدَاية السَّبعينيَّات، وعَاش فِي قُريَّات وفَتَح فِي سُوقِها القدَيِم مَطعَمًا، كَان بمَثَابة مُلتقى اجتِمَاعي للكِبَار والشَّبَاب، وكَذَلِك هُو مُنتَدى ثَقَافِي بمَفهُوم ذَلِك الزَّمَان.
كَان رَجُلًا مُتَواضِعًا وخَدُومًا للنَّاس، وسَعَى بجدٍّ فِي نَقل ثَقَافة بِلَاده وطَعَامِها إلينَا؛ فمِن خِلَالِه تعرَّفنا على الكَثِير مِن المَأكُولات الهِنديَّة.. ظلَّ اسمُ رَامُوه عَلَامة تِجَاريَّة غَيْر مُسجَّلة؛ تُتَدَاول عَلى الألسُن؛ فهِي مُرتَبطَة بذَلِك المَكَان، حتَّى بَعد مُغَادرتِه عُمان في التِّسعينيَّات ظلَّ اسمُه مُتدَاولًا لعُنوَان مَطعَمه.
رَامُوه غَادَر هَذِه الحَيَاة مُنذ سَنَوات كَما وَصَلني، إلا أنَّ ذِكرَاه مَا زَالَت بَاقِية لَدَى الكَثِير مِمَّن خَدَمهُم.. هَا أنا اليَوْم أنشرُ قِصتَّه المَذكُورة فِي تِلكَ الجَرِيدَة بلُغةِ أهل كِيرلَا، فَلهُم مِنَّا الشُّكر والثَّناء.

مَريمبُو (ذُرَة)

 

اللَّمبَا فَاصِل

 

الجمعة، 22 مارس 2019

المِيَاه شُريَان الحَيَاة

المِيَاه رُوْح الحَيَاة، والأَفْلَاج هِي رُوْح الأَرْض.. وإِذَا مَا جَرَت المِيَاه فِي سَاقِية الفَلَج بلَا انقِطَاع، قِيل: الفَلج حَي، وإِذَا مَا انقَطَعتْ المِيَاه، قيل: الفَلَج ميِّت.. عِندَها تَبكِي الأَرض والسَّماء، وتَهطُل دُمُوع الإنسَان؛ لأنَّ رُوحًا قد انتُزِعت من جَسَد الشَّجَر.

الثلاثاء، 19 مارس 2019

مُشَارَكة إيجابيَّة فِي معَرض بَارِيس الدُّولي للكِتَاب

أَخَذتْ بَعضُ الدُّوَل بمَفهُوم جَدِيد للتَّسويق يُسمَّى بـ"التَّسوِيق الجُغرَافِي"؛ والذِي يُؤكِّد أَهمَّية استِخدَام البَيَانَات والمَعلُومَات المُتعلِّقة بالخَصَائص الجُغرافيَّة والطبِيعيَّة والثقافيَّة والفِكريَّة والسُّكانيَّة، ورَبْطِها بالإستِراتيجيَّة التسويقِيَّة، وبالرَّسَائل التروِيجيَّة للمَكَان أو المُنتَج.
فِي اعتِقَادِي، نَجَحتْ السَّلطَنة فِي تَحقِيق هَذَا الهَدَف بمُشَاركتِها كضَيْف خَاص فِي فَعَاليَّات مَعرَض بَارِيس الدَّولِي للكِتَاب الـ39، والتِي اتَّسَمَت بتنوُّع الفَعَاليَّات الفِكريَّة والثقافِيَّة، المُقدَّمَة للجُمهُور الفِرنِسي والعَالَمِي بهَذِه المُنَاسَبة.
كلَّ الشُّكر للجُهُود التِي بُذِلت فِي هَذَا الإطَار، والتي كَانَت مَحلَّ تَقدِير واحتِرَام مِن قِبَل الجَمِيع.

الاثنين، 18 مارس 2019

خَوَاطِر مِنَ الحَيَاة

ارتَبَط الإنسَان القَدِيم ارتبَاطًا وَثِيقًا بالأَمكِنة، كَمَا شكَّلت الكَثِير مِنَ الأشجَار البَريَّة، النَّابِتة فِي تِلكَ الأَمكِنة مَكَانَة سَامِقة فِي نَفسِهِ ورُوحِهِ وذَاكرتِهِ طَوَال مَسَار حَيَاته، مَهمَا تَعَاقَبت الأيَّام، وتَقَادمَت الأزمِنَة، وتقلَّبتْ الظُّروف والأحوَال، خَاصَّة تِلكَ الأشجَار المُعمِّرة ذَات النَّفع المُستَدام، كالغَاف، والسِّدر، والزَّام، والبِيذَام، والشِّريش، واللَّمبا، والسَّمر، والسِّلم... وغَيرِهَا مِن الأشجَار؛ فكَانَ نَفعُها -ولا يَزَال- يعمُّ الإنسَان، والحَيَوان، والطيُّور، والزَّوَاحف، والحَشَرات، وكَائِنَات الأَرض والسَّمَاء جَميعًا. 
وَعِندَما نَستعِيدُ شَريطَ الذَّاكِرة، فمَا مِنّا إلَّا ولَه ذِكرَى جَمِيلَة مَع شَجَرة مِنَ الأَشجَار وَارِفَة الظِّلَال، فتَحَتَ ظِلِّها كُنَّا نرتَع ونلعَب ونَمرَح، ومِن ثِمَارِها كُنَّا نَأكُل ونستَفِيد، ومِن أَخشَابِها وأَورَاقِها مَصدَر عِلَاج، وصِلاء، ودِفء، وبِنَاء، امتدَّ نَفعُها لسَنَوات عَبْر الأزمَان، ومَن لَم يتذكَّر يَسأَل أو يَقرَأ تاريخَ الآبَاء والأجدَاد.
كَانَت تِلك الأشجَار أيضًا مَكَان اجتماعِ وسَكَن وعَمَل، خَاصَّة فِي فَترَة القَيْظ، ومَوَاسِم جَنِي الثِّمار، وتَحْت ظلِّ أغصَانِها المُتفرِّعة الخَضرَاء تُعقَد حَلقَات العِلم ومَدَارس تَحفِيظ القُرآن، وهِي أيضًا مَجَالس صُلح بَيْن الأفرَاد والجَماعَات، وتَحت ظِلِّها تُفصل الشَّكَاوى والخُصومَات، خَاصَّة في القُرى النَّائِية، البَعِيدة عَن مَرَاكِز البلدَان، وتَحتَها أيضًا تصدَح الفنُون ومَجَالس السَّمر والأشعَار، فِي تِلكَ اللَّيالِي الخَوَالي، المُزدَانَة بالأقمَار.
لِهذَا.. كَانَ الإنسانُ العُمانيُّ يهتمُّ كثيرًا بالأشجَار البريَّة؛ فتجدُه يَرعَاها ويحنُّ إلى مَكَانِها، ويَحزَن ويتأسَّف إِذا مَا اقتلعتْهَا الرِّياح العَاصِفة، أو السُّيول الجَارِفة، والتهوُّر فِي قَطعِها بلَا سَبَب يُعدُّ تعديًا وإهَانَة. وقَديمًا، إِذَا مَا غَزَت قَبيلةٌ أخرَى خَشَّت النَّخِيل، وقَطَعتْ الشَّجر؛ لتَكسَر شَوكتَها وتحلُّ بِهَا الهَزيمَة، وكَان ذَلِك فِي النَّفس غُصَّة وحَسْرَة ونَدَامَة.
والمُتأمِّل فِي تَارِيخ عُمان الطَّبيعِي والإنسَاني، يَجِد مِن السُّنن المُتقدِّمة، والأعرَاف الرَّفِيعة، التي تُجل هَذِه الأشجَار البريَّة، وتُعزِّز مَكَانتَها وتُحَافظ عَليهَا، وتُشجِّع على رِعَايتِها، وتهتمُّ بنُموِّها، وهِي أيضًا تُنظِّم عَمليَّة جَني ثِمَارهَا، وكَيفيَّة الاستفادَة مِن أورَاقِها وأعوَادِها، وكَذَلك عِند الرَّغبة فِي قَطعِها أو تَقلِيمِها، لحَاجَة أو ضَرُورة اقتَضتْهَا ظُرُوف طَارِئة، وإذَا مَا ارتحلَ الإنسانُ وَعَاد تَذكَّرَهَا، وتأمَّل ذِكريَاتَه المَكانيَّة والزمانيَّة مَعهَا. 
يُروَى عَن الإمَام أَحمَد بِنْ سَعِيد البُوسعِيدي، وهُو فِي طَريقِه إلى سَمَائل، أنَّه تظلَّل تَحتَ شَجَرة كَبِيرة فِي وَقتٍ شَديدِ الحَرَارة، وبَعد سَنَوات وهُو فِي طَرِيقه إلى نزوى، فِي رَكْبٍ كَبِير مرَّ مِن نَفْس المَكَان، فأخَذ يَجوُل بَحثًا عَن تِلك الشَّجرة؛ فوَجَد أَصلُها قد جَف، فَأمَر أنْ يُفرَش لهُ حِذَاء أَصل تِلكَ الشَّجَرة.
فسَألهُ بَعضُ قُضَاتِه الذِين صَحِبُوه عَن سَبَب ذَلِك؟ فأَخبرَهُم عَن فَضْلِها أيَّام اخضِرَارِها، فَقَال لَه أحَد القُضَاة: أتُكْرِم مَن لَا يَعقِل وَقَد مَات؟ فَقَال له: إنَّمَا الحُرُّ الذِي لا يَنْسَى الإحسَان، فَمَن نَسِي الإحسَان فَلَيْس بحُرٍّ. فيَنبَغِي للحُرِّ ألَّا يَنْسَى إحسَانَ النَّاطِقِ والصَّامِت.. فَقَال له القَاضِي: حَسْبِي، فإنَّه لَحِكمَة لا يَنبَغِي أَن يَنسَاها الحرُّ الأَرِيب.
والإنسَان عِندَمَا يتأمَّل سَنَوات عُمرِه يَتذكَّر الكثيرَ مِنَ الأشجَار، التي كَانَت تَختَزنُ ذَاكِرة الزَّمان والمَكان، فكَم مِن أناسٍ مرُّوا ورَحَلُوا تُذكِّرنا بِهِم تِلكَ الأشجَار الوَارِفة إِذَا مَا مَرَرنا بِهَا وجَلسنَا تَحْت ظِلِّها!! وكَمْ مِن ذِكرَيَات جَمِيلة عَصَفت بِهَا الحَياة، عِندَما نَستظلُّ بظِلَال تِلك الأشجَار تَعُود إلينَا، وتتَسلَّل إلى مَشاعِرنا، وكأنَّها شَريطٌ تَسجيليٌّ تمَّ حِفظُه في أغصَان تِلكَ الأشجَار المُبهِجة!!
وإيمَانًا بأهميَّة ومَكَانَة هَذِه الذَّاكرة الطبيعِيَّة والإنسَانيَّة، حَرصَتُ مِن زَمنٍ طَويلٍ عَلى تَوثِيقِها كِتابَةً وصُورَة، فارتَحلتُ الأمْكِنة والزَّوَايا والجِبَال والأَودِية، وبَذلتُ جَهدًا فِي رِوَايَة تَارِيخِها وذِكرَياتِها وأَدوَارِها، وعِندَما تَتصفَّحُون كِتَاب «قُريَّات.. عَرَاقَة التَّارِيخ ورَوْعَة الطَّبيعَة» فِي طَبعَتِه الثَّالِثة، وكَذَلك عَبْر هَذِه الصَّفحَة المُتَواضِعة، فهُنَاك العَشَرات مِنَ الأشجارِ مُسطَّرة صُوَرُها وتَارِيخُها وذَاكِرتُها فِي هَذا الكِتَاب، والكثيرُ مِنهَا اليَوْم قَد فُقِدت، وَلم تَعُد بَيْن ظهرَانِينَا، ولا تَتذكَّرها الأجيَال، لانقِصَام الأعمَار، وانصِرَام الأزمَان، وكَذَلك لتَغيُّر الظُّروف والأحوَال.

الأحد، 17 مارس 2019

نَقل المَعْرِفة الضِمنيَّة تحدِّي المُستَقبَل

مُنذُ سَنَوات دَرستُ عَلى يَد الدُّكتورَة المِصريَّة رَاوية حَسَن -وفَّقَها الله- مَساقًا عِلميًّا يسمَّى «مَدْخَل إستِراتِيجي لتَخْطِيط وتَنمِية المَوَارد البَشريَّة»؛ نَاقشتُ مَعَها مَسْألَة تَوجُّهات بَعْض الدُّول تِجَاه مَسْألة تَوطِين الوَظَائِف، وكَسْب الخِبرَات والمَعرِفة مِن الوَافِدِين، خَرجتُ بنَتِيجَة: أنَّ كلَّ فَرد لَهُ ميزَة تَنافسيَّة؛ ولِهذَا فإنَّ مَسألَة نَقْل المَعْرِفة الضِّمنيَّة وكَيفيَّة إدَارتِها هِي تحدِّي المُستَقبل.
وفِي اعتِقَادي الشَّخصي أنَّ الأصولَ المَاديَّة والمَاليَّة التِي تَمتلكُها أيُّ مُؤسَّسة، مِنَ السُّهولة قِيَاس قِيمتِها، إلا أنَّ التَّحدي الكَبِير هُو فِي كَيفيَّة قِيَاس قِيمَة رَأس المَال الفِكريِّ، والقِيمَة المَعرفيَّة الضِّمنيَّة التي يتمتَّع بِهَا الكثيرُ مِنَ الأفرَاد.
وأَرَى أنَّ أهمَّ وَسِيلة لنَقْل المَعْرِفة الضِّمنيَّة، المَخزُونَة فِي عُقُول البَشَر ووجْدَانِهم، هي وَسِيلة التَّعَارُف والحوَار بَيْن الأفرَاد والشُّعوب: «يَا أيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِنْ ذَكَرٍ وأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبًا وقَبَائِلَ لتَعَارَفُوا».

رَوْعَة التَّضَارِيس

الخميس، 14 مارس 2019

مِنَ التُّراث


 
مَهْمَا تَقَادَم الزَّمَان، تَظلُّ مَرسُومَة فِي ذَاكِرة الوجدَان.

شَيءٌ مِنَ الفُنون البَصريَّة


كَلِمَات مُضِيئَة

«إِنَّ الدَّرْب طَوِيل، والغَايَة بَعِيدَة، ولَكِنَّنا وَاثِقُون مِن أنَّ هَذَا الوَطَن الغَالِي يَملُك مِنَ المُقوِّمات الحَضَاريَّة والتَّارِيخيَّة، ومِنَ الآمالِ والتَّطلُّعات المُستَقبليَّة، مَا يُمكِّنه -إنْ شَاء الله- مِنْ إِنجَازِ سِيَاسَاتِه الدَّاخليَّة والخَارِجيَّة، التي اتَّضحَتْ مَعَالمُها، وتَأكَّدت ثَوابتُها والحَمدُ لله».

تُراثٌ طَبيعيٌّ

 

جَمَال طَائر مُحلِّق فِي السَّماء


ظِلَال الشِّتَاء

الأربعاء، 13 مارس 2019

الطَّبيعَة رُوح الحَيَاة


هَذَا المَكَان فِي قَلبِ مُحَافظَة مَسقَط، مِياهٌ عَذبَة فُرَات، تَتدفَّق لَيلَ نَهَار، هُو مَوئِل للكَثِير مِن أَشجَار السَّمَر، والسِّدْر، والنَّباتَات البَريَّة المُزهِرَة، والحَيَاة الفِطريَّة الأخرَى.
قَبل أيَّام اكتَسَحَ المَكَان «بُلدوزَر بُو سَناسِل» بِحجَّة اقتِلَاع أَشجَار غَاف المِسكِيت الضَّار بالبِيئَة، فسَحَلَت فِي طَرِيقِها نَبَات الأَسل جَمِيل المَنْظَر، وكَذَلك لَم تَذَرْ وتَرْحَم نَبتَة صَغِيرَة فِي اليَابِسَة أو فِي مَجرَى المَاء.
حَاولتُ الاتِّصَال بوَزَارة البِيئة والشُّؤون المنَاخِيَّة عَلى الهَاتِف المُتَصدِّر لمَوقِعهَا الإلكترُونِي، لَعلِّي أَعمَل شَيئًا لوَقفِ هَذَا الضَّرَر، وَلَكِن لَم يُفلِح حَظِّي فِي التحدُّث مَع أَحَد، فَقَد رنَّ الهَاتِف مِرَارًا وتَكرَارًا، ولَكِن لا مُجِيْب.
كُنتُ أسألُ نَفسِي: أَلَا تُوجَد هُنَاك طَريقَة لإِزالَة هَذَا الغَاف، الذِي تَرَك هَذِه السَّنوَات ينمُو ويَتكَاثَر دُون مُتَابعَة وانتِبَاه، إلَّا بهَذِه المُعِدَّة القَاسِية عَلى الشَّجَر والمَدَر والحَجَر.
نِدَائِي لوزَارَة البِيئة والشُّؤون المنَاخيَّة وبَلديَّة مَسقَط أنْ تُولِي هَذَا المَكَان الاهتمَامَ والرِّعَايَة، وأنْ تُكثِر مِن زِرَاعة الأشجَار البَريَّة وَارِفَة الظِّلَال عَلَى ضِفَاف هَذا المَجرَى المَائِي الجَمِيل، ليَكُون مُتنفَّسًا طَبِيعيًّا للسُّكان، وهُو فِي الوَقْت ذَاتِه استِثمَارٌ حَقيقيٌّ لتِلكَ المِيَاه المُهدَرَة؛ لأنَّهَا ثَروَة قَوميَّة، واستِثمَارَها بالطَّرِيقة الصَّحِيحَة هُو وَاجبٌ وَطنيٌّ.

رَوعَة التَّضَارِيس

الثلاثاء، 12 مارس 2019

خَضرَاء

عَلَى الرَّغْم مِن قَسْوَة الحَجَر؛ فهُو ضَعِيف أمَام خُضرَة الشَّجَر.

ذَاكِرة مِن الطَّبِيعَة

السِّدرَة، والنَّبق؛ ذَاكِرَة مُهمَّة مِن تُرَاثِنا الطَّبيعِي، وهِي مَحطَّة جَمِيلَة مِن مَحطَّات العُمر، المُتَسَارع نَحوَ نُقطةِ النِّهَايَة.