تُشكل الضرائب -بمُختلف أنواعها وأشكالها- وسيلة
مُهمة لتحقيق التضامن والتكامل الاجتماعي بين أفراد المُجتمع في الدولة الحديثة؛ فمن
خلالها يمكن للدولة تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية، لما تُشكله الضرائب من
مورد مالي خصب ومُستدام وقليل التكلفة، لا سيما في الظرُوف الاقتصادية المتسمة
بالانتعاش والرواج الاقتصادي.
ففي مثل هذه الظرُوف تكُون الضرائب أكثر نفعا
وفائدة لكسر جماح التضحم، وتحقيق نوع من التوازن بين العرض والطلب على السلع
والخدمات، ولتشجيع الاستثمار وجذب رُؤُوس الأموال.
الضرائب هي أيضًا أداة مُهمة وفاعلة لتمويل
المشاريع العامة، وضمان استمرارية نجاح الدولة في تقديم خدماتها الراقية
لمواطنيها؛ إضافة لاستدامة تنميتها الإنسانية بتوجهاتها المُختلفة: سياسيًّا
واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، في جميع الدورات الاقتصادية، خاصة التالية لحالة
الانتعاش الاقتصادي.
ومن المؤكد براجماتيا إن كل دولة لها سياساتها
المالية وفلسفتها الاقتصادية لاختيار أساليب وطرائق فرض الضرائب، وذلك بما يتوافق
مع رؤيتها وواقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
ويدرك الجميع الظرُوف الاقتصادية التي تمر بها
الكثير من الدول العربية، بما فيها دُول الخليج العربي على إثر تهاوي أسعار النفط،
وما ترتب على ذلك من تأثير على خططها التنموية، الأمر الذي جعلها تنتبه إلى ضرُورة
إيجاد بدائل لمصادر دخلها بدلًا من الاعتماد على دخل وحيد وناضب، وتتحكم فيه ظرُوف
دولية وتوجهات سياسية عالمية وتطورات تكنُولُوجية وتقنية.
الجميع متفق على ان الاتجاه المُستقبلي هو الاعتماد
على اقتصاد متنوع يعتمد على مُرتكزات ثابتة، عمادها المعرفة، إضافة إلى الاعتماد
على القطاع الخاص في التجديف بالسفينة الإنتاجية، لكونه شريك أساسي في التنمية،
والأقدر تمويلا وحوكمة وإدارة وكفاءة وفاعلية في تقديم السلع والخدمات للمُجتمع.
وقد توجهت بعض الدول أيضًا لضمان تمويل مشاريعها
التنموية إلى فرض أدوات ضريبية متنوعة، وكثر الحديث مُؤخرا عن فرض ضريبة القيمة
المضافة على بعض السلع والخدمات، وهي ضريبة غير مُباشرة طبقتها الكثير من الدول
العالمية مُنذ الخمسينيات أو قبل ذلك بكثير، وهي عادة تفرض على القيمة المضافة للمُنتجات
في جميع مراحل تداولها، حتى وُصُولها إلى المُستهلك النهائي، وهي تعد إحدى ضرائب
الاستهلاك وذات وعاء ضريبي واسع.
السؤال المهم: هل مُجتمعاتنا مستوعبة وقادرة على
تحمل مثل هذا النوع من الضرائب، في ظل نمط الحياة السائد وسلوك الإنفاق المتداول؟.
وهل الظرُوف الاقتصادية الحالية تساعد على فرض مثل هذه الضرائب، خاصة في ظل ارتفاع
أسعار السلع والخدمات مقارنة بدخل الأفراد، ولكون مثل هذا النوع من الضرائب
يتحملها المُستهلك النهائي؟.
الإجابة على مثل هذه التساؤلات يحتاج إلى دراسة
معمقة لواقعنا الاقتصادي والاجتماعي، ومن المُهم جدا إحداث نقلة نوعية في النمط
الاستهلاكي والوعي المُجتمعي تجاه المُشاركة في تحمل المسؤُولية، وهذا يحتاج إلى
جهد إعلامي واعي بظرُوف المرحلة وتوجهات المُستقبل.
ضريبة القيمة المضافة على الرغم من أهميتها إلا
أنها أكثر جدوى إذا ما ارتبطت بفترة الانتعاش والرواج الاقتصادي، وهي أيضًا أكثر
فاعلية وعدالة إذا ما تم ربطها بدخل الفرد، وروعي فيها الفقراء وأصحاب الدخل المحدُود
والمنتجين الصغار، وهي وسيلة مؤثرة وأداة مُهمة في تنظيم السلوك الاستهلاكي للسلع
الكمالية والترفيهية، وللحد من استخدام بعض المُنتجات المؤثرة بيئيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.