استطَاع العُمانيون عبر الحقب الزمنية المُتعاقبة
تحقيق إنجازات حضارية وإنسانية، واستطاعوا بفكرهم المتجدِّد والمتطوِّر تطويع
البيئة لخدمتهم مهما كانت صعوبتها ووعورتها، وقد عملوا بجد ومُثابرة في الاعتماد
على الذات، والمُتمعن والمتأمل في التراث المادي والفكري للإنسان العُماني يجد
الدلائل الواضحة على الإنجازات الحضارية التي يجب على الأجيال الافتخار بها.
انظُروا إلى القنوات المائية التي أبهرتْ العالم
بتقنياتها ونظامها الفريد، انظروا إلى العبقرية العُمانية في كيفية إنشاء الواحات
الزراعية في قِمم الجبال وعلى ضفاف الأودية، انظروا إلى الجنائن المعلقة في الكثير
من المدن العُمانية كالجبل الأخضر ومسفاة العبريين بولاية الحمراء وقرية المسفاة
بولاية قُريات، والتي تمَّ نحتها في الصخر بشكل هندسي رائع الجمال، انظروا إلى
القلاع والحصون والأبراج المثيرة في البناء والفخامة، والتي تميَّزت بهندستها
الرائعة ومُكوناتها الراقية.
انظروا إلى التاريخ البحري وأساطيلهم البحُرية
التي أرعبت أقوى القوى العالمية وفق مُعطيات عصرها، انظروا إلى الإنجازات الحضارية
التي ركَّزت على نشر المحبة والسلام والتفاهم والتسامح بين شعوب العالم، انظروا
إلى الإنجازات الفكرية والعلمية والمعرفية للعُمانيين عبر العصور، انظروا إلى النظام
السياسي والإداري والاجتماعي الذي أسسه العُمانيون طوال عهودهم الماضية، والذي
يُؤكد عراقة الإدارة وقدرات الإنسان العُماني التنظيمية والقيادية الفاعلة في
محيطه الإنساني.
اقرأوا تاريخ عُمان المجيد؛ فمنذ فجر التاريخ عُرِف
عن عُمان استقلاليتها والمُحافظة على كيانها، واعتمدت على جُهُودها في تنمية
حضارتها الإنسانية. ومنذ عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وعُمان دولة لها
تقديرها واحترامها، وشكَّلت أهمية إستراتيجية بين ممالك العالم، وأسهمت بفاعلية في
نشر الحضارة الإسلامية.
وقَد جدَّد هذا الدور الإمام الجلندى بن مسعود بن
جيفر عام 132هـ/749م، وكانت دولة تتمتَّع بكيان سياسي مُستقل، لها اتساع جُغرافي شَمِل
أجزاء من الساحل الفارسي والهندي والإفريقي، ولها مُنجزاتها الحضارية التي سطَّرها
التاريخ بماء من ذهب.
اليوم، نحن بحاجة لتوظيف هذا التراث الإنساني
لبناء المُستقبل، ومن المُهم تذكير الشباب بتاريخهم المجيد وحاضرهم المشرق، والعمل
على الأخذ بالأفكار المستنيرة وخلق المُبادرات التحفيزية لدفعهم نحو العمل الجاد، والمُثابرة
الأكيدة، لمواجهة تحديات العصر، ومُتطلبات الحياة العصرية.
ولَا يُمكن للشباب تحقيق ذلك إلا من خلال تركيزهم
على العلم والمعرفة، وتحلِّيهم بالصبر والعزيمة، والتحلِّي بالقيم والمبادئ الرفيعة،
وعليهم إدراك مسؤُولية المُحافظة على مُنجزات النهضة المُباركة التي يرفلون
بنعيمها وخيراتها الوافرة، وأنْ يعملوا بجد وإخلاص من أجل مواصلة العطاء والبناء
لخدمة عُمان الغالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.