السبت، 30 أغسطس 2014

مجرد زهرة

الزَّهرة الجميلة في الحديقة، تجذبُك رائحتها الزكية، ولكن لكي تنعم بتلك الرَّائحة، وذلك الجمال للوردة، لا بد أنْ تبذل بعضَ الجهد لتحقيق ذلك.
تعمَل كثيرًا من أجل الرعاية والعناية بالشجرة، وتصبر بعض الأيام لتحقيق هدفك، ومن ثمَّ قد يُصيبك بعض الأشواك عند قطف أول وردة من تلك الشجرة، مع يَقينك بأنَّ تلك الوردة المتفتحة بمنظرها البهي وعطرها الفواح ستذبُل وتمُوت بعد حين للأبد.

الترس


الترس: أداةٌ حربية عُمانية قديمة، وهي الآن أحد مُستلزمات المبارزة بالسيف في فن الرزحة العُمانية.
العَمُود الخشبي المعلَّقة بها الترس يُسمَّى الوتد، له شكل جميل وتصميم فريد، يُغرَس في جدار الصفة أو الليوان، وهما مُكونات رئيسية للمنزل العُماني القديم.

الجمعة، 29 أغسطس 2014

التعليم


"لا يَخْفَى أنَّ التعليم أساس التنمية؛ ففي مراحله المُتعددة، ومن خلال مناهجه المتنوعة، تُعَدُّ القوى العاملة الوطنية اللازمة لإدارة عجلة التنمية، وتنفيذ برامجها في شتى الميادين؛ لذلك كان لا بد لنجاح خطط التنمية وبرامجها التنفيذية على النحو المبتغى، والمُستوى المطلوب، من ضمان جودة مخرجات التعليم والنهوض بمُختلف أنواعه ومراحله".
"من أولويات المرحلة التي نمرُّ بها، والمرحلة المقبلة التي نستشرفها: مُراجعة سياسات التعليم، وخُططه، وبرامجه، وتطويرها بما يُواكب المتغيرات التي يشهدها الوطن، والمُتطلبات التي يفرضها التقدُّم العلمي والتطوُّر الحضاري، وُصُولا إلى بِنَاء جيلٍ مُتسلِّح بالوعي والمعرفة والقدرات المطلوبة للعمل المُفيد.. وما إنشاء مجلس التعليم إلا للنهوض بهذا القطاع".
قابُوس بن سعيد - 2012م

"لقد كَان التعليم أهم ما يشغل بالي.. ورأيتُ أنَّه لا بد من توجيه الجُهُود في الدرجة الأولى إلى نشر التعليم".
"كان لنا في ميدان التعليم حَملة بدأت للوهلة الأولى، وكأنها تهافُت الظمآن على الماء".
"كانتْ المدارس تُفتح دُون أيِّ حساب للمُتطلبات؛ فالمهم هو التعليم حتى تحت ظل الشجر، ولم يَغِب عن بَالِنا تعليم الفتاة، وهي نصف المُجتمع".
"مدارس في كلِّ جزء من أجزاء السلطنة للبنين وللبنات؛ فالعلم ضرُورة لازمة، ولا بد أن يتعلَّم الجميع ليسعد بهم الوطن".
قابُوس بن سعيد - 1972م.

التعليم

 
(لقد كان التعليم أهم ما يشغل بالي .. ورأيت أنه لا بد من توجيه الجهود في الدرجة الأولى إلى نشر التعليم).
 
(كان لنا في ميدان التعليم حملة بدأت للوهلة الأولى وكأنها تهافت الظمآن على الماء).
 
(كانت المدارس تفتح دون أي حساب للمتطلبات فالمهم هو التعليم حتى تحت ظل الشجر، ولم يغب عن بالنا تعليم الفتاة، وهي نصف المجتمع).
 
(مدارس في كل جزء من أجزاء السلطنة للبنين وللبنات. فالعلم ضرورة لازمة ولا بد أن يتعلم الجميع ليسعد بهم الوطن).
 
قابوس بن سعيد/1972م.
 

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

بهاء الطبيعة

 

الحَيَاة لا تستقرُّ في طبيعتها إلا ببَهَاء الطبيعة، وانتظام نموِّ كائناتها في بيئتها الحقيقية.

التخطيط

من المُهم جدًّا أن يبدأ التخطيط من قاعدة المُجتمع، ومن ثمَّ تعمل المُؤسسات على صِيَاغته في إستراتيجيات وبرامج وخُطط، في ضوء الإمكانات المادية والبشرية المتاحة.

تحيَّة لأهلنا في فلسطين


يحقُّ لأهلنا في فلسطين الصُّمود أن يتبَاهوا بما يصنعُه الرجال. نَصَرَهم الله، وردَّ كيد المُعتدين والمُتخاذلين.

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

جُهُود مُباركة

وزَارة التعليم العالي تخصص 23 بعثة دراسية خارجية لفئة الأشخاص ذوي الإعاقة من الطلاب الواقعين ضمن الحالات التالية: الصم والبكم، صعوبات السمع وصعوبات النطق، لمخرجات دبلوم التعليم العام للعام الدراسي 2012/2013م.
جُهُود مُباركة تستحقُّ الشكرَ والتقديرَ والثناء.

الخميس، 14 أغسطس 2014

بهجة الألوان في الطبيعة


منهج تربوي

الدِّرَاسة القديمة في مدارس القرآن الكريم (الكتاتيب) تعتمدُ دائمًا على أسلوبين: الترغيب والترهيب، وهو منهجٌ تربويٌّ صائبٌ أثبتت الدراسات العلمية جَدْوَاه في الكثير من المُجتمعات والمدارس الحديثة.
ما يُميِّز تلك المدارس التقليدية أيضًا: المُصطلحات الرائعة التي يجب على التلميذ الإتيان بها عند الاستئذان من المعلم؛ كقوله: "يرحمك الله مُعلم"، "يعطيك الله مُعلم"، "يسقيك الله مُعلم"؛ حيث كل لفظ من تلك الألفاظ يعني طلبًا معينًا للطالب من قبل المُعلم.
مُصطلحات فيها من الأدب والتواضع والاحترام للمُعلم، وفي الوقت ذاته تعطي المُعلم مكانته وهيبته في قيادة مدرسته.. من المُهم جدًّا استيعاب تلك المفاهيم في مدارسنا الحديثة.

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

ضمير الأمة

الصَّحفيون والكُتَّاب ضَمِير الأمة ولسان حالها؛ فهم يحملون مسؤُولية عظيمة، وعلى عاتقهم يتمُّ تشكيل وجدان وفكر أفراد الأمة، وخلق صُورة ذهنية لواقعهم.

مقعد طائرة

مِنْ ذكريات السفر: في أواخر الثمانينيات، أو بداية التسعينيات، تطلَّب سفري إلى بيروت لإنهاء مُتطلبات المرحلة الجامعية الأولى. بيروت لها قِصَّة لا تُنسى، هُناك حيث الفكر والوجدان مُتعلق بروح أخي الأكبر، الذي وافتهُ المنيَّة شهيدًا في 22 أكتوبر 1977م، وهو على رأس عمله بسفارة السلطنة في بيروت.
أخي الذي حَمَل رُوحَه من أجل رِفعة وطن مُنذ بداية نهضة عُمان؛ حيث كان جنديًّا وضابطًا في صُفوف قوات السلطان المسلحة، وناضَل ببَسَالة مع إخوانه في حرب ظفار للذَّود عن حياض الوطن، وكان لهم النصر المؤزَّر في نهاية 1975م بفضل قيادتنا الحكيمة، وهو شرفٌ عظيم ووسامُ شرف، نباهِي به هامات الرجال.
كانتْ رحلتي إلى بيروت على مَتْن "طيران الخليج"، كان للسلطنة حينها حصة في هذه الشركة، ضمن عدد من دُول الخليج العربي، وفي رحلة العودة إلى مسقط تطلب وقوفنا في البحرين ودبي، كان مقعدي خلف كابينة رُكَّاب الدرجة الأولى، وجلس بجانبِي أحد الأخوة من سوريا الشقيقة، طَوَال فترة الرحلة من بيروت إلى المنامة في حديث عن الشام، وظرُوف الحياة، وأوضاع الأمة.
نَزَلت الطائرة بسلام في مطار البحرين، قِيل لنا بأن نبقَى في الطائرة لما يُقَارب السَّاعة حتى يتسنى دُخُول رُكَّاب جدد. استأذنتْ طاقم الطائرة للنزول لبعض دقائق لأداء صلاة المغرب، وهي فُرصَة للتعرف على حَرَكة مطار البحرين أيضا، فإنني شغوف دائمًا بالتمعن في تفاصيل المكان، وتَدْوِين ذلك في ذاكرة الزمان، كصُورةٍ مرسُومة في محطات الحياة.
تمَّ السماح لنا في ذلك ولدقائق محدُودة، وبالفعل التزمنا بالموعد المحدد،، وأثناء صعودي للطائرة، تبيَّن لي أن المقعد الذي كان مُحدَّدًا رقمه لي مُنذ بداية الرحلة في بيروت، قد شَغَله أحدُ الأخوة من دولة خليجية قريبة من البحرين، الشَّخص ملامحُه شاب، ولا يكبرني سنًّا.
لزَمتُ الصَّمت دُون أي ردة فعل، وجال في ذهني مقولة أحد القيادات العُمانية المخلصة في بناء الوطن، عندما عَلِم بأنَّ هُناك من شركات الطيران تعمل على إحراج بعض العُمانيين في تقديم غيرهم عليهم في بعض الرحلات، حتَّى الأمر قد يَصِل إلى إلغاء سفر أحدهم من أجل عيون شخصية معروفة، وقال عبارته الشهيرة: "مقعد الطائرة عندما يَحْجِز عليه العُماني، ويدفع قيمة تذكرته، هو ملكه حتى وُصُوله إلى رحلته، ولا يُمكن لأي كان مهما كانت مكانته أن يعطل هذا المبدأ التجاري والإنساني".
نَظَرتُ إلى رفيقي الذي لازم رحلتي من بيروت، رأيتُ ملامح وجهِه مُتغيِّرة، وعيونه يطلع منها الشرار، وكذا باقي الركاب القريبين من المقعد الذي كُنت أجلس عليه. تحدَّثت مع أحد أفراد طاقم الطائرة عن سبب هذا التغيير، قال لي: "يا أخي، رقم المقعد تمَّ تخصيصه لهذا الشخص، ويُمكنك الجلوس في مقعد بالخلف"، وكانت حينها تلك المقاعد الخلفية تُخصَّص للمدخنين.
قُلت: يا أخي، أنا أولا مُنذ بداية هذه الرحلة، حُدِّد لي رقم هذا المقعد مُنذ بداية انطلاقة رحلة هذه الطائرة من بيروت وحتى نهايتها في مسقط، ثانيا: إذا أردتم شغر هذا المقعد لشخص آخر، كان ينبغي أخذ رأي صاحبه، أو تحديد مقعد يُناسبني، ثالثا: أنا ليس لي الرغبة في الجلوس مع المدخنين لبعض الظرُوف.
حاول طاقم الضيافة إقناعي، مُبرِّرين أن المقاعد واحدة، والذي جالس في مقعدك شخصية معروفة، من الصعب أن يتم تغيير مقعده، قلت: إذا ترون أنَّ المقاعد واحدة، فأنا أرى أنَّ مقاعد الدرجة الأولى لم يَحْجِز عليها أحد، وأرى تَخْصِيص مقعد لي ضِمن هذه المقاعد، وهي رحلة قصيرة من البحرين إلى مسقط.
تَبَادل الطاقم النظرات. وبالفعل، أخذتُ نفسي وجلست في مقاعد الدرجة الأولى، جاء أحدُ أفراد الطاقم لتقديم خدمة ركاب الدرجة الأولى، وجدتها خدمات راقية، فوطه ساخنة وأخرى باردة لتدليك أصابع يدك.
مرَّ مسؤول طاقم الضيافة في الطائرة من أجل التأكد من اكتمال كل الركاب؛ فاستغرب جلوسي في مقاعد الدرجة الأولى، سألني عن بطاقة صُعُود الطائرة، قدَّمت البطاقة له، نَظَر إلى البطاقة وتمعَّن فيها ونظره على وجهي، قائلا: لو سمحت يا أخي، هذه مقاعد الدرجة الأولى، وحجزك على الدرجة السياحية!
قُلت له: هذا الكلام صحيح، وشرحتُ له القِصَّة. حاول هو أيضًا إقناعي، ما فيه فائدة. والطيار ينادي قد تأخَّرنا عن موعد الإقلاع، مُستفسِرا عن الأمر. ذهبوا له، وأكد أن الحق مع العُماني، وأنه يجب أن يعود إلى مقعده.
ومَا إن عُدت إلى مقعدي، وإذا بالركاب يُصفِّقون لي، سألت رفيق السفر ما الأمر؟ قال: يا أخي، قبل صُعودك الطائرة، حاولوا أن نخلي المقاعد الأمامية من أجل المُرافقين للجالس في مِقعدك، وقد انفعلتُ كثيرا، رافضًا هذا التصرُّف.. بعدها، أقلعتْ الطائرة في طريقها إلى مسقط العامرة، ووصلنا والحمد لله بسلام.

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

الألعاب التقليدية

أَطفال اليوم يعيشون خيارات عديدة بالنسبة للألعاب الإلكترُونية، إلا أنَّها بعيدة كلَّ البُعد على الحركة والنشاط عند مُقارنتها بالألعاب القديمة التي كان يُمارسها الأطفال، والتي كانتْ أيضًا ترتبطُ بغَرْس مفاهيم رائعة للعمل اليدوي والإبداع الفكري، والنشاط البدني والعقلي، إضافة لاعتماد الطفل على صناعة تلك الألعاب.
مِنَ المُهم جدًّا دِرَاسة الألعاب العُمانية القديمة، والعمل على تطويرها بما يتناسب مع مُتطلبات العصر، وتَضْمِينها ضِمن المُسابقات الرياضية والمناهج الدراسية، لا سيَّما في المراحل الأولى من التعليم، والعمل على تُسويقها عالميًّا كنشاطٍ رياضيٍّ، حالها حال الرياضات المعترف بها، والتي كانتْ يومًا ألعابًا تقليدية في تلك الدول.

يوما.. كنت هنا


ذات شتاء مفعم برائحة الثلج. السماء تمطر ثلجا ناصع البياض. يفرش بياضه كل الأرض. لينقيها من احقاد البشر.

السبت، 9 أغسطس 2014

متنزه الصيرة


هذا المساء، مررتُ بمتنزه الصيرة؛ حيث يتوسَّط القمر وسط السماء، يُرسل أشعته الفضية إلى الأرض، لتنعكس معها مشاعر الحب والصفاء، والسكينة والهدوء.
أفواج من البشر على جانبيه، عائلات وشباب يفترشون تلك الرمال الفضية، ليُلقوا عليها همومَ الحياة وضُغوطها اليومية، وما إن يلامس الجسم تلك الرمال الناعمة ببرودتها الطبيعية، وتهب على المكان هبوب الكوس المنعشة، تجد التجدد في النشاط ينسابان إلى فكر الإنسان ووجدانه وخواطره.
المَكان يتَّصف بالروعة والجمال الأخاذ؛ حيث يتَعانق التراث والتاريخ مع أمواج البحر ونسمات الهواء وخضرة المكان؛ لتتُشكل سيمفونية يخلد إليها كل متعب ومُتعطِّش للهدوء والاسترخاء.
المَكان يحتاج بعضَ اللمسات الجمالية لتُضفِي عليه البهاء بصُورة أكبر ممَّا عليه الآن، مقهى يُقدِّم بعض المشروبات الساخنة والباردة، إضاءة ملوَّنة تسلط على أهم المعالم التاريخية في قُريات، إنَّه بُرج الصيرة الذي يتوسَّط مياه البحر، ويُطل بجماله على المكان بشموخ وكبرياء.

الجمعة، 8 أغسطس 2014

الواتسآب

يَعتبُ عليَّ بعض الأصدقاء بأني غير مُتواجد على خدمة الواتسآب، وعلى الرغم من أنَّني مُقتنع تمامًا بأهمية التقنية الحديثة، ومطلعٌ عليها بصُورة دائمة، إلا أنَّ لديَّ قناعة أيضًا بأنَّ الكثير من هذه الخدمات لم يُستخدم الاستخدام الصحيح.
كَمَا أنَّ هُناك من الخدمات التي تقدمها الهواتف الذكية التي يتفاخر بها البعض، ويحرصون على تغيير هواتفهم مع كلِّ اختراع جديد في التقنية، هي في حقيقتها غير مُستغلة تمامًا؛ لكونهم أصلا ليسوا في حاجة إليها.
إذن، ما الحاجة إلى تقنية لم تستثمر الاستثمار الصحيح، وتهدر عليها أموالٌ يمكن أن توجَّه إلى مجال مُفيد. أصدُقُكم القول بأنَّني لم أغيِّر هاتفي إلا أربع مرات مُنذ دُخُول خدمة الهاتف المتنقل. وكثيرًا ما يكُون بعيدا عني إلا للحاجة فقط؛ لهذا هاتفي لا يُمكن تزويده بخدمة الواتسآب.

مُؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة

قبل سنوات، حضرتُ حفلَ تدشين مُؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة، وهي مُؤسسة خاصَّة تُعنى بدعم الكتاب في نشر نتاجهم العلمي والأدبي. كان حفل التدشين تحت رعاية معالي الدكتُور وزير الإعلام الحالي، وبحضور صاحب المُؤسسة السيد علي بن حمود البوسعيدي.
مَا لفت انتباهي حُضُور مكثف للعديد من الكتاب والفنانين لهذا الحفل، كان وزير الإعلام بتواضعه الجم يحاول تقديم السيد علي؛ لكونه كان يوما وزيرا أيضا، إلا أنَّه لم يرضَ ذلك احتراما وتواضعا.
هَذَا الرجل يُكنُّ له قطاع من المُثقفين تقديرًا غير عادي؛ كونه أسس هذه المُؤسسة التي تَرْعى نتاجهم الفكري؛ فقد أسهمت في رفد الساحة الثقافية في عُمان بعددٍ كبير من الإصدارات العلمية والثقافية والأدبية في شتى مجالات العلوم والمعرفة والأدب.
ويَحْكِي لي أحد الحاضرين أنه في فترة عمله الرسمي، كان خيرَ داعم للثقافة والفُنُون، وله رُؤى تطويرية لهذا المجال. كان رجلا مُتواضعا، سمحا، يلاطف الجميع بحديث راقٍ، يقول عندما كنت عضوا في مجلس الشورى، قبل أن أكون وزيرا، كان يُصنِّفه بعض الأعضاء بأنه من الحمائم وليس من الصقور؛ لأنه دائمًا محبٌّ للسلام، وعدم التصادم مع المُشكلات والخلافات الجانبية، والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الفكر والنفس.
مُؤسسة بيت الغشام هي اليوم منارة ثقافية في عُمان، يُديرها القطاع الخاص، وأسهمتْ بكفاءة وفاعلية في إيصال الكتاب العُماني إلى المتلقي المحلي والعربي، وهي تخطُو بثبات في رسم معالم مشرقة للثقافة العُمانية.

هدوء.. ذاكرة في مكتبة المعرفة

كثيرًا ما أرتاد مكتبة المعرفة، التي تَقَع بمنطقة سيح المالح بمرتفعات القرم بولاية مطرح، خاصَّة في الأيام التي كنت أسكن في مسقط.
قامتْ شركة تنمية نفط عُمان، مشكورة، بإنشاء هذه المكتبة عام 1990م؛ بمناسبة احتفالات السلطنة بالعيد الوطني العشرين المجيد؛ كمساهمة منها ضمن مسؤُوليتها الاجتماعية وتفاعلها في خدمة المُجتمع، وافتُتحت رسميًّا في 13 نوفمبر من نفس العام، وكانتْ تُسمى في حِينها بالمكتبة التقنية العامة؛ بهدف دعم التعليم التقني والبحوث.
هذه المكتبة حاليًا تحملُ اسم مكتبة المعرفة العامة، ويتولَّى إدارتها مُنذ العام 1996م ديوان البلاط السلطاني، وتضمُّ أقسامًا مُختلفة للمعرفة، وتضمُّ آلاف الكتب والموسوعات العلمية، والعديد من المجلات الثقافية والصحُف اليومية، إضافة لمكتبة سمعية وبصرية، وتمَّت توسعتها في السنوات القريبة الماضية لتضمَّ مكتبة للطفل، وقسمًا للكتب الإلكترُونية، ولديها العديد من الخدمات في مجال العلم والمعرفة.
وتوسَّعت المكتبة حاليًا في خدماتها بتنظيمِ مُحاضرات علمية وثقافية وتوعوية، وندوات ودورات تدريبية؛ بهدف التواصل وخدمة أفراد المُجتمع، وهي بحق مكتبة عامرة، تتميَّز بالهدوء وحسن التنظيم، وتضمُّ نخبةً من الشباب الواعي بأهمية دور المكتبة ضمن هيكلها الإداري والتنظيمي؛ فلهم جزيل الشُّكر والتقدير. تمنيت كثيرا أن تكُون في كل ولاية في عُمان مكتبة مثلها أو فرع منها، وأنصح دائما الشباب بزيارتها.
يومًا كُنت مُندمجًا في الكتابة على جهاز الحاسب الآلي، الذي تُوفره المكتبة لمرتاديها مجانا، كُنت أكتب مادة علمية، وبعد فترة من الزمن استوقفنِي أمين المكتبة باحترام وهدوء، وهو يُربت على كتفي، نظرتُ إليه باحترام أيضًا، وقال لي: "تضغط على لوحة المفاتيح بقوة، حتى ضَرَباتك على الأحرف تُحدِث إزعاجا، قد تكُون غير مُنتبه إليه". طبعا معه حق في ذلك؛ كون المكتبة تمتاز بهدوء شديد، رغم أنَّ كثيرا من مُرتادِيها من الطلاب بهدف البحث والمذاكرة أيضًا.
شكرتُه بعُمق على تنبيهِي لذلك، ووعدته بأنْ ألتزم الصمت والهدوء؛ لأنَّ الهدوء من طبعي دائما، لا أتحمَّل الزحمة ولا الضجة، وقد أتيتُ لهذه المكتبة كونها تمتازُ بهذه الخاصية، وهي طبيعة غُرِسَت في نفسي، ومن يتعامل ويتعايش معي يعرف عني ذلك جيدا.
أخذتُ نَفَسًا عميقًا، وإذا بالذاكرة تعُود إلى سنين طويلة، تحلل هذا الموقف، وتقارنه بأيَّام تعلُّمي للطباعة، فما إن دخلتْ تلك الآلة الغريبة علينا، وطُلِب منا التعامل معها، وتعلُّم مهارة الإتقان للعمل عليها من أجل طباعة المراسلات، وبحيث أن الجديد دائما يُحفِّزك على اكتشاف ما فيه، فقد حرصت على تعلُّم الطباعة في أيام محدُودة، كنت سريعا في الطباعة على تلك الآلة.
كَان العملُ على تلك الآلة يتطلَّب الضغطَ بقوة على مفاتيحها من أجل أن يخرج الحرف من بطنها، ليضرب شريط الحبر، ويرسم الحرف على الورقة، كان شريطُ الحبر يتحرك مع كل ضربة، وتسمع تلك النغمة من بعيد: تك تك تك... تك تك تك.
بَقيت تلك الضَّربات عالقة في عقلي الباطن، ومن حيث لا أدري أتعامل مع الأجهزة الجديدة، التي تعتمدُ على الحِنيَّة واللمسة اللطيفة، بنفس الطريقة القديمة، وبنفس السُّرعة أيضًا.
نِعْمَة الطباعة وتخزين المعلومة، لم تكن موجُودة كما نعيشها الآن؛ فكانت الطباعة تعتمدُ على الضرب على آلة ضخمة، وإذا أردت عمل نسخة من الرِّسالة يتطلب أن تضع كربونًا تحت الورقة، وإذا أردت الطباعة بكميات كبيرة يتطلَّب أن تطبعها على جهاز يُسمَّى استنسل؛ حيث تُطبع المادة على ورقة حريرية، ومن ثمَّ تُلصق على تلك الآلة ليتم النسخ.
وإذَا مَا أخطأت في كلمة، يتمُّ إزالتها بحبر أبيض، أو بسائل أحمر بالنسبة للاستنسل، وكم من مُعاناة ومشقَّة تكبدناها إذا ما قُدِّر لك أن تُعيد طباعة رسالة أو تقرير من أجل إضافة سطر أو جُملة، وكم خرجتُ من طباعة رسالة وبيدك بصمة الأحبار على أصابعك.
حاولتُ أن أعوِّد أصابعي على الوضع الجديد، إلا أنَّني لم أستطع على تحقيق ذلك، فهي تضرب كأنها تضرب وتحفر في الصخر، وهكذا الحياة من تغيُّر إلى تغيُّر، ومن محطة إلى أخرى، وكلُّ جيل يعيش أيامه ويحترم أيام الآخرين.. دُمتم بخير وهدوء وسكينة في كلِّ أيامكم أيُّها الأصدقاء الكرام.