الاثنين، 17 أغسطس 2015

مشهد من الخبيل





المَشْهَد من الخبيل في هذا الصيف القائظ.. ثمَّة لُجة خضراء ينساب فيها الماء بهدوء، نسمات الهواء تُلَامِس سطح الماء مُحدِثة دوامات مُتواصلة.. خرير الماء بين حصيات الوادي النقية له صوت موسيقي، ثمة سمكات من الصد تتراقص في العُمق بنشاط وحيوية. في الجانب الآخر، هُناك منجز إنساني قد غفلت عنه عيون البشر، مجرى لفلج قديم شيَّده الإنسان في زمن بعيد، له قِصَّة أسطورية تتداولها الألسن بطريقة مبهرة؛ حيث يقال إنَّ مُشيِّد هذا الفلج قد اغترَّ بمنجزه. فوضع سفرجلة في ساقية الفلج من بداية آمته (منبعِه). فركب حُصَانه مسابِقًا الريح ليصل إلى شريعة الفلج. وجد السفرجلة الصفراء قد سبقته مُؤذِنة بنجاح مشرُوعه. تباهى ذلك الإنسان بعمله واختال بقُدرته؛ فحدثتْ جائحة دمَّرت ذلك الفلج من أوله إلى آخره. الفلج آثاره لا تزال باقية على حواف تلك الصخور الجبلية المتباينة في الأشكال والألوان. صخرة فوق أخرى تم صفها بعناية فائقة، تشكيلات عُمرانية زاهية ومُنسجمة تماما مع ألوان الطبيعة. جلستُ وحيدا مُستظلًّا تلك الأعمدة المصنُوعة من الصاروج، هدوء الطبيعة يلفُّ المكان، مددتُ ذراعي مُحتضنا تلك الساقية المختلطة بالعرق والطين. وجدتُ فيها رائحة التاريخ وذكريات الأيام، تذكَّرتُ حينها مُنجزات حَفَرَهَا الإنسانُ في روزنامة التاريخ، ولا تزال راسخة وشاهدة مهما طوى عليها الزمان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.