ذَاكرة سينمائية تعُود لسبعينيات وثمانينيات القرن
الماضي؛ حيث كان للفن عشَّاقه ومريدوه؛ استُقْبِلت حينها بحميمية وترحيب لأنها
ثقافة ووسيلة لنشر المعرفة.
كَان المكانُ فضاءً مفتوحًا على السماء في الهواء
الطلق؛ فيما تلك الأشعة المكثَّفة البيضاء تندفعُ في مشهد غريب من فتحة في جدار
يطل على بلكونة خُصِّصت لأصحاب الدرجة الأولى.
هُم أيضًا مُقابل ذلك يدفَعُون تذاكر أغلى، مُقارنة
بمن يجلس بالقرب من تلك الشاشة، كانت وسيلة مُهمة لتعلم أنَّ لكل شيء قيمة، حتى
المشاهدة والاستمتاع بقِصَّة يجب أن تَشتري لها تذكرة.. نظامٌ في الدُخُول والخروج
والاستراحة وعند شراء التذاكر، وكذلك عند المشاهدة؛ فالكل مُندمج فيما يشاهده.
تِلْكَ الآلة تلفُّ الشريط الأسود الملفوف على
دائرتين متقابلتين لها شكل جذَّاب وفريد، تسمعُ لدورانها صوتًا خفيفًا كحفيف
الرياح بين أغصان الشجر، وما إنْ تُلامس تلك الأشعة البيضاء سطح الشاشة الجدارية
إلا بالقصة قد بدأت، والحركة قد دبَّت على الشاشة، لتشد انتباه من حضر في هدوء.
على تلك الشاشة العملاقة، سُمِع نشيد "طلع
البدر علينا"، ومن خلالها حُكيت قصة هجرة خير الخلق، ومن خِلال تلك الشاشة
أيضًا تغنَّى عنترة بمعلقاته وبطولاته، وصَدَحَت عبلة بحبها العُذري، وابتسمت
الجماهير في مدرجات المكان لقفشات شيبوب.
هُنَا أيضًا، سرح الحضور في خيال الأفلام الهندية
وموسيقاها العريقة، ومن خلال هذا المكان تعرف الحضور على صيحة أو زعقة طرزان،
واستمتع بقصص عالمية أسهمت في التثقيف والاستمتاع بروائع الأعمال الفنية والأدبية...
انتهى المشهد في منتصف عقد التسعينيات، وأصبح للمكان ذكرى.
(المشهد كان من سينما قُريات؛ حيث كانت من بَيْن
أول الدور السينمائية التي أنشئت في مطلع السبعينيات في عُمان).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.