الثلاثاء، 24 أبريل 2018

نُزُل نزوى

نزوى.. مدينة العلم والعُلماء، حاضِرة مُحافظة الداخلية ومركزها الإداري، وصفها جلالة السلطان المُعظم: "مدينة التاريخ والعلم والتراث، وقلعة الأصالة والمجد الأثيل الشامخ... مدينة نزوى العامرة التي كان لها دَوْر بارز في مسيرة الحضارة العُمانية لا يزال يتألَّق نورا وضياء، ورفعة وجلالًا. كانت مِعقل القادة والعظماء، ومَوئل العُلماء والفقهاء، ومرتاد الشعراء والأدباء؛ فأعظِم بها من مدينة لها في قلوب العُمانيين منزلة عالية، ومكانة سامية، وقدر جليل".
كُلَّما سنحتْ لي الفُرصة زُرت نزوى؛ فهي مدينة يفوح من جنباتها رائحة التاريخ وإشراقة الحاضر، مدينة هادئة مُتوشِّحة بالجمال، قلعتها المهيبة بشكلها الفريد مكتظة بالسياح من كل مكان، وسوقها النشط يعج بحركة تجارية طوال اليوم.
نُخبة من شبَابِها أسَّسوا شركة استثمارية تحت مسمى "بوارق نزوى الدولية للاستثمار"، وصل عدد المساهمين فيها إلى أكثر من 126 فردا، جميعهم يجمعهم حب نزوى، يعملون في مجالات مُختلفة في الاقتصاد.
هؤلاء الشباب المؤسِّسون لهذه الشركة الوطنية كانت لهم وقفة في أحياء التراث؛ فشمَّروا عن سواعد الجد من أجل إحياء البيوت التاريخية في حارة "العقر"، المجاورة لقلعة نزوى التاريخية، فرمَّموا بعض بيوتها الطينية، التي كادتْ تنهار بعد هجرة أصحابها ولعوامل الطبيعة والزمن، فأعادُوا لها الحياة من جديد، فها هي اليوم تستقبل السياح كفندق، ولكن بنكهة التاريخ ورائحة الطين وسيمفونيات الذكريات.
نُزُل نزوى التراثية.. بيوتٌ طينية يعود تاريخها إلى مئات أو آلاف السنين، تبدُو اليوم نقطةً مضيئةً في نزوى؛ فالمُقيم بين جدرانها يسمع زقزقات العصافير وتراتيل المدارس القديمة، ويستذكر من خلالها سيرة العُلماء وبطولات الرجال.
يستقبلُك زاهر الزكواني في مكتبه التراثي بابتسامته المفرحة، يسرد لك قصة نجاح صَاغها أبناء نزوى على الرغم من المصاعب والتحديات، يَمْضِي بك في رحلة من العمل الدؤوب من أجل المُحافظة على تاريخ الآباء والأجداد.
يأخُذك الشاب النشط شبيب إمبوسعيدي في ردهات حارة العقر؛ لكي تُشاهد النُّزل التي تمَّ ترميمُها وتأثيثُها.. هذا بيت الرحبة، وهذا بيت الشواذنة، وهذا بيت المزارعة، وهذا بيت التنور.. أسماءٌ أُطلقت على النُّزل، مُستقاة من معالم حارة العقر القديمة.

تحيَّة لهؤلاء الشباب العاشق لتاريخ وتراث بلده، مُستثمِرا في مُقوماته من أجل صناعة الحاضر والمُستقبل في اقتصاد الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.