في تسعينيات القرن الماضي، تشرَّفتُ بعضويَّة مجلس إدارة نادي قريات، لم تَكُن تتوافر حينها ملاعب مُعشَّبة للنادي كما هي عليه اليوم، كان الدعم الذي يَحصُل عليه النادي في ذلك الوقت لا يتجاوز أربعة آلاف ريال عُماني، سخَّرها النادي لجميع أنشطته ومصاريفه المختلفة.
فقرَّر حينها مجلس الإدارة تكليف الصديق مبارك المالكي، والصديق خميس الحسني، بقيادة الفريق الأول لكرة القدم بالنادي، ضِمْنَ منافسات الدوري على مستوى السلطنة، وقد ضَحَّيا بالكثير من أجل خدمة النادي بحبٍّ ووفاء.
وُضِعَت الثقة فيهما، دون التدخُّل في عملهما، مع متابعة دقيقة لخطتهما للنهوض بالفريق، فشكَّلا فريقا كرويًّا رائعًا ومُنسجمًا من شباب الولاية؛ ما يُميِّزه هو حب النادي بصدق وإخلاص، واتِّخاذ لعبة كرة القدم كهواية مُحبَّبة، يُمكن تسخير مهاراتها كرياضة وفن وإبداع وأخلاق، لرفع سُمعة النادي والولاية.
وعندما تمَّ اختيار اللاعبين لتمثيل النادي في هذه البطولة، وُضِع في الاعتبار قناعة الشخص ودافعيته لتمثيل النادي أولًا، دون الالتفات إلى أيِّ فريق رياضي ينتمي، إضافة لمهاراته الفنية، كما لم يُسمح للفرق الرياضية وإداراتها بالتدخُّل في شؤون اللاعبين.
وعندما تشكَّل الفريق بعناصره الوفية، التقى مجلس الإدارة باللاعبين؛ فوضع أمامهم رُؤيته وأهدافه المستقبلية، ضِمن إدارة تشاركية لصناعة مستقبل النادي، ثم تولَّى المدرب ومساعده صياغة الخطط والتكتيكات الفنية؛ للوصول إلى تحقيق الأهداف المرسومة.
كان الجميعُ يعمل بروح الفريق، وسخَّر مجلس الإدارة للفريق كل الإمكانيات المتاحة؛ وعلى رأسها: الجانب المعنوي والنفسي.. لم تُصرَف للاعبين رواتب، بل كانوا هم الذين يدفعون لتأمين احتياجاتهم الرياضية، تمارينهم كانت على ملعب تُرابي، وعندما كُنتُ أتأمَّل هذه الجهود والتضحيات، كنت أجد الدَّافعية والحوافز هي ما يقف وراء كل ذلك الإنجاز، كانت هناك علاقات إنسانية راقية، ومشاعر أخوية صادقة، تربط قيادة الفريق باللاعبين.
وبفضل تلك المساعي والجهود، استطاعَ الفريق أنْ يصعدَ بالنادي إلى مَصاف الدرجة الثانية والأولى في مَوْسِمَين متتاليين، وسط دهشة المراقبين الرياضيين، بل حَصَل على درع الدرجة الثانية في الموسم الرياضي 97/96؛ فعمَّت نشوة وفرحة هذا الإنجاز كلَّ مُحبٍّ للنادي.
وعندما أرادَ النادي تكريم هؤلاء الأبطال، كَتبتُ حينها مقالًا ضمن الكُتيب الذي أصدره النادي في ذلك الحفل؛ عنونته بسؤال: وماذا بعد الإنجاز؟
ومع الاستعداد للمَوْسِم الرياضي التالي لتلك البطولة، كَثُرَت المقترحات والآراء والمطالبات، بضرورة اختيار شخصية جديدة لقيادة الفريق الكروي؛ فوَقَع الاختيارُ على المدرب العراقي عدنان حمد ليتولى هذه المهمة، وهو أحد الكفاءات العربية المعروفة في العراق والوطن العربي، وعندما بَدَأ مهامه مع الفريق، وَضَع له قواعدَ صارمة في عمله؛ فكان لا يسمح لأي إنسان التدخُّل في عمله داخل الملعب؛ فلم يُعجِب البعض هذا الأسلوب، فكَثُر الحديثُ على المدرب؛ الأمر الذي أدى لإنهاء التعاقُد معه؛ بسبب تراجع نتائج الفريق.
ارتأتْ اللجنةُ الرياضية بالنادي في مَوَاسمَ لاحقة أن تُعقد ندوة أو حلقة نقاشية لتدارُس أسباب هذا التراجع السريع، وطُلِبَ منِّي حينها المشاركة بورقة عمل في هذه الندوة، وقد اجتهدتُ في صِيَاغتها من واقع خبرتي ومشاركتي الإدارية، ومُعَايشتي ومُشَاهداتي لواقع الرياضة بالنادي، وقد توصَّلت إلى نتائج صريحة وواقعية، أزعجت البعضَ حينها!!
تحيَّة محبَّة للصَّدِيقين مبارك المالكي وخميس الحسني، ولجميع الشباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.