تُشكِّل الفرقُ الرياضية في القرى العُمانية حاضنات خصبة للعمل الشبابي والتطوعي، وإذا ما اقترنت أعمال تلك الفرق بالتنظيم والعمل المتقن، والمتابعة المستمرة والداعمة والمحفزة من قبل النادي، سيكون لها التأثير الطيب في اكتشاف واحتضان المواهب، وإبراز إبداعات الشباب، ومن ثم رفد الأندية الرياضية والثقافية والاجتماعية بهذه المواهب، كونها الحاضنة الأكبر للشباب.
فريق اتحاد الساحل بنادي قريَّات، ومنذ العقد الأول للسبعينيات في القرن المنصرم، وهو يُشكل شريانًا مهمًّا وأيقونة فاعلة في العمل الشبابي الرياضي والثقافي والاجتماعي بالولاية، فهو يتدفق بالنشاط والحيوية، ضمن الفرق الرياضية الأخرى في مختلف قرى الولاية، لخدمة الرياضة والشباب.
سعدتُ جدًّا بجهود مجلس الإدارة واهتمامهم بتنويع نشاط الفريق وأعماله الشبابية، بحيث تلبي تطلعات جميع منتسبيه، وفق خطط وبرامج مدروسة وهادفة، تجسَّدت فيها روح الفريق، والعمل المشترك المنظَّم، والرؤية الواضحة للمستقبل، عملت بجد واجتهاد على استقطاب الجميع في مقر واسع، وملعب معشب أخضر كبير.
أتذكَّر جيدًا إبان فترة عضويتي في مجلس إدارة نادي قريَّات في عقد التسعينيات وبداية الألفية الثانية، كرئيس للجنة الثقافية والفنية، ومن ثم كأمين للسر بالنادي ذلك التعاون الشبابي، الذي لمسناه من أعضاء هذا الفريق، وجميع الفرق الرياضية الأخرى بالولاية، التي كانت تعمل بجهود مثمرة في مختلف الأنشطة الشبابية، وكشرايين مغذية لقلب النادي بمختلف المواهب، النابض دوما بالنشاط، وتحقيق الإنجازات العظام، منذ تأسيسه.
الأمر الذي جعلنا -خلال تلك الفترة- نعمل معًا على وضع لائحة تنظيمية لهذه الفرق، لتكون اليد المعينة للنادي في مختلف الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية.
اليوم.. وأنا أتجوَّل في تقسيمات فريق اتحاد الساحل، بعد تطويره وتجديده، تذكرت الصديق عبدالله بن جمعة بن العبد السناني -رحمه الله- ذلك الفنان المُولَع بفن الرسم والتصوير، والعاشق لجمال الطبيعة وتفاصيلها، كتبت عنه يوما:
"إلى تلك الروح العاشقة للجمال.. عبدالله السناني كما عرفته".
عَشَق البحر والصحراء، فعلى شاطئ البحر كان مَوْلِدُه، وفي تخوم الصحراء كانت خَاتِمَتُه.
عَشق الريشة والعدسة، فسطر مشاعره من خلال لوحاته، كل لوحة لها قصة وذكرى، كان يحرص على تزيينها في حوامل زجاجية غالية الأثمان، كان ينظر إلى اللوحة كأنها جزء من وجدانه.
كان حريصًا على تلك اللوحات كأنها جزء منه، لا يفرط في لوحاته مهما كانت الأسباب، كان يتأمَّلها في عُزلته بقسمٍ خصَّصه في داره، أتذكر في تسعينيات القرن الماضي واجهتُ صعوبة شديدة في إخراج لوحاته من عزلتها، وعندما وافق على استعارتها لفترة مؤقتة لعرضها في معرض النادي للفنون التشكيلة في مبنى النادي، ثم الانتقال به إلى النادي الثقافي بالقرم، ضمن أسبوع ثقافي أقامه النادي خلال تلك الفترة، كان يقول لي: "أخي صالح، هذه أمانة أرجو أن تعود تلك اللوحات إلى مكانها كما هي"، كان يتألم إذا رأى خدشًا في لوحته، كان حريصًا على لوحاته؛ لأنها كانت تنطق عن بوح مدفون في قلبه، وكانت تلك اللوحات تنطق وتشع بالجمال، كانت تتحدث نيابة عنه بصوت صامت.
تحيَّة لروحك أيُّها الصديق الوفي، فقد عشت في هدوء وغادرت الدنيا في هدوء أيضا، ولكن أعمالك هي التي تخلد ذلك الصمت الصارخ بالإبداع على مسار حياتك، وبين ظهرانين محبِّيك من شباب قريَّات وفريق اتحاد الساحل؛ فهم عليهم مسؤولية اليوم، لكي تخرج تلك الأعمال والتحف الفنية المشعة بالجمال من عزلتها؛ فقد حان لها الوقت أن تتحدث عن حياتك ومُنجزاتك في الحياة.. رحمة الله عليك ياعبدالله، وإلى جنة الخلد بإذن الله.
وفي الختام.. تحيَّة شكر وتقدير لجميع الشباب، راجيًا لهم دوام التوفيق والسداد، لخدمة الوطن والمجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.