الاثنين، 1 يوليو 2019

فَرْحَة عُمانِي بمُنجَزَات وَطَنِه

 قَبْل فَتْرَة كُنتُ فِي زِيَارَة لأَحَد كِبَار السنِّ فِي قَرْيَة جَمِيلَة تُسمَّى السَّمِير، فوَجَدتُه مُفتَرِشًا الأَرْض أَمَام مَنْزِله عَلَى مُرتَفَع صَخْرِي، يُطلُّ عَلى وَاحَة مِن الأَشْجَار البَريَّة الخَضْرَاء، رَأيتُه مُبتَهِجًا بوُصُول الطَّرِيق المُسفلَت إِلى أَمَام مَنْزِله، بَيْنَما أَحْفَاده يَصُفُّون سَيَّارَاتهم الوَاحِدَة تِلو الأخرَى أَمَام البَيْت، سَألتُه: لِمَاذا أَنتَ بهَذِه البَهْجَة لوُصُول شَارِع إلى دَارِك، بَيْنَما جِيل اليَوْم يَعُدُّون ذَلِك أمرًا عَادِيًّا. فسَألنِي أَتَدْرِي أَطْوَال الطُّرق المَرصُوفَة اليَوم فِي عُمان؟ سَأحدِّثك عَن قِصَّة وَقَعَت لِي يِوْمًا أيَّام مَا قَبْل نَهْضَة عُمان الحَدِيثة: كُنتُ أَعِيش فِي هَذِه البَلدَة، وكَانَت وَسِيلَة تَنقلَاتِنا فِي ذَلِك الزَّمن هِي الإِبِل أو الحَمِير، وذَات يَوْم كَانَت زَوجَتِي حَاملًا، فَشَعَرت بآلامِ الولَادَة، وطَالَ أَلمُها وتَعسَّرت ولَادتها، فَحَملتُها عَلى مَطيَّة بُغيَة عِلَاجِها فِي مُستشفَى طُومَس بمَطْرح.. كَان الوصُول إلى مَطْرح يتَطلَّب يَومًا كَاملًا، وَهِي مَسَافة أَقل مِن سَبْعِين كِيلومترًا، وأَنَا أَرَى زَوجَتي بتِلك الصُّورَة مِن الأَلم، كَان قَلبِي يتحسَّر ألمًا وحُزنًا، ومَا إنْ وَصَلت وَادِي عُدي وإِذَا بالمَرأة تَلفُظ أَنفَاسَها الأَخِيرَة، ففقدتُ الزَّوجَة والوَلدَ مَعًا، فَواريتُهمَا التُّراب في وَادي عُدي، وُعدتُ بحُزنِي وأَلمِي، مُتَحسِّرا عَلَى الوَضْع الذِي كُنَّا نَعِيشُه.. اليَوم تَصِل الطُّرق الأسفلتيَّة في عُمان إلى أَكَثر مِن 14660 كيلومترًا، تَربُط جَمِيع ولَايَات وقُرى عُمان مِن أَقصَاها إلى أَقصَاها، مُتحدِّية وعُورَة الجِبَال والوديَان، ويُمكِنك الوصُول إلى أيِّ نُقطَة في عُمان بسُهولَة وَيُسر فِي سُويعَات دُون أيِّ مَشقَّة، أَفَلا أَفْرَح بهَذِه النِّعمَة التي كُنَّا نَفتَقدُها عَلَى أيَّام زَمَانِنا؟! ألَا نَفْخَر بهَذَا المُنجَز الحَضَاري لنَهضَة عُمان الحَدِيثة؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.