استمرَّ احتلال البرتغاليون لسواحل ولاية قريَّات منذ العام 1507م وحتى العام 1648م؛ بهدف السيطرة على الميناء والتحكم في إدارته، وتحجيم النشاط الملاحي للسفن العُمانية والعربية المتَّجهة إلى الهند ومختلف موانئ العالم، ولا تخلو توجهاتهم الاستعمارية أيضًا من ذهنية دينية وتبشيرية، امتدادًا لحملات أو حروب صليبية شنَّها الغرب الأوروبي بدوافع دينية على العالم الإسلامي منذ أواخر القرن الحادي عشر.
كانت بداية دخول الأسطول البرتغالي إلى سواحل الولاية في يوم الأحد الموافق 22 من شهر أغسطس لعام 1507م، بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك -أو أفونسو دو ألبوكيرك- نائب الحاكم البرتغالي في الهند، قادمًا من قلهات وطيوي، ويُشير كتاب «السجل الكامل لأعمال ألفونسو دي ألبوكيرك» إلى أنَّه وبعد خروجه من قلهات وعيناه لا تفارقان البر، سأل المرشدين المرافقين له أن يدلُّوه على موضع أو ميناء يقال له «إكَّة»، يبعد عن قلهات بخمسة فراسخ نحو الشمال، موضحا أنَّ هذا الموضع قد تم تحديده في خارطة كان يحملها معه أعدها بحَّار عربي، مُعتقدا أنه ميناء واسع، وعندما وصل هذا الموضع وأشار له المرشدون عليه، وجده واديًا يجري ومياهه عذبة، وكانت السفن العابرة في اتجاه هرمز تتزود منه بمياه الشرب، وقيل إنَّ هذا الموضع هو قرية ضباب، فهي مصب لوادي العربيين، المعروف بسيوله الغزيرة والدائمة، وعلى ضفاف وادي ضباب طوي قديمة قريبة من شاطئ البحر، مياهها عذبة تسمَّى «طوي قمّاص» كانت تُستخدم للورد؛ فمرَّ الأسطول البرتغالي على مرأى من الوادي في طريقه إلى قريَّات.
وكان دخوله سواحل الولاية ليلا، ومع صبيحة اليوم التالي لم يشعر القائد البرتغالي بأي اهتمام أو استقبال من قبل سكان الولاية كما وجده في قلهات، فأيقَن حينها أن أبناء الولاية يعدون له العدة للمواجهة، فاجتمع بقادته ومجلس حربه على متن سفينة القيادة «سيون» المدجَّجة بالأسلحة والمدافع؛ وذلك للتحرِّي ووضع الخطط الحربية للقضاء على المقاومة، والاستيلاء على ميناء الولاية وثرواتها، وبعد تحرِّيهم تبين لهم أن أبناء قريَّات لم يتقبلوا كافة أشكال الوصاية والهيمنة للعدو وسياسته الاستعمارية البغيضة، ورفضوا أن تطأ قدم عدو مغتصب لتدنس أرضهم الطاهرة، فكانوا مُتأهِّبين للدفاع عن أرضهم وشرفهم ببسالة وعزم وصبر، فإما النصر بشموخ وكرامة أو الشهادة بعزة وشرف.
*تفاصيل أكثر حول ما ورد عن قريَّات في بعض الوثائق البرتغالية في الجزء الثالث من كتاب: قريات.. المكان وآثار الإنسان" 2025م*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.