في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ابهرت كرة القدم جيلنا بسحرها المعهود، فسخرت حينها حصة الرياضة في مدرستنا الوحيدة (مدرسة راشد بن الوليد)، للتمتع بركلها والركض وراء خيالها وجمالها المبهر، ومع مرور الأيام استطاعت تلك الكرة المطاطية أن تسحب البساط الأخضر من أمام ألعابنا القديمة، فأنستنا تلك الألعاب المتوارثة، بل كادت أن تصبح اليوم في عالم النسيان.
كانت مدرستنا القديمة بطوي الجهامي في المعلاة تحيط بها مساحات فضاء، فاتخذتها المدرسة كملعب لكرة القدم، كان الملعب ترابيا، فاستقطبت تلك الساحرة "كرة القدم" اهتمام ثلة من الطلاب، ومع تزايد عشاقها مع مرور الأيام، عملت إدارة المدرسة على تنظيم دوري رياضي لكرة القدم، على مستوى فصول المدرسة.
كان الدوري يشهد حضورا جماهيريا كبيرا من قبل أولياء الأمور، وكان مطعم "راموه" ملتقى الشباب، للتخطيط وتحديد الأهداف الكروية، ومع انتقالنا إلى المدرسة الجديدة في الجنين، كانت الرياضة بأنواعها لها مكانة في نفوس الجميع. بعدها توالت اشهار الفرق الرياضية في حواري وقرى الولاية، فذاع صيت كرة القدم على مستوى أوسع.
الصديق يحيى البلوشي أحد طلاب مدرستنا، ممن هام عشقا وشغفا بتلك الساحرة، فكان موقعه في الملعب هو حراسة عرين فريقه الكروي، فكانت له شهرة واسعة على مستوى الولاية، فتسابقت الفرق الرياضية لاستقطابه ليكون أحد حراسها في مباريات دوري النادي، فكان اختياره الأول لفريق "المعالي"، فلعب في صفوفه لعدة مواسم رياضية.
كانت عيون مدرب النادي سالم العامري وخميس الغزالي ترقب تفوق يحيى البلوشي في حراسة المرمى، فتم اختياره ضمن صفوف الفريق الأول لكرة القدم بالنادي، إلى جانب حراس المرمى: درويش السلماني وجمعه الغزيلي، فخاض عدة مباريات مع رفاقه، فكان لهم من الإنجازات الرياضية التي يفاخر بها الإنسان. كان اللاعب المعروف غلام خميس، لاعب نادي "الأهلي" والمنتخب الوطني، يشبهه بالحارس البحريني حمود سلطان، عندما عجز أن يسجل أي هدف في مرماه.
يحمل يحيى البلوشي الكثير من الذكريات والمواقف الجميلة، التي كانت تصاحب مشاركتهم في الدوري بتلك الفترة، يذكر منها: صعوبة الطريق للوصول إلى مسقط، فقد تعطلت بهم يوما الحافلة في "السليل" مع عودتهم في المساء من مسقط، ولعدم توفر وسائل الاتصالات في ذلك الزمان، فقد أجبرتهم تلك الظروف النوم هناك حتى الصباح، يتذكر ذلك الاستقبال الحميمي من قبل علي البلوشي وسلطان العادي وخلفان الحبسي وناصر الكمالي، أبرز المشجعين للفريق الكروي بالنادي.
يحيى البلوشي أيضا صاحب موهبة في الغناء، فكان يلقب بمطرب الفصل، فكان صوته جميلا وعذبا، خاصة إذا قلد الفنان اليمني فيصل العلوي، فكانت له مشاركات فنية رائعة في احتفالات المدرسة والنادي على خشبة المسرح.
تحية لهذه الذاكرة الرياضية والفنية الجميلة، مع تمنياتي له بالصحة والعافية، مع تقديرنا وشكرنا له، لما قدمه للرياضة على مستوى الولاية.
كتبه/ صالح بن سليمان الفارسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.