عُلَمَاء الإدارة المُعَاصِرة يؤكدون أهمية تَطبيق مَبَادئ الكفاءة والفاعلية
في المُؤسسات الإنتاجية والخدمية، كمَطْلَب لتحقيقِ الجَودة والأهداف؛ فهُم يَرَون
أنَّ تحقيق الكفاءة دُون الفاعلية، دلالة على وُجُود خلل في استثمار واستخدام
الموارد؛ حَيْثُ لا يَكُون الأداء فعَّالا حتى يكُون كُفأ، ولكن يُمكن أن يكون
الأداء كُفأ وليس فَعَّالا، ولكن السُّؤال: هل مُصطلح الكفاءة، وكذلك مصطلح الفاعلية،
كمفهوميْن حديثيْن لم نَسْمَع عنهما من قبل؟!
الوَاقِع هُمَا من أساسيَّات الإدارة في الإسلام منذ قُرُون طويلة، فإذا
تمعَّنَا في مَعَاني ودلالات الكثير من الآيات القرآنية، سنَجِد أنَّها تحثُّ دومًا
على العمل الحسن، والعمل الصالح، والإتقان في العبادة والعمل، والعمل بالمفهوم
الإسلامي عبادة أيضًا، وفي ذلك إجابة شافية على من يعتقد أنَّ الغَرب لهم الأسبقية
في تحقيق الجودة الشاملة.
ولَكِن عمليًّا إذا ما أَرَدْنا معرفة التفريق بين العمل الحسن والعمل
الصالح، فهُمَا يحملان نفس الدلالات لما يُسمَّى اليوم بالكفاءة والفاعلية؛ حيث يُمكن
لأيِّ عمل -لا يُخَالف أمر الله- أنْ يكون حسنا وصالحا، ولكن يُمكن أن يكُون العمل
عملًا حسنا ولا يكون صالحًا.
فَإِذا ما جسَّدنا مصطلح العمل الحسن، ومصطلح العمل الصالح، في مجال
الحياة العملية، سنكُون بذلك حقَّقنا أهدافا رائعة في حياتنا؛ مثلا: الموظف الذي يُبَاشر
عمله في الوقت المحدَّد فقد عمل عملًا حسنًا؛ أي: كُفأ، ولكن إِذَا ما ظهرتْ نتائج
هذا العمل على الإنتاجية، وتحقيق أهداف وغايات المؤسسة التي يعمل فيها، فقد عَمِل
عملًا صالحًا؛ أي: فعَّالًا.
كَذَلِك الطَّالب الجامعي المواظِب على دراسته، هو بذلك قد أدَّى عملًا
حسنًا؛ أي: كُفأ، ولكن إذا ما اقترنتْ تلك الجهود بنتائج مُشرِّفة، يعود نفعُها
عليه وعلى وطنه ومجتمعه، سيَكُون بذلك قد أدَّى عملًا صالحًا؛ أي فعَّالًا، يُؤجَر
عليه في الدنيا والآخرة... وهكذا في سَائِر أمور الحياة وعلاقة الإنسان بالآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.