السبت، 10 أبريل 2021

شذرات من ذاكرة الطفولة


- يستيقظُ بنشاط قبل بزوغ الفجر. يحمل بيده زبيل خوصيًّا. يلف على نخيلات مزرعته والجيران. يلتقط (يرقط) ما جادت به طوال الليل. يعود إلى البيت مُحملًا بخيرات كثيرة. تستقبله أمه بحنية وفرح.. وتحثه على الاستعداد ليوم مدرسي جديد.
- يعود من المدرسة ببسمة اللقاء، تحضنه أمة بلهفة وشوق، تُطعمه طعام الغداء، تحثُّه على اللحاق بمزرعة أبيه، يعمل بجد ونشاط حتى حلول المساء، يعود إلى البيت مُتعبًا، ينظر إلى أمه وهي تطهو العشاء، يعصره الألم لما تتحمله من مشاق، يضغَط الكولة ليشعل الموقد، يصنع "شاي كرك" ويقدمه لأمه وأبيه مع خبز الرخال.. تبتسمُ أمُّه فرحًا لتعود إليه الروح من جديد.
- يلتقط حبَّات الخلال الخضراء، يجمع أصحابه ليلعبوا معًا، يغرس السلاة في قمعة الخلالة، يديرها بقوة على أرضية صلبة، تدور الخلالة وتدور وتدور.. مُحدِثَة بهجة لأطفال حارته.
- أَغْرَته تلك الشماريخ المُستديرة المُحمَّلة بالبسر، مُرصَّعة واحدة فوق أخرى بانتظام، تتدلَّى إلى الأرض بجاذبية، تُحرِّكها الريح يُمنة ويُسرة، لونُها الأصفر البهيج يَجذِب النفس؛ فتسلق تلك العوانة بيديه، يحضن جذعها الخشبي كمحب وفي، لعله يحظى برطبة أو قيرينة قدمي يبشر بها والديه في أول القيظ.
- يأتي الليل بحلكة الظلام.. يفرش الحصير وعليه المنام والشرشرف، يُبلِّله ببعض الماء لتسري البرودة إلى الفراش، يُعلق البشانة الخضراء على الوتد، يصبُّ الحل التراب في قاعدة السراج، يُشعل القنديل ليسمع حكاية المساء، يخلد إلى الفراش ليتسامَر مع ضوء القمر ولمعان النجوم.. تهبُّ الكوس والنعشي على الأجساد، تتساقط حبات الطل (الندى) لتبريد الفراش، يهجع الجميع في سكون. يصدح الدِّيك بصَوْت شجي، لتدبَّ الحياة من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.