الخميس، 29 مايو 2014

من الذكريات

في بِدَاية الثمانينيات، قمتُ مع أصدقاء لنا بزيارة دولة الكويت الشقيقة لزيارة أحد الأرحام، وهو الوالد علي بن سيف البطاشي، هاجر من عُمان مُنذ سنوات طويلة قبل النهضة المُباركة.
كَانَت رحلتُنا في شهر رمضان المُبارك، مرَرنا بأكثر من مركز للحدود، ومع خُروجنا من حدود دولة قطر وبعد خَتم الجوازات، وجدنا البوابة مُشرعة للخروج، كنت أقود السيارة من نوع هيلوكس تويوتا، خرجت وبعد مسافة إلا بصفارة تنطلق تدعونا للوقوف والرجوع.
رَجعت بالسيارة إلى البوابة، وإذا أحد يحدثنا بلكنة سودانية: "إنته رايح فين يا زول". قلت له: "رايح الكويت يا زول". رد علي: "إنته عاجبتك سيارتك حتى تخرج دُون أن توقف على البوابة". قلت له: "نعم عاجبتني سيارتي، ونحن ختَمنا الجواز من المركز، ووجدتُ بوابتك مفتوحة، وفي الظلام لم نرَ شخصك الكريم، فأنت مُنزوٍ بعيدًا. وترى ما دخلنا إلا في أرض خليجية"، قال: "الحين توكلوا".
دَخلنَا أراضي السعودية، نِمنا في أحد الأماكن على نية أن اليوم الباكر هو يوم 29 من رمضان، قُمنا من رُقادنا في الصباح إلا والجميع يُصلِّي العيد، سألنا عن الموضُوع. قيل لنا: هُناك خطأ وقع عند دُخُول رمضان، واليوم هو يوم عيد، وسيتم التعويض عن هذا اليوم بصيام. دخلنا الكويت، رأيناهم صائمين.
المُهم، استضافنا أحد أبناء قُريات يُسمَّى خليفة، يُطلقون عليه "خليفة الظالم"، لا أدري ما السبب! كان رجلا كريما ومحبا.
زُرنا الوالد علي بن سيف البطاشي، فأمُّه من أرحامنا؛ فهو يعتبر ابن عمة جدنا، وجدناه كبيرًا في السن، له بعض التجارة في السوق، زرع في وسط فناء منزله نخلة، قال لنا: هذه النخلة تذكرني بعُمان، كان رحمه الله مهتما بتلك النخلة. له صهر أيضًا من عُمان اسمه ناصر بن سيف المكيني، درس في مدرسة الإمام الخليلي، كان له شأن في إذاعة الكويت، والكويت خَصَّصت لهم بيوتًا راقية من دورين.
حاولتُ إقناع الوالد علي بالرجوع إلى الوطن، وكذلك صهره ناصر، وزرنا سعادة سفير السلطنة في منزله، وهو أيضًا حاول أن يقنعهم بذلك، إلا أنهم فضَّلوا تكملة مشوار حياتهم في الكويت.
تُوفِّي الوالد علي مُنذ سنوات، وله أولاد يطلق عليهم الآن آل ياسين فيما أعتقد. أما ناصر، فهو دائما ما يتواصل مع سيدي الوالد، ويزوره بين الحين والآخر.
قَبْل وفاة الوالد علي -رحمه الله- تبرَّع ببناء مسجد في حارتنا، حتى مكيفات الهواء أرسلها للمسجد من الكويت - رحمه الله.
ومَع رجُوعِنا، اشترينا مساند (دكي) كانت الكويت مشهورة بها، ومع دُخُولنا حدود السعودية قضينا ساعات طويلة في التفتيش، من أجل أن يسمحوا لنا بأن تمر تلك الدكي؛ لأنها كما قيل لنا عددها كبير.

الأحد، 25 مايو 2014

إنجازات حضارية

استطَاع العُمانيون عبر الحقب الزمنية المُتعاقبة تحقيق إنجازات حضارية وإنسانية، واستطاعوا بفكرهم المتجدِّد والمتطوِّر تطويع البيئة لخدمتهم مهما كانت صعوبتها ووعورتها، وقد عملوا بجد ومُثابرة في الاعتماد على الذات، والمُتمعن والمتأمل في التراث المادي والفكري للإنسان العُماني يجد الدلائل الواضحة على الإنجازات الحضارية التي يجب على الأجيال الافتخار بها.
انظُروا إلى القنوات المائية التي أبهرتْ العالم بتقنياتها ونظامها الفريد، انظروا إلى العبقرية العُمانية في كيفية إنشاء الواحات الزراعية في قِمم الجبال وعلى ضفاف الأودية، انظروا إلى الجنائن المعلقة في الكثير من المدن العُمانية كالجبل الأخضر ومسفاة العبريين بولاية الحمراء وقرية المسفاة بولاية قُريات، والتي تمَّ نحتها في الصخر بشكل هندسي رائع الجمال، انظروا إلى القلاع والحصون والأبراج المثيرة في البناء والفخامة، والتي تميَّزت بهندستها الرائعة ومُكوناتها الراقية.
انظروا إلى التاريخ البحري وأساطيلهم البحُرية التي أرعبت أقوى القوى العالمية وفق مُعطيات عصرها، انظروا إلى الإنجازات الحضارية التي ركَّزت على نشر المحبة والسلام والتفاهم والتسامح بين شعوب العالم، انظروا إلى الإنجازات الفكرية والعلمية والمعرفية للعُمانيين عبر العصور، انظروا إلى النظام السياسي والإداري والاجتماعي الذي أسسه العُمانيون طوال عهودهم الماضية، والذي يُؤكد عراقة الإدارة وقدرات الإنسان العُماني التنظيمية والقيادية الفاعلة في محيطه الإنساني.
اقرأوا تاريخ عُمان المجيد؛ فمنذ فجر التاريخ عُرِف عن عُمان استقلاليتها والمُحافظة على كيانها، واعتمدت على جُهُودها في تنمية حضارتها الإنسانية. ومنذ عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعُمان دولة لها تقديرها واحترامها، وشكَّلت أهمية إستراتيجية بين ممالك العالم، وأسهمت بفاعلية في نشر الحضارة الإسلامية.
وقَد جدَّد هذا الدور الإمام الجلندى بن مسعود بن جيفر عام 132هـ/749م، وكانت دولة تتمتَّع بكيان سياسي مُستقل، لها اتساع جُغرافي شَمِل أجزاء من الساحل الفارسي والهندي والإفريقي، ولها مُنجزاتها الحضارية التي سطَّرها التاريخ بماء من ذهب.
اليوم، نحن بحاجة لتوظيف هذا التراث الإنساني لبناء المُستقبل، ومن المُهم تذكير الشباب بتاريخهم المجيد وحاضرهم المشرق، والعمل على الأخذ بالأفكار المستنيرة وخلق المُبادرات التحفيزية لدفعهم نحو العمل الجاد، والمُثابرة الأكيدة، لمواجهة تحديات العصر، ومُتطلبات الحياة العصرية.
ولَا يُمكن للشباب تحقيق ذلك إلا من خلال تركيزهم على العلم والمعرفة، وتحلِّيهم بالصبر والعزيمة، والتحلِّي بالقيم والمبادئ الرفيعة، وعليهم إدراك مسؤُولية المُحافظة على مُنجزات النهضة المُباركة التي يرفلون بنعيمها وخيراتها الوافرة، وأنْ يعملوا بجد وإخلاص من أجل مواصلة العطاء والبناء لخدمة عُمان الغالية.

أهمية المكتبات

تَعكسُ المكتبات الثقافية، وانتشارها في الأحياء والمدن والتجمعات السكانية، مدى التطوُّر والتقدُّم الثقافي والمعرفي لأي مُجتمع إنساني؛ حيث إن المكتبة تُمثل مرفقًا مهمًّا من مرافق نشر العلم والمعرفة، وتلعب دورا رئيسيا تجاه بناء الفكر ونشر المبادئ والمفاهيم والقيم الإنسانية، إضافة إلى رفع مُستوى كفاءة الأداء وفاعلية الإنتاج.
وتُشكِّل المكتبات أيضًا أهمية كبيرة تجاه تطوير التعليم والمفاهيم الإنسانية؛ لما تقدمه من معلُومات مُختلفة، ولكونها مُرتكزًا مهمًّا للكثير من المناهج والبرامج والأنشطة التعليمية؛ ولهذا ينصَح الكثير من المُفكرين والتربويين بإيجاد ارتباط مهم بين المناهج التعليمية وما تحتويه المكتبات -خاصة المدرسية منها- وذلك لما تقوم به المكتبات من دور فاعل تجاه تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية، وعلى مُختلف مُستوياتها واتجاهاتها الفكرية.
كَمَا تُشكل المكتبات إحدى الوسائل الإيجابية لبناء الفرد والمُجتمع؛ كونها أحد المصادر الرئيسية لتبادل الثقافات والمعلُومات بين الشعُوب، وهي في الوقت نفسه مرآة تُعبر عن المسيرة الإنسانية للمُجتمعات، وتقدم أحدث ما يتوصَّل إليه العلم الحديث من علوم معرفية واكتشافات حديثة في مُختلف مجالات الحياة.
هَذَا وقد عملتْ الكثيرُ من المُجتمعات على تهيئة الظرُوف المناسبة لإقامة مكتبات ثقافية ومعرفية في مُختلف المدن والأحياء؛ بهدف تشجيع المواطنين على القراءة والاطلاع في مُختلف المجالات الثقافية والأدبية والعلمية، ومُتابعة أحدث الإصدارات في مُختلف مجالات الفُنُون العصرية.
بَعْض الدول عملتْ على تطبيقِ منهجية جميلة في نشر المكتبات العامة؛ حيث قامت بإنشاء مكتبة عامة كبيرة ورئيسية في كل منطقة جُغرافية، تنبثقُ منها مكتبات مُتوسطة في مُختلف الأحياء السكنية، وتكون تحت إشراف تلك المكتبة الرئيسية، وتعمل البلدية والمجلس البلدي في الإشراف على تمويل تلك المكتبات بالتعاوُن مع القطاع الخاص.
لقد حان الوقت لأن تُعْطَى المكتبات الاهتمام الأكبر عن ما هو قائم حاليا، ونقترح في هذا الإطار إنشاء مكتبات عامة في الحدائق العامة الكبيرة؛ فهي وسيلة في تحفيز الأفراد على ارتياد تلك المكتبات، وهي في الوقت ذاته تتيح الاستغلال الأمثل للوقت، خاصة وإذا كانت تلك المكتبات أحد الأجزاء الرئيسية للحديقة، مع التأكيد على ضرُورة وُجُود قسم خاص لمكتبة الطفل.
ويُمكن من خلال هذه المكتبات إقامة العديد من الفعاليات والمُسابقات والأنشطة الثقافية، وأن تعمل تلك المكتبات على وضع خطط وبرامج تحفيزية على القراءة؛ حيث إنَّ الارتقاء بمُستوى الثقافة للمُجتمع لا يتأتى إلا من خلال الاهتمام بالكتاب والمطالعة المُستمرة.
وَهَذا الجهد لا شكَّ يحتاج تعاوُنا مُستمرا وتنسيقا متواصلا بين الجهات المعنية بالثقافة وأفراد المُجتمع، وبدعم مادي ومعنوي من قبل القطاع الخاص ضمن مسؤُوليته الاجتماعية تجاه أبناء الوطن؛ فالمكتبات أصبحتْ اليوم أحد الدعائم الأساسية لمُجتمع المعلُومات، وهي في نفس الوقت تُشكل أحد مُقومات نجاح التنمية الإنسانية في البلاد.

الرِّفق بالحيوان

مُنذ سنوات ليست بالقصيرة، سكنتُ مُؤقتا بمنطقة القرم (فترة الإيجارات في متناول اليد)، وفجأة علِمنا أن العمارة التي نسكنها وبجانبها مجمُوعة أخرى اشتراها أحد أصحاب رُؤُوس الأموال في البلاد، بعد أيام وإلا بالإنذار يصلنا لإخلاء السكن.
بعض السكان اعترض على هذا بحجة عدم وُجُود بدائل للسكن وكان حينها الإيجار مقدور عليه، المهم صاحبنا كل يوم يرسل لهم محامي، وفي النهاية حقق صاحب العمارة هدفة بحجة أنه ينوي إزالة المبنى وبناء مجمع تجاري، ولديه التصاريح في ذلك.
قلت للأصدقاء لا داعي للمعاندة وخليه يتهنى بعماراته، اليوم الأصدقاء يلوموني لأن صاحبنا لم يقم بإزالة المبنى الذي كنا نسكنه حتى الآن.
المهم كان بجانبنا عيادة بيطرية يرتادها الحيوانات من الدرجة الأولى، حيث يأتي بها أصحابها بسيارات فارهة، ويوما من الأيام وعندما كنت عائدا إلى السكن استوقفني مشهدا غريبا، وهو وُجُود أحد الشخصيات ملامحه من إحدى الدول الأوربية ويرافقه عامل من جنسية عربية يحمل بيده عصى طويلة في طرفها شبكة.
طلبت منهما السماح للتحدث إليهما، والتعرف على شخصيتهما والمُهمة التي يقومان بها بالقرب من السكن. حيث أشارا إنهما عضوان في جمعية الرفق بالحيوان، ويقومان بصيد القطط والتوجه بها إلى العيادة القريبة، وإخضاعها لعمليات جراحية، حيث يتم استئصال رحم الأنثى وخصي الذكر.
وعند سؤالي عن أسباب ذلك، تم الرد بأن هُناك إهمال من المُجتمع لهذه الحيوانات، وعدم العناية والرفق بها، والكثير منها تتعرض للدهس من قبل السيارات دُون عناية، ولهذا نقوم بذلك للحد من تكاثرها.
وقد طلبت منهما الكف عن هذا التصرف، حتى لا يكُون هُناك خلل في تكاثر هذه الحيوانات، وديننا قد أوصانا بالرفق بكل شيء في هذه الحياة.
وقد تحدثت هاتفيا مع احد المسئولين بوزارة الزراعة عن هذا الأمر، حيث شككت بأنهما يقومان بذلك لاستخدام أعضاء قطط الشوارع كقطع غيار للقطط المرفهة، وفي الحقيقة لم يلقى الاتصال ذلك الاهتمام. في النهاية ترى الجراد يزيد يوم عن يوم فارجو الانتباه لذلك جيدا. والله الموفق.

السبت، 24 مايو 2014

إدارة الرياضة

وَأَنا أتَابِع اللقاءات التي يُجريها التليفزيُون اليوم مع أعضاء فريقي النهضة وفنجاء، قبل اللقاء الذي يجمعهُما، أرى أنَّ إدارة الرياضة بالفعل تحتاج إلى رؤية جديدة، على الرغم من إنجازات الماضي.

الجمعة، 23 مايو 2014

الباب المفتوح

يَتَفاخَر عُلماء الإدارة في العصر الحديث بأنَّهم أول من نادوا بنظرية وسياسة الباب المفتوح في الإدارة المُعاصرة.
لو أنَّهم سمعوا أو قرأوا مقولة الفاروق الخليفة عمر بن الخطاب حين توجيهه لعماله، ولمن يُوليهم أمورَ الناس، لغيَّروا رأيهم.. فهو -رضي الله عنه- صاحب مقولة مشهورة في ذلك: "لا تغلق بابك دُون حوائج الناس".

الإدارة

"الإدارة بالتجوال" فلسفة حديثة في الإدارة تقضي بأن من يتولى زمام المسؤُولية لا يجعل نفسه في برج عاجي تقوده الأوهام ويعيش في الأحلام ينسجها له بعض الحاقدين وضعاف النفوس والمتملقين المجيدين للكلام والانتقاد دُون الأفعال وإنما عليه يعيش الواقع.
الفاروق الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سبق عُلماء هذا العصر في تطبيق هذا المفهُوم، وله في هذا المجال قصص عديدة، وله مقولة لو طبقت لكانت الأمة الإسلامية والعربية في خير فقد قال يوما: امشوا في حوائج إخوانكم ترتاح الرعية وتأمن.

مصر

كل تمنياتنا لأهلنا في مصر العروبة والتاريخ، التوفيقَ والسدادَ في خياراتهم المُستقبلية.. لقد حان الوقت أن تعُود مصر لمكانتها الريادية.

الشركات العملاقة

الشركات العملاقة في الكثير من الدول الصناعية المُتقدمة، تعتمد على المُؤسسات الصغيرة والمُتوسطة في توفير الكثير من الأجزاء الداخلة في تركيبة منتجها الرئيسي.

مُقترح

لقد حَان الوقت للاهتمام بالميزة النسبية للمُحافظات والولايات ضِمن الخُطة الإستراتيجية للتنمية، وتوجهات الاستثمار الاقتصادي والسياحي والاجتماعي في البلاد.

مؤشرات مُهمة

المركزُ الوطنيُّ للإحصاء والمعلُومات يُقدِّم مؤشرات اقتصادية واجتماعية مُهمة وفق أساليب عصرية، ومن المُهم جدًّا مُتابعة نشراته المُتجددة، والاستفادة من هذه المؤشرات في رَسم التوجهات التخطيطية ليس في القطاع العام فحسب، وإنما أيضًا في القطاع الخاص ومُنظمات المُجتمع المدني.

ومضة ديمقراطية

مَجْلِس عُمان -بغرفتيه الدولة والشورى- يحسم التباين في وجهات النظر بين المجلسين في مشرُوع قانُون حماية المُستهلك الجديد؛ وذلك في جلسة مشتركة بين المجلسين ستُعقد خلال الأيام المقبلة.
يُعتبر هذا الاجتماع المشترك علامةً مجيدة في تجربة السلطنة الديمُقراطية، وتأكيدا على الصلاحيات التشريعية لمجلس عُمان.

قصة

سَأحُدِّثكم أيُّها الأصدقاء الكرام عن قصة واقعية حدثت في مُجتمعنا مُنذ سنوات طويلة، حدَّثني بها أحد كبار السن، وحدَثت تقريبًا في الخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضي، واقترح أي جِهة مُختصة تحويلها لفيلم قصير لأهميتها.
والقصة كالتالي: أُصِيب سُكان إحدى القرى بهوس الهجرة من قريتهم بعدما أصابهم القحط وصعوبة العيش وفقدان الأمل، كان هُناك من بين سُكان هذه القرية رجلٌ فقيرٌ اسمه "خادم" يعيش مع زوجته عيشة صعبة، كان بيدارا ويقتات على خدمته والمحسنين.
فِي ذاك الزَّمان الكثير من سُكان القرية قرَّروا السفر إلى العالي (العالي يعني: إلى الخارج، وفي الغالب إلى دُول الخليج العربي) من أجل لقمة العيش وبعضهم للتعلم، إلا أنَّ "خادم" هذا من شِدة تعلقه بالمكان، لم يرض بترك القرية، وعاش مع زوجته حياة فقر وتعب ونصب، ولكنه صبر وعمل بكد عرقه لتوفير لقمة العيش حاله وأهله، وأهل الخير يساعدونه. وفي أحد الأيام، وصل جاره من السفر، وعند مروره بمطرح اشترى جونتين عيش (العيش: هو الأرز عند أهل عُمان)، ووصل القرية عن طريق البحر، وهذا السفري يقدر "خادم"، ويعرف ظرُوفه المادية، وفي يوم من الأيام ناداه إلى منزله، قال له: تبعني باغينك في سالفة، وعندما دخل معه البيت، أدخله البخار، وفتح جوينة العيش التي اشتراها من مطرح، وأخذ السدس وهو مكيال معروف يُصنع من الخشب أو الحديد، وكال الرجل في دشداشة "خادم" كمية من الأرز؛ حيث ذاك الزمان لا توجد أكياس كما هو عليه اليوم، وقال له هذا الرز لك ولأسرتك هدية مني.
طار "خادم" فرحا بهذه الهدية؛ فالأرز يومها من السلع النادرة في ذلك الزمان، والمقتدر والهنقري من يأكل الأرز، وكان الأرز يُستورد من الهند، وسعره غالٍ جدا، ولا يمكن لأحد أن يشتريه إلا صاحب المال.
المهم، دخل "خادم" على زوجته، وقال هذا العيش (الأرز) حافظي عليه، وكيلي منه كل يوم كيله واحدة حال عشانا؛ فقديما كانت الوجبة الرئيسية عندهم هي العشاء. أما الغداء، فيكون خفيفا سمك مقلاي أو مغلاي وسِح (تمر)، واستمرت تلك الأسرة تقتات من ذلك العيش. وفي يوم من الأيام، عندما قامت زوجة "خادم" بأخذ كيلة من الأرز أو العيش، وإذا هي تسمع رنة (صنة) قروش في المكيال، والقروش هي عملة معدنية مصنُوعة من الفضة (تُسمى محليًّا قرش فرنس، وهو دولار ماري تيريزا من المسكوكات الفضية النمساوية)، كان يُتعامل بها في ذلك الزمان ولها قيمة كبيرة.
بعدما شاهدت زوجة "خادم" القروش طارت من الفرحة، وبلغت زوجها بما وجدته في العيش، طلب منها "خادم" السكوت، وأخبرها أن هذه القروش ليست ملكه، وربطها في وزاره حتى الصباح، وما إن طلع الفجر توجَّه "خادم" لبيت جاره، واستأذنه بالدُخُول، وما إن جلس بجانبه حتى ناوله القروش، وقال: هذه القروش تخصك، وجدتها داخل العيش الذي تكرَّمت به علينا، وها أنا أعيد هذه الأمانة إليك، فأنت أحق بها مني. فرح جار "خادم" أيما فرحة بهذا التصرف لجاره الأمين، والقناعة التي يعيش بها على الرغم من حاجته للمال، فقال له: لا، فأنت أحق بهذه النقود نظير تصرفك هذا.
استثَمَر خادم في تلك القروش بطريقة صحيحة، وأصبح وزوجته في سعادة وهناء وعيش رغيد.

بعض من الذكريات مع الإعلام

فِي السنوات الأولى من عقد الثمانينيات من القرن الماضي، نظَّمت مدرسة راشد بن الوليد، والتي كُنت أحد طلابها رحلة لزيارة التليفزيُون العُماني، وقد تعرَّفنا خلال هذه الرحلة على الدور الذي يقوم به التليفزيُون كأحد الأجهزة الإعلامية في السلطنة، والتقينا خلال هذه الرحلة عددًا من الرواد العاملين في مجال الإعلام، وأتذكر جيدا كان المرحوم حمد البلال في صومعته الزجاجية يقرأ نشرة الأخبار.
شَخصيًّا، خرجت من خلال هذه الزيارة بالعديد من الفوائد، وتعرفت على الكثير من المعلُومات؛ فمثل هذه الزيارات للطلاب تُشكل ذكريات جميلة وصُورة ذهنية إيجابية لدى فكر الطالب عن المُؤسسة التي يزورها.
بَعْد الانتهاء من دراسة المرحلة الإعدادية في مدرسة راشد بن الوليد، ونظرا لعدم وُجُود مدرسة لتكملة المرحلة الثانوية في الوُلاية، تطلَّب من الطلاب الراغبين في تكملة الدراسة الانتقال إلى مدرسة جابر بن زيد الثانوية بالوطية بولاية مطرح؛ مما يتطلب الإقامة أيضًا هُناك نظرا لبُعد المسافة وصعوبة الانتقال والمواصلات خلال تلك الفترة.
هذا الأمر كان بالنسبة للوالدين-ولي شخصيًّا- ليس بالأمر السهل، خاصة وأنه لم تمضِ سنوات قليلة على فراق عزيز علينا، وهو جدي الحاضن لأفراد الأسرة الكبيرة، وبعده بسنتين وفاة أخي الأكبر شهيدا في بيروت بتاريخ 22/ 10/ 1977م؛ حيث كان يعمل في سفارة السلطنة، وقد شكل فراقه بالنسبة لجميع أفراد العائلة أثرًا عميقًا في نفوسنا؛ فهو بالنسبة لنا قدوة في حب العلم والولاء والتضحية والإقدام من أجل الوطن؛ حيث تشرَّف بأداء واجبه المقدس مع إخوانه رجال قوات السلطان المسلحة البواسل في الذود عن الوطن ضد من غرَّر بهم في حرب ظفار عام 1972م والتي انتهت في نهاية 1975م بنصر مؤزر بفضل الله وتخطيط وعزيمة قيادتنا الحكيمة وجُنُوده البواسل.
لقد أطعت رغبة الوالدين، كما حزنتُ كثيرا، وبكيت أكثر، لعدم تهيئة الظرُوف المناسبة لتكملة الدراسة في الثانوية العامة داخل الوُلاية، فاغلب أقراني بالمدرسة توجَّهوا إلى مدرسة جابر بن زيد لتحقيق هذا الهدف، هذه الظرُوف تعاملت معها بالصبر والبحث عن البدائل لتحقيق الهدف.
الخطوة الأولى -بتوفيق من الله- الحُصُول على فُرصة عمل داخل الوُلاية، ثم القرار بمواصلة التعليم في الفترة المسائية (تعليم الكبار)، فكنت أعمل في الصباح واذهب إلى المدرسة في المساء، وفي السنة الأخيرة ذهبت إلى مدرسة جابر بن زيد لأداء اختبار الثانوية العامة مع الطلاب النظاميين.
في ذلك الزمان كانت نتائج الطلاب في الشهادات العامة على مُستوى مدارس السلطنة يتم إذاعتها في نهاية العام الدراسي بإذاعة السلطنة؛ فتجد كل الأسر مُتجمِّعة لفترة طويلة من الزمن لسماع النتائج، والحمد لله قد تحقق الهدف، وقد كان سماعي لاسمي في الإذاعة، وقع خاص في نفسي بأهمية هذا الجهاز.
بعدها، أُتيحت لي فُرصة تكملة دراسة الدبلوم في الكلية الصناعية بالخوير، وعلى الفور طلبت تفريغي من العمل لأجل مواصلة الدراسة، كُنا حينها الدفعة الثانية بعد افتتاح الكلية، وهي تضم تخصصات فنية وأخرى في مجال الإدارة والمحاسبة، كان كل شيء موفرًا لنا، بفضل تشجيع الحُكُومة على طلب العلم، بعدها تواصلت في التعليم الجامعي بطريقة الانتساب أيضًا على نفقتي الخاصة، ومن ثم مرحلة الماجستير بتفرغ كامل، وكله فضل من الله وتشجيع الوالدين والأسرة والمحبين.
في الكلية الصناعية -تسمى اليوم كلية التقنية العليا- وعندما كنت في مكتبة الكلية، دخل علينا المذيع والإعلامي القدير خالد بن صالح الزدجالي، يرافقه أحد المخرجين في الإذاعة لا أذكر اسمه كاملا فيما أظن قبيلته المعولي، وقد يكُون هو المخرج محمد المعولي، وكان حينها خالد الزدجالي يقدم برنامجا إذاعيا، وقام بإجراء عدة لقاءات مع الطلاب، وبعد الانتهاء من إجراء المُقابلات وجدتُ نفسي مُندفعا لأسئله: كيف يُمكن أن يكُون الإنسان مذيعا؟ وما هي مُتطلبات هذا العمل؟ أذكر أجابني بابتسامته العريضة، والتي لم تتغيَّر حتى اليوم، وهو ينزل على الدرج من الطابق الأول مُسرعا حيث وُجُود المكتبة: الرغبه، وإتقان اللغة العربية، والثقافة العامة، والمبادرة.
وكان في ذلك الوقت نظام الدراسة في الكلية يتطلَّب من الطالب مُمارسة عملية وتطبيقية لما تعلمه في إحدى المُؤسسات، وهو بمثابة مُقرِّر دراسي، وكان حينها يتم المتابعة من خلال زيارات مفاجئة للدكتور المشرف على الطالب؛ حيث يسأل مديري الدوائر عن مُستوى إجادة الطالب ومُمارسة ما تعلمه، ويتطلب من الطالب كذلك كتابة تقرير عن الدائرة أو القسم الذي زاره وتدرَّب فيه، يشتمل على الاختصاصات وإجراءات العمل ورأي شخصي للطالب، ومن ثم تتم المصادقة على التقرير من قبل المسؤول في تلك الوزارة، وتقديمه للدكتور للتقييم والحُصُول على درجات التدريب العملي.
وقد كانت إجابة خالد الزدجالي تجُول في ذهني لمعرفة المزيد عن الإعلام، لهذا كُنت حريصًا على أن يكُون تدريبي العملي في وزارة الإعلام بهدف اكتشاف هذا الفكر وطريقة التعامل معه، وبالفعل رشحتني الكلية للتدريب في هذه الوزارة، وقضيت فيها أياما عديدة أتنقَّل من دائرة إلى أخرى، بما يتوافق مع تخصصي الدراسي في الكلية، وتعرَّفتُ في هذه الفترة على شخصيات كريمة تعلمت على يديها الكثير، وحظيت بزيارة لمبنى التليفزيُون والإذاعة، والتعرف على أقسامها وما تقوم به عن قرب، وقد حصلت من الوزارة على تقرير طيب، وفيه تعليقات رائعة وتواقيع الكثير من المسئولين في الإعلام، ليتني احتفظت به أو نسخة منه، فقد سلمته لإدارة الكلية.
هذا التدريب في وزارة الإعلام غرس لديَّ تقديرًا خاصًّا لدور الإعلام في خدمة المُجتمع والإنسانية؛ لهذا فبعد التخرج في الكلية تشرفت بالتكليف بأنْ أكون مراسلا إعلاميا في ولاية قُريات، عملت في البداية بجريدة "الوطن"، وكان في ذلك الوقت يتم إرسال الأخبار إمَّا بالوُصُول إلى الجريدة، أو الاتصال بالهاتف؛ حيث كُنت أملي الخبر كلمة كلمة بالهاتف، وقد تعلمت من الأستاذ عبدالستار خليف -رحمه الله- دروسا في الكتابة الصحفية، وكان لطيفا ومتعاوُنا ومشجعا لنا.
بعدها تعاملت مع جريدة "عُمان" الغالية علينا، وفيها كنت أكثر إبداعا ونشاطا في الكتابة الصحُفية، حيث كل من تعاملت معه في هذه الجريدة يدفع إلى الإبداع في العمل الصحُفي، وذلك من خلال التوجيه والتدريب المهني والتشجيع والتحفيز المعنوي وإخلاصهم المتقن لعملهم، خاصة بعد حضور الدورة التدريبية التي نظمتها وزارة الإعلام لنا في مجال العمل الإعلامي، ومع هذه الجريدة الموقرة وروَّادها ذكريات جميلة وعلى رأسهم: معلمنا وأستاذنا الشيخ حمود بن سالم السيابي والأستاذ سعيد بن خلفان الحارثي وسالم بن رشيد الناعبي والأستاذ خالد المعمري والأستاذة عزيزة الحبسي... وغيرهم.
فكنت بعد ما انهي عملي في قُريات، انطلق مُباشرة إلى مسقط بسيارتي الخاصة لتوصيل الأخبار والصور لتنزل في اليوم التالي في الجريدة، وأعود في اليوم نفسه في ساعات متأخرة من الليل، حيث لا توجد حينها تلك الوسائل الحديثة التي ننعم بها اليوم من الاتصالات، لذلك كثيرا ما كنت متواجدا في الجريدة في الفترات المسائية لإيصال الأخبار والتحقيقات والصور.
فتجد هُناك خلية نحل تعمل بانسجام وتكامل في الجريدة، خاصة في الفترة المسائية المتأخرة، لأن الكثير من الجوانب الفنية يتم تنفيذها يدويا، والصور تطبع بطريقة تقليدية، حتى الصفحات قبل أن تدخل المطبعة يتم رسمها بطريقة فنية جميلة تتجلى فيها روح الإبداع والجمال، وتلك الطرائق الفنية في الإعداد والتنفيذ تُشكل ميزة جمالية وإنسانية، لأنها تتعامل مع الكلمة والحرف والصورة بحميمية ومشاعر خاصة.
كما كان لي الشرف التعامل مع الإذاعة والتليفزيُون كمراسل في الوُلاية، وأذكر أن الإذاعة قد خصَّصت لنا وقتا محددا لتسجيل الرسائل الإخبارية، فكنا نتسمَّر أمام الهاتف ليصل دورنا للتسجيل، خاصة في البرامج المُباشرة في الصباح والمساء، فما من طريقة إلا عبر الهاتف الثابت لعدم وُجُود الهاتف المحمول في ذلك الوقت، وفي حالة التواصل مع البرامج المُباشرة يكُون الجهد أكثر مشقة لانتظار الوقت المحدد، خاصة إذا كنت تودُّ تسجيل لقاء مع أحد المسؤولين؛ حيث يتطلب وجوده معك حتى يتم الاتصال بالإذاعة، بعدها تطورت وسائل العمل، وتم تزويدنا بأجهزة للتسجيل والمونتاج، وجهاز لربط جهاز التسجيل بالهاتف، وعلى الرغم من الجهد والتعب الذي كان يبذل، إلا أنَّ ذلك بالنسبة لنا يُعتبر متعة لا تضاهيها متعة، خاصة وأنت تؤدي واجبًا وخدمة للمُجتمع والوطن.
كانت الأستاذة مريم الصالح هي أكثر من تتولى تسجيل رسائلنا الصوتية، كانت صبورة علينا كثيرا، لا أدري أين هي الآن، كانت تقول لي من باب التحفيز: صالح صوتك إذاعيا يكاد يكسر جهاز التسجيل من قوته، فكنا نحاول توصيل الصوت قويا لكوننا نتحدث عبر الهاتف وفق الدقائق المحددة لنا، ومن الطرائف الجميلة: كنت يوما في مبنى الإذاعة وطلبت تسجيل الرسالة مُباشرة، فكلف الأستاذ أحمد الأزكي إحدى الأخوات لتسجيل رسالتي (فيما اعتقد كانت الأخت ليلى الحبشي إذا لم تخونني الذاكرة) حاولت جاهدة معي لكي أضبط صوتي لكونني داخل الاستيديو وليس في قُريات عبر الهاتف، فكانت تقول لي: كن رقيقا مع الميكرفون يا صالح، فتذكرت حينها وقفتي لأول مرة مع هذا الجهاز المهيب والساحر وعمري حينها لا يتجاوز الخامسة عشر سنة أمام الحصن، حينما طلب مني الوالي الشيخ محمد بن عبدالله البلوشي والي قُريات رحمه الله، بعدما تم تجهيز ساحة الحصن وتزيينها، لأعلن عن جاهزية قُريات للاحتفال بيوم العيد الوطني ونهضة عُمان الحديثة بقيادة مولانا السلطان.
كانت تلك بعض ذكرياتي مع الإعلام، فكلُّ المحبة والتقدير والثناء لجميع العاملين في مجال الصحافة والإعلام، الجُنُود الذين يعملون بجهد وصبر وثقة من أجل إسعاد الإنسان، ونشر الثقافة والمعرفة في كل وقت ومكان، وعلى رأسهم معالي الدكتُور وزير الإعلام ومعالي الدكتُور رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتليفزيُون، فلهما جزيل الشكر على رؤيتهما وجُهُودهما للتطوير والتجديد والتشجيع، والتحفيز لمزيد من الإبداع والابتكار في مجال الإعلام.
متمنيا كل توفيق ونجاح للجميع لإيصال الرسالة السامية للإعلام العُماني إلى العالمية، بما يحقق المكانة الرفيعة للوطن. والله من وراء القصد.

الاثنين، 19 مايو 2014

الإنسان

يُؤكد العُلماء أنَّ الإنسان يولد وفي تكوينه بُذور النبوغ والعبقرية والإبداع والابتكار، ويتوقَّف نمو هذه البذور، أو ضعفها، أو موتها، على نوع التربية والتعليم والرعاية التي يتلقاها الإنسان من أسرته ومُجتمعه وبيئته ونظم الحياة التي يعيشها.

الأحد، 18 مايو 2014

مُنظمات المُجتمع المدني

الإطار المؤسسيُّ القائم على المبادئ والقيم واحترام القوانين والانتماء الوطني، هو الضَّمان لنجاح توجُّهات مُنظمات المُجتمع المدني بمفهُومها المُعاصر ضمن الثقافة المدنية الحديثة.

المعرفة

يتوقَّع العُلماء أنَّ الحروب القادمة بين الشعُوب سيكون سلاحها اقتصادَ المعرفة.

ذكريات أيام القيظ

أذكُر سن الطفولة، وأنا أتمعَّن تلك النخيلات التي أصبحت الآن تتهادى بما تحمله من ثمار.. تلك الأيام كانت مليئة بالنشاط والمرح، وبالعمل والمُثابرة، من أجل نجاح موسم القيظ؛ فالأطفال مُطَالبون بالقيام مُنذ الفجر من أجل جمع ما يتساقط من ثمار النخيل في جيلها أو محيطها الجذري، ولهم في ذلك أناشيد جميلة.
أتذكَّر تلك اللُّحمة المُجتمعية في أرقى مشاعر المحبة والتعاوُن والإيثار؛ فأول ما يجمعه المزارع من تباشير الرطب لا يُفكر أن يذهب به إلى السوق من أجل المال، بل تفكيره هو تبشير أهل بيته وجيرانه، على الرغم من الحاجة للمال في ذلك الوقت، ويسمى هذا عندنا بـ"الثواب" أي الأجر.
تجدُ كلَّ صاحب مزرعة يُرحِّب بمن يرغب في الإقامة من سُكان القرى الساحلية دُون أي تكدُّر أو ضيق، بل تجد الجميع يتعاون من أجل بناء تلك المساكن المصنُوعة من الدفوع والدعون.
وهُناك أيضًا تبادُل الهدايا؛ فسُكَّان الواحات الزراعية يقدمون بعض عذوق النخيل لسكان الساحل، فيما أهل الساحل يقدمون بعض المالح والأسماك المجففة، وتسميه النساء بـ"السهايم".
وفي نهاية موسم القيظ، بما يُسمى يوم الجداد، يجتمع الجميع للمساعدة؛ فهُناك من يتناول عذوق النخلة من ميراد البيدار ومخلاته الخوصية، وهُناك من ينقل تلك العذوق المحملة بشماريخ البسر أو الرطب أو السح إلى المسطاح، والجميع ينشد طاح ميراده الجداد، يشتغل على أولاده الجداد.
الأطفال والنساء أيضًا تجدهم يرقطون (يلتقطون) ما يتساقط تحت النخلة في أوعية تُسمى الزبيل والقفير والجبة، الأطفال الذكور يحملون القفير والزبيل، والبنات لهن أوعية صغيرة مصنُوعة من الخوص أيضًا ومزركشة بألوان تُسمى الجبة، وهي أصغر حجما من الزبيل.
مَوْسِم الكناز هو أحد أوجه التعاوُن بين أفراد المُجتمع؛ فكلُّ يوم تجد أهل القرية مع شخص من أجل كناز التمر، والكناز عملية جمع التمر وهرسه بالأرجل حتى يصبح ناعما أو عجينة، ومن ثم يوضع في أوعية خوصية تُسمى الجراب أو الخصف، وهي على شكل أسطواني، وتُشك من الأعلى بأداة تُسمى المسلة، وخيوط رفيعة تُسمى السرود.
وتتجسَّد عملية الكناز في أنْ يدعو صاحب التمر جيرانه وأهل محلته للكناز في يوم معين، وفي مساء اليوم السابق للكناز يُجمع التمر في المسطاح على شكل هرم ويُرش بالماء لتليينه، وقد تُفرش أرضية المسطاح بالحجارة أو الدعون حسب طبيعة الأرض.
وفي الصباح الباكر، تبدأ عملية الكناز وتسمى أيضًا الهمبارة؛ حيث تفرش السمة، وهي دائرية الشكل ومصنُوعة من سعف النخيل، ومن ثم يقف الرجال في وسطها، ويقوم عدد من الصبية بنقل التمر من المسطاح في أوعية خوصية تُسمى القفر ومفردها قفير وتسمى أيضًا مُبدع، ويتم نثر التمر في وسط السمة، ويقوم الرجال بدوس التمر أو المشي عليه بقوة حتى يتحوَّل إلى عجينة، ومن ثم يقسم في أوعية خوصية تُسمى الظرُوف أو الضمايد، وللهمبارة عادات وأناشيد معروفة وجميلة.
هُناك أيضًا زفانة الدعون، وهي عملية فنية لا يتقنها إلا من لديه الخبرة في ذلك، والدعن هي عبارة عن رص لخوص النخيل أي أغصانها اليابسة بطريقة فنية، ويتمُّ ربطها بحبال مصنُوعة من ليف النخيل أيضا، وللدعن مقاسات من حيث الطول والعرض حسب رغبة صاحبها.
وقديمًا أيضًا كانتْ هُناك في حيل الغاف مراجل كثيرة للتبسيل؛ فحيل الغاف كانت مشهورة بنخل المبسلي، وأصبح اليوم معدوما. وللتبسيل عادات جميلة، وله قيمة اجتماعية واقتصادية، وهُناك أيضًا مَعاصر مشهورة لقصب السكر؛ تتجلى فيها أوجه التعاوُن بين أفراد المُجتمع.
أَضِف إلى ذلك تلك الرمسات الجميلة في المساء على السجم لتبادل الحكايات والقصص والأخبار. إضافة إلى الألعاب الجميلة المُرتبطة بالقيظ؛ مثل: لعبة طلوع النخيل، ولعبة دوامة الخلال... وغيرهما، وجميعها ألعاب لها ارتباط بالنخلة والحركة والنشاط وتحريك خيال الفكر والإبداع.
تلك العادات لا يعرفُها اليوم الجيل الجديد، ومن المُهم توثيقها وتسجيلها وتدريسها ونشرها من خلال وسائل الإعلام المُختلفة، والتعريف بها من أجل أن يعرف هذا الجيل كيف كان من قبلهم يعيشون ويعملون من أجل رفعة شأنهم، واعتمادهم على أنفسهم في توفير الحياة الكريمة والهانئة، وببساطة شديدة دُون أي تكلف، يسودها جو التعاوُن والمحبة بين كافة أفراد المُجتمع.
هذا من ذكريات أيام القيظ، أيَّام زمان أيُّها الأصدقاء الكرام.

الجَوْدة

نَسْمَع كثيرًا عن تطبيق نظام الجودة، وتُستورد لها الخبرات لصياغة نظمها. الجَودة قبل أن تكُون نظاما مُلزِما هي ثقافة وقيم سلوكية وأسلوب حياة يجب أن يؤمن المُجتمع بأهميتها.

النظام

الإنسان مُطَالب بالجهاد البنائي بهدف الارتقاء بقيمة الحياة وعمارة الأرض، إلا أنَّ تحقيق ذلك يتوقَّف على نظرته الواقعية لحركة هذا الكون، والقائمة على الدقة والنظام.

السبت، 17 مايو 2014

الدافعية والحوافز

يَرَى عُلماء الإدارة أنَّ الدوافع -أو الدافعية- هي قوة محركة داخلية تعمل على حثِّ الإنسان نحو اتجاهات مُحدَّدة من خلال سلوك معين، ويُمكن من خلال ذلك تحقيق هدف مرسُوم.
ويَرَون أيضًا أنَّ الحوافز هي قوة خارجية يُمكن الاستفادة منها لحث الإنسان على تحقيق الأهداف والغايات. ويرَون أيضًا أنَّ دوافع الإنسان هي الناتج السلوكي للحاجات.
ومَهْمَا كان، فإنَّ فهم حاجات الإنسان هو السبيل الوحيد لتحريكه نحو تحقيق الهدف، مع الأخذ في الاعتبار أن البشر بطبيعتهم مُختلفون ومشاعرهم كذلك مُختلفة، وتلك من أهم مُقومات الشخصية الإنسانية؛ لهذا فإنَّ فهم هذه الشخصية هو الرهان للتأثير في دافعيتها.
ولعلَّ رسُوخ الإيمان، وعلاقة الإنسان بربه، والنية الصادقة، وإيمان الفرد بأنَّ العمل عبادة، هي عوامل مُهمة أيضًا لتحريك الفرد ودفعه نحو تحقيق الجودة والإتقان في تحقيق الأهداف.
إلا أنَّ تحقيق العدل والشفافية، وانسيابية المعلُومات بين الأفراد، وتحقيق التمكين والمُشاركة بتوجهاتهما الحضارية، هي أيضًا عوامل أساسية في دافعية الأفراد للمُشاركة بطريقة إبداعية لتحقيق الأهداف والغايات.

الجمعة، 16 مايو 2014

الطارش

الطَّارش.. مُصطلح عُماني؛ كان يُشكل أحد عناصر الاتصال الفاعل أيام زمان؛ فقديما كان يُعدُّ وسيلة مُهمة لتوصيل المعلومة إلى المتلقي أو المرسل إليه، وهو حلقة الوصل بين المرسل والمرسل إليه.
فإِذَا ما تمَّ حدث ما؛ سواءً اجتماعيًّا أو غيره، يُكلَّف الطارش بتوصيل المعلومة، سواءً كانت شفهية أو كتابية، وعادة ما يقوم بذلك مشيا أو باستخدام دابة كالحمار أو الجمل، أو عن طريق قارب شراعي أو قارب الغادووف.
ولا يَقُوم بهذه المُهمة إلا المدروب؛ أي: الشخص القادر على تحمل مشاق السفر من مكان إلى آخر، وهو بطبيعته رياضي من كثرة المشي، وغالبا ما يكافأ الطارش ببعض المال.. تلك هي إحدى وسائل الاتصال قديمًا.

النهمَة

الأسواق الشعبية قديمًا كانت سِجلًّا للكثير من الأحداث والعادات الاجتماعية، كما هي أيضًا أحد المصادر المُهمة لنقل المعرفة -بشقيها: الضمني والظاهر- وهي وسيلة لتبادل المعلُومات، وعن طريقها أيضًا يمكن توصيل التعليمات؛ لهذا كان يُكلف أحد الأشخاص بهذه المُهمة بما يُسمى النهمة، وهي عادة أصبحت غير موجودة الآن، وقد لا يتذكرها الجيل الحالي.. وينهم يعني: ينادي.
فهي وسيلة فاعِلة لتنبيه الناس، وإبلاغهم بالتعليمات الرسمية؛ حيث يقف ذلك الشخص في مكان مُرتفع بالسوق، وينهم بعبارة معروفة، وكل شخص يسمع ذلك النداء يذهب إليه للاستماع، ويتحلَّق الناس حول ذلك الرجل، ومن ثمَّ يقرأ ما كُتِب له من تعليمات.
بَعْدَها، يتم تداول تلك التعليمات بين الناس في حديثهم وجلساتهم، وأثناء رجوعهم لقراهم، وكانت وسيلة فاعلة لنشر المعلومة، وتلك الوسيلة كانت تستخدم بسبب عدم توافر وسائل الاتصال والمواصلات كما هي عليه اليوم، والحمد لله.

استخدام أدوات التسويق في مجال الدعوة

الدُّعاة وخُطباء المساجد والجوامع مُطالبون، اليوم، بأهمية استخدام أدوات التسويق الحديث للتعرُّف على الظواهر المُجتمعية السلبية والإيجابية، ورَصْد مشكلات واحتياجات أفراد المُجتمع؛ بهدف صياغة إستراتيجياتهم الدعوية المبنية على العلم والمعرفة، ووفق رؤية عصرية لضمان تحقيق رسالة الإسلام نحو الإصلاح والتغيير الإيجابي لتوجهات المُجتمع وأفراده.
وأن يكُون ذلك على ضَوْء دراسة واقعية للبيئة التي يعيشونها، وأن تنسجم مع مُتغيراتها المُستمرة. وبما يَتوَافق مع مُتطلبات الشريعة السمحاء الحاوية لكل ما يهمُّ أمرَ الدين والدنيا والإنسانية، ووفق ما تقتضيه أيضًا ظرُوف الزمان والمكان والبيئة ومُتطلبات العصر.
وآيَات القرآن الكريم، وسيرة الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا تزال تُشكل بحرًا زاخرًا لتحقيق هذا الهدف والغاية، وتُسَاعد كثيرا على توصيل رسالة هادفة ومؤثرة ترقَى بمكانة ما يقوم به الدُّعاة اليوم.

الخميس، 15 مايو 2014

موقف إنساني

مَشْهَد إنساني استوقفنِي كثيرًا، وله دلالة عميقة ضمن التوجهات الحضارية للإنسان العُماني؛ ذلك الرجل الذي خصَّص من وقته وماله من أجل إطعام الطيور وبشكل يومي، وفي توقيت مُحدَّد يحمل بيده إناءً مليئًا بالحبوب، وينثرها في عُمق الوادي، وما إن ينتهي من ذلك إلا والحمام يحيط به ويظله فرحة بوجبة متكاملة.
هَذا المشهد يُمكن مُشاهدته في قلب مسقط، وبالتحديد بالقرب من حي سوق المال، وعلى الوادي الذي يُطل عليه سوق مسقط للأوراق المالية. مشهد اليوم كان مُختلفا تمامًا؛ فالحمام قد غطَّى مسار الوادي، مُشكِّلا منظرًا باهرًا بألوانه وأشكاله المُختلفة؛ الأمر الذي جعل من المارة الاستمتاع بذلك المنظر البهي، وبالموقف الإنساني الراقي والرائع.
حَيْثُ أكَّد تصرف ذلك الرجل مقولة إنسانية للخليفة عمر بن عبدالعزيز، حين قال يوما: "انثروا القمح على رُؤُوس الجبال، حتى لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين".

مُقترح

بالأمس، استمعتً إلى حُوارٍ جانبيٍّ بين بعض الشباب في جلسة بالنادي الثقافي، حول أهمية التفكير في دمج النادي الثقافي مع المنتدى الأدبي في مُؤسسة واحدة، واستثمار الإمكانات المتاحة لخلق مُؤسسة فاعلة تتواكب مع مُتطلبات المرحلة.

الأربعاء، 14 مايو 2014

التغيير

التغيير، والإصلاح، والتطوير الإيجابي.. لا يعني أن نبدأ من الصفر، وننسف كلَّ ما أنجزه السابقون؛ فالتغيير سُنَّة كونية مُتجددة، وهو عملية تراكمية مُتواصِلة ومُستمرَّة لا تتوقف، وتلك حكمة أرادها الله من أجل استمراريَّة إنجازات الحياة؛ فليس هُناك ما هو دائم إلا وجه الله تعالى.
لهذا؛ يجب على الأجيال المُتعاقبة احترام إنجازات من سبقهم، وأن يعملوا على تطويرها وتكمِلَة المشوار، وفق نُظُم وسلوكيات وقِيَم وأخلاق واتِّجاهات مؤسسية وشخصية ترقَى بالمنجز الحضاري للمُجتمع الذي يعيشون فيه.
فهَدَف التغيير ليس تغييب الآخر، وتهميش مُنجزاته الفكرية والمادية، وإنما التغيير بهدف تحقيق التميز في الأداء والارتقاء بالمُنجزات والعمل الصادق المبني على العلم والمعرفة، ويتواكب مع ظرُوف العصر ومُتطلبات الناس وواقعهم واحتياجاتهم الحالية والمُستقبلية.

السبت، 10 مايو 2014

خُبزالرخال العُماني

انتشرتْ كثيرا محلَّات بيع الشاي الكرك والخبز العُماني، والذي يُسمَّى خبز الرخال أو خبز الرقاق، وبأسعار مرتفعة أيضا. وباتت الكثير من البيوت اليوم هاجرةً لصناعة هذا الخبز، والكثير من فتيات اليوم قد ترفَّعن عن تعلُّم صناعته رغم أهميته وقيمته الغذائية، ومكانته التاريخية عند أهل عُمان.
خُبز الرخال يعدُّ وجبة رئيسية عند العُمانيين، وكان يُصنع من طحين الشعير والقمح أو البُر العُماني، وفي حالة عدم توافره يصنع من الدخن والعلس والماش والمريمبو، وكذلك من ثمار السدر النبق إذا دعت الحاجة لذلك. الأرز -أو العيش كما يسميه البعض- لم يكن وجبة رئيسية في عُمان، وإنما السَّمك والتمر والخبز هي أهم الأكلات العُمانية.
اليوم، نُواجِه تحديًا كبيرًا تجاه المُحافظة على هذه الطريقة التقليدية لصناعة الخبز العُماني، وأصبح الاتجاه إلى أنواع أخرى من الخبز، وأصبحتْ الأيدي العاملة الوافدة تتدخَّل بقوة في صناعة المأكولات العُمانية، وبطريقة مخالفة لواقعها الصحيح.
مِن المُهم جدًّا التفكير في هذا الموضُوع، وعلى الجهات البحثية والصحية دراسة هذا الجانب، والعمل على إيجاد الوسائل المناسبة لتوفير هذه المأكولات العُمانية في أسواقنا المحلية، وتكون بأسعار تتناسب مع مُختلف شرائح المُجتمع. وإدراج مسميات المأكولات العُمانية، وطريقة تحضيرها، وقيمتها الغذائية، ضمن المناهج والمساقات الدراسية والعلمية في مُختلف مراحل التعليم، والذي يعدُّ مطلبا مهما أيضًا في هذا العصر.

حُوار مع طفل موهوب

مَسَاء أمس، كُنت في ساحة ميناء الصيد بقُريات، مُتأملا ذلك الجمال الطبيعي لخور الميناء. هُناك حركة ونشاط متواصلان. وأصبحت ساحة الميناء متنفسًا لسُكان المدينة والسياح، ومن المُهم جدا الاهتمام بتوفير المزيد من الخدمات في ذلك المكان المهم.. ما شدَّني كثيرا ذلك الطفل الذي لمحتُه من بعيد وهو لا يتجاوز من العمر اثني عشر عاما، جالسا على أحد مراسي القوارب، وهو بين الحين والآخر يصطاد سمكة صغيرة، وفي سرعة مذهلة.
اقتربتُ منه لأعرف سرَّ هذا النشاط، تعرَّفتُ عليه، فاسمه حسين البلوشي، وهو من سُكان الساحل، يدرس في الصف السادس الابتدائي. قلت له: كم سمكة اصطدت؟ قال لي: "ملء عربانة، وكيس كبير، ولكن للأسف هذه الأسماك التي نصطادها لا يُقبل عليها أحد، وأنا وأصدقائي نصطادها من أجل تخلِيص أهلنا من الصيَّادين من هذه السمكة التي انتشرتْ كثيرًا في حوض الميناء؛ فهي سمكة تُسمى بقم، لها أسنان حادة، ولديها قُدرة على قطع شباك الصيد وخيوط الصيد".
قلت له: طريقة صيدك لهذه السمكة جديدة، فأنت لا تستخدم سنارة في صيدها؟ قال لي: "نعم ذلك صحيح، فأنا وأصدقائي اخترعنَا طريقة لأجل صَيْد هذه السمكة، بعد أن اكتشفنا أنَّها لديها مقُدرة على قطع خيوط الصيد وابتلاع السنارة أو المجدار".
قلت له: اشرح لي طريقتك الجديدة. فأخَذ يشرح لي طريقته؛ فهي بسيطة جدا، يقوم بأخذ سمكة ميِّتة ويربُطها من الوسط بخيط من النايلون -يسمونه الزانة- ويُنزلها في البحر، فكلما تجمعت الأسماك لأكل تلك السمكة ينزع أو يجذب ذلك الخيط بسرعة، وقد علقت فيه عدة سمكات.. وهكذا يستمر حسين في طريقة صيده.
قلت له: ماذا تفعلون بالأسماك التي تصيدونها؟ قال لي: "إما نرميها في البحر أو صُندُوق القمامة. قلت له: لا ترموها في البحر؛ لأنها ستلوثه، ولكن اعرضوها على المتسوِّقين، وإن لم يشتريها أحد تخلصوا منها بطريقة صحيحة في المكان المخصص لرمي مخلفات الأسماك بالقرب منكم.. حاولتُ أن التقطَ له صُورة، اعتذر لي، فلبيت رغبته.
ودَّعت حسين ورفاقه الصغار، وفي نفسي سَعَادة غامرة بهذا الفكر الذي شاهدتُه من أبناء اليوم.. تحيَّة لحسين ورفاقه، وبارك الله فيكم.

الجمعة، 9 مايو 2014

الحياة قصيرة جدا

مُنذ فترة، يُحدِّثني أحد الأصدقاء عن شخصية عُمانية مشهورة، كان يدعو أصدقاء له بين فترة وأخرى بهدف اللقاء بهم، وكان ينصحهم بقوله: "أكثروا من اللقاء، فإن الفراق حاصل".
وبَعْد فترة من الزمن تُوفِّي ذلك الرجل، وتفرَّق الأصدقاء كلٌّ في حاله ومصلحته.. يقول لي ذلك الصديق: كانتْ تلك اللقاءات التي تجمعنا لها مكانة وتأثير نفسي ووجداني على تقوية روابط الصداقة والمحبة بين ذلك الجيل.
الحَيَاة قصيرة جدًّا.. قبل أيام ودَّعنا أحبَّة لنا، لقد كانوا بين ظهرانينا، وفجأة رحلوا وبقيت ذكرياتهم.
مَا أصعب فراق الأحبة، ولكن تلك هي سُنة الحياة، ينتقلُ فيها الفرد من محطة إلى أخرى، فينقلبُ ابن آدم من الشَّباب إلى الهِرَم، ومن الصحة إلى السِّقم، ومن الوُجُود إلى العدم.
هَب أنَّك قد ملكت الأرض طرا... ودان لك العباد فكان ماذا
أليس إذا مصيرك جوف قبر... ويحثي الترب هذا ثم هذا

حكمة

الكَاتِب الصحُفي المعروف جمال خاشقجي، التقى يومًا المفكر العُماني صادق جواد سليمان، وقال له حكمة: "خُذ من الحياة ما صفا، ومن العيش ما كفى".
علَّق خاشقجي في تغريدة له على ذلك: لقد تعلَّمت هذه الحكمة الليلة من هذا الحكيم العُماني.

الخميس، 1 مايو 2014

عيد العُمال

يُروَى أنَّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أمسك بيد أحد الصحابة، وكانت خَشِنَة من العمل، فقال: "إن هذه اليد يُحبها الله ورسوله".
تحيَّة تقدير للسَّواعد الكادحة، تحيَّة احترام للعقول المنتجة، الذين هم في الحقل والمصنع، وفي كل موقع من ميادين العمل، الذين يعملون من أجل رُقي الوطن وخدمة المُجتمع وسعادة الإنسان.
تهنئة خالصة للمُبدعين بيوم الشغل العالمي، أو عيد العمال، في كل مكان من العالم.