قبل أيام تحدثت عبر هذه الصفحة المتواضعة عن بدايات المسرح في قريات، ووعدت بأن أتناول تاريخ وتطور المسرح، والتعريف ببعض الشخصيات المؤسسة لهذا الفن الراقي، كرد للجميل لما قدموه، على الرغم من تواضع الإمكانات، التي كانت متاحة أمامهم في ذلك الوقت، ولكن بمثابرتهم وعشقهم للفنون تجاوزوا تلك العقبات.
كما قلت ان المسرح في قريات له تاريخ عريق يعود إلى ما قبل السبعينيات، ولكن لم يكن له تلك العلامة البارزة في الأوساط المجتمعية لأسباب عديدة، أهمها قلة الإمكانات، ولكن بعد ما أشهر النادي، وتأسست المدارس الحديثة، برز عندها النشاط المسرحي بتجلياته المشرقة، فكان هناك سباق متواصل في تنظيم العروض المسرحية في المناسبات وطوال العام.
إضافة إلى ذلك كان لتدشين مبنى سينما قريات في بداية السبعينيات نقلة نوعية في توسيع دائرة الفنون الحديثة، الأمر الذي شجع على توسيع دائرة الإدراك المجتمعي بأهمية مثل هذه الفنون، ودورها في الرقي بالوعي والثقافة العامة، خاصة وأن الكثير من عروضها في الغالب كانت تتناول مواضيع تاريخية وثقافية وترويجية وتوعوية، وفي الوقت ذاته كانت تقدم بعض المشاهد بطريقة ترفيهية مسلية.
اشتهر المسرح بشخصيات كوميدية راقية، والذي كان يشاهدها في ذلك الوقت، كان يتخيل له بان تلك الشخصيات هي بحق دارسة للمسرح، كانت المسرحيات الكوميدية يتم تأليفها بطريقة جماعية، تحمل سمات أدبية جميلة وجادة، تجد في ظاهرها إدخال البهجة والسعادة والفرح في نفوس الحاضرين، وفي الوقت نفسه تحمل إسقاطات ورسائل توعوية لمعالجة بعض الظواهر الاجتماعية والمشاكل المجتمعية، كانت هناك جرأة في طرح مختلف القضايا الاجتماعية، حتى الحساسة منها، وكان المجتمع يتقبلها، وتظل لأيام حديث الناس في مجالسهم، وهو بحد ذاته كان وسيلة إعلامية فاعلة في نشر الوعي وتغيير بعض الأفكار، والتنبيه إلى بعض الظواهر، إضافة إلى التركيز على غرس الانتماء وحب الوطن.
ظهرت من بين الكوادر المسرحية الكوميدية بعض الشخصيات المعروفة في ذلك الوقت، ولكن يعد سالمين بن بردان الشعيبي -رحمه الله- أحد تلك الشخصيات البارزة في مجال المسرح الكوميدي، فكانت مسرحياته يرتادها الناس من مختلف القرى، فهو لديه طريقة ارتجالية في رسم الضحكة والابتسامة في نفوس الناس، ويمتلك مهارات فنية جعلته يتقن هذا الفن بجدارة، ومن خلاله أيضا حقق النادي مراكز متقدمة في مسابقات مسرحية على مستوى السلطنة في سبعينيات القرن المنصرم.
كان -رحمه الله- أيضا يمتلك موهبة في تقليد بعض المطربين من الخليج، وكانت مسرحيته "مطرب مرسل بالبريد" من المسرحيات التي تكرر عرضها على خشبة المسرح المتنقل، أو ما يعرف اليوم بمسرح الشارع، لكون تلك المسرحية كانت مبعث الابتسامة والضحك على شفاه الجماهير، التي كان تعج بها ساحة الحصن القديم.
إلى اللقاء..
(يظهر ولد بردان -رحمه الله- في الصف الأول من اليمين بالصورة المرفقة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.