يَوْم الأربعاء الماضي كانتْ لي زيارة إلى النادي
الثقافي؛ بهدف حضور الأمسية الثقافية التي نظَّمتها جامعة السلطان قابُوس -مُمثلة
في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية- بالتعاوُن مع النادي
الثقافي، بعُنوان "تجربة مُحمَّد الحارثي الأدبية"، وهي سُنَّة حميدة
خطتها الجامعة بالاحتفاء بالمُبدعين في السلطنة؛ وذلك من خلال جلسات نقدية
لإنتاجهم الأدبي والمعرفي؛ حيث عُقدت قبل سنوات ندوة لدراسة "عالم علي
المعمري السردي"، وقبل أشهر كانت هُناك جلسة نقدية لتجربة الشاعر مُبارك
العامري، بتنظيم من الجامعة والنادي الثقافي أيضا.
مُحمَّد الحارثي له بَصَمَات معروفة في الحراك
الأدبي والثقافي في عُمان، مُتنوِّع الكتابة في مُختلف الأجناس الأدبية شعرًا ونثرًا؛
فهو يستحقُّ هذا التكريم.
وَصَلتُ النادي قبل بدء الأمسية بوَقت، استقبلي
سعيد البحري عضو الجمعية العُمانية للصحفيين، ببشاشته المعروفة ونشاطه الدائم، عرَّفني
على شخصية تجلسُ بجانبه، وهو الأستاذ مُحمَّد المُبارك، وهو شخصية عربية معروفه، له
باعٌ طويلٌ في مجال الإعلام، ويعملُ خبيرًا واستشاريًّا في مجال الإعلام الدولي
(التطبيقي والقيادي والإبداعي)، وعَمِل في مجال الإعلام والصحافة الدولية لسنوات
طويلة.
جَاء الأستاذُ مُحمَّد المُبارك ليلقي دروسا
ومحاضرات في حلقة عمل بعُنوان "مشاهير أمام الكاميرا بخبرات دولية"،
كانتْ تستهدفُ المُثقفين العُمانيين والمُقيمين في السلطنة لكيفية التعاطي مع
وسائل الإعلام. رأيتُ من بين الحاضرين الأستاذ عبدالحسين من العراق الشقيق، وهو
سفير سابق مُقيم في عُمان، وعلى الرغم من كِبَر سنه واعتماده على العصا في مشيه،
إلا أنه يحرص دائمًا على حضور فعاليات النادي الثقافي، وسمعتُ منه كلاما طيبا عن
حبِّه للعُمانيين وتقديره لعُمان، كان من بين الحضور أيضًا الأستاذ خميس العدوي
رئيس الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، والأستاذة عزة القصابية الكاتبة
المعروفة، وعدد من المُثقفين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد.
شَاهدتُ على الأخ سعيد البحري، والأستاذ المُبارك،
بعض القلق لعدم تجاوُب المُثقفين لحضور حلقة العمل، والتي كَان مُقرَّرا لها مدة
خمسة أيام، وتم تخفيض مدتها إلى يَومَين، على الرغم من أهميتها لما تحمله من
مواضيع مهمَّة تتعلق بعلاقة المُثقف بالإعلام، وهي في حد ذاتها مختصة بالإعلام
وكيفية التعامل مع الكاميرا والميكرفون، وبراعة التحدث أمام الكاميرا، وجوانب
عديدة ومُفيدة للمثقف والإعلامي على حدٍّ سواء.
آثرتُ أن أحضر جزءًا من حلقة العمل هذه، على الرغم
من عدم اشتراكي فيها مُنذ بدايتها لعدم علمي بها؛ وذلك لسببين: الأول منهما حُبِّي
الشديد للإعلام ودوره ومُمارستي له لفترة زمنية من حياتي. والسبب الثاني: تقديرًا لضيفنا الأستاذ مُحمَّد المُبارك، الذي تجشَّم السفر من الكويت من أجل نقل معارفه
لنا، أضف إلى ذلك تلك الجُهُود التي بُذلت، والمصاريف التي أُنفقت من أجل تنظيم
حلقة العمل هذه.. السفير العراقي السابق المُقيم في عُمان يَسْأَلني بصوت خافت: أين
هم أعضاء جمعية الصحُفيين، لا نرى منهم أحدًا؟! أين هم المستهدفون من المُثقفين الذين
من أجلهم عُقدت هذه الحلقة؟!
المُهم.. دخلنا القاعة، وإذا هي عبارة عن أستديو
تصوير، كاميرات عدة وتجهيزات فنية رائعة، قُلت في نفسي: "أكيد هي تغطية
إعلامية"، استرسل المُحَاضِر في حديثه، تكلمَّ عن مواضيع تتعلق بالمُقابلات
الإعلامية وكيفية التجهيز والاستعداد لها وطريقة التحدث، ومُعالجة الأخطاء
اللغوية، وضرب أمثلة عدة، بعدها أمر بالبدء في التطبيق العملي لما قاله أمس
واليوم، وطلب من المشاركين القيام بهذه المُهمة، بَحْلَقت العيون الكل ينظر إلى
الآخر، من يبدأ الأول؛ فالأمر إجراء حُوار بين طرفين أمام الكاميرا والميكرفون،
أحدهم يكُون مذيعا والآخر ضيفا تتم محاورته ومناقشته عن موضُوع ما؛ فهو ليس بالأمر
السهل.
عِنْدَما رأيتُ التردُّد، قُلت فـي نفسي من المُهـم
أن نأخـذ بقاعدة تُسمى "اكسر الثلـج" (Break the ice)، وهي معنى مجازي للتمهيد
للأمور، قُلت أنا أكون في البداية، اخترت شابا كان جالسا بجانبي اسمه مُحمَّد
الراشدي، سحبتُه إلى المنصة، دارتْ الكاميرا، سألتُ الأستاذ: أنا لم أحضر جلسة
البارحة عن ماذا تريدنا نتحدث؟ قال عن أي موضُوع تريدان التحدُّث فيه، المهم عِندي
هو تعريفكما على طريقة إدارة الحُوار والاستعداد الذهني والفكري والبدني لهكذا
مواقف.
تَقمَّصتُ دور المذيع، وأدرتُ حُوارا حول التعليم
وأهميته؛ لكون ضيفي في الحُوار من روَّادِه ومنتسبيه، كان حُوارا ممتعا، ونال
إعجاب الحضور وأشاد به الأستاذ، وأوَّل مرة أعرف بعد مشاهدة الأستاذ للحُوار على
الشاشة أن اللون الأبيض للملابس غير مُحبَّذ للظهور التليفزيُوني، فالألوان أكثر
إشراقة للشخصية على الشاشة، بعدها أدرتُ حُوارا آخر مع الأستاذة عزة القصابية حول
المرأة في عُمان، كما قام الأستاذ خميس العدوي بتقمُّص دور المذيع وحاور أحد
الحضور، وأدارت معه أيضًا الأديبة عزة القصابية حُوارا طويلا عن الجمعية العُمانية
للكتاب والأدباء، وعن هُموم الثقافة والكتاب في عُمان، وشارك آخرون أيضًا في هذه
التجربة الجميلة.
واختُتِمت حلقة العمل بحفل رعاه الأخ العزيز سالم
الجهوري نائب رئيس الجمعية العُمانية للصحفيين، وهكذا كانت تلك الأمسية الجميلة،
التي أعادتْ بي الذاكرة لأيام جميلة مع الإعلام، كلُّ الشكر للأستاذ مُحمَّد
المُبارك، وللجمعية العُمانية للصحفيين، وللنادي الثقافي، على هذا الحراك الدائم
لخدمة الثقافة والمعرفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.