صَبَاح يوم غدٍ ليس كصباحِ باقي الأيام.. حركة دؤوبة
على الأرض، هُناك.. حيث المُستقبل يَفْتَح أبوابه على مصراعيه، هُناك.. حيث الابتسامة
ترتسمُ على محياهم بكل صدق ووفاء، هُناك.. حيث القلوب متعلقة بشوق ومحبَّة، والنفس
مُتعطِّشة لصناعة المجد، وتحقيق الأمنيات، كتلهُّف الظمآن إلى الماء.
نعم.. صباح يوم غدٍ ليس كباقي الأيام، كل بُيوتنا
تستفيق إلى أمر جديد، كل شوارعنا ستكُون مزدانة بوجوه باسمة ضاحكة، هُناك.. حيث ينبُوع
الشوق والبهجة والحنان الذي سيرسمُه المعلِّمون يوم غدٍ لاستقبال فلذات الأكباد
وأمل الأمة.
صَبَاح يوم غدٍ سيكُون مُعطَّرا برائحة الحبر
والقرطاس والورق والدفاتر والكتب الزكية.. يوم غدٍ ستفتحُ أكثر من 1077 مدرسة
أبوابها مشرعة أمام أكثر من نصف مليون طالب وطالبة في مُختلف مراحلهم الدراسية، لتُعلن
بداية عام دراسي جديد في عُمان.
بِداية العام الدراسي من كلِّ عام، تحمل في طياتها
ذكريات مُفعمة بالجمال والمحبة والصفاء، ومشاعر فياضة بالعزيمة والاجتهاد
والمُثابرة، وفي نفس الوقت هي أمل جديد من أجل مُستقبل مشرق لجيل جديد يعوَّل عليه
الكثير من الآمال في رقي وبناء الأوطان.
يَوْم غدٍ ليس كباقي الأيام؛ ففيه يتجدَّد النشاط،
وتُوقد الهمم، وترفع الهامات إلى نور المجد، بفضل العلم واكتساب المعارف في شتى
المجالات.. هُناك جُهُود كبيرة قام بها أخوة أعزاء للتحضير والتجهيز لهذا اليوم
السعيد لجميع الأسر العُمانية.
فالتَّحْضِير للعام الدراسي ليس بالسهل اليسير كما
يتوقعه البعض، وإنما هو خطط وبرامج وأنشطة عمل، قام على تنفيذها مخلصون طوال أشهر
الصيف، لم يتذوَّقوا فيها طعم الراحة والإجازة كما يتمتع بها الكثير من الموظفين..
فلهُم كل الشكر والتقدير والامتنان.
هَمْسَة لطيفة في أُذن صنَّاع المعرفة وقادة المُستقبل،
الذين قال عنهم خير خلق الله عليه الصلاة والسلام: "إنَّ الله وملائكته وأهل
السموات والأرض، حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلمي
الناس الخير".. همستي هي: اليوم الأول للدراسة يُشكل أهمية كبيرة في النهوض
بدافعية الفرد نحو محبَّة المدرسة، ومُكوناتها، وبيئتها، وتوجهاتها السامية في نشر
العلم والمعرفة؛ فاستغلوه في تحفيز النفوس والعقول لرقي الفكر وسمو الوجدان،
وإيقاد شعلة النشاط والتجديد في همة الشباب من أجل عام دراسي ناجح، اعملوا على غرس
حب العلم وقيم الأخلاق الرفيعة ومبادئ المُواطنة السامية والإخلاص والولاء للوطن
وقيادته الحكيمة في نفوس طلابكم؛ من أجل تحقيق هدف يرسمونه لمُستقبل زاهر بإذن
الله.
تذكَّروا.. فأنتم صُنَّاع جيل المعرفة، ومن خلالكم
تعطون للحياة قيمة وللمُستقبل معنى، ومن معين فكركم تغرسون في عقول ووجدان شباب
الأمة حبَّ العلم والتوسُّع في معارفه المُتجددة.
وبجَهْدِكم وسعيكم، تتحقق الأماني والتطلعات
لتكوين وصناعة أجيال المُستقبل الحريصة على تحقيق التميز والإبداع والإخلاص لخدمة
الوطن.
أنتُم أيُّها المعلمون الكِرَام أصحاب رسالة
سامية، وعلى أيديكم الكريمة تصنعون المعجزات، وتفجرون الإبداع والتميز
والابتكارات، لعمارة الدنيا والآخرة. تذكَّروا.. أنَّ تشكيل مُستقبل الأجيال في
أيديكم، وهي أكبر أمانة على وجه الأرض، وكلنا ثِقة في دوركم الوطني والإنساني.
نَعَم.. هُناك تحديات كبيرة، وتطلعات كثيرة، وأحلام
تطال السماء، إلا أنه بالعزم والإرادة، وبالتخطيط ستتحقَّق الأمنيات والطمُوحات؛ فقطاع
التعليم هو بطبيعته في تغيُّر مُستمر ومتجدد، كيف لا وهو مُرتبط بعقول البشر، وحركة
الإنسان، وتطور العلوم، واقتصاد الأوطان، وكذلك بعمارة الدنيا والآخرة!
هُناك هَمْسَة لطيفة أخرى في أذن الطلاب والطالبات:
ابدأوا يا شباب عُمان بتحيَّة علم بلادِكم، ارفعُوه عاليًا خفَّاقا على الدوام،
اهتفُوا باسم بلادكم وبحياة قائدكم، اجعلُوا هتافكم يملأ الكون والفضاء، هزُّوا
الأرض تحت أقدامكم بنشاط وحيوية في أول صباح وفي كل صباح، ارسموا لوحة متكاملة في
حب عُمان، اعطوا العالم دروسا في معنى اللحمة الواحدة من أجل عُمان.
تذكَّروا أنَّ الذي تعيشونه من أجواء مدرسية منظمة
ومرتبة، يعدُّ فُرصة كبيرة ونعمة عظيمة، يحسدُنا أو يغبطُنا عليها الكثير؛ فهي
محطة مُهمة من محطات الحياة الجميلة، فاشكُروا الله على هذه النعمة الغالية.
.. صُرُوح العلم بالمجان في كل مكان من أرض عُمان،
في المدينة والقرية ومرتفعات الجبال، وارتقت تلك الصُرُوح الشامخة أيضًا تخوم
الصحراء والرمال وبطون الأودية.. المهم في عُمان، كما أكد القائد المُعظم حفظه
اللهُ ورعاه- أن يتعلم الجميع ليسعد بهم الوطن.
تذكَّروا أن هُناك الكثيرَ من الجُهُود التي بُذلت
من أجل راحتكم، والسبل التي تم توفيرها لتنعموا بالعلم والتحصيل المعرفي.. تذكَّروا
أنَّ الدولة قد وفَّرت الكثير والكثير من أجل الرُّقي بكم كمُواطنين صالحين
وفاعلين في خدمة وطنكم ومُجتمعكم.
ابذلُوا قُصَارى جَهْدكم في الاستفادة من كلِّ
دقيقة تقضُونها في رحاب مدارسكم، من أجل تحقيق أهدافكم المُستقبلية.. اجعلوا
المدارس شعاعًا معرفيًّا مليئًا بالنشاط والحيوية، تذكَّروا أنَّ الوطن ينتظر منكم
الكثير، فأنتم المُستقبل المشرق لعُمان.
حَفِظكُم الله، وسدَّد على طريق الخير خُطَاكم،
وكلُّ الثناء والتقدير لجميع العاملين في وزارة التربية والتعليم الموقرة، الذين عَمِلوا
بجد ومُثابرة من أجل راحة أبناء الوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.