في بِدَاية الثمانينيات، قمتُ مع أصدقاء لنا
بزيارة دولة الكويت الشقيقة لزيارة أحد الأرحام، وهو الوالد علي بن سيف البطاشي،
هاجر من عُمان مُنذ سنوات طويلة قبل النهضة المُباركة.
كَانَت رحلتُنا في شهر رمضان المُبارك، مرَرنا
بأكثر من مركز للحدود، ومع خُروجنا من حدود دولة قطر وبعد خَتم الجوازات، وجدنا
البوابة مُشرعة للخروج، كنت أقود السيارة من نوع هيلوكس تويوتا، خرجت وبعد مسافة
إلا بصفارة تنطلق تدعونا للوقوف والرجوع.
رَجعت بالسيارة إلى البوابة، وإذا أحد يحدثنا
بلكنة سودانية: "إنته رايح فين يا زول". قلت له: "رايح الكويت يا زول".
رد علي: "إنته عاجبتك سيارتك حتى تخرج دُون أن توقف على البوابة". قلت
له: "نعم عاجبتني سيارتي، ونحن ختَمنا الجواز من المركز، ووجدتُ بوابتك مفتوحة،
وفي الظلام لم نرَ شخصك الكريم، فأنت مُنزوٍ بعيدًا. وترى ما دخلنا إلا في أرض
خليجية"، قال: "الحين توكلوا".
دَخلنَا أراضي السعودية، نِمنا في أحد الأماكن على
نية أن اليوم الباكر هو يوم 29 من رمضان، قُمنا من رُقادنا في الصباح إلا والجميع
يُصلِّي العيد، سألنا عن الموضُوع. قيل لنا: هُناك خطأ وقع عند دُخُول رمضان،
واليوم هو يوم عيد، وسيتم التعويض عن هذا اليوم بصيام. دخلنا الكويت، رأيناهم
صائمين.
المُهم، استضافنا أحد أبناء قُريات يُسمَّى خليفة،
يُطلقون عليه "خليفة الظالم"، لا أدري ما السبب! كان رجلا كريما ومحبا.
زُرنا الوالد علي بن سيف البطاشي، فأمُّه من
أرحامنا؛ فهو يعتبر ابن عمة جدنا، وجدناه كبيرًا في السن، له بعض التجارة في
السوق، زرع في وسط فناء منزله نخلة، قال لنا: هذه النخلة تذكرني بعُمان، كان رحمه
الله مهتما بتلك النخلة. له صهر أيضًا من عُمان اسمه ناصر بن سيف المكيني، درس في مدرسة
الإمام الخليلي، كان له شأن في إذاعة الكويت، والكويت خَصَّصت لهم بيوتًا راقية من
دورين.
حاولتُ إقناع الوالد علي بالرجوع إلى الوطن، وكذلك
صهره ناصر، وزرنا سعادة سفير السلطنة في منزله، وهو أيضًا حاول أن يقنعهم بذلك،
إلا أنهم فضَّلوا تكملة مشوار حياتهم في الكويت.
تُوفِّي الوالد علي مُنذ سنوات، وله أولاد يطلق
عليهم الآن آل ياسين فيما أعتقد. أما ناصر، فهو دائما ما يتواصل مع سيدي الوالد، ويزوره
بين الحين والآخر.
قَبْل وفاة الوالد علي -رحمه الله- تبرَّع ببناء
مسجد في حارتنا، حتى مكيفات الهواء أرسلها للمسجد من الكويت - رحمه الله.
ومَع رجُوعِنا، اشترينا مساند (دكي) كانت الكويت
مشهورة بها، ومع دُخُولنا حدود السعودية قضينا ساعات طويلة في التفتيش، من أجل أن
يسمحوا لنا بأن تمر تلك الدكي؛ لأنها كما قيل لنا عددها كبير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.