الاثنين، 17 ديسمبر 2018

خاطرة

الأسَاطِير فِي المُجتمَعَات القدِيمَة لَهَا قيمَة حضاريَّة وتاريخيَّة، وهي دلالةُ قوَّة لتفكير شُعوبها، للبحثِ عن حقيقةِ الأشياء، وتفسيرِ ظَوَاهر الكَوْن؛ فلا ينبغِي علينا احتقارُهَا والتقليلُ من قيمَتِها، حتَّى وإنْ خالفتْ واقعَنَا وتفكيرَنَا اليوم؛ فهِي صِيْغَت في زمنٍ مُختلفٍ لم نَعِشه.

الأحد، 16 ديسمبر 2018

الطرَّاد

الطرَّاد (بتشديد الرَّاء) كَلِمة عربيَّة فَصِيحة، استُدعِيت هَذا الزمان، لتُنَافِس مُفرَدَة "الهوري".. الطرَّاد إذا ما شبَّا ظهره بالزوك، اعتَرَاه الوجَع والتثاقُل، ولا يعُود له نشاطُه وسرعتُه المعهُودَة إلا بقشر ظَهرِه، والمَثَل يقُول: "ما حكَّ ظهرَك مثل ظفرِك".

السبت، 15 ديسمبر 2018

خاطرة

الحَيَاة قَائِمة على التَّكامُل.. الصيَّاد ينزلُ البحرَ بقاربِه، فيُصَارع البحرَ وأهوالَه، لكي يَنْعَم برزقِ البَحر وخَيْراته، فيَعُود فرحًا مُبتسمًا، تَارِكًا التَّعَب والنَّصَب وَرَاء ظهرِه، فتستقبلُه النَّوَارس مُظلِّلة مَسَاره إلى الميناء، فيُكرِمها بِمَا جَاد مِن «الجيم»، فتَعزِف له برَفرَفات أجنحتِها وزَقزَقات حَنجَرتِها مُوسِيقى جَمِيلة، فيَعُود إليه النَّشَاط مِن جَدِيد.. هُنَاك في الميناء ينتَظِرونَه بلهفةٍ وشَوْق، فوصُولُه سَبَب الحَرَكة والتَّداول في السُّوق.. المتسوِّقون، والقمَّاطون، وأصحابُ حَافِلات نقل الأسماك، والدَّلالون، وشَرِكات تَسوِيق وتَصْنِيع الأَسْمَاك (المحليَّة، والعالميَّة)، جَمِيعُهم ينتَظِرُون مَا أتَى بهِ الصَّياد من خَيْرات، لتَعمَّ الفَائِدة والأَرْزَاق الجميع.

المنظر من خور الساحل بقريات

البيئة الطبيعية، هي روح الحياة.

ذاكرة

عَشِق السُّوق القَدِيم مُنذ طفُولَته، فكَانَ ذاكرةَ المَكَان والإنسَان، فبَيْنَه والسُّوق عَلَاقة إنسانيَّة، ومَحبَّة لا تنتَهِي.. يفترشُ بَسْطَته ومَنْسَفه، فينثرُ عَليهَا ما طَاب من فَوَاكه المَوْسم، وفِي القَيْظ يَعرِض عَسَق الخنيزي، وقَفر رُطَب القدمي، وزَبلان رُطب الخمري، وشَمَاريخ الخَلَاص، ورُطب الخَصاب المخْمل.
وإِذَا مَا أَرَاد الوصُول إلى مَسْكَد ومَطْرَح ركب «البابُور» بدن ولَاد صويدق، فيَمْخُر بِه عُبَاب البَحر بالشِّراع والغَادوف، ليَعُود بَعد أيَّام سَفَر مُحمَّلا بالبضَاعَة والصُّوغات، ومَا إنْ يَلمَح السَّعتري بازغًا مِن الغبّة نَفَخ في الجم مزمِّرًا بصَوتِه الشَّجِي، مُعلِنًا فَرْحة العَوْدة إلى السُّوق من جَدِيد، كَان ذَلِك الصَّوت عَلَامة وُصُوله إلى البَندر.
قَضَى جُلَّ عُمرِه في السُّوق، لا يُفَارقه حتَّى في سقَمِه ووَجَعه، تَجِده في الصَّباح البَاكر مُفتَرشًا أرضَ العَرْصة، وفِي المَسَاء على مَنسَفِه أو بَسْطِته يُقلِّب حبَّات البَطيخ، مُدلِّلا جَمَالها الأخَّاذ، ورَائِحة طَعمِها الزَّكي، تَسْمَع صَوْتَه الخَافِت والمميَّز من بَعِيد، وَسْط نِدَاءات البَاعَة المُتداخِلة، والمُعتَّقة دَومًا بأعذَب الكَلام، وأَجْمَل الألحَان.
كَان قَنُوعا مُتَواضِعا فرحًا مُحبًّا للجَمِيع، يَلْقَى النَّاس بالكَلام الطيِّب، والوَجه الطَّلق المُبتَسِم، لا يخلُو وقتُه مِن فُكَاهة أو مِزَاح عَفَوي مَع مَن يُحِب. وعِندَما ضَعُف بَصره ونَحُل جسمُه بَعد سَنَوات طَويلَة مِن عُمرِه في خِدمة السُّوق، لم يَستَكِن لضَعْفِه، بل تَجِده أوَّل النَّاس من يَستقبلك فِي السُّوق بعد صَلاة الصُّبح.
هَكَذا استمرَّ إلى آخر يَوْم من عُمرِه، مُخلِصًا للسُّوق، ليُودِّع مُحبِّيه، بعد عُمرٍ من الكِفَاح والعَمَل، وحَيَاة مَلِيئة بالنَّشَاط المُستمر مِن أجلِ الاعتمادِ على الذَّات، لتنطَفِئ عِندَها أيقونَة جَمِيلة، وشُعلَة مُكافَحة ومَحبَّة للحَياة في السُّوق.
فكلُّ رُدهَات السُّوق القَدِيم تَحملُ ذِكرَيات المَرحُوم سَعِيد العلوي، وزُمَلاء تِجَارة رَحَلوا مَعَه -رَحِمهم الله- فذِكْرَاهم لا تَزَال عَالِقة فِي الذَّاكرة، وهِي أيضًا مُسطَّرة فِي جُدرَان الطِّين بالسُّوق القديم، المُبلَّلة مُنذ القِدَم بعَرَق الرِّجال المُخلصين.

الجمعة، 14 ديسمبر 2018

صَدَاقة مُمتدَّة مع البحر

حَدِيث الذِّكرَيات.. عَشِق البَحْر، وكَان بَيْنَهما عَلَاقة صَدَاقة لا تنتهِي، هو امتدادٌ لتاريخٍ بحريٍّ مُشرِق، لا تَزَال ذَاكِرته مَحفُورة فِي الذَّاكرة.

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

الرِّياضة لمُكافحة السِّمنة

قَبْل أيَّام ظَهَرت دِرَاسة، أَجْرَتها وَزَارة الصِّحة، وكَان مِن بَيْن نَتائجها أنَّ نِسبَة كَبِيرة مِن العُمانيِّين يُعانون من السِّمنة، وعَزَت بَعضَ أسبابِها إلى عَدَم وُجُود مَمَاشِي لمُمَارسة المَشي، خَاصَّة للنسَاء.. مِن وجهة نَظَري المُتَواضِعة: المَسألَة هِي ثَقَافة وَوَعي عَام بأهميَّة مُمَارسة الرِّياضة؛ فمثلًا هَذَا المَمْشَى، الذي يُطل عَلى الطَّريق البَحري بمَطْرح، يمتدُّ لمَسَافة طَويلَة، تحفُّه الزُّهور والأشجَار والإضَاءَة الملوَّنَة الجَمِيلة، تمعَّنت فِيه اليَوم مِنَ العَصْر حتَّى المَسَاء؛ فلم أَجِد مِن بَيْن مُرتَادِيه إلا قِلَّة جدًّا مِن العُمانيين. إذن؛ عَلَى الجِهَات المُختَّصَة والإعلام أنْ يُشمِّروا عَن سَوَاعد الجدِّ لمُعَالجة هَذِه المُشكِلة، قَبل استفحَالِها، خَاصَّة إذا صُنِّفت السِّمنة كمرض، حَسْب تَصْرِيح أَحَد الأطبَاء مِن وَزاَرة الصِّحة.

نَتَائج دِرَاسة مُهمَّة

المُتمعِّن فِي أهمِّ مُؤشِّرات ونَتَائج المَسْح الصِّحي للأمرَاض غَير المعديَّة، التي أعلَنتها وَزَارة الصِّحة مُؤخَّرا، يَجِد أنَّ أكثرَ مِن 40% من العُمانيِّين لا يُمَارسُون نشاطًا بدنيًّا كافيًا، وتَرتَفع هَذِه النِّسبة عِند الإنَاث بمُعدَّل النِّصف، وكَذَلك تَصِل نِسبَة مَن يُعَانون من السِّمنة مِن بَيْن العُمانيِّين إلى أكثر من 66%، والنِّسبة الأَكْبر مِمَّن يُعَاني مِن السِّمنة مِن الإنَاث.
ومَا استوقَفنِي كثيرًا أنَّ النسبةَ الأكبَر مِن العُمانيِّين، الأقل نشاطًا بدنيًّا في مُحَافَظة الوسطى؛ فالمَعْرُوف قديمًا أنَّ سُكَان وَلَايات الوسطَى هُم الأكثَر حَرَكة، خَاصَّة القُرَى البحريَّة والصحراويَّة منها. فإذن؛ نَحنُ أمَام تغيُّر وَاسِع في نَمَط الحَيَاة والمُعِيشَة للمُجتَمع، أفرَزتْها عَوَامل كَثِيرة يَجِب دِرَاستها والوقُوف عِندَها.

أوَّل طَرِيق تمَّ رصفُه في عُمان

أوَّل طَرِيق تمَّ رَصفُه فِي عُمان، يَربُط مَدِينة مَطْرح بمَدِينة مَسْقط، نحتَه العُمانيُّون بهِمَّة وعَزْم على حَوَاف جِبَال قاسية، تَمتَاز بجَمَال ألوانِهَا السَّمراء، النَّابِتة مِن قَاع المُحِيط.. فعلًا يستحقُّ أنْ يَكُون هذا المَكَان مَزَارًا للسُّياح.

الأحد، 9 ديسمبر 2018

استثمارٌ سِيَاحي

بوَّابة مَسْقط.. هِي معلم حَضَاري، يضمُّ بَيْن جَنَباته مَتحفًا جميلًا، يَحْتاج إلى تَسْوِيق إِعلامي ليَرْتَاده السُّياح القَادِمون عَبْر السُّفن السياحيَّة العملَاقَة مِن مُختلف بِقَاع العَالم، الذين يَسلُكون الطَّرِيق البَحْري رَائِع الجَمَال مشيًا، والمُمتَد مِن مَيناء السُّلطان قَابوس حتَّى مَدِينة مَسْقط القديمة، بتجلِّياتِها التاريخيَّة والحضاريَّة المَجِيدة.

جَمَال الطَّبيعة في عُمان

رَوْعَة المَكان فِي تنوُّع مُكوِّناتِه الطبيعيَّة.

السبت، 8 ديسمبر 2018

المطيطو أو المطيطوة

طائر المساءات المضيئة، والليالي المقمرة، له صوت موسيقي ناعم، وفي الوقت ذاته حاد ومخيف، تستهويه الأماكن الرطبة، ارتبط هذا الطائر الجميل أيضا بالعديد من الأساطير القديمة...

تحفة معماريَّة

العُمانيُّون لَدَيهم حِكمَة ورؤية إستراتيجيَّة (عسكريَّة، واقتصاديَّة، واجتماعيَّة) عِندَ اختيارِ المَوَاقع التي تُبنَى فيها القِلَاع والحُصُون.

الصَّخرَة النَّابتة من عُمق الماء




ذاكرة

للمَكَان حِكَاية ومُنجَز إنسانِي، وللصُّورَة مَلَامِح مُعبِّرة لقِيَم الجَمَال في بِلادي.. تَضمَّنهَا كِتَاب: "قُريَّات.. عَرَاقة التَّاريخ ورَوْعَة الطَّبيعة"، الطبعة الثالثة، 2018م.. مَحبَّتي.

استراحة حيوان

عِندَمَا يُنهِكه التَّعب والنَّصَب فِي الحيَاة.

المَزِيد مِن الرِّقابة على مَحلَّات بيْع الأسمَاك

انتشرتْ مُؤخَّرا فِي أماكِن مُختَلِفة مَحلَّات بَيْع الأسمَاك بالتَّجزِئة، وهِي أيضًا مَوجُودة فِي المَرَاكز التجاريَّة الكَبِيرة، ومِنهَا ما يُقدِّم خِدمَة الشِّواء فِي الوقت ذاته.
قَبْل أيَّام، دخلتُ مَحلًّا مِنها، وبادَرنِي الوَافِد بأنواعٍ مِنَ الأسْمَاك، وكَان تركيزُه فِي العَرْض والشَّرْح عَلى عُيون السَّمكَة، مُؤكِّدا لَمَعانها وبَرِيقها؛ بِمَا يعنِي أنَّها طَازجَة، وعِندَما طَلبتُ مِنه فَتْح غلاصِمَها «غنشَها» وجدتُ لَونَه بَاهِتًا، لا يُوحِي صِدقَ مَا قَاله، فعَادةً السَّمكة الطريَّة أو الطَّازجَة يَكُون غَنشُها ورديًّا مِحمرًّا، إضَافة إلى لَمَعان وَصَفاء العُيون، وتَماسُك الجِلد، فأصرَّ عَلى قَولِه، مُؤكِّدا أنَّ عَيْن السَّمكة صافيَّة ولامِعَة.. فدخلتُ مَكَان حِفْظ الأسمَاك، لَعلِّي أَجِد سَمَكة بمَلَامِح أخرَى، فوجدتُ الثَّلاجَة نِصفُها ثَلْج وقَاعُها مَاء، فقُلت له: "مَا هَذا يا صَدِيقي؟"، فقال: "بسَبَب كَثْرَة تَدَاول الأسمَاك، وفَتْح الثلاجَة باستمرار، ذَاب الثَّلج"!
وعِندَما عَرضتُ الأمرَ على صَدِيق له خِبرَة بالأسمَاك، تبيَّن لي أنَّ هَناك عَدَسات لَامِعة تُلصَق في عُيون الأسمَاك، وتبدُو لامِعَة برَّاقة حتَّى وإذا فَسَدتْ السَّمكَة، وقَد تنبَّهتْ دولٌ مُجَاورة لهَذا الأمر مُنذ فَترة، وقد تمَّ تَدَاولُه في الإعلَام للتوعيَّة.. وعَن المَاء المُثلَّج في البرَّاد يهدفُ بِهِ العاملُون في هذهِ المَحلَّات لزيادةِ وَزْن السَّمكةَ، لتشرُّبهَا بالمَاء عِند تخزِينَها، قَبل عَرضِها ووَزنِها للمُشتري.
تكثيفُ الرِّقابة على مِثل هَذِه المحلَّات، تتطلَّبه طَبِيعة وأهميَّة المُنتجَات التي تَتداولها.

الصُّورة تُمثل سردًا أدبيًّا

قديمًا، وقَبْل ظُهُور التكنُولُوجيا الحَدِيثة وطَفرتِها فِي عَالم الصَّحافة المَقرُوءة، كَان هُناك رسَّام لصَفَحات الجَرِيدة قَبل دُخُولها فِي مرحلةِ الطِّباعة؛ ذَلِك الفني بمَثَابة فنَّان لَدَيه خَيَال ومَهَارة فَائِقة في تَوزِيع المَادة الصَّحفيَّة على مِسَاحة كلِّ صَفْحة مِن صَفَحات الجَرِيدة.
عِنْدَما تُوضَع أمامَه المَادة الخبريَّة والإعلاميَّة مَكتُوبة بخطِّ اليد، ومَا يُرَافقها من عَنَاوين وصُوَر، وبَعْد أنْ حَجَز مُسبقا المسَاحَات المُخصَّصة للإعلانات، يَبدَأ فِي تقديرِ مسَاحَة كلِّ مَادة ليحدِّد مَكانَها المُناسِب فِي الصَّفحة، ويتمُّ ذَلِك بحُضُور مُحرِّر الصَّفحة طبعًا، فهُناك الأهمُّ فالمُهِم حَسْب رُؤية المُحرِّر وقيمةِ المَادة وأهميَّتها.
كَان ذَلِك الفَرد لَديهِ مقُدرةٌ ومَهَارة عَلى حِسَاب عَدَد الحُرُوف والكَلِمات، وفِي سُرعَة فَائِقة، ليحدِّد المسَاحَة المطلُوبة مِن الصَّفحة؛ سواءً كان بالعمُود، أو بالمقَاييس المُعتَمدة لدَى الصَّحيفة.
لهَذَا، فعِندَما يكتُب أيُّ صَحَفي مَادَة صَحفيَّة، عَليه أنْ يُرفِق ضِمْن المَادة المكتُوبة الصُّور المكمِّلة للمَوضُوع، وينبَغِي أنْ يِكتُب شرحًا وتعريفًا مُختَصرًا عن تِلك الصُّور، يَظهر في الصَّفحة تَحت كلِّ صُورة، ويسمَّى ذَلك حَسْب مُمَارستي: كَلَام الصُّور، أي للصُورة كَلَام، طبعًا الوَسَائل الآن اختلفتْ، وأصبحتْ أكثر يُسرًا عمَّا كَان عَليه الأمر فِي ذَلِك الزَّمان.
مَا أردتُ قَوله أنَّ الصُّورة (فوتوغرافيَّة، رسمًا أو تشكيلًا، نحتًا)، بِمَا تُشكِّله مِن واقعيَّة للزَّمان والمَكَان والخَيَال؛ فهي أيضًا تُمثِّل سردًا أدبيًّا راقيًا جدًّا، حَالها كَحَال صُنوف الأدَب الأخرى، وهي أكثَر فَاعليَّة ومُتعَة لدَى القارئ والمتلقِّي، ويُمكِن مِن خِلالها تَوْصِيل فِكر وجْدَاني وانطِبَاعَات خياليَّة ورَسَائل إنسانيَّة عَمِيقة ومُؤثِّرة.


الجمعة، 7 ديسمبر 2018

أدب الخيال

كُنَّا فِي نِقَاش حَوْل عَمَل روائِي، فشذَّ مِن بَيننا رَأيٌ حَوْل هَذا الجنسِ الأدبيِّ، فَقَال: "أَكْبر كذَّاب، هُو الرّوائِي وكَاتِب القصَّة".
فقُلت له: "كَيْف هذا؟"!
فَقال: "هُم يكتُبُون مِن خَيَال، فيُوهِمونَنا عن قصَّة وأحدَاث لَيْسَت مِن الواقِع فِي شَيء".
قُلت له: "هَذا الرَّأي مع احترَامِي جَانَبَهُ الصَّواب؛ فكلُّ عَمَلٍ أدبيٍّ هُو من الرُّقي بمَكَان.. فكلُّ ما نعيشُه من مُختَرعَات كانتْ يومًا خيالًا لا يتوقَّعها أحَد".
وهُناك مَدَارس عالميَّة تَشتَغل اليَوم على أدَب الخَيال العِلمي مِن أَجْل صِنَاعة المُستقبل، كَمَا أنَّ أفضَل القِيَادات الإداريَّة فِي مَجَال التَّخطِيط الإستراتيجيِّ هُم من يَحمِل الشَّهادات في العُلوم الإنسانيَّة، خَاصَّة تخصُّص الآداب، فهُم يستَقرِؤون المُستقبل بحاسَّة أكثر تَمكُّنا مِن غَيْرهم.
هُنَاك ثَورَة تعليميَّة وتقنيَة فِي طَرِيقها إلى عَالمِنا تَقُوم على تَمكِين طُلَّاب الجَامِعات مِن تطبيقِ ما يَدُور فِي عُقُولهم وخَيَالهم، ليُحوِّلوها إلى تَطبِيقات مُفِيدة تَخدُم الحَيَاة، وسَيكُون لِمَن يمتلكُ حِسًّا أدبيًّا رَصِينا (قَاص، روَائي، سينمَائي، شَاعِر... وغَيْرهم) مَكَانَة كَبِيرة فِي المُستقبل.

ذكريات

المُبتَسِم دَومًا الإعلامِي عَبدالله شامريد؛ وحِكَاية مُشرِقة مَع الصَّحَافة والإعلَام وجَريدَة "عُمان"، ومُنجَزَات صَحفيَّة ستبقَى عَالِقة فِي الذَّاكِرة.

الخميس، 6 ديسمبر 2018

قامة أدبيَّة

مَعَ الأَدِيب والإعلَامِي حَمَد بن رشيد آل جُمعة.. أَحَد روَّاد وفُرسَان كُتَّاب القصَّة القَصِيرة في عُمان، مَجمُوعته القَصصيَّة الأولى "زَغَاريد الصَّهيل"، حَوَت ما يُقَارب العِشرِين قصَّة، سُبِكَت بلُغة رَصِينة وسَهْلَة وجَاذِبة، حَصَد العَدِيد مِن الجَوَائز عَلى المُستويين المحلِّي والعرَبي، وتَناوَل أعمالَه الأدبيَّة العديدُ مِن النُّقاد والمَحطَّات الإعلاميَّة، وأشادًوا بأسلوبِه ومَكَانتِه الأدبيَّة.. هو أيضًا إعلاميٌّ، أسهَم بجدٍّ ومُثَابرة فِي تأسِيس أوَّل نادٍ للصَّحَافة في عُمان، شَخصيَّة مُتَواضعة ومُحِبَّة، ومَوسُوعة فكريَّة وأدبيَّة، لَه كلُّ التحيَّة والاحترَام.

تجلِّيات الغُرُوب في مَسقط العَامِرة


الشَّواطِئ والرِّياضَة

الشَّواطِئ أصبحتْ مُتنفَّسا طبيعيًّا للشَّباب لمُمَارسة الرِّياضة، وهُو أمرٌ مَحمُود ونُشجِّعه، إلا أنَّهَا بحَاجَة إلى تَنظِيم، تُرَاعى فيهَا ظُرُوف كلِّ من يرتَاد هَذِه الأمكِنَة المُمتِعة للرِّياضة والتأمُّل.

الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

مَع صَالح السَّناني

صَالح السَّناني.. عرفتُه مُحبًّا خَدُوما مُتَواضِعا لجَمِيع النَّاس، مَوسُوعة فنيَّة في مَجَال الفنُون الشعبيَّة، خَاصَّة فِي فنُون البَحر وفنُون الرَّزحة والمَيدَان والتنجيلية... وغَيْرها من الفُنون، يَحفَظ الكثيرُ مِن القَصَائد لكبَار شُعَراء الفنُون الشعبيَّة في عُمان عن ظَهر قَلب، ولهُ أيضًا قَصَائد رَائِعة الجَمال في هذا المَجَال، الجلسَة معهُ كُلها فنُون وذِكرَيات للمَاضِي الجَمِيل، أملِي مِن المُختصِّين في مَجَال التراث والمُوسِيقى التقليديَّة العُمانيَّة، الاستفَادَة مِن هذهِ الشخصيَّة المُحِبَّة والمُخلِصَة لتُراث الوطن.

تحدِّيات نَجَاح المرَأة في الانتخابات

تَابَعتُ فِي تليفزيُون السَّلطَنة حَلَقة لبَرنَامج «رؤية اقتصاديَّة»، نَاقَشَ فِيه البَرنَامج مَوضُوع "المَرأة.. وتَنْسِيق جُهُودها لانتخاباتِ أعضَاء مَجلِس الشُّورى للفترةِ التَّاسِعة"، وعَادَة هَذا البرنَامج -حسب تَسمِيته- يُعنَى بالشأنِ الاقتصاديِّ، إلا أنَّ الاقتصادَ قد أصبَح اليومَ يُشكِّل عَصَب الحَياة، وهو ذُو عَلَاقة بكلِّ مُجرَيات الحَيَاة وتشكِيلَاتِها: السياسيَّة، والاجتماعيَّة، والثقافيَّة.
المَرأة العُمانيَّة فِي مُختَلف مَرَاحل التَّارِيخ العُمانيِّ القدِيم والحَدِيث، لَعِبتْ دورًا محوريًّا في مُختَلف مَجَالات الحَيَاة، بِمَا فِيهَا السياسيَّة، وَلَها مَكَانة رَائِدة فِي المُجتمع مُنذ القِدم، والتَّاريخ سطَّر بأَحْرُف من ذَهَب لعددٍ مِن نِسَاء عُمان، اللاتِي كَان لَهُن الرِّيادة والتأثِير فِي الحَيَاة العَامَّة، بجَانِب دَورِها الرَّئيس -بجَانِب الرَّجل- في تأسيسِ البنيانِ الاجتماعيِّ، والنِّظَام القيميِّ للمُجتمع، وهي بِذَلك تَسِير وِفقَ خُطَى ثابِتَة، تؤكِّدها القَوَاعد الكليَّة، والمَبَادئ العَامَّة، والقِيَم الإنسانيَّة للشَّرِيعة الإسلاميَّة.
وعَلَى مَرَاحل التطوُّر الاجتِمَاعي، والثَّقَافي للمُجتَمع، وتقدُّم التَّنمية الإنسانيَّة في عُمان في عَصْر النَّهضَة المُبَاركة، تجلَّى مَبدَأ تَمْكِين المَرأة لمُمَارسة دَورِها، ومُشَاركتها فِي الحياةِ العامَّة بصُورَة أوسَع، وأَصبَحَت المرأة تُشكِّل عُنصرا مؤثرًا ومُهمًّا في صُنع العَدِيد من الإنجازاتِ فِي مُختلف مَسَارات الحَيَاة السياسيَّة، والاقتصاديَّة، والثقافيَّة، والاجتماعيَّة، كَمَا كَان لَهَا حضورٌ مُتقدِّمٌ فِي مَجَال العملِ التطوعيِّ، لا سيَّما فِيما يتعلَّق بقطاعِ الأسرة، وإدارةِ شأنِ المرأة، والعملِ الاجتماعيِّ والثقافيِّ بتجلياتِهِ المُتعدِّدة، بِمَا يتَوَافق مَع ثَوَابت المُجتمع، ومُتطلَّبات العَصْر.
وَقَد أكَّدت كَافة تَوجُّهات الدَّولة وقَوَانينها، وعَلَى رَأسِها النظامُ الأساسيُّ للدولة على ضَمَان تحقيقِ العَدَالة الاجتماعيَّة، وتَكَافؤ الحُقُوق والفُرَص بَيْن جَمِيع المُواطنين، ذكورًا وإناثًا دُونَ تَميِيز، وقَد أثبتتْ المَرأة العُمانيَّة بالفِعل مَكَانتها وجَدَارتها فِي خدمةِ وَطَنها، فتجدها فِي كلِّ مَيَادين العَمَل الوطنيِّ، تَعْمل بجَانِب الرَّجل مِن أجلِ رِفعة وَطَنِها ومُجتَمعِها، بكلِّ جدٍّ، وإخلاصٍ، وتفانٍ، ومَثَابرة.
ومَع انطلاقِ التجربةِ الانتخابيَّةِ في عُمان، والتي مرَّت بمَرَاحل مُشرِقة مِن تَارِيخ عُمان الحَدِيث، حَظِيت المَرأة العُمانيَّة بالثِّقَة فِي المُشَارَكة فِي العمليَّة الانتخابيَّة، كنَاخبةٍ ومُرشَّحة، مُنذ الفترةِ الثانيَّة لانتخاباتِ مجلسِ الشُّورى (1994-1997م)، والتِي اقتصرتْ فِي بَدَايتها عَلى وَلَايات مُحافظة مَسقط، ثمَّ تمَّ توسيعُ هَذِه المُشَاركة على مُستَوى ولاياتِ السَّلطنة كافَّة، مَع بَدْء تَرْشِيحات الفترةِ الثالثةِ للمجلسِ (1997-2000م).
القَارِئ لمَسِيرة مُشَاركة المَرأة العُمانيَّة في التَّجرِبة الانتخابيَّة عَلَى فَتَرات مَجلِس الشُّورى المُختَلفة، ومُنذ مَنْحِها حَق الترشُّح والتَّرشِيح لهَذِه الانتخابات فِي العَام 1994م، يَجِد أنَّ تمثيلَها فِي مجلسِ الشُّورى قَد اقتصَر على بَعْض ولَايَات مُحافظة مَسْقط دُون غَيْرها؛ فَقَد احتفظتْ بمقعَديْن فِي المجلسِ حتَّى نهايةِ الفترةِ الخامِسَة لمجلسِ الشُّورى، ثمَّ خَسِرت هَذا التَّمثيل مَع انتخاباتِ الفترةِ السَّادسة، ثُم عَاد تمثِيلها بمقعَد وَاحِد حتَّى الفترةِ الحَالية.
هَذَا التَّذبذُب فِي فَوْز ونَجَاح المَرأة العُمانيَّة فِي الانتخاباتِ لمَجلسِ الشُّورى يُوَاجه تَحدِّيات عَدِيدة، يَجِب دِرَاستها والوُقُوف عِندَها، فعَلَى الرَّغم مِن نَجَاح مُشَاركة المَرأة وبجَدَارة فِي مُختَلف قِطَاعات التَّنمية بالدَّولة -حكومةً، قطاعًا خاصًّا، مُؤسَّسات مُجتَمَع مَدَني- إلَّا أنَّ تمثيلَها فِي مجلسِ الشُّورى لَا يَزَال مَحدُودا دُون الطُّموح، وهُو أيضًا لا يُمثِّل الثِّقل والشَّريحة الوَاسِعة للمَرأة في التَّعدَاد العَام للسُّكان، وكَذَلك الكَثَافة العَدديَّة المُتناميَة مِن بَيْن المُسجَّلين أو المُقيَّدين فِي السجلِ الانتخابيِّ للنَّاخبين، وأيضًا نِسَبة مُشَاركة المَرأة فِي العمليَّة الانتخابيَّة فِي كلِّ فَتْرة.
لَا شَكَّ وَرَاء هَذَا التَّراجُع فِي تَمثِيل المَرأة تَحْت قُبَّة مَجْلِس الشُّورى، ونَجَاحها فِي الانتخابات، لَهُ أسبابُه وتحدِّياتُه، مِنهَا مَا هُو طَبِيعي، والزَّمن كَفِيل بتَغيِيره، ومِنهَا مَا يَحتَاج إلى جَهْد مُجتَمَعي مُشتَرك، وعَمَل مُؤسَّسي مُنظَّم لتغيِيرها، وتَصِحيح مَسَارها، خَاصَّة فِيمَا يتعلَّق بتحديدِ أَدْوَار ومَسؤُوليَّات النَّوع الاجتِمَاعي، وثِقَة المَرأة بنَفْسِها، وتِلك التِي لَها ارتباطٌ بالاتجاهِ النفسيِّ والاجتماعيِّ للسلوكِ الانتخابيِّ، والتَّنشِئة الاجتماعيَّة للأجيَال، والوَعْي الجَمْعِي، وتَطوِير مَنظُومة القِيَم الاجتماعيَّة والثقافيَّة، والصُّورَة النَّمطيَّة التي يَرسمُها بَعْض أفرادِ المجتمعِ لدَوْر المَرأَة.
إِضَافَة إلى ضَرُورة رَفْع الوَعي لأهميَّة تَطْبِيق مَجْمُوعة مِنَ المَفَاهِيم الحَدِيثة فِي مَجَال التَّسويق الانتخابيِّ، لإدارةِ الحَمْلة الانتخابيَّة للمُترشِّح للانتخابات، وَكَذلك تِلك التي تُبرِز الأدوارَ التي يَقُوم بِهَا مجلسُ الشُّورى، والصَّلاحِيات المَمنُوحة لَه؛ فعَادَة قوَّة الأدَاء وفَاعليَّته، وتَسوِيقه بطَرِيقة صَحِيحة وواقعيَّة، ينعكسُ إيجابًا على تَطوُّر وتَقدُّم العمليَّة الانتخابيَّة، واتِّساع المُشَاركة فِيها.

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2018

مَطرح هذا المَسَاء


لَوحَة فنيَّة

جولس جُورج أتَى مِن المَملَكة المُتَّحدة زائرًا للسَّلطنة لأوَّل مَرَّة، ارتقَى أعلَى قِمَّة فِي قَلعَة مَطرح، وافترشَ الوَرَق وأقلَام الألوَان المَائيَّة المُبهِجَة، وظلَّ سَاعَات فِي زَاويتِه يرسمُ مشهدَ المَكَان ومَعَالِمه التاريخيَّة والحضاريَّة والجماليَّة.
قُلتُ له: "هُنَاك لوحَات فنيَّة قَدِيمة جدًّا عَن بيئةِ المَكَان الذي تُجسِّده ريشتك الآن، رَسمها رحَّالة وزوار مِثلك مِن أورُوبا، فأصبحتْ اليوم ذَات شُهرَة عالميَّة، ولهَا قيمتُها الفنيَّة والتاريخيَّة".
فردَّ: "بلدُكم تُمتاز بجمالٍ وتنوُّعٍ طبيعيٍّ، وكأنَّها تَشكِيلة فنيَّة مُصمَّمة بعناية؛ لِهَذا جسَّدتْ لَوحَتي هَذَا الجَمَال الطَّبيعي والعُمرَاني المُتَناسِق؛ لتكُون ذَاكِرة للزَّمان والمَكَان فِي المُستقبل.

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

سفينة صُحار

هَذِه السَّفِينة الجَمِيلة، لِمَا تَحمِله مِن مَكَانة تاريخيَّة وحضاريَّة، القابِعَة وَسْط دوَّار البُستَان، تستحقُّ أنْ تَكُون بجَانِب المتحَف الوطنيِّ بمَدِينة مَسْقط، كمَعْلَم تَاريخيٍّ وحضاريٍّ يرتَادُه السُّياح، للتعرُّف على تَارِيخها المَجِيد.

الأحد، 2 ديسمبر 2018

نظرَة

المَاضِي رَكِيزة مُهمَّة للبنَاء والتَّطوير والتَّجدِيد، ولَكِن لا ينبَغِي التَّركِيز عَلى تَمجِيده عَلى حِسَاب الحَاضِر والمُستقبَل، حتَّى لا تمقتُه الأجيَال المُتَعَاقِبة، التي أَصْبَحت تَحملُ فكرًا مُختلفًا، وتعيشُ تطوُّرا مُتسارعًا عمَّا كُنَّا نَعِيشه.

اووه رباعه.. خواااضه

يَصطفُّ مَجمُوعة مِنَ الصَّيادين فِي خطٍّ مُستقِيمٍ عَلى سِيف (بكَسْر السِّين) البَحْر، لا يتقدَّم الواحد الآخر حتَّى لا يُعَاقب ويُحْرَم مِن الصَّيد، تُلَامِس أرجلُهم المُبلَّلة بالمَاء والرَّمل آخِر مَوْجَة للبَحر، يتكتَّفون شَبَكة مُتوسِّطة الحَجم، تُسمَّى المغدفة أو الغل، مَصنُوعة مِن خُيُوط البج الصَّديقة للبِيئَة، والمَصبُوغة بعُشبَة الكَلكل الجبليَّة، كَانَت تِلك الشِّبَاك أو اللِّيوخ تُنسَج عَلى يدِ الرِّجال والنِّساء، ولهَا عُيُون صَغِيرة حتَّى تُعلق فيها أسمَاك البريَّة الصَّغِيرة.. على الشَّاطئ يَقِف رجلٌ كبيرٌ فِي السنِّ، مُتوكِّزا عَصَاته الغَلِيظة المغرُوسَة فِي الرَّمل، فيَنْهَم بأعلَى صَوتِه: "ايه رباعه خواضة".. يَنطَلق الصَّيَادون معًا إلى عُمقِ البَحْر، فيَبسُطون شِبَاكهم فِي المَاء، ثمَّ يرفعُونَها، ويعُودُون بِهَا إلى المسبَاخ، فينثُرون تِلكَ الأسماكَ الصَّغيرة، وهي تُعَانِق الأرضَ وتُقبِّلها... تِلكَ هِي تقنيَّة صِيد قَدِيمة لم تَعُد مَوجُودة فِي هَذا الزَّمان، ولَكِن كتاب "قُرَّيات.. مَلَامِح مِنَ التُّرَاث الزِّرَاعي والبَحْري" قَد احتَوَاهَا ووثَّقها، وفصَّل طَرِيقَتها وعَادَاتِها.. مَحبَّتي.

السبت، 1 ديسمبر 2018

نَظرَة إلى رأس المَال الفِكْري

القِطَاع الخَاص هُو القَائِد للسَّفِينة الإنتاجيَّة فِي جَمِيع دُوَل العَالم، وإِذَا مَا أَرَاد القطاعُ الخاصُّ لهَذِه السَّفينة أنْ تُحقِّق دورَها الوَطني، وتبحرُ بسلامٍ في مُحيطِها الإنتاجيِّ، القَائِم على التنافسيَّة العالميَّة والجَوْدة؛ فعَلَى هَذَا الِقطاع أنْ ينظرَ إلى العَامِلين لَديْه كشُرَكَاء ولَيْس كمَوْرد، فالمَوَارد يُمكن أنْ تنضُب، بَينَما رأسُ المَال البَشَري والفِكْري هُو المُحرِّك لجَمِيع قِطَاعات التَّنمية الإنسانيَّة، وإِذَا ما استقرَّ فِي بيئةٍ جاذبةٍ ومُحفِّزة أَبْدَع وابتَكَر، وكَان العَائِد مُربحًا ومُثريًا، لجَمِيع شُرَكاء التَّنمية في أيِّ بَلد.

القنطرول

شَهِد العَالَم أزمةً اقتصاديَّةً فِي ثلاثينيَّات القَرْن المُنصَرم، بِمَا يُعرفُ بالكسادِ العَظِيم، وقد أَعْقَبت هذه الفَتْرة حربٌ طَاحِنة أكلتْ الأخضرَ واليَابِس، وهِي الحَرْب العالميَّة الثانية، وعَانَتْ دولُ الخَلِيج مَا عَانَت، فلَم ينفعْ النِّفط ولا الغَاز.. هُنَا في عُمان تأثَّرنا أيضًا بهَذِه الأزمَة، وارتفعتْ أسعارُ جَمِيع المواد الاستهلاكيَّة بشكلٍ كَبِير لنُدرَتها، ولأوَّل مرَّة فِي التاريخِ، طبَّق العُمانيون نظامَ الحِصَص فِي توزيعِ وشِرَاء بَعْض المَوَاد الغذائيَّة، وعُرِف ذَلِك حِينَها عِند العُمانيين بـ"القنطرول"؛ فكَانَت الزِّراعة والبَحْر هُمَا المُنقِذان لأهل عُمان والخَلِيج، بَعدَما انقطعتْ وَارِدات الهِند والدُّول المُطلَّة عَلى المُحِيط، وكَانَت اليَمن والعِرَاق وبِلَاد فَارِس، العُمقَ الإستراتيجيَّ لدوَل الخَلِيجِ العربيِّ فِي التَّبَادل التِّجَاري.. هَذَا وقَد نَجَح العُمانيُّون فِي تَجَاوز هَذِه الأزمَة بفَضلِ حنكةِ وحكمةِ ورؤيَّة السُّلطان سَعِيد بن تَيمُور، وبمُسَاندة مِنَ الإمامِ مُحمَّد بن عَبدالله الخَلِيلي، الذِي قَال كَلِمة حِينَها تُوزَن بالذَّهَب.. تَجِدُون تَفَاصِيل دُور الزِّرَاعة فِي الحدِّ مِن هذهِ الأزمةِ الاقتصاديَّة في عُمان، وما يُعرَف بـ"القنطرول"، في كِتَاب "قُريَّات.. مَلَامِح مِن التُّراث الزراعِيِّ والبحريِّ".

نظرة

الجَمِيع يَتَسابق ليَكُون لَهُ نَصِيب مِن الكَعْكَة، هِي مُجرَّد فقَّاعَات ستذْرُوهَا يَومًا الرِّيَاح؛ فالحَيَاة لا تستحقُّ هَذا الضَّجِيج والطَّنِين.

عَلَاقة تاريخيَّة قديمَة

تُؤكِّدُ الكثيرُ مِنَ المَصَادر التاريخيَّة وُجُود عَلَاقة إنسانيَّة قَدِيمة بَيْن عُمان وبُلدَان بِلاد الشَّام، يُقدِّرها بعضُ العَلمَاء بأَكثَر مِن خَمسَة آلافِ سَنَة.. ففِي القرنِ الثالثِ قَبل الميلادِ، هَاجَر الكنعانيُّون مِن عُمان وشِبه جَزِيرة العَرَب إلى بِلَاد الشَّام، وأسَّسوا هُنَاك حَضَارة إنسانيَّة قَدِيمة، وهُم أهلُ مِلَاحَة بحريَّة وتِجَارة، وكَان بَينَهم وسُكَّان السَّواحل العُمانيَّة تبادلٌ معرفيٌّ وحَضَاريٌّ، لا سيَّما فِيمَا يتعلَّق بعُلُوم الملَاحَة والبحَار وصِنَاعة السُّفن.
والكنعانيُّون مِنَ الشُّعوب العربيَّة السَّامية، وهُنَاك مَن يَرَى أنَّهم من سُلَالة عَملِيق أبو العَمَالقة البَائِدة، ومِن بَيْن القَبَائل الكَنعانيَّة أو الفينيقيَّة التي استوطنتْ القُدس الشَّريف اليُبوسيون، وكَذَلك عَرب الجَبَابرة مُلوك الشام.
مَا زَالَت هُنَاك بَعضُ المُدن في بِلاد الشَّام تحملُ أسماءَ مُدُن وقرَى عُمانيَّة، وهَذَا دَلَالة وَاضِحة على عُمق تِلك العَلَاقة الإنسانيَّة والحَضَاريَّة بين عُمان وتلك البُلدَان؛ ومِنهَا: صُور، وقُريَّات، وبديَّة، والرَّملة، والولجَة... وغَيْرها.
ما استَوقَفنِي كثيرًا تَكرَار اسمِ قُريَّات فِي أكثر مِن بَلَد فِي بِلَاد الشَّام، كلِبنَان وسُوريَا والأردُن، ولَكِن الأَكثَر تَكرارًا فِي فلسطِين، حتَّى اليَهُود عِندَما أسَّسوا مُستعَمرَاتِهم فِي فَلسطِين المُحتلَّة، أخذوا يُكرِّرون هَذِه التَّسمِيات القَدِيمة على تِلك المُستوطَنات، مَع إِضَافة اسمٍ مُركَّب إليهَا، لتُضفِي عليهَا مَلَامِح اللغةِ العبريَّة؛ مِن بَينِها: قُريَّات مُوتسكِين، قُريَّات يم، قُريَّات غات، قُريَّات طبعون، قُريَّات شمونا، قُريَّات بيالق، قُريَّات بنيامين، قُريَّات حارُوشِيت، قُريَّات حاييم، قُريَّات عنابيم، قُريَّات أونو، قُريَّات آتا، قُريَّات مونتفيري، قُريَّات عامال وقُريَّات حاييم... وغَيْرها.

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

للزَّهر جاذبيَّة وجمال

تشكيلة الزُّهور الجميلة في الأماكن المُخصَّصة للمشاة، ومُمارسة رِيَاضة المَشي والتأمُّل، مَبْعَث رَاحَة للنَّاس، ومُحفِّزة للسُّياح.. شكرًا بلديَّة مَسْقط.

ضِيَاء القمَر


مُسندم في ذاكرة التاريخ العُماني

جُهود طيِّبة تقومُ بِهَا هيئةُ الوثائقِ والمحفُوظات الوطنيَّة، تستحقُّ الشكرَ والإِشَادة.

خاطرة

الصَّبر عَلَى ألم وَخْز الشَّوكة في الغُصن.
يُنسِيه أريجُ، وجَمَالُ الوَردةِ في الغُصن ذاته.

البيئة العُمانيَّة غنيَّة بالتنوُّع


للبحر عشقٌ خاص

عُمان تملك شواطئ نقيَّة وهادئة..