خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية في أواخر عام 1945م منهارة تماما
اقتصاديا، حيث دمرت أغلب مصانعها وبنيتها التحتية، أضف إلى افتقارها للموارد
الطبيعية، ولكن ماذا فعلت اليابان بعد تلك الحرب التي أكلت الأخضر واليابس؟
اليابان عندما وقع لها
ما وقع في تلك الحرب الطاحنة، لم تسخر آلتها الإعلامية والمجتمعية في السب والشتم
والتباكي على الماضي، وإنما سخرت العلماء والمراكز البحثية في دراسة الأسباب التي
أدت باليابان إلى هذا الوضع، ونظرت إلى المستقبل، وعملت على تسخير كل
الإمكانيات لديها لجعل شعوب العالم صديقة لليابان ومحبة لمنتجاتها.
بل رحبت بأحد أفراد الدولة التي دكتها بالقنبلة النووية، المهندس الأمريكي
الملقب بأبو الجودة "ويليام ديمنغ" (صاحب الابتكارات في تطوير الإنتاج
في الحرب العالمية الثانية،التي كانت نتائجها قاسية على اليابان) لتبني نظريته
لتحسين الإنتاجية، وتحقيق الجودة، بما يلبي تطلعات ورغبات العميل أو المستهلك،
بعدما تم تجاهله من قبل الشركات الأمريكية، بل اليابان نفسها خصصت جائزة باسمه،
تمنح للشركات الرائدة في الابتكار وإدارة الجودة الشاملة.
اليابانيون استثمروا في الرأس المال الفكري والمجتمعي، ووظفوا تراثهم
الثقافي والقيم اليابانية في مجال الإدارة والإنتاج، ولعل ما يسمى بحلقات الجودة،
خير دليل على ذلك، فبهذا الأسلوب ابهروا العالم، بل الشركات الأمريكية نفسها أصبحت
تتسابق اليوم إلى استقطاب المناهج اليابانية في مجال الجودة وإدارة الابتكار.
لتصبح اليابان اليوم من بين أكبر الدول الرائدة اقتصاديا، يقول أحد مدراء
الشركات اليابانية عن جدوى طرح منتجات جديدة بصورة مستمرة: إن لم أبتكر وأبدع
فسأصبح تابعا، وأنا أريد أن أكون قائدا لا تابعا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.