الشيخ الأستاذ محمد بن عدي البطاشي، أحد الرواد والمؤسسين للتعليم الحديث في سلطنة عمان.
سافر لطلب العلم مع أخيه الشيخ حمود وهو في سن التاسعة من عمره، بدأها في المملكة العربية السعودية، ثم في دمشق بسورية، وختمها في القاهرة بمصر، والمدة الأطول التي قضاها في الدراسة، كانت في جمهورية مصر العربية بين عامي 1959م وحتى مطلع سبعينيات القرن الماضي.
ومع بزوغ فجر النهضة المباركة في العام 1970م، بقيادة الرجل العظيم السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور -رحمه الله وطيب ثراه- لبى نداء القائد، كغيره من رجال عمان الكرام الأوفياء، للمشاركة في مسيرة التنمية والبناء. التحق بقطاع التربية والتعليم في قريات كمعلم في أول مدرسة عصرية تحظى بها الولاية، كانت بالخيام على أرض ساحلية، غير بعيدة عن شاطئ البحر (بالقرب من مبنى النادي بالساحل حاليا)، ثم نقلت الى مبنى جديد، بني بالمواد الثابتة في طوي الجهامي في قرية المعلاة، حملت اسم: مدرسة راشد بن الوليد.
كان مع رفاق عمل معه، ممن وضع مسار التعليم العصري في قريات، يعملون نهارا وليلا بجد ومثابرة وعزم لا يلين، تجدهم ينصبون الخيام، ويحملون أدوات التعليم من كتب وطاولات وكراسي وسبورات على اكتافهم، تعفرت وجوههم وايديهم بغبار الطباشير، وهم يشرحون على السبورات مواد التعليم ومناهجه، كأنهم في حقل أخضر واسع، يغرسون فيه الأمل والوعي وحب الوطن، بولاء وفاء وإخلاص، ويرسمون من خلاله مستقبل جيل عمان.
كان همهم أن يحظى الجيل الجديد بالتعليم، فهم عرفوا قيمته وقسوة حرمانه.
عمل معلما، وتدرج في وظائف عديدة، حتى وصل مديرا لمكتب الإشراف التربوي في قريات، قاد هذا القطاع في الولاية بحكمة وكفاءة واقتدار.
زرته قبل أيام فوجدته معتكفا في المسجد المجاور لبيته في المعلاة، يبهرك بتواضعه ومحبته وصفاء قلبه وسمو معاملته، فكان معه حديث الذكريات، فله بصمات طيبة لا تنسى في خدمة التعليم والمجتمع بالولاية.
تأملت شجرة غريبة غرسها أمام مجلسه، قال لي: هذه شجرة اللبان، غرستها لتكون عطرا طيبا لمن يتذكرني ويزورني، أهداني عودا منها كرما منه، فظل يسيل عبقه في يدي، إلى أن غرسته في جانب من منزلي كذكرى.
نسأل الله العلي القدير أن يمتعه بالصحة والعافية وأن يبارك في عمره.
بقلم صالح بن سليمان الفارسي