تابعتُ، مُؤخرا، أحد البرامج الحُوارية في إحدى
القنوات العربية، والذي استضاف نُخبة من كبار العُلماء والمتخصصين في المياه، وقد
تناول الحُوار موضُوع المشكلة المتزايدة في ندرة المياه وشحها؛ نظرا للاستنزاف
الجائر من المياه الجوفية، وقد تمَّ التركيز في ذلك على دُول الخليج العربي.
الكثير من العُلماء يُحذرِّون من تفاقم شح المياه
وحدوث مجاعة في المُستقبل بعدد من دُول الخليج العربي، في ظل عدم وُجُود اهتمام من
قبل المُجتمعات لمُعالجة هذه المشكلة، ووُجُود توقعات بنضوب النفط في كثير من دُول
الخليج العربي، والذي يُعد المصدر الرئيس للدخل، ويُعتمد عليه في تشغيل محطات
تحلية مياه البحر، التي أصبحتْ من المصادر المُهمة لتوفير المياه الصالحة
للاستخدام الآدمي، وكذلك في المجال الصناعي.
كما تمَّ التطرُّق إلى موضُوع سدود التغذية
الجوفية، والتي تعمل على حجز مياه الأمطار والأودية؛ بهدف تغذية المياه الجوفية.
وقد اشار العُلماء إلى أنَّ الدراسات تُبين أنَّ المياه التي تحجزها هذه السدود
على سطح الأرض نسبة كبيرة منها تتبخر في الجو، في ظل تغير المناخ وارتفاع درجة الحرارة
في دُول الخليج العربي؛ حيث تصل نسبة التبخر إلى 85% من المياه المحجوزة، كما أنَّ
الطمي والأتربة ومُكونات الطبقة السطحية للارض تمنع من تسرب الكثير من المياه إلى أعماق
الأرض لتعويض ما يُستخرج منها، خاصة المياه التي تكوَّنت مُنذ ملايين السنين في أعماق
كبيرة في الأرض. كما يُحذِّر العُلماء من حدوث عدم توازن بيئي في حالة حجز جميع مياه
الأودية عن وُصُولها إلى البحر؛ وذلك لحاجة الكائنات البحُرية لمثل هذه المياه.
وأشاروا إلى أنَّ هُناك تقنيات يجب على دُول
الخليج العربي الأخذ بها، والتي من بينها: إقامة سدود التغذية والتخزين تحت سطح
الأرض؛ بهدف الحد من التبخُّر، وإمكانية تسرب المياه إلى أعماق سحيقة تحت باطن
الأرض، وهذه التقنية مُجرَّبة في كثير من دُول العالم؛ ومن بينها: اليابان. كما من
المُهم توعية المزارعين وأصحاب المصانع بالترشيد في استهلاك المياه، موضحين أن
هُناك وسائل حديثة لتحقيق ذلك، مُبينين أن الكثير من المزروعات من خلال التقنيات
الحديثة وجُهُود العُلماء أصبحت تُروَى بمياه البحر بما فيها القمح.
هذا التنبيه من قبل العُلماء يتطلَّب من المراكز
العلمية والبحثية ضرُورة تكثيف جُهُودها؛ من أجل إيجاد الحلول والبدائل لمُعالجة
هذه المشكلة، التي ستواجهها الأجيال القادمة، وعلى الجهات المُختصة وضع الإمكانات
اللازمة من أجل تبصير الناس بضخامة المشكلة وتحدياتها، وعلى كافة قطاعات المُجتمع
التعاوُن من أجل الحد من مشكلة الإهدار في المياه.. والله من وراء القصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.