يعدُّ وادي قطنيت من الأودية الضخمة والشهيرة في ولاية قريَّات، يتميز بمعالمه الجيولوجية والتضاريسية الساحرة وأجوائه الهادئة، عندما تعبر مساره الملتوي بين الجبال الشامخة تبهرك طبيعته الصامتة، فهي متنزه ومرتع وفسحة وسلوى للإنسان، يجد فيها الراحة النفسية والمتعة البصرية، تتناثر في قاعه كتل صخرية بمختلف الأحجام والأشكال والألوان، وتحف ضفتيه أشجار السمر والسدر واللثب والقفص المعمرة وغيرها من الأشجار، إضافة لنباتات برية مزهرة لها عبير فواح، وأخرى رعوية خضراء ومتنوعة.
عند اشتغالي بتوثيق النقوش والرسوم الصخرية في مختلف المواقع بولاية قريات، حذرني البعض من هوامه وسكان الأرض (الجن) التي تسكن فجاجه العميقة بين الجبال، فهو له مسار ملتوي بين الجبال، ويحتاج إلى ساعات من المشي لكي تتأمل معالمه الثرية.
عندما تلج إلى عمقه، تشعر بالرهبة والوحشة، وفي الوقت ذاته ينتابك الانبهار بجمال الطبيعة وروعة التضاريس وسكون العزلة بعيدًا عن صخب الحياة.
لقد تقصيت الجزء الأكبر من هذا الوادي مرات عديدة، رغم وعورة تضاريسه وبعده، ومن أهم مواضعه "الكتبة" الذي يضم مجموعة من الرسوم الصخرية المتناثرة على ضفتيه، الأمر الذي استدعى زيارات متعددة لهذا الموقع لأقف على كل تحفة فنية يضمها الوادي.
تجدون في كتاب "قريات.. المكان وآثار الإنسان" قراءة انطباعية لكنوز هذا الوادي، وما يزخر به من معالم بيئية وتضاريسية ساحرة، وما يتصل بها من قصص وحكايات قديمة، واقعية وأسطورية، سواء في هذا الوادي أو في غيره من المواضع والأمكنة في ولاية قريات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.