يَترك تبريزته المليئة بالأسماك لبُرهة، يمشي إلى
المقهى بتؤدة وبطء شديد، يجلس بصمت على مقعد أبيض أمام التليفزيُون. يطلب شاي كرك
وخبيزات براتا، يتجرع الشاي وفي مخيلته أكثر من ستين سنة مضت، يتذكَّر البحر
وخيراته، وسوق السمك القديم وتفاصيله، ينظر إلى حركة القوارب المُسرعة نحو الميناء
المحملة بخيرات البحر، يتأمل خطوطَ الزمن، وجهد العمل على يديه، يتذكر حِينَها
أيام الهواري والغادوف ومصاعب البحر، يبثُّ التليفزيُون نشرة الأخبار ومآسي العالم،
يعود إلى تبريزته بحُزن وبطء شديد، ظهره قد انحنَى إلى الأرض بفعل الزمن، يجلس
أمام تبريزته مُتلمِّسا الأسماك بحنية شديدة، ينثر عليها الثلج الأبيض بنشاط، يتأمل
المُنَادَاة وحركة الزبائن، يبتسمُ في وَجْه صياد شاب، يرفع أسماك على التبريزة، يرفع
كفَّيْه إلى السماء حمدًا وشكرًا لموسم وفير.
هذه بعضُ الذكريات، والمشاهد، والانطباعات، والمشاعر الشخصية، التي واكب بعضُها منظرًا لصُورة التقطتها من البيئة والطبيعة العُمانية، أو ذكرى من التاريخ والتراث الثقافي انطبعت في الذاكرة والوجدان، أو تأثر وانطباع خاص تجاه موقف أو مشهد من الحياة، أو شذرات من رُؤى ونظرة مُتواضعة إلى المُستقبل، أو وجهة نظر ومُقترح في مجال الإدارة والتنمية الإنسانية.. هي اجتهادات مُتواضعة، من باب نقل المعرفة، وتبادل الأفكار والخبرات، وبهدف التعريف بتراثنا الثقافي (المعنوي، والمادي، والطبيعي)، ومنجزنا الحضاري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.