الثلاثاء، 9 مايو 2017

فزّاعة تحرس الزرع.. ذكريات طفولية لا تنسى

كثيرًا ما تغير الطيور (كالصفاردة، والصناصرة، والحمام، والحقم، والشقرقاوة، والعلعال) على الحقول الزراعية، فتأخذ في التهام البذور عند زراعتها، أو تتلف الأزهار والأثمار عند نضوجها.
فمَا من طريقة لنعجها -أي إبعادها- عن الضواحي المزروعة إلا بتكليف الأطفال بمهام حراسة الزرع، فكُلَّما رأى الطفل طيرًا، صاح بكلمة: "هوف.. هوف.. هووف"، أو ضرب قوطيا من صفيح، عندها لا تستطيع الطيور الاقتراب من المكان.
بعدها، ابتكرَ الإنسان طريقة تقلل من مشقة تلك الحراسة، فصنع نشابا ومقلاعا، من مواد محلية، يتناوب عليها الأطفال لإبعاد الطيور عن الزرع، فكلما حطت الطيور في الزرع، نشبها الحارس بحصاة من نشابه أو مقلاعه.
ولكَوْن عملية حراسة الزرع بهذه الطريقة أيضًا عملية متعبة وشاقة لا سيما في موسم الصيف الحارق، ولتلافي هذه المسألة، ابتكر المزارع العُماني طريقة سهلة وعملية، فصَنع ما يُسمى "بالفزاعة"؛ وهي دمية على شكل إنسان، تصنع وتُشكل من ملابس قديمة وسعف النخيل أو أعواد الليمون، وتغرس في وسط الحقل وعلى جوانبه، وكلما هبت نسمة هواء حركتها، فتتمايل يمنة ويسرة، فتُوهِم الطير بأن تلك الدمية هو إنسان واقف يحرس الزرع.
فكُلما أرادت أن تنزل أو الاقتراب من الزرع، سمعت صوت الثياب تحركها الريح، فتطير عاليا خوفا وفزعا، فسلم عندها الزرع، وسلم الطير من أذى المقلاع، وارتاح الأطفال من عناء الزعيق: "هوف.. هوووووف".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.