الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

بَهْجَة المكان

النَّوارس البيضاء ستحلُّ ضيفةً على المَكان، تأخَّرَت قليلًا، كُلُّنا في شوق إليها، مع كلِّ شتاء، لكنْ حتمًا ستأتي، لتُضفي على المكان بهجته، ومعها إشراقة حبٍّ وسلام.

فصل الشتاء يحمل معه جمال الحياة


مِن مَسَاوئ وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة

- "الإشاعة باستطاعتها الدَّوران حول العالم قبل أنْ تَرْفَع الحقيقة رأسها".
- "دراسة لمَعْهَد ماساتشوستس للتكنولوجيا تُفيد بأنَّ الأخبارَ المُلفَّقة على منصَّة "تويتر" مثلًا لديها فُرصة انتشار تتَجاوز 70%، مقارنة بالحقيقة".

الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

الشت

تُشكِّله المرأة من خُوص النخيل، تسكُب فيه إبداعَها وحنانَها، تلوِّنه بألوان الطبيعة، وهو غِطَاء الطَّعام والفوالة.

السارق

مِن الدَّارِجَة العُمانية القديمة؛ ويعني: الاختفاء عن الأنظار، وهو أحد أَدْرَاج المندُوس القديم. والمندُوس رفيقُ المرأة من لحظة زواجها، وهو خَزين صيغتها (حُليّها)، وثيابها، وثروتها أيضًا.. لم يَعُد لكلمة "السارق"  استخدام اليوم؛ فقد حلَّ محلَّها الدُّرج بضم الدال، أو الجراري.

الاثنين، 29 أكتوبر 2018

خاطرة

تُحفَة من مَاضِينَا المُشرق، تتهادَى مع نَسَمات الشتاء، ساكنة هَادِئة، لا تُزعزعها تقلُّبات مَوَاجع الأيام، وحَسَد وكيد الحُسَّاد.. تحملُها مياه البحر بخِفة، يقُودها نوخذة مُحنَّك، ورُبان ماهر وأمين، خَبُر مجاري الرياح وضربات البحر، لتصل السفينة وكلُّ من عليها في النهاية إلى السيف بأمن وأمان.

البو

مِن الدَّارِجة العُمانية القديمة.. إذا مَا نادتْ المُعلِّمة، أو الأم، أو الجدة أحد أولادها، ورأتْ منه صَدًّا، أو عَدَم انتباه، أو سَرَحان البال ومَشغُول التفكير، تَصِفه بنَهْرِه بشدة وغلظة، لشدِّ انتباهه: "مالك كأنك بو؟!".
فما هُو البو؟
البو: كلمة عربية؛ فكان البدو إذا مَا أرادوا الاستنفاع بحليب الناقة، ومولودها (الحوار الصغير)، ذبحُوه وأخذُوا اللحم والعظم، ونظَّفوا الجلد ومَلؤه بشَيء، فأوقَفُوه بجوار الناقة، كخُدعة وإيهام لها، حتى لا ترفع الحليب؛ بسبب فَقْدِها لولدها، فيُطْلَق على ذَلِك المجسَّم حينها بـ"البو"؛ فهو يقفُ بلا حركة أو نشاط.
فكُلَّما أردُوا حلبَ الناقة، نظرت إلى ذلك الحوار المُمتنع عن الرَّضع، فتطمئنُّ نفسيتها أنَّه مَوجُود بقربها، فيَسِيل ضَرْعُها حليبًا لذيذًا صافيًا في العيانة.

الأحد، 28 أكتوبر 2018

المخرافة

تُصْنَع من خُوص النخيل، يخرف فيها الرُّطب، وهي أيضًا من تسميتها وحَجمِها وتصميمها، للبنات رفيقة للرقاط، بينما الصِّبيان يكون رفيقهم الزبيل والقفير.. إبداعات عُمانية قديمة، حتى فِي إطلاق التسميات على أبسط الأشياء.

تجليات


السبت، 27 أكتوبر 2018

قرحَاف بوصبَع.. كوش منطَل

نعل أو وطية الأَرجُل النَّاعمة في حَرَكتها داخل البيت، لها صَوْت مُوسيقي جَمِيل أثناء الحَرَكة بها.. هَكَذا كانتْ الذَّائقة المُرهفة بالجمال، حتى وإنْ كُنت داخلًا إلى الحمام.

آثار أقدام

آثَار أقدَام؛ تَستحثُّ الخُطَى نَحو الجمال، مَحفُورة في الرمل، لتبقى كذكرياتٍ مُفعَمة بحبِّ الحياة، قبل أنْ تتسللَّ إليها مياه البحر، فتختزنها في الأعماق، فيبعثُها البحرُ معَ نَسَمات الكوس، فتنشُرها في الآفاق، لتعود إلى القلوب والمشاعر من جديد.

خَاطِرة

صَفَاء البَحْر ورِمَاله، وحَرَكة المَوج المتوشِّحة بلون السلام.. تشكيلةٌ من الألوان، سخَّرها الله للإنسان للتمتُّع بالجمال.

شِريشة خَضْرَاء

تتوسَّط المَكَان بقوامِها الرَّشيق، تَتَرَاقص أعوادُها مَع نَسَمات الشمال الشتوية، تحنُو على طِفلٍ استظلَّ بظلِّها الوَارف، ليلعَب ويبتهِج، وجهٌ مُبتسم ولو كانتْ شجرة مَغرُوسة من شِريش.

الجمعة، 26 أكتوبر 2018

جُهُود مُباركة

نَسْأَل اللهَ أنْ تكلَّل جُهُود جلالة السلطان المعظَّم -حَفِظَه اللهُ ورعاه- بالنجاح والتوفيق، لِمَا فيه الخَيْر والسلام.. خُطُوَات مُبَارَكة في مَسَارها الصحيح.

يوم الشباب العُماني

"أيها الشباب: تدركون مدى التضحيات الجسيمة والجهود المخلصة التي قدمها شعبنا الأبي خدمة لخير ومصلحة هذا البلد العزيز.
ودوركم الآن أيها الشباب هو إعداد أنفسكم تعليما وتثقيفا وسلوكا واسترشادا لتحمل مسؤوليات المستقبل.
وليس ذلك بالسهل، فان عليكم لزاما أولا المحافظة على المكتسبات والانجازات التي تحققت بنضال آبائكم من قبل.
ثم العمل على أن تزيدوا ما استطعتم من خير ونماء من أجل المصلحة العامة جاعلين نصب أعينكم أن الخير والرقي والاطمئنان لا يمكن تحقيقها إلا بالجهد والجد.
إن مرحلة الشباب التي يمر بها المرء هي مرحلة أفكار وتطلعات وتخطيط طموح للمستقبل.
ومع أن هذه المرحلة تعيش في واقع من التصورات والتوقعات والآمال بهدوء ودعة، لكنه لا يحسن للشباب أن يمكثوا طويلا في هذا المرحلة بل عليهم أن ينتقلوا وبالسرعة إلى مرحلة التطبيق والعمل في تأدية الواجب الوطني."  يوم_الشباب_العماني

الخميس، 25 أكتوبر 2018

الحميضة


استعادةً لمرحلةِ طفولةٍ ولَّت من عُمرٍ قَصِير، حفَّزتني ذاكرة المكان والزمان اليوم لزيارة هَذا الوادي القصيِّ؛ بحثًا عن نبتةٍ صغيرةٍ، لها ذكرياتٌ طفوليَّة مُفعَمة بالشقاوة وحبِّ الطبيعة وتراثها الزاخر.
نبتةٌ لَهَا طعمٌ مُختلف، يذُوب في الفمِّ كحبَّات بلوج، مُطعَّمة بالحموضة والملوحة معا، بدلًا من حلاوة السكر. إنَّها الحميض أو الحميضة، تلك النَّبتة الصغيرة، ذات الأوراق الجميلة، والزهر المتفتح بلونه البهي.
تَظْهَر الحميضة في مَوْسِم الغيث أو عند هُطول المطر، وما إنْ تجف الأرض وينقطع المطر، حتى تختبِئ بذُوْرُها وعُروقُها الطَّرية تحت الرِّمال في مسائل الماء، ورِمَالِها الفضية.
وَمَع ذريذرو الرِّهام، ورَذاذ السَّحاب، ودِيم المطر، تهتزُّ الأرض فرحًا، فتهتزُّ معها رُوح الحَياة من جديد، وتبزُغ الحميضة خَضْرَاء لتعانق الفضاء.
يتهافَت الأطفالُ والرجالُ والنساءُ لجنيِ الحميض من بُطُون الأودية ومرتفعات الجبال وقِمَم التلال، لتُضَاف مع الفرفرينة والغنيمو أو الغنيبا، وقبضة أو هبشة من سحناة قاشع البرية، لتُقدَّم كسَلَطَة شهيَّة مع العيش المشخول النثر، وخُبز الرخال.
غربتْ شمسُ اليوم، فعُدتُ بخُفيِّ حنين حزينًا؛ لأنَّني لم أجِد الحميض؛ فقد أتتْ عليها حَيَوانات الفلاة بلا رَحْمَة، ولكن كانتْ فُرصة للتمتُّع برائحة زكيَّة، لنبتة مُزهرة تُسمَّى مقابلة الشمس، وفي الوقت ذاته طعمة مرارة أوراق المخيسة، وشجرة الحرمل.
لَقَد حَانَ الوقتُ لوجُود بنك لنباتات وأشجار عُمان، تُخزَّن فيه نَمَاذج من هذا التراث الطبيعي والثقافي؛ فهو ثروة عظيمة لا تُقدَّر بثمن.

خِنْجَر عُماني على لَوْح من صخر طبيعي

الصُّدفَة جمعتنِي بهذا الرَّجل الشهم، الوَالد عبدالله الشِّبلي، كان لقائي معه لأول مرة هذا المساء. هُو مِن المُحبِّين للطبيعة والجمال، بحُكم نشأته فيها، وبَعد حديثٍ طويلٍ عن الجبال، والحيك، ومعالم البيئة والطبيعة الجميلة وأحوالها؛ قال لي: "لديَّ لك هدية في سيارتي"، ذهبنَا معًا، وإذا هو يُخرِج لي لوحًا صخريًّا جميلًا، لونًا وشكلًا، وعلى وجه ذلك اللوح رَسْمَة طبيعية، نحتَتْها عواملُ الطبيعة على شكل يُشبِه شِعَار السلطنة: الخنجر.
خِنجَر بقرنها ونَصْلِها، مع خُطُوط ملوَّنة، شكَّلتها الطبيعة دون تدخُّل إنسان.
يقول: "وجدتُ هذه الصَّخرة على سَفح جبل قريب منا، وعندمَا لمحتُ رسمَ الخنجر، احتفظتُ بها، ولارتياحِي في الحديث مَعَك يسرُّني أن أهديها لك بلا مُقَابل".
شكرتُه، وقلت له: "كَمْ أنَا فخُور بِك أيُّها الوالد العزيز بأنْ احتفظتَ بهذا الحَجر، وهو تُحفَة طبيعيَّة لا تُقدَّر بثمن، وتِلك العلامات الطبيعية التي عَليه هي بالفِعل طبيعية، ولكن أفضِّل أنْ تحتفظَ بها، واقترحتُ عليه عَرْضَها على المتحف الوطني، أو وزارة التراث والثقافة، فهي بحق تستحقُّ أن تكون هناك؛ لقيمتها: الطبيعية، والجمالية.
وَمَع إصرارِه، إلَّا أنَّني فَضَّلت وجودها معه، لعلَّ هذا المنشُور يصِل لأحد، ويَسْعَى لاحتواءِ تلك التُّحفة النادرة، وتكريم ذلك الرجل، المُحِب للبيئة والمكان.

إنجازٌ رياضيٌّ

خَمْس ميداليات مُختلفة، حقَّقها هؤلاء الأبطال، مُؤخرا، في مجال الرِّياضة، ضِمْن مُسَابَقات عالميَّة لذوي الإعاقة.. لفتة كريمة من رئيس مجلس الشورى لاستقبالهم وتكريمهم؛ فهُم حقًّا مبعثُ فَخْر لنا جميعا.
شكرًا لكم...،

الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

تأمُّلات في الإدارة

عُلَمَاء الإدارة المُعَاصِرة يؤكدون أهمية تَطبيق مَبَادئ الكفاءة والفاعلية في المُؤسسات الإنتاجية والخدمية، كمَطْلَب لتحقيقِ الجَودة والأهداف؛ فهُم يَرَون أنَّ تحقيق الكفاءة دُون الفاعلية، دلالة على وُجُود خلل في استثمار واستخدام الموارد؛ حَيْثُ لا يَكُون الأداء فعَّالا حتى يكُون كُفأ، ولكن يُمكن أن يكون الأداء كُفأ وليس فَعَّالا، ولكن السُّؤال: هل مُصطلح الكفاءة، وكذلك مصطلح الفاعلية، كمفهوميْن حديثيْن لم نَسْمَع عنهما من قبل؟!
الوَاقِع هُمَا من أساسيَّات الإدارة في الإسلام منذ قُرُون طويلة، فإذا تمعَّنَا في مَعَاني ودلالات الكثير من الآيات القرآنية، سنَجِد أنَّها تحثُّ دومًا على العمل الحسن، والعمل الصالح، والإتقان في العبادة والعمل، والعمل بالمفهوم الإسلامي عبادة أيضًا، وفي ذلك إجابة شافية على من يعتقد أنَّ الغَرب لهم الأسبقية في تحقيق الجودة الشاملة.
ولَكِن عمليًّا إذا ما أَرَدْنا معرفة التفريق بين العمل الحسن والعمل الصالح، فهُمَا يحملان نفس الدلالات لما يُسمَّى اليوم بالكفاءة والفاعلية؛ حيث يُمكن لأيِّ عمل -لا يُخَالف أمر الله- أنْ يكون حسنا وصالحا، ولكن يُمكن أن يكُون العمل عملًا حسنا ولا يكون صالحًا.
فَإِذا ما جسَّدنا مصطلح العمل الحسن، ومصطلح العمل الصالح، في مجال الحياة العملية، سنكُون بذلك حقَّقنا أهدافا رائعة في حياتنا؛ مثلا: الموظف الذي يُبَاشر عمله في الوقت المحدَّد فقد عمل عملًا حسنًا؛ أي: كُفأ، ولكن إِذَا ما ظهرتْ نتائج هذا العمل على الإنتاجية، وتحقيق أهداف وغايات المؤسسة التي يعمل فيها، فقد عَمِل عملًا صالحًا؛ أي: فعَّالًا.
كَذَلِك الطَّالب الجامعي المواظِب على دراسته، هو بذلك قد أدَّى عملًا حسنًا؛ أي: كُفأ، ولكن إذا ما اقترنتْ تلك الجهود بنتائج مُشرِّفة، يعود نفعُها عليه وعلى وطنه ومجتمعه، سيَكُون بذلك قد أدَّى عملًا صالحًا؛ أي فعَّالًا، يُؤجَر عليه في الدنيا والآخرة... وهكذا في سَائِر أمور الحياة وعلاقة الإنسان بالآخر.


الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018

الأحد، 21 أكتوبر 2018

كَلِمَة من القَلب

مَشَاعِر مُوَاطِن يُحبُّ وطنه ويفتخر بجيشه: 
عندما تولَّى مولانا جلالة السُّلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد في 23 يوليو من العام 1970م، دَعَا جلالته حينَها جميعَ العُمانيين بمختلف أطيافهم إلى أن يصطفُّوا لُحمةً واحدة على قَلب رجلٍ واحد؛ لمواجهة بناء المستقبل وتحدِّياته، وكان من أولويات جلالته -حفظه الله- بِنَاء جيش قويٍّ يعتمدُ عليه؛ لحماية ترابِ الوطن والذَّود عن حِيَاضه؛ فكانت توجيهاته لقيادات المجتمع بأنْ يُشجِّعوا الشبابَ للانخراط في القوات المسلحة؛ لتأدية الواجبِ تِجَاه الوطن؛ فكان له ما أَرَاد، فيدٌ تُعمِّر وتبنِي الوطن، ويدٌ تحملُ السلاحَ للدفاع عن الوطن وترابه الطاهر.
عِندَمَا سَمِع جَدِّي -رحمه الله- وأبي أوامرَ جلالة السلطان وتوجيهاته، اجتمعَا بأخِي الأكبر -رحمه الله- فدَفَعا به للالتحاق بإخوانِه في قوات السلطان المُسلَّحة، وكان ذلك في سبعينيَّات القرن المنصرم، على الرَّغم من تفوقه العلمي إبان إقامته مع والده في الخارج، للعمل وطلب الرزق والعلم؛ فقال له جدي: "خدمة الوطن واجب، وأقل ما يُقدَّم له هو التضحية في سبيل الدفاع عن ترابه"، فنفَّذ أخي رَغبَة جَدِّي وأبي مُطيعًا، ولبَّى نداء القائد محبةً وولاءً، وأدَّى واجبه بحبٍّ وإخلاصٍ وولاءٍ مع إخوانه في حَرْب ظفار، وأخلَص لوطنهِ وسلطانهِ حتى آخر رَمَق من حياته.
كُنتُ يومَهَا في مراحل عُمرِي الأولى، ولكن ذاكرته وصُورته الذهنيَّة مَحفُورة وعالِقَة في القلب، فكُلَّما عادَ من جبهة القتال لزيارتنا كان ذلك بالنسبةِ لنا عيدًا، خَاصَّة إذا حدَّثنا عن تقدُّم قواتنا المسلحة الظافرة في جبهةِ القتال، كان جَدِّي وأبِي يتهلَّلان بالحمد والدعاء بأنْ يُكتب لهم النَّصر بقيادة جلالة السلطان، وكُنَّا نشعرُ حينها بطعم الفرح والسعادة عندما نَسْمَع كلمات الثناء من أبي؛ لتشجيع وتحفيز أخِي ليبذل مزيدًا من الجَهْد والعَطَاء والوَلَاء لتراب الوطن وجلالة السلطان، كان يحكي لنا مَصَاعِب وظروف الحرب، وفي الوقت ذاته كان يُحدِّثنا عن الأمل، ومسيرة التنمية والبناء والتطوير في مجالات الحياة مختلفة.
كَانَ الجيشُ يُدِير الحربَ في ظفار بجَدَارة في مَيْدان القتال، وفي الوقت ذاته كان يُديرُها إعلاميًّا بحرفيَّة مُتقنة، لرَسْم وتكوين صُورة ذهنية بواقعيَّة تامَّة عمَّا يحدُث في ظفار، كانتْ سيَّارات الجيش تجُوْب المدن، لتعريفِ الناسِ بإنجازات قوَّاتنا المسلحة في جبهةِ القتال، وجبهةِ البناء والتعمير والتطوير.
أذكُر، كُنَّا نتسمَّر أمَام شاشة السينما؛ لمُشَاهَدة الأفلام التسجيلية والتوثيقية التي كَان يبثها الجيش أمَام الحصن، كُنتُ أفاخِر أقرانِي مِنَ الأطفال بأنَّ أخي وخالِي ضِمْن هؤلاء الرِّجال البواسل، يخُوضُون الحربَ من أجل رَفْع راية الحقِّ والوطنِ خفاقة.
بفُضُول سنِّ الطفولة، كُنتُ حريصًا على أنْ أرَى أخِي ضِمْن تلك المشاهد البطوليَّة، وبعدما ينتهِي الفيلم أرجَع إلى البيتِ بمشاعرِ الفرح والفخر والاعتزاز، فكُنتُ أحدِّث أبي وأمي بِمَا شاهدت، فمَا أسمع مِنْهُمَا إلا الدُّعاء للوطن وجلالة السلطان، ولأخِي الغالي وإخوانه في الجيش بالأمن والأمان، وبالصحة والسلام، مع مَشَاعر ألم خافِتَة في القلوب، لاشتياقِنَا لأخي، وأن يَعُود سالمًا مُنتصرا، فلم تُوجَد حينها أيُّ وسيلة للتواصل والاتصال، كَمَا عليه وَسَائل الاتصال اليوم، هَكَذا كَتَب لأخِي أننا نعيش مَعَه حُرقة الفراق والغياب سَوَاء في فترة عمله في عُمان، أو في خارجها، حتى آخر يَوْم من حياته؛ فكَانَ الغيابَ الأصعب على أبي وأمي وأهلي ووطني.
في السبعينيَّات أيضًا من القرن المنصرم، أقَامَ الجيشُ ما يُشبه المناورة في جِبَال قريبة من الكريب، مَكَان يُسمَّى الفنقوع، وبتشجيعٍ من أبي رَكبنَا مع مجموعةٍ من الشباب سيارةَ الجيش الكبيرة (البيد فورت) لمُشَاهَدة تِلْك العُرُوض العسكرية، كان لمشهد الطائرات المُحلِّقة، ومسير الجنود بخُطُواتِهم العسكرية القوية والثابتة منبعُ فرحٍ وفخرٍ لَنَا جميعًا الشباب، أتذكَّر تلك النيران المشتعِلَة بمُختلف الألوان، تلك الجهود التي كان يعمل على تسويقها أفرادُ الجيش باحترافية تامَّة، كانتْ لها تأثيرٌ على وَعْيِنا ووجدانِنا؛ لما يُمثِّله التسويقُ والإعلامُ من أهمية في توعيةِ وتثقيفِ وتبصيرِ الناس بحياتهم، ولِمَا يحدُث في وطنهم، وكذلك لبثِّ روح الوطنية والانتماء في قلوبهم، وحتى يكُونوا على قَنَاعة ومُتَابَعة لواقعِهِم ومَصِيرِهم المشترك.
اليوم، وأنَا أُشَاهِد وأتابِع إنجازات قوَّاتنا المسلحة والأجهزة الأمنية والمدنية الأخرى المُشَارِكة في تمرينيْ "الشموخ 2" و"السيف السريع 3" في مُختلف وَسَائل الإعلام العُمانية والعالمية، وكذلك عَبْر وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي، أشعُر بالفخر والاعتزاز بما وَصَلتْ إليه قوَّاتنا المسلحة، وأجهزة الأمن، ومُؤسَّسات الدولة الأخرى.
فمِثْل هَذِه التمارين العسكرية والأمنية، لها مردودٌ إيجابيٌّ إستراتيجيًّا، وتُسهم بكفاءة وفاعلية في إبراز مُؤشرات مهمة، فيما وصلتْ إليه مسيرة البناء والتطوير لقواتنا المسلحة، وبما يُؤكِّد على عمليات التكامُل والتعاون والانسجام بين كَافة قِطَاعات وشُرَكاء التنمية في مُختلف الأحوال والظروف، وفي الوقت ذاته هي ضَرُورة للوقوف على جَاهزيَّتها، وكَفَاءة وفاعلية إمكانيَّاتها وقدَرَاتها؛ سعيًا للعملِ على تعزيزها وتطويرها؛ بما يُلبِّي أهدافنا وغاياتنا الوطنية، وواقعنا المعاصِر والمستقبلي، ويَحْفَظ أمننا ومُقدَّرَاتِنا، وإنجازات وطننا الغالي عُمان، وتنميته الإنسانية المتواصلة والمستدامة.
مَا يقومُ بهِ التوجيهُ المعنويُّ بوزارة الدفاع ضِمْن خطتهِ الإعلامية، وكذلك وَسَائِل الإعلام المختلفة، ضِمْن منظومةٍ إعلاميةٍ وطنيةٍ مُتَكامِلة ومُنسَجِمة؛ لتسويقِ وتغطيةِ أحداثِ هذا التمرين، بمُختلف مراحلِه ومستوياته، وتواصله الدائم بواقعية وشفافية مع الرأي العام؛ حتى يكون على بَصِيرة من أمر ما يحدُث، ينمُّ عن وعي وإخلاص وتفان، وتطور مهني ومعرفي، ووعي كبير ومتسارع لأهمية ودور الإعلام في مجال القطاعات: العسكرية، والأمنية، والمدنية. وهذا ليس بغريبٍ على التوجيه المعنويِّ؛ فهو يمتلكُ قيادة وخبرة تراكمية لعقود طويلة من الزمن.
فتحيَّة مَحبَّة وإكبَار وتقديرٍ لجميع أبطالنا أفراد قوَّاتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية والمدنية المختلفة، وكذلك لجَمِيْع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، على كلِّ ما يقُومون به من جَهْد وتضحِيات، وتغطية إعلامية وتوثيقية وتسويقية راقية ومتطورة؛ لجَعْلِنا نعيش معهم واقعَ التمرين، وأحداثه، وتفاصيله الميدانية.
فهُم بحَق يكوِّنون في نفوسنا ومشاعرنا صورةً ذهنيةً نفتخرُ ونفاخرُ بها، ويُوقدون في وجداننا رُوْح الحبِّ والإخلاصِ والولاء؛ لأنه بوحدتنا وتآلفنا وتضافُر جهودنا، وبفَضْل قيادتنا الحكيمة، وعزيمةِ وقوَّة بواسلنا الأبطال في مُختلف الميادين نَنْعَم بخيرات ومنجزات عظيمة، وسنعيشُ -بإذن الله وفضله- في استقرارٍ وأمنٍ وأمانٍ وسلام. حَفِظ الله عُمان، وقائدها الملهم جلالة السُّلطان.

السبت، 20 أكتوبر 2018

بَشائِر السَّماء

فَرْحَة قدوم الغيث

بَعْد انقطاعٍ دَامَ طويلًا، أطلَّت علينا مُزن السَّماء بالغيث.. خيراتٌ وفيرة الحَمدُ لله، ابتهجتْ مَعَها الأرض والشجر والجبال، وكلُّ كائنات الأرض والسماء.
كَانَ لتساقُط الغَيْث فرحة كبيرة في النفوس، تتغيَّر بسببه المشاعر والسلوك، تبتهجُ بتساقطه الوُجُوه وتشرق، تجدُ للأرض رائحة زكية، تنشُرها مع نَسَمات الشتاء المنعشة، مع كلِّ نقطة ماء تبعث فيها الحياة.
تتفتَّح أزهارُ الشجر، وتُصبح ملامح أعوادِها ومنظر أوراقِها صافية، فقد غَسَلها المطر، وحرَّك فيها رُوح الحياة.
المَطَر شُريان الحَيَاة، ومَبْعَث الهِمَّة والعمل والنشاط؛ فهو بمثابة نقطة انطلاقة لبَدء الزَّرع، والفَسْل، والإنتاج؛ لتُشرق الأرض بجمال الخضرة وبهاء المنظر.

استراحةٌ.. من أجلِ انطلاقةٍ جديدةٍ إلى البحر

ألوانٌ مُبْهِجة للهواري.. للصياد ذائقةٌ جماليةٌ وفنيةٌ، لها انسجامٌ مع زرقة البحر والسماء.

مَع البَحر


هَكَذا يبدُو بَحْر عُمان هذا الصباح، ينضَح بجانبنا في هُدُوء وسكينة؛ فَرَحًا بالغيث وانهمار المطر، يُرسِل نَسَمات الكوس الباردة، وينثُرها على جَمِيع الكائنات، لتحرِّك مشاعرَ الفرح والابتهاج.
البحرُ وكائناتُه تفرح أيضًا بمَقْدِم الغيث، وسيُول الشراج والأدوية؛ فهي تحملُ مَعَها خَيرَات البرِّ لتُعَانِق البحر، ليشكِّلا معًا عَلَاقة تكامُل لبثِّ روح الحياة.

ظلٌّ.. يتفيَّأ بُساط أخضر

 

النَّخلة كريمة دومًا

أَيْنمَا فسلتَها (غَرستَها) عانقتْ السَّماء شَامِخة؛ حتَّى وإنْ كان ذلك على ضِفَاف البحر.

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

دَرسٌ في حبِّ العمل

سَلِيم بن سَالم العُويسي يقطَع الجبالَ الوَعِرَة مِن بلدة اسماعيَّة إلى قُريَّات، يحملُ مَعَه تمورُ البرني والبونارنجة والحنظل.. وغَيْرها، وكذلك السَّعتر (الزعتر) الجبلي من الجَبَل الأبيض. يقول: إنَّ الزعتر أصبحَ شحيحًا؛ بسبب طريقةِ جزِّه الخاطئة، إضافة للمَحل، ولكن مع هُطُول بَشَائر الخير، سينمُو وسيخضرُّ مفرح الجِبَال من جَدِيد... تحيَّة لهذا الرَّجل، الذي عَشِق العملَ ولو كَان بسيطًا وفي هَذَا العُمر؛ فهو يُقدِّم درسًا في حبِّ العمل مَهْمَا كان مجاله وإمكاناته.

تنوُّع

ما يُميِّز أطباق المطبخ العُماني هو ذلك التمازُج الثقافيُّ في محيطِه: الإقليمي، والإنساني.. تشكيلةٌ جميلةٌ من الألفاظ والمأكولات، تمازجَت فيها رُوح الاختلافِ والتنوُّع في الإعدادِ والتحضيرِ للطَّعام. وفي الوقت ذاته هي ثقافاتٌ مُشرقة، تحملُ مَعَانِي التنوُّع ودَلالات الجَمَال والمحبَّة لكلِّ إنسان.