أكاد أن أجزم بأن العُمانيين كان لهم السبق في
تأسيس أو اختراع نظام العنونة في العالم، فما من بقعة في الأرض بالقرى العُمانية
القديمة إلا ولها اسم.
هُناك مسميات ذات دلالة تطلق على كل بئر أو طوي أو
جلبة أو بيت قديم أو ضاحية أو رم من الرموم أو مقصُورة، وللطرق والشوارع والسكك
أيضًا أسماء.
وتلك الأسماء تتميز بمخارج صوتية ولفظية بديعة،
ولها معاني لغوية راقية توحي على طبيعة المكان وتفاصيله.
وقد جرى العرف لدى العُمانيين بأن للطرق مواصفات
واتساع محدد، فالطريق الرئيسي والذي يسمى الطريق الجائز له عرض معروف، وكذلك
الطريق الذي يُؤدي للسوق، والطرق بين الضواحي والمزارع والبيوت، ولكل طريق له حريم
أي لا يمكن البناء فيه أو استغلاله من أي أحد.
حتى الجبال والتلال ومصائد الأسماك والسيوح
والمراعي والأخوار لها مسميات، حتى الفسائل المجهُولة النوع والتي تُسمى نبته يطلق
عليها قش يتبعه اسم سواءً على المكان الذي نبتت فيه أو غيره من الأسماء، وعندما
يتم تكاثر تلك الفسيلة يثبت عليها ذلك الاسم.
فالزائر لأي شخص في قرى عُمان القديمة ما عليه إلا
أن يعرف اسم المكان الذي يسكنه صاحبه وبكل سهولة يستدل إلى عُنوان منزله أو
مزرعته.
ألا يستحق هذا النظام التقليدي والتوجه الحضاري
الذي عمل عليه العُمانيون مُنذ آلاف السنين أن يحافظ عليه، وأن يتم دراسته
والاستفادة منه ضمن التخطيط العُمراني في المدن العُمانية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.