قَديمًا، في فترة القيظ، كانت تزدهرُ قرية حيل الغاف بمهرجانها الثقافي والاجتماعي، حيث تستضيف القياظ من كل مكان في عُمان.. لم تعد تلك المظاهر الجميلة شاهدة اليوم، ولكن يبقى عبق ذكرياتها مرسومًا في الذاكرة، تناولتُ تفاصيلَ هذا المهرجان في كُتُبٍ أصدرتها عن قريَّات.
أَحَد مظاهر مَوْسِم القيظ الاجتماعية في حيل الغاف: مسطاح أولاد عايل، الذي يقع على ضفاف الوادي، والمفروش بالحصى كالبلور.. كان في مثل هذه الأيام تجد المسطاح قد تم ترتيبه وتجهيزه، لاستقبال موسم النفاض والجداد، فيظل عايل -رحمه الله- وأولاده وأحفاده يديرون هذا المسطاح ويحرسونه، حتى انتهاء موسم القيظ وعودة الحضار إلى ديارهم، محملين بخيرات حيل الغاف من الفواكه والتمور.
اللِّقاء بالصَّديق عايل بن صالح بن عايل البوسعيدي هو لقاء الذكريات، فبعد تَقَاعُدِه اتَّخذ بُستانه الجميل وسط الحدائق الغناء في حيل الغاف مقرًّا دائمًا لاستراحته واستجمامه، تسبقه ابتسامته الصافية ومشاعره الصادقة. وعلى الرَّغم من ظروفه الصحية، لا يُشعرك إلا بكلمات تقدير، كلها ترحيب ومحبة.
هو أوَّل من أسَّس فريقًا رياضيًّا يحمل حيل الغاف في المهجر، وبالتحديد في دولة الكويت، وذلك في بداية فترة السبعينيات من القرن المنصرم، وهذا الفريق أحد الفرق الرياضية المنبثقة من فريق شباب عُمان، وهو أيضًا مَنْ قام بتصميم شعاره الجميل، المستوحاة أفكاره ودلالاته من الحنين إلى المكان؛ فعايل صاحب خط جميل، وفنان متمرِّس بالفطرة.
ضمَّ هذا الفريق أيضًا من المؤسسين: علي بن زاهر البوسعيدي، وعبدالله بن علي بن بشر الصخبوري، وهديب بن عبيد الفوري (البحر)، وسالم بن عامر بن حميد العلوي، وخليفة بن سعيد البطاشي (الظالم)، ومبارك بن جميع البوسعيدي، وسيف بن سعيد العبدلي، ومُحمَّد بن سليم النهدي، وسالم بن جمعه المشرفي، وعبدالله بن هديب السوطي، وخلفان بن مُحمَّد المشرفي... وغيرهم، وقد أفردتْ جريدة كويتية في السبعينيات نشرة عن مُنجزات هذا الفريق، إلى جانب فرق عُمانية أخرى.
وكان لهذا الفريق صَوَلَات وجَولَات في زمانه، ضمن الفرق الرياضية الأخرى، التي كوَّنها أبناءُ قريَّات في الكويت، وقد واصلت الأجيال المتعاقبة في فريق الحيل -بعد إشهار النادي- المشوار، وأخذ مُسمَّيات متعددة. ولهذا قصة تستحقُّ أن تُكتب؛ لما تحمله من صدق ووفاء ومحبة، هذا الفريق بحقٌّ يعد أحد أعرق وأنشط الفرق الرياضية التابعة للنادي في الولاية: رياضيًّا، وثقافيًّا، وفنيًّا، إلى جانب الفرق الرياضية الأخرى في النادي.
وكان عايل اليوم سعيدًا ومُنشرحًا وأنا أستعيد معه هذه الذكريات؛ فقد أعادتْ به الذاكرة إلى أيام الشباب، استذكَرَ شخصيات طواها الزمان، وأحداثًا جميلة في مسار حياته، لا تزال ذكرياتها مُرتَسِمَة في قلبه ووجدانه.
تحيَّة محبَّة وتقدير للصَّديق عايل، مُتمنيا له دوام الصحة والعافية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.