في الثمانينيات من القرن المنصرم، تولَّى الشيخ
الفقيه والأديب والشاعر حميد بن عبدالله الجامعي "أبو سرور" -رحمه الله-
أعمال القضاء على قُريات ونواحيها، فعُرِضَت عليه دعوى نزاع بين طرفين، تتعلق
بقيام أحد أطراف الدعوى باستغلال نبع ماء من أحد امتدادات الجبل الأسود، فمد أنبوبًا؛
وأنشأ حوضًا لتجميع تلك المياه للاستخدام المنزلي ولشرب الماشية؛ كون سُكان ذلك
الجبل من مربِّي الماشية الجبلية، ذات السلالة العُمانية النادرة؛ فرأى الآخرون أحقيتهم
في المُشاركة في ذلك النبع لندرة المياه في تلك الجبال.
فقرَّر حينها القاضي أن يَرَى بعينه ذلك النبع؛ فخرج
للمعاينة، فقيل له: مكان نبع الماء على قِمة تل صخري وعر، ولا يُمكنك الوُصُول
إليه بسهولة، خوفا عليك من السقوط، فأصرَّ على أن يَرَى النبع بنفسه، وكان له ذلك،
ولما رأى الماء وطعم عذوبته، قال: لا ينبغي التنازع على هذا الخير، فأمَر أن يُملأ
وعاء منه ليشرب الجميع، بعد مُعاناة الوُصُول إلى المكان، ثم فصل فيما بينهم،
واستمعوا إلى طيب الكلام.
قبل أيام، زُرت تلك الأمكنة؛ فكان الأمر مُختلفا؛ فكل
البيوت يساق إليها الماء، يوميًّا، والدولة تكفلت بجميع تكاليف تقديم هذه الخدمة،
يقول أحدهم: الماء اليوم في كل بيت، فاستقرَّت تلك التجمعات السكانية البدوية،
التي كانت تتنقل حيث ما وجد العشب والماء.
فسُكان الجبل الأسود تم تسكينهم في بيوت حديثة،
وأولادهم يتلقون التعليم في مدارس قريبة، والبلدية رصفت طرقات طويلة من أجل خدمة
منزل؛ يقع في أقصى مكان بين الجبال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.