الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

المُثقفون.. سُلطة خامسة

قسم السياسيون وعُلماء القانُون سُلُطات الدولة الحديثة إلى عدة سُلُطات، وكُل سُلطة مُنفصلة ومُستقلة في صلاحياتها ومسؤُولياتها؛ فهُناك السُلطة التنفيذية، والسُلطة التشريعية، والسُلطة القضائية.
ففي مُنتصف القرن التاسع عشر، ظهر مُصطلح السلطة الرابعة، وكان يُطلق على الصحافة، ويشمل اليوم كافة وسائل الإعلام والاتصال؛ لما لها من تأثير على الحياة العامة، وتشكيل وتوجيه الرأي العام، وتكوين صُورة ذهنية عن واقعهم من خلال التأثير في الوجدان والفكر الإنساني. وعلى الرغم من أن هذه السُلطة الرابعة لا يُمكن ربطُها بالسُلُطات الدستُورية الثلاث، إلا أنها تُشكل أهميةً في توجيه الكثير من السياسات والمسؤُوليات التي تضطلع بها السُلُطات الأخرى.
اليوم.. يُنادي الكثيرُ من المُفكرين أيضًا بإيجاد سُلطة خامسة تُسمى سُلطة المُثقفين، تُطلق على تأثير النخب المُثقفة على توجهات الحُكُومات والشعُوب فيما يتعلق بالشأن العام. لهذا؛ فمن المُهم استقطاب هذه الفئة من المُجتمع والاستماع إليها، والاهتمام بتوجهاتها، والعمل على إشراكهم في رسم السياسات والإستراتيجيات التنموية، خاصة في جانب الاستثمار في رأس المال الفكري، وما يهُم بمسيرة الإبداع والابتكار، وتنمية الفكر، ونشر المعرفة بين أبناء الوطن.
والمُتابع لكُتاب المقالات والأعمدة الصحفية، وما يكتُبه أصحابُ الفكر والرأي -بمُختلف الصحُف المحلية، ووسائل الاتصال المُختلفة- يجدُ أن هُناك تطورًا ملحُوظًا في عملية الإبداع الفكري فيما يتعلق بمُختلف القضايا المحلية؛ فقد أصبح الكثير من المُثقفين مُنفتحين بصُورة مُتنامية على الإعلام خلال هذه الفترة، إضافة إلى دُخُول كوادر إعلامية مُبدعة ومُبتكرة لما هُو جديد ومُفيد لخدمة المُجتمع في مُختلف وسائل الإعلام: المرئية، والمسمُوعة. وهُنا، من المُهم جدا رصد كُل ما يُكتب بطريقة إيجابية، ويُطلق عُلماء الإعلام والإدارة على هذا التوجه ما يُسمى بتحليل المضمُون، وهو قراءة لما تتناوله الصحُف ووسائل الإعلام -المرئية والمسموعة- من نقاشات وحُوارات لمُختلف القضايا والتوجهات العامة للمُجتمع، وتحليلها من قبل مُختصين، بهدف التعرف على احتياجات ومُتطلبات وتوجهات الأفراد والمُؤسسات، والعمل على وضع الخُطط المُناسبة للتعامُل معها بجدية، خاصة فيما يتعلق بقطاع الخدمات وتطويرها، وهو دور مُهم يجب أن يكُون من المهام الأساسية لدوائر العلاقات العامة في كل مُؤسسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.