قبل ما يزيد على مائة وخمسين عامًا، استقبلت قرية محيا في ولاية قريات المعلم حمد العبادي وزوجته بترحاب كبير. كانا قد قدما من ولاية نزوى بهدف نشر العلم وتعليم القرآن الكريم. أسس العبادي مدرسة تحت شجرة سدر وارفة الظلال بالقرب من بيت الوقيف الأثري (الذي قيل إن الشيخ حمود بن محمد بن شامس البطاشي أسسه) ومسجد المعولية القديم، حيث تنساب مياه الفلج العذبة الصافية. أمضى سنوات طويلة في محيا يعلم الناس بإخلاص ومحبة ووفاء، وتخرج على يديه العديد من الطلاب. ذات يوم، قرر العبادي العودة إلى نزوى، ففاجأ زوجته بحديث مهم، قائلًا: "سأعود إلى نزوى، وستبقين أنتِ هنا في محيا، إني أرى خاتمتي هناك، بينما أنتِ هنا!" فودعها وكأنه الوداع الأخير. عاد حمد العبادي إلى نزوى، وبعد مدة توفي هناك، بينما واصلت زوجته مشواره الخيري في محيا حتى وفاتها. بقيت آثار بيته ومدرسته شاهدة على ذلك الزمن البعيد، يتذكرها الجميع. وما زالت تلك السدرة الوارفة تحني أغصانها الحانية، وكأنها تقبل وتعانق ذلك المكان.
كتبه/ صالح بن سليمان الفارسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.