يشهد العالم تطورات ومتغيرات مُتسارعة في شتى
مجالات الحياة، أفرزت قيمًا وقواعد سلوكية جديدة، لم تألفها الكثير من المُجتمعات
ضمن قيمها المتوارثة عبر الأجيال المُتعاقبة، وقد ساعد ذلك التوسع السريع في مجال
التكنُولُوجيا وتطور وسائل الاتصال وانتشار الإعلام بمُختلف وسائله عبر الفضاءات
المفتوحة؛ مما خلق الكثير من التحديات الإنسانية أمام الأجيال المُعاصرة، وهي في
نفس الوقت أتاحت العديد من الفُرص لخلق مُجتمعات تسُودُها قيم المحبة والسلام
والتواصُل والتعاوُن بين الناس، إذا ما أحسنُوا استخدامها في ظل قيمنا الثابتة، وبما
يستجيبُ لمتغيرات العصر الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وفيما يتعلق
بحُقُوق الإنسان وتعزيز قيم المُواطنة.
ويُدرك الجميع أن التعليم يُمثل أحد المحاور
المُهمة في بناء الشخصية الإنسانية وإكسابها المهارات المعرفية الواسعة، أضف إلى
ذلك غرس القيم والمبادئ التي تُسهم في بناء الإنسان وتمكينه من التفكير الإبداعي
ليُسهم بدوره في مسيرة التنمية الإنسانية، ومُواجهة التحديات والمنافسة العالمية
الشرسة، التي تلاشت أمامها الحدودُ المعرفية والثقافية.
وفي ظل هذا الانفتاح العالمي وانتقال الكثير من
القيم والأفكار والمعتقدات بين المُجتمعات، والتي صاحبها تغير ملحُوظ في الكثير من
القيم والقواعد السلوكية لدى الكثير من الأفراد اتسم بعضُها باختلال في قيم
المُواطنة والولاء وتفكك العلاقات وتشابُك المصالح.
الأمرُ الذي يدعُونا جميعًا للوقوف وقفة حاسمة
تجاه هذا الزحف الخطير من القيم المُستوردة، والتي لا تمُت بصلة إلى قيمنا
وعاداتنا الثابتة ولا بالقيم الإنسانية الكونية، التي تفرضها التغيرات الإيجابية
في المُجتمعات النامية والمتطورة في شتى مجالات الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية،
والسياسية، والمنفتحة تجاه عُلُوم المعرفة والتكنُولُوجيا.
وتُمثل المناهج والبرامج والأنشطة التعليمية أحد المحاور
الرئيسية في العملية التعليمية؛ فهي تُقدم العديد من المعلُومات والمعارف
والنظريات العلمية؛ بهدف إكساب الطلاب المهارات والقدرات المعرفية ليكُونُوا
مُبدعين وقادرين ومُساهمين في العملية الإنتاجية، وإعدادهم الإعداد الذي يُمكنهُم
من التفكير الإبداعي بكفاءة وفعالية في حياتهم المُستقبلية.
وعلى الرغم من أهمية هذا الهدف، إلا أن الواقع
المُعاصر يتطلب إعادة النظر في هذه البرامج والمناهج التعليمية، وعلى مُختلف المُستويات
التعليمية؛ حيث يجب أن ترتكزُ قيمة هذه المناهج على ما تُقدمه من طرائق لغرس قيم
معرفية وإنسانية قادرة على الاستجابة لمتغيرات العصر، وبما يُعزز القيم الثابتة
للمُجتمع وفق خطط واضحة تتلاءم مع المراحل العُمرية ومُستوى النمو النفسي
والاجتماعي للطالب.
وتُمثل قيم المُواطنة وحُقُوق الإنسان، واحترام مُنجزات
الوطن ورموزه الوطنية، وقيم العولمة الثقافية والاقتصادية المُنسجمة مع قيمنا
الثابتة من بين الأهداف التي يجب أن يعكسها التعليم الحديث إلى جانب بناء المعارف
والمهارات العلمية والمعرفية. ولهذا، فإن التوجه المُعاصر هو تعزيز هذه المناهج
والبرامج والأنشطة بمزيد من القيم التي تغرس السلوك الاجتماعي القويمُ وصولًا إلى
تحقيق مُقومات المُواطنة والولاء، وإيجاد مُواطن صالح له إسهامٌ إيجابي في التنمية
الإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.