الخميس، 1 ديسمبر 2022

الرَّحى وفلج المبغي

 

تميز فلج "المبغي" في صياء بولاية قريات بالخصب الدائم، فهو لا يمحل أبدا، لكون آمته من نقعة عين في فوالق الجبل الأسود العظيم.
استثمر الإنسان العُماني القديم طاقة مياه الفلج في اندفاعها المستدام، لتدوير قطب الرَّحى، لطحن مختلف أنواع الحبوب.
والرَّحى عبارة عن حجرين مستديرين، يوضع الواحد على الآخر، ويدار الأعلى منهما بواسطة قطب الرَّحى، تديره النساء الماجدات في جو اجتماعي مبهج، تسوده قيم المحبة والتعاون، وتزينه صدق المشاعر والقلوب الصافية.
في صياء الرَّحى تقنيتها مختلفة، فهي تعتمد على طاقة المياه المندفعة بقوة في ساقية فلج المبغي، والتي تعضده مياه فلج المسموم (أي ساقيته مغطاه) في قوة الاندفاع، بعدما يلتقيان في ساقية واحدة تحت حصاة المسموم.
كانت تلك الطاقة المائية القوية المندفعة في الساقية، كفيلة بتدوير المنجور المثبت في أسفل قطب الرَّحى، فمع كل صباح يتناوب عليها سكان المكان لطحن الحبوب، فهي إلى جانب دورها العملي في طحن الحبوب، تبعث الرَّحى مع دورانها نغمات موسيقية ناعمة تطرب الاسماع، تتناغم مع خرير انسياب المياه في السواقي، وتغريدات الطيور على قمم النخيل السامقة.
الرَّحى الظاهرة في الصورة، تحفة فنية وأثرية، وسط طبيعة خلابة، تأسر النفس وتريح الفؤاد، عمرها الممتد يحمل الكتير من الذكريات، إنها ذاكرة مكان وإنسان.
هكذا كان الإنسان العُماني؛ صاحب فكر وهمة وإبداع، استطاع بفكره الابتكاري أن يطوع الصخر ويشكله لخدمته وسعادته.
كتبه/ صالح بن سليمان الفارسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.