مَسَاء أمس، كُنت في ساحة ميناء الصيد بقُريات، مُتأملا
ذلك الجمال الطبيعي لخور الميناء. هُناك حركة ونشاط متواصلان. وأصبحت ساحة الميناء
متنفسًا لسُكان المدينة والسياح، ومن المُهم جدا الاهتمام بتوفير المزيد من
الخدمات في ذلك المكان المهم.. ما شدَّني كثيرا ذلك الطفل الذي لمحتُه من بعيد وهو
لا يتجاوز من العمر اثني عشر عاما، جالسا على أحد مراسي القوارب، وهو بين الحين
والآخر يصطاد سمكة صغيرة، وفي سرعة مذهلة.
اقتربتُ منه لأعرف سرَّ هذا النشاط، تعرَّفتُ عليه،
فاسمه حسين البلوشي، وهو من سُكان الساحل، يدرس في الصف السادس الابتدائي. قلت له:
كم سمكة اصطدت؟ قال لي: "ملء عربانة، وكيس كبير، ولكن للأسف هذه الأسماك التي
نصطادها لا يُقبل عليها أحد، وأنا وأصدقائي نصطادها من أجل تخلِيص أهلنا من الصيَّادين
من هذه السمكة التي انتشرتْ كثيرًا في حوض الميناء؛ فهي سمكة تُسمى بقم، لها أسنان
حادة، ولديها قُدرة على قطع شباك الصيد وخيوط الصيد".
قلت له: طريقة صيدك لهذه السمكة جديدة، فأنت لا
تستخدم سنارة في صيدها؟ قال لي: "نعم ذلك صحيح، فأنا وأصدقائي اخترعنَا طريقة
لأجل صَيْد هذه السمكة، بعد أن اكتشفنا أنَّها لديها مقُدرة على قطع خيوط الصيد وابتلاع
السنارة أو المجدار".
قلت له: اشرح لي طريقتك الجديدة. فأخَذ يشرح لي
طريقته؛ فهي بسيطة جدا، يقوم بأخذ سمكة ميِّتة ويربُطها من الوسط بخيط من النايلون
-يسمونه الزانة- ويُنزلها في البحر، فكلما تجمعت الأسماك لأكل تلك السمكة ينزع أو يجذب ذلك
الخيط بسرعة، وقد علقت فيه عدة سمكات.. وهكذا يستمر حسين في طريقة صيده.
قلت له: ماذا تفعلون بالأسماك التي تصيدونها؟ قال
لي: "إما نرميها في البحر أو صُندُوق القمامة. قلت له: لا ترموها في البحر؛ لأنها
ستلوثه، ولكن اعرضوها على المتسوِّقين، وإن لم يشتريها أحد تخلصوا منها بطريقة
صحيحة في المكان المخصص لرمي مخلفات الأسماك بالقرب منكم.. حاولتُ أن التقطَ له
صُورة، اعتذر لي، فلبيت رغبته.
ودَّعت حسين ورفاقه الصغار، وفي نفسي سَعَادة
غامرة بهذا الفكر الذي شاهدتُه من أبناء اليوم.. تحيَّة لحسين ورفاقه، وبارك الله
فيكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.