الإنسانُ العُمانيُّ القديم عِندَمَا استعصتْ عليه وجُود الأنهار الجارِية
على سَطح الأرض لكي يَزرَع ويأكُل، فكَّر وتأمَّل وابتكَر في طبيعةِ البيئةِ التي
يعيشُ فيها ليتواكب مع مُعطياتها؛ فحفَر الصَّخر بيده، وبآلاتٍ يدوية بسيطة جدًّا
حتى وَصَل قاع الأرض؛ حيثُ الماء، بعدها فكَّر وابتكَر كيف يُخرجها إلى السطح،
فابتَكَر الزَّاجرة، وقنَوات الأفلاج. وإذا مَا واجهته صُعُوبة تضاريسيَّة في مَسَار
ساقية الفلج، ابتكَر ما يُسمَّى: بالغرَّاق، والفلَّاح.
وهِي تِقنية قديمة ومُتطوِّرة بمقَياس ذلك الزَّمن، عَرفها المزارعُون ومُهندسو
الأفلَاج في عُمان للتغلُّب على عَوَائق مجارِي المياه؛ سواءً كانت ساقِية لفَلَج
مبنيَّة من الحَصَى والصَّاروج، أو عامِد تُرابي في ضَاحِية من الضَّواحي.
فَإذَا صَادَف وجُود مُرتفع صَخري يحُول بين بِنَاء السَّاقية وانسياب
وتدفُّق المياه بسهولة، أو إذَا كانتْ الأرضية غير مُستويَة، هُنَا تُستخدم هذه
التقنية، وهي عِبَارة عن تفعيل جاذبية الأرض وضغط المِيَاه في انسيابها إلى البَسَاتين
الخَضراء، والمَصَاطب الزراعيَّة الغَنَّاء؛ فتُبنى فتحة في الأرض في جِهة تُسمَّى
غرَّاق، وفي الجَانب الآخر فتحةٌ أخرى تُسمَّى فلَّاح، وتُربَط بساقية تحت الأرض،
فينسكبُ المَاء من فتحةِ الغرَّاق، لينفَذ بقوَّة من الفتحة الأخرى.. وقيل: غرَّاق
فلَّاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.