الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

المشبّة

لم يعرف العُمانيون طعمَ المُكيِّف إلا بعد العام 1970م، إلا ما نَدُر من الأثرياء، ولكن طبيعة الحياة في ذلك الوقت قد تكيَّفت مع ظرُوف الجو وتقلباته.
المَبَاني طينية أو من سعف النخيل، وهي بطبيعتها مقاومة للحرارة وحافظة للبرودة، وكذلك هي تقسيمات البيوت ومداخلها، فقد كان يراعي في تصميمها حركة الرياح وأشعة الشمس؛ لهذا فهي يسري فيها الهواء في كل وقت.
ومِن وسائل التهوية التي تجدها في كل بيت: المشبة، أو المهفة، أو الملهبة، وهي عبارة عن مروحة هوائية تُصنع من خوص النخيل وجريده، وتزركشها النساء بألوان طبيعية مبهجة، تضفي على النفس الراحة عند التلويح بها يمنة ويسرة.
وفِي المساء، يلتفُّ الجميع في حوش البيت أو سطحه، يتسامرون في الهواء الطلق مع ضوء القمر ولمعان النجوم، فيما يقصد بعض الرجال رمال الساحل القريبة من البحر، للاستمتاع ببرودتها وبهبوب الكوس المنعشة، فهُناك عرق من الرمال يطلق عليه عرق النوم لشهرته.
اليوم، لم يُدرك الجيل الجديد تلك الأيام، فنِعْمَة الكهرباء عمَّت كل أرجاء عُمان، البيوت في قمم الجبال وبطون الأودية وفي الصحراء والكثبان الرملية مزدانة بالإضاءة وهدير المكيفات وبرودة الثلاجات، وقد حلت المراوح الكهربائية محلَّ المشبة، لتظل الأخيرة زينة معلقة في جدران البيوت الخرسانية الحديثة، تتذكرها الأجيال عبر الزمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.