الخميس، 2 يناير 2025

كليّات

بلدة زراعية خضراء، ضمن امتداد قرية عفا في ولاية قريَّات، تتكئ على هضبة جبلية روعة في الجمال، صخورها جيرية بيضاء لامعة، تكتسيها العديد من الظواهر الجيومورفولوجية بأشكالها البديعة.

من تلك الهضبة الساحرة، تنحدر مجموعة من الشراج (الشعاب)، التي تغذي مزارع الكليّات بالمياه الصافية والمدرة البيضاء، كما تزخر بأشجار ونباتات برية ورعوية متنوعة.
على مدار ثلاثة أيام كنت أجول في حدائقها الجيولوجية الرهيبة، فقد أبهرني هذا التنوع العجيب في البيئة الطبيعية والتضاريسية في الكليّات، فهي واحة ثرية منزوية عن الأنظار بين الجبال.
قيل: إن الكليّات كانت مُكَلَّأ للسفن في قديم الزمان، فكانت مياه البحر تغمرها ثم انحسرت، ففي سفوح الجبال توجد دلائل على ذلك، لهذا سميت بـ"كليّات".
في الكليّات مجموعة من الآثار القديمة، من بينها: مقبرة الجرامزة الأثرية، وغرف حجرية تتناثر في شرجة المجدر (قيل: كان يحجر فيها أصحاب الأمراض المعدية)، هكذا هي أيضًا شرجة الطبيل وشرجة الصبارة تحفها الظاهرات الكارستية المبهرة، المكتنزة بالحكايات والأساطير المخيفة في حاكاتها وجروفها العميقة.
ما أسعدني اليوم هو لقائي بأخوة كرام أعزاء، جمعتني بهم الصدفة في جولتي هذا المساء في رحاب وجنائن الكليّات، فكان لقائي الأول بالأستاذ عبدالله بن سالم الغماري ثم بأخيه الأستاذ هلال الغماري، فهما من سكان هذا الفضاء الأخضر، فكانت جولة ممتعة وماتعة في متحف الكليّات الطبيعي.
كان ختامها في طوي الجديدة الخضراء، ونسمات الهواء البارد العليل يسفي الأرجاء، فيما خرير المياه يبهج المكان، هناك حيث الساقية التي بناها علي بن سليمان البلوشي ما تزال تبوح بذاكرة حوض الرمانة وحوض الفحل منذ أكثر من ستين عاما.
إذا ما ارتقيت التلال الجبلية في الكليّات، فيمتد بك النظر دون انقطاع على مساحة خضراء، من تلك القمة السامقة يمكنك أن ترصد معالم قريَّات المبهجة من علٍ.
بقلم صالح بن سليمان الفارسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.