تحية طيبة لكم أخي العزيز الدكتُور سعيد السيابي...،
سعدتُ كثيرا بمُتابعتكم على شاشة تليفزيُون سلطنة
عُمان، وكان طرحُكم عن المسرح وهمومُه راقيًا، ينم عن فكر مُتقد وطُمُوح كبير وهمة
عالية من أجل التطوير والتجديد والارتقاء بمُستوى الأداء، والعمل على تفعيل الحراك
الثقافي بالسلطنة إلى الأفضل.
أخي سعيد: قيمة المسرح كفن راق وثقافة واسعة
يتلقاها الفرد مُنذ طفولته؛ فكثيرا ما نسمع الجدات والأُمهات وهُن يروين القصص
والحكايات الجميلة على الأطفال بأسلوب عفوي وشيق يجذبُ الانتباه والتركيز،
والمستوحاة من واقع المُجتمع وتراثه العريق، وبطريقة تُحرك خيال الطفل وفكره المُتنامي،
وهي في حقيقتها أسلوبٌ فني راق، وتأخذُ في رُواياتها شكل مشاهد درامية قريبة إلى
المشاهد المسرحية. ولكن تلك البذرة هي بحاجة إلى اهتمام ورعاية وتحفيز، وهذا الدور
مناط بالبيئة والأسرة والمُجتمع والمدرسة والمُؤسسات الثقافية.
في بداية النهضة المُباركة كان هُناك اهتمامٌ كبيرٌ
للنشاط المدرسي بالمدارس، خاصة في الثمانينيات، بل كان يُطبق بعض المعلمين الأسلوب
الدرامي لشرح بعض الدرُوس، خاصة فيما يتعلق بالمواد الأدبية والعلوم وغيرها من
العلوم الإنسانية؛ حيث يطلُب المعلم من الطلاب أداء مشاهد مسرحية للدرس، ولا أُخفيك
أن هذا الأسلوب كان له تأثيرٌ مباشرٌ وإيجابي في نفوس الطلاب لتوصيل المعلومة
والمعرفة، كما أنه طريقة فاعلة في شرح وتبسيط المعلُومات وتفسيرها.
بالإضافة إلى ذلك، لا تجد مدرسة إلا وفيها مجمُوعة
للنشاط المسرحي، وما من مُناسبة إلا لهذه الفرقة نشاط فاعل. إذن، غرس قيمة المسرح
ومفاهيمه بطريقة منهجية وعلمية يبدأ من المدرسة، ومن الضرُورة بمكان تضمين المناهج
والبرامج والنشاطات التعليمية هذا الجانب، أضف إلى ذلك أهمية تواجُد خشبة للمسرح
في كل مدرسة لنشر هذا الوعي لدى الطلاب بأهمية المسرح ودوره في رُقي الفكر وسمو
الوجدان.
كذلك يتطلب من وزارة الشؤون الرياضية تفعيل هذا
الجانب في الأندية، وعليها تخصيص مُوازنات خاصة للجانب الثقافي والاجتماعي والفني،
وأن لا تسمح لإدارات الأندية توجيه تلك الموارد في نشاطها الرياضي، الذي أصبح النشاط
الوحيد والطاغي على نشاطات الأندية في كثير من أندية السلطنة للأسف الشديد، خاصة
بعد نقل تبعية المديرية العامة للنشاط الثقافي والاجتماعي من الوزارة إلى وزارة
التراث والثقافة؛ حيث كان لتلك المديرية نشاطٌ ملموسٌ ومُستمر في تفعيل الجانب
الثقافي والفني في الأندية.
كما من الأهمية بمكان وُجُود إستراتيجية واضحة
طويلة المدى تتفرع منها خُطط وبرامج تتبناها وزارة التراث والثقافة ووزارة الإعلام
والجهات المعنية بدعم وتفعيل النشاط الثقافي في السلطنة؛ وذلك بهدف وضع مسار منهجي
وواضح، ورُؤية مُستقبلية للارتقاء بالجانب الثقافي ومُستوى المسرح ومُختلف
الفُنُون الإنسانية... تمنياتي لك بالتوفيق.
مع تحياتي/ أخُوكُم صالح الفارسي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.